هذا هو عيب وزارة التربية كما تراه عواطف العلوي

زاوية الكتاب

كتب 2234 مشاهدات 0


الكويتية

مندهشة  /  الهرم ما زال مقلوباً

عواطف العلوي

 

وزارة التربية في الكويت من الوزارات الهادئة الخجولة المسالمة، وزارة بنت ناس، ولكن فيها عيب شرعي واحد، أنها تخلو تماما من الكفاءات الفكرية الثاقبة التي ترى المستقبل التعليمي للبلد بمنظور علمي شامل متكامل، مجرد مبنى حكومي متداعٍ، ليس من قلة موظفيه، بل هم كثير وكثير جدا، لكنهم غثاء أحوى كغثاء السيل، فليسوا أكثر من كَتَبة (من وزيرهم حتى أصغر موظف في الأرشيف)، وُزِّعت بينهم أدوار التوقيع والاستلام والتصدير والتوقيع والأرشفة، وواقعنا التعليمي المتردي يشهد بذلك! تخبط في القرارات وغياب في التنسيق، وحلول ترقيعية مؤقتة لجميع مشاكل الميدان التربوي، وإرجاء أو تغييب للحلول الجذرية، هذا إذا كان هناك أصلا رؤية لحلول جذرية في الأفق.
في مقالي هذا سأركز على قضية واحدة، لأن مجرد محاولة التطرق لمشاكل التربية هو أشبه بكتابة كلمة في محرك البحث الإلكتروني (غوغل) لتهلّ عليك النتائج من كل حدب وصوب، حتى تنسى ما كنت تبحث عنه أصلا.
الدكتور أحمد الربعي رحمه الله حين تولى وزارة التربية، بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم، وعلى ضوء الأوضاع الاجتماعية آنذاك، حيث هجر الكويت آلاف الوافدين الذين كانوا يقيمون في البلد قبل الغزو بحكم عملهم فيها، فخَلت مناطق سكنية كثيرة منهم، وباتت مئات العمارات السكنية التي كانوا يسكنونها فارغة من سكانها، وتبعا لذلك خلت المدارس أيضا في تلك المناطق من الطلبة إلا النزر اليسير منهم، مما حدا بالربعي إلى اتخاذ قرار بتأجير تلك المباني المدرسية المهجورة على القطاع الخاص لتشغيلها في العمل التجاري كمدارس خاصة، بهدف الاستفادة من إيراداتها لحساب ميزانية الدولة، وهذا بالتأكيد كان قرارا صائبا وسديدا جدا.. ولكن في وقته فقط.
أما اليوم، وبعد عودة أولئك الوافدين بأعداد مضاعفة عما كانت عليه في السابق، وعودة انتفاخ تلك المناطق بساكنيها، وسماح وزارة التربية للكثير من أبنائهم بالدراسة في مدارس حكومية، وفق لوائح شملت الكثير من الوظائف التي يعمل بها الوافدون في الدولة، الأمر الذي ترتب عليه بديهيا تنامي الحاجة إلى مبان مدرسية تستوعب تلك الزيادات المطّردة في أعداد الطلبة، ومنطقيا، يفترض أن تقوم الوزارة باسترداد المباني التي قامت بتأجيرها للغير أيام الربعي، وهذا حق لها بيّنته بوضوح بنود العقد المبرم بينها وبين المستأجرين.
ولكن، ما حصل هو أن الوزارة آثرت الرضوخ لضغوط مستأجري المباني الحكومية من ذوي النفوذ الأخطبوطي، والمصالح المتبادلة مع الكبار، وقامت بدلا من ذلك ببعثرة الطلبة على مدارس المناطق الأخرى المتكدسة أصلا بطلبتها، وهنا أقصد تحديدا الطلبة قاطني منطقة حولي الذين يعدون بالمئات، حيث تم توزيعهم على مدارس المناطق الأخرى، في الوقت الذي يتوفر فيه أكثر من أحد عشر مبنى مدرسيا حكوميا في حولي كلها مستغَلة من قبل الغير منذ التحرير وحتى اليوم.
ولا يهم الوزارة طبعا ما تعانيه المدارس من كثافات طلابية عالية وضغط على فصولها، وعبء ثقيل على مرافقها، أضعف كفاءتها في تقديم خدمة تعليمية وتربوية أفضل للطلبة، بينما قياديو الوزارة يصمون آذانهم عن التذمر الذي لا يتوقف من الإدارات المدرسية، ومن أولياء الأمور ومن الطلبة أنفسهم، ويتعامَون عن مسلسل التأخير اليومي بسبب الزحام المروري الذي يعوق الآباء عن توصيل أبنائهم للمناطق المجاورة في الوقت المحدد.
هي حلقة.. والمسلسل تركي طويل..! .

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك