'شاذ'.. سامي خليفة منتقداً موقف الحكومة من الصراع السوري
زاوية الكتابكتب يونيو 16, 2013, 12:15 ص 928 مشاهدات 0
الكويتية
حكومتنا.. وحزب الله!
د. سامي ناصر خليفة
انقسم العالم حول الصراع الدموي في سوريا، بحيث أصبح للجميع مصلحة ما في الاصطفاف مع النظام السوري أو ضده بصورة شبه جنونية، فالغرب والشرق يتدخلون في إسناد ودعم الأطراف المتصارعة هناك، كونه جزءا لا يتجزأ من المخطط الدولي الساعي إلى الهيمنة والسيطرة والنفوذ، وإن توزعت الأدوار بصورة تنافسية أحيانا أو بصورة تكاملية أحيانا أخرى! ودول الإقليم هي أيضاً منقسمة بين دعم جبهة المقاومة والممانعة ضد الاحتلال الصهيوني، وبين دول أخرى تدور في الفلك الأميركي وتسعى جاهدة للمشاركة في دعم المعارضة السورية، من أجل تضعيف هذه الجهة لخلق واقع سياسي أكثر اعتدالا، وإن كان على حساب القضايا القومية والإسلامية المبدئية في المنطقة!
هذا هو الواقع المأساوي الذي نعيشه اليوم وللأسف الشديد.. لذا جاء مشروعهم منذ سنتين بإغراق سوريا بعشرات الآلاف من المتطرفين والتكفيريين والأصوليين من فلول البعث العراقي، وبقايا مجرمي منظمة مجاهدي خلق وخلايا القاعدة -الحية منها والنائمة- وأنصارهم في شتّى أنحاء العالم، بغية تصفيتهم في الحرب التي لا رابح فيها سوى العدو الصهيوني وحلفائه، لذا نجد الغرابة كل الغرابة في هذا الاصطفاف المبهم لحكومتنا وانجرارها الأعمى وراء مواقف ذي طابع ثأري لبقية دول مجلس التعاون، في وقت أحسب أنه لا ناقة لنا في تلك الحرب ولا جمل، خاصة فيما يتعلق بالموقف من حزب الله وقيادته، التي تُعد مفخرة عند جماهير مليونية واسعة داخل الكويت وخارجها من شعوب المنطقة وبعض حكوماتها.
موقف حكومتنا الغاية في الغموض الذي يجعلنا نتساءل ما هي الإضافة «المميزة» التي قامت بها حكومتنا في موقفها المنفعل هذا سوى صب الزيت على نار الفتنة القائمة اليوم، ووضع الكويت في موقف محرج للغاية؟! وما قيمة هذا الاصطفاف وماذا سيجلب لنا سوى المزيد من التصعيد السلبي، والتوسع في أقلمة الصراع السوري ونقله إلى الكويت بلا معنى ولا داع؟! ولماذا تلك السابقة التي تتناقض وسياسة الحكومة في حفظ السلم الأهلي والوحدة الوطنية بين أبناء المجتمع الواحد؟! فكم كان مهماً لو انتهجت الحكومة طريقاً معتدلاً يوفر لها مقومة العمل كوسيط سلام يعمل على التقليل من احتدام الصراع هناك، ويعطي بصيص أمل في جر الفرقاء في البلد الواحد إلى طاولة الحوار، فسوريا أحوج اليوم إلى تدخل رجال الحكمة ودعاة التعقل لإيقاف النار هناك لا لإشعالها، وكم تحتاج المنطقة للتصدي إلى المتهورين من كافة الأطراف لتقدم نموذجا قيميا فريدا تنحاز به الكويت كعادتها إلى إرادة شعوب المنطقة في تحقيق الأمن والاستقرار، وليس إلى المصالح الضيقة لأنظمة المنطقة والمخططات القبيحة للدول الكبرى.
وليس هذا المنحى عن تاريخ بلدنا ببعيد، فالكويت هي من توسط في حرب اليمنين وحرب الأردن مع الفلسطينيين (أيلول الأسود)، والحرب اللبنانية في السبعينيات، وهي من قادت اللجنة السباعية للتوسط في الحرب الإيرانية-العراقية بغية إيقافها في الثمانينيات، وهي من تدخلت في حقن الدماء في الصومال وغيرها، فلماذا اليوم هذا الموقف المتناقض مع تاريخها السياسي وهويتها الوجدانية؟!
وأكثر من ذلك.. فالحكومة بموقفها الشاذ هذا قد ساهمت في تأجيج الوضع الداخلي هنا، من خلال تشجيع أبطال فتاوى التكفير والمتلذذين بشهوة القتل والمبتلين بشهوة ارتكاب المجازر والمذابح، وساهمت أيضاً في تمكينهم من إشاعة ثقافة الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد التي وصلت أوجها في الاعتصام أمام السفارة اللبنانية، وما رافقها من كلمات غاية في البذاءة، وتشخيص لا علاقة له لا بمصلحة الوطن ولا بالذوق الإنساني الذي نعرفه في أهل الكويت، بل أكثر من ذلك أن نرى خذلان الحكومة وعجزها الواضح عن مواجهة انتهاك هؤلاء لقوانين الدولة جهارا نهارا في حملات تجميع الأموال غير المرخصة، والتحريض على جمع الأسلحة لاستخدامها في قتل الناس بسوريا، وغيرها من الأساليب الأخرى التي تمثل انتهاكاً صارخاً لأعراف المجتمع، مما أدى إلى انقسامه! فكيف لنا بعد اليوم أن نثق بتلك الحكومة وقدرتها على ضبط الإيقاع السلمي للمجتمع، وضمان حفظ السيادة الوطنية وأمن واستقرار أهلنا اليوم وأجيالنا القادمة؟!
وبعد انجرار حكومتنا نحو استهداف حزب الله وتبنيها سياسة التضييق على مريديه وأتباعه ومحبيه، في وقت تتغاضى فيه عن هؤلاء العابثين بأمن البلد بتبرير «دعمهم» لسوريا، وبعد دخولها كلاعب في الملعب الإقليمي الذي لا نعرف أبعاده ولا حدوده ولا مبتغيات من يديره، تكون حكومتنا -وللأسف الشديد- قد وضعت بلادنا وشعبنا في مرمى الاستهداف من قبل قوى دولية وإقليمية كنا نحن في غنى عن ذلك، ولا عزاء للحكمة والتعقل في مناخ بات أقرب إلى حكم الغاب!
تعليقات