'التجنيد' قادر على إعادة بعض التوازن للشباب.. بنظر غنيم الزعبي

زاوية الكتاب

كتب 2171 مشاهدات 0


الأنباء

في الصميم  /  لماذا 'نعم للتجنيد'؟

م. غنيم الزعبي

 

المؤسسة العسكرية عندنا في الكويت تعاني من مشكلتين، الأولى ضعف المخزون البشري، حيث نتكلم عن بلد فيه مليون نسمة نصف مليون من الذكور، ثلث هذا النصف هم أكبر من 40 سنة، والثلث الثاني ويمكن أكثر بعض الشيء أقل من 18 سنة، يعني بقي عندك الثلث الأخير وهو فقط المؤهل للانخراط في الجيش والقوات المسلحة، ولكن حتى هذا الثلث الأخير «تناشبك» عليه البترول والصحة والتعليم والوظائف المدنية، «اللي ما بقي واحد فيها ما أخذ كادر»، وهذا يتسبب بالمشكلة الثانية التي ذكرت أن المؤسسة العسكرية تواجهها وهي ضعف الإقبال على الدخول والانضمام للقوات المسلحة، طبعا أنا أتكلم عن الأفراد والجنود وليس الضباط بل على العكس يتقدم لكلية الضباط سنويا عشر أضعاف حاجتهم لكنك لا تستطيع أن تبني جيشا كله ضباط، أنت بحاجة لأفراد ومشاة وجنود لملء القواعد والثكنات العسكرية المنتشرة في البلد، باختصار عندك عدد قليل ومحدود من الناس المؤهلين للخدمة العسكرية وقلة إقبال من هذا العدد القليل، بل انها وصلت في بعض المراحل إلى انعدام الإقبال وهذا شيء خطير، نحن في بلد صغير تحيط به العواصف من كل مكان ونحتاج إلى قوة عسكرية تحميه.

الاتفاقيات الأمنية ليست دائمة، في أي لحظة تحدث كارثة عظمي أو مصيبة في أميركا ستتركك تلك القوات وتذهب.. ومع الاكتشافات الكبيرة والضخمة في مجال وقود الغاز الصخري تحقق حلم أميركا بالاستغناء عن نفط الشرق الأوسط، وذهبت الحجة التي يستخدمها الرؤساء الأميركان لإقناع الكونغرس والشعب الأميركي بضرورة تواجد أميركا العسكري في الخليج لحماية تدفق النفط إلى الغرب.

وكذلك خيار الاعتماد على غير أبناء البلد لتشكيل قواتنا المسلحة أيضا غير آمن.. في أي لحظة يصدر قرار سيادي من دول هؤلاء الجنود بتحريم وتجريم انخراط أبنائها في قوات دولة ثانية أو أنها زادت مرتبات جيوشها إلى الضعف لتغريهم بالعودة إلى بلادهم، فهناك في الوقت الحالي حوار يدور في أروقة الإعلام ووسائل التواصل في الدول الخليجية يتساءل عن سبب اضطرار شبابهم لشد الرحال إلى دول مجاورة والانخراط في قواتها؟ ويزيدون في التساؤل: لماذا لا تقوم دولهم بتوفير سبل الحياة الكريمة لهم وتأمين وظائف لهم في بلدانهم؟

هذا الرأي وإن كان خجولا وخافتا الآن، فإنه سيزيد ويتضخم مع الأيام ليشكل قوة ضغط كبيرة على صانع القرار في تلك البلدان ليصدر قرار سيادي (وهذا من حقهم) باستدعاء كل أبنائهم العاملين في جيوشنا؟.. ماذا سيحصل لبلدنا ولأمنه؟ سينكشف ويكون عرضة لأي اعتداء خارجي يستغل هذه الخلخلة في قواتك المسلحة.. باختصار التجنيد هو موضوع حيوي وخطير وله عنوان رئيسي وكبير وهو: الكويت بحاجة لأبنائها ليملأوا هذه الثغرة في أمننا القومي، بالإضافة إلى ان ذلك الشباب الكويتي يمر بحالة توهان ويحتاج إلى مؤسسة وطنية كالتجنيد لإعادة اتزانه الذي تسببت به الكتل والتيارات السياسية في الكويت في الآونة الأخيرة.. لعبت بعقولهم وشتتها فتلك الأحزاب ظاهرها طيب وجميل ولكن ما إن ينضم لها هؤلاء الشباب حتى يصطدموا بواقع آخر.. وأحد الأمثلة الأخيرة هي ما حدث قبل أمس من أحد الكتل السياسية التي قررت التحول لحزب وفتحت باب العضوية ودعت الشباب للانضمام لها، واستهدفت بل ركزت على شباب القبائل الذين استجاب بعضهم لتلك الدعوات فقط ليفاجئوا بعدها بيومين ببعض قيادات ذلك التكتل ومنظريها بالهجوم البشع والبذيء على القبائل، وهنا حدثت الصدمة عند الشباب، الذي تساءل بمرارة: كيف تدعوني للانضمام لحزبكم وأنتم تهاجمون نسيجي الاجتماعي؟ من هي القبائل؟ القبائل هم شيابي واعمامي وإخواني وأهلي وجيراني.. هذا فقط مثال والأمثلة كثيرة على حالة التشتت والتوهان الذي تسببت به الأحزاب للشباب الكويتي، وأحد الحلول لإعادة بعض التوازن للشباب هي بمؤسسة وطنية اسمها «التجنيد».. تساعد على وضع الأمور في نصابها عند الشباب وتعينه على تحديد بوصلة تحركاته في اتجاه مصلحته ومصلحة الوطن.. بعيدا عن تلك الأحزاب والتكتلات التي تجري وراء مصالحها فقط.

نقطة أخيرة: عندما حدث الغزو العراقي على الكويت وانتفض الشباب للمساعدة في حماية وطنهم.. عرفوا أين يذهبون أو بمن يتصلون.. وكان هذا بفضل التجنيد الذي عن طريقه تم توزيع هؤلاء الشباب وقتها على جميع الثكنات والقواعد العسكرية الكويتية فعرفوها وعرفوا مواقعها.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك