مستقبل الماء الغذاء بقلم خالد السهيل

في اليوم نفسه الذي نشرت فيه 'الاقتصادية' تقريرا للزميل سلمان آل ماطر حول نية السعودية التوجه للاستثمار الزراعي في بنجلادش وإقامة شراكات لإنتاج الأرز، في إطار مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي في الخارج (الأربعاء 15/5/2013) كانت صحيفة 'الرياض' تنشر تقريرا آخر عن مشروع زراعي سعودي في السودان، على مساحة مليون ونصف المليون فدان. وكان وزير الاستثمار السوداني يتحدث باستفاضة عن هذا المشروع وعن تذليل كل العقبات أمامه.

الحقيقة أن معظم الآمال الملقاة على الاستثمار في السودان، تبدو مهددة، رغم أنها واعدة. فالبيئة هناك لا تساعد، وكثير من الاستثمارات تعثرت بسبب البيروقراطية وعدم استقرار الأنظمة والقوانين. وهذا الأمر نفسه ينسحب على تجارب استثمارية في دول عربية أخرى مثل مصر واليمن، إذ إنه بعيدا عن تجميل الصورة بالكلمات الدبلوماسية، لكن المستثمر لا يمكن للخطاب الدبلوماسي أن يؤثر فيه وهو يرى مناخا طاردا ومهددا.

سبقت توجهاتنا إلى بنجلادش، تجارب أخرى، أفرزت رفضا في بعض الدول بسبب سوء الفهم الشعبي هناك لفكرة الاستثمار الزراعي الخارجي، والمزايدات السياسية التي حصلت عليها في تلك المجتمعات. ولعل التجربة مع بنجلادش تأخذ منحى مبشرا، لكن هذا البلد أيضا لا يمكن التعويل على استقراره كثيرا.

الحقيقة أنه رغم كل ما سبق من مؤشرات غير مشجعة، إلا أنه لا خيار سوى المضي في هذه الاستراتيجية، إذ إن شح المياه في السعودية وبقية دول الخليج والجزيرة العربية مسألة لا جدال فيها. والدول التي تتمتع بوفرة المياه إما أنها تعاني عدم استقرار، أو تتعامل مع هذه الخطوات الاستثمارية بنوع من المزايدات، وفي كل الأحوال، تبقى الاستراتيجية خيارا عبقريا يستحق الإصرار من أجل تحقيقه، لوضع لبنة من أجل تحقيق نوع من الأمن الغذائي.

هذه يفترض أن يواكبها مزيد من الخطوات من أجل الحفاظ على الأمن المائي بالتوسع في تحلية المياه ــــ رغم تكلفتها العالية ــــ وإيجاد قوانين تخفف من حدة استهلاكنا المفرط للمياه رغم أننا من بين أفقر الدول في مصادره.

إن علينا ـــ ونحن جزء من هذا العالم ــــ أن نتهيأ لسيناريوهات قد تبدو أكثر سوءا، وهذه تتطلب شراكة في المسؤولية بين المستهلك والمستثمر وصاحب القرار. هذه الشراكة في تحمل المسؤولية ستنأى بنا عن مضاعفات السنين العالمية العجاف التي يترقبها الكل.