مقاطعة الانتخابات القادمة انتحار سياسي برأي صلاح الفضلي
زاوية الكتابكتب يونيو 10, 2013, 11:08 ص 1005 مشاهدات 0
إعلان قسم كبير من نواب المعارضة مقاطعتهم لأي انتخابات قادمة، إذا ما حصنت المحكمة الدستورية مرسوم الصوت الواحد، خطأ فادح، وهو بمنزلة انتحار سياسي، بكل معنى الكلمة. الاعتراض على مرسوم الصوت الواحد كمبدأ، باعتبار أن تعديل النظام الانتخابي بمرسوم ضرورة يعد تعسفا من قبل السلطة في تغيير تركيبة مجلس الأمة متى ما أرادت هو شيء، أما التعامل مع الموضوع، وفقا للظروف الموضوعية.. فشيء آخر، فقد يكون من المناسب مقاطعة الانتخابات في موقف ما، كطريقة لرفض هذا النهج المتفرد للسلطة، ولكن قد لا يكون الموقف نفسه صائبا في توقيت آخر، وكلا الأمرين ينبغي أن يخضع لحسابات دقيقة.
إذا كان من الصائب مقاطعة الانتخابات السابقة - وأنا شخصيا أحد من قاطعها- لوجود شبهة دستورية في المرسوم، فإنني أجد أنه من غير المنطقي الاستمرار في المقاطعة، إذا ما حصنت المحكمة الدستورية مرسوم الصوت الواحد، لأننا نكون أمام خيارين لا ثالث لهما، هما: إما الاستمرار في المقاطعة والانعزال، وإما أن نشكك صراحة في نزاهة القضاء، ممثلا بالمحكمة الدستورية.. وفي ذلك تهديد للنظام السياسي ككل، وهو ما يجعل حجة غير القابلين بحكم المحكمة ضعيفة عندما يعارضون حكم المحكمة حينما لا تعجبهم، ويرحبون بها حينما تصب في مصلحتهم.
ليس المطلوب من معارضي مرسوم الصوت الواحد - وأنا منهم - الترحيب والتصفيق لحكم المحكمة الدستورية، إذا ما حصنت المرسوم، وإنما المطلوب البحث عن بدائل وآليات أخرى لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، بحيث يتولى مجلس الأمة- كسلطة تشريعية- تشريع النظام الانتخابي، ولنا في تجربة «نبيها خمس» مثال قريب العهد، فنظام الدوائر الخمس والعشرين كان نتاج هجين لحل غير دستوري صريح لمجلس الأمة، ولكن تم التعامل مع هذا النظام الانتخابي من قبل المعارضة في ذلك الوقت، وفي مقدمتهم أ.أحمد السعدون، باعتباره أمرا واقعا، رغم تثبيت مبدأ عدم دستوريته، والمشاركة بانتخابات مجلس 81، واستمرت الحال، حتى أتت الظروف المناسبة لتغييره في حملة «نبيها خمس».. وبالفعل، تم تغيير النظام الانتخابي إلى نظام الدوائر الخمس.
المطلوب موقف مشابه لما حصل عام 81، وهو التعامل مع الأمر الواقع إذا ما حكمت المحكمة الدستورية بتحصين المرسوم وتهيئة وتحين الظروف المناسبة لتعـديل النظام الانتخابي وفق الإرادة الشعبية الممثلة بمجلس الأمة.
قرار مقاطعة الانتخابات، في حال تحصين المحكمة لمرسوم الصوت الواحد، يفتقر لبعد النظر السياسي، وهو يبدو صادرا عمن أخذته العزة بالإثم، ولا يريد أن يبدي أي مرونة، بدعوى تسجيل موقف تاريخي.
بالإمكان تسجيل التحفظ على الحكم المرتقب، كموقف تاريخي، ولكن كموقف عملي ينبغي العودة للمشاركة في الانتخابات، ومحاولة تغيير الواقع من داخل مجلس الأمة، وإذا لم يكن ذلك ممكنا في الفترة المقبلة، فإن الفرص لتغيير ذلك قد تتوافر في فترة لاحقة، فالمواقف والظروف السياسية قابلة للتغير بسرعة.. أما الإصرار على مواقف حدية غير محسوبة يصعب التراجع عنها، فذلك يدل على الافتقار للحنكة السياسية أو العناد السياسي، وعندها سوف تبين الأيام الخطأ الفادح لهذا الموقف.
تعليقات