((الآن)) تحصل على صحيفة طعن الجاسم
محليات وبرلمانتشابه اسمه مع العاشر سبب 'لخبطة' حسابية في الجمع
مايو 28, 2008, منتصف الليل 2040 مشاهدات 0
المحكمة الدستورية
طعن انتخابي
إنه في يوم الموافق / /2008 الساعة:
بناء على طلب: محمد عبدالقادر الجاسم
أنا مندوب الإعلان قد أعلنت كل من:
1- مـرزوق علــي محمــد ثنـيان الغانـم.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
2- جاسـم محمـد عبـد المحســن الخرافـي .
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
3- خالـــد سلــطان بــــن عيســـى.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
4- محمد بـراك عبـدالمحسـن محمد المطيـر.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
5- جمعــان ظاهـر ماضــي الحربــش.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
6- محمــد جاســـم الحمـــد الصقـر.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
7- علـي فهـد راشــد علــي الراشــد.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
8- خلـف دمثيـر عجـاج جـازع العنــزي.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
9- عبداللطيف عبدالوهاب عبدالرحمن مبارك العميري.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
10- محمد عبدالله خالد عبدالرحمن العبد الجادر.
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
11- وزير الداخليــة – بصفتــه، ويعلن بمقر إدارة الفتوى والتشريع والكائن في أبراج العوضي ـ شارع أحمد الجابر، الشرق
مخاطباً مع:
12- وزير العـــدل – بصفتــه، ويعلن بمقر إدارة الفتوى والتشريع والكائن في أبراج العوضي ـ شارع أحمد الجابر، الشرق.
مخاطباً مع:
13- الأمين العام لمجلس الأمة- بصفته:
ويعلن في مقر عمله، بمجلس الأمة، شارع الخليج العربي
مخاطباً مع:
الموضــــــوع
كان الطاعن ضمن المرشحين لانتخابات مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية الثانية التي جرت يوم السبت الموافق السابع عشر من شهر مايو من العام 2008. وقد أعلن رئيس اللجنة الرئيسية في الدائرة الانتخابية الثانية ظهر اليوم التالي الأحد الموافق الثامن عشر من شهر مايو نتائج الانتخابات للمراكز من الأول وحتى الثاني عشر في تلك الدائرة، وأضاف أنه سيتم إعلان باقي النتائج حين يكتمل فرز الأصوات. وفي يوم الثلاثاء الموافق العشرين من شهر مايو، نشرت الصحف المحلية النتائج الكاملة للانتخابات، وقد جاء في بيان صادر من وزارة الداخلية أن الوزارة 'تلقت من الجهات القضائية المختصة النتائج الكاملة لانتخابات أعضاء مجلس الامة التي أجريت يوم السبت الماضي'. ثم أضافت: 'وفيما يلي ترتيب أسماء المرشحين وبجانبها عدد الأصوات التي حصلوا عليها..'. ولم يذيل البيان بتوقيع أو اسم أي طرف في الوزارة كما جرت العادة حيث يتم اعتماد نتائج الانتخابات من قبل وزير الداخلية. ووفقا لبيان وزارة الداخلية المشار إليه، حصل المطعون ضدهم من الأول إلى العاشر على المراكز العشرة الأولى، فيما حصل الطاعن على ما مجموعه 2527 صوتا وجاء ترتيبه السابع عشر.
وحيث أنه تبين للطاعن، بالأدلة القاطعة، أن عمليات فرز الأصوات وتدوين وجمع النتائج قد شابها البطلان، كما اعتراها الخطأ وسادها الارتباك والخلط، فجاءت النتائج، التي أعلنت من قبل الجهات القضائية في اللجنة الرئيسية والتي تلقتها وزارة الداخلية من تلك الجهات القضائية المختصة في اليوم التالي، معيبة ولاتمثل اختيارات الناخبين ولا تعبر عن حقيقة إرادتهم، مما استلزم تقديم هذا الطعن استنادا إلى أحكام القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية والمرسوم الصادر بلائحة المحكمة الدستورية، والقانون رقم 35 لسنة 1962، وذلك كله للأسباب التي سنبينها بعد قليل.
مقدمة لابد منها
تحظى الكويت بنظام حكم دستوري فريد في المنطقة، وهو نظام يقوم على أساس ديمقراطية الحكم وسيادة الأمة وفق مبدأ الفصل بين السلطات. وفي النظام الدستوري الكويتي، تحظى السلطة القضائية بدرجة عالية جدا من الاستقلالية، كما تتوفر لديها الحصانة من الوقوع تحت تأثير الهوى السياسي للحكومة أو مجلس الأمة.
والقضاء هو الحصن الحصين والملاذ الأمين للمواطن حين يلحق به الحيف والظلم. ومن نعم الله الذي نحمده سبحانه ونشكره عليها، أن الثقة العامة برجال السلطة القضائية وأعضاء النيابة العامة في الكويت هي من ركائز الطمأنينة في المجتمع، وهي من إمارات وعلامات حكم القانون وسيادته في مواجهة طغيان النفس البشرية. وفي الكويت أيضا ترسخ الثقة العامة التي يحظى بها القضاء نظامنا الديمقراطي، فالقضاء هو حارس مبدأ سيادة الأمة، وحامي بوابة الحكم الديمقراطي. بيد أن الثقة الغالية التي يتمتع بها القضاء الكويتي لا تعني العصمة من الخطأ أبداً. فالأصل هو الثقة برجال القضاء وأعضاء النيابة العامة كأفراد، وبالقضاء كسلطة.
ومع احترامنا لهذا الأصل وقناعتنا به، إلا أنه من المهم التأكيد على أن تلك الثقة لم تأت من فراغ، وهي ليست من قبيل القدسية الشكلية المفروضة جبراً، بل هي نتاج طبيعي تلقائي لجودة وكفاءة النظام القضائي في الكويت من جهة، وسمعة رجاله العطرة من جهة أخرى.
أما عن جودة وكفاءة النظام القضائي، فإن تبني هذا النظام لحق المتقاضين بالطعن على الأحكام التي يصدرها القضاة عن طريق الاستئناف أو التمييز أو التماس إعادة النظر، وكذلك طلب رد القضاة ومخاصمتهم، وكذلك نظام تأديب القضاة وجواز لوم القاضي أو عزله، ونظام التفتيش القضائي.. كل ذلك ليس إلا من قبيل الضمانات التي وضعها المشرع لكفالة الثقة العامة في القضاء. وبالطبع فإنه ليس من شأن اتخاذ إجراء قانوني، كتقديم طعون في الأحكام التي تصدر عن قضاة المحكمة الكلية أو قضاة محكمة الاستئناف، أن يقال إن هذه الطعون تجرح الثقة العامة برجال القضاء، بل هي، في الواقع، تأكيد لفعالية نظام التقاضي وكفاءة القضاة.
وإذا كانت بعض القوانين تسند إلى رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة سلطة الإشراف على أمر من الأمور، برئاسة اللجان الانتخابية في انتخابات مجلس الأمة، فإن وجود أخطاء، بسيطة أو جسيمة، في إجراءات الانتخاب أو فرز الأصوات أو تدوين النتائج، وتقديم طعون انتخابية بعد ذلك، لا يعد من قبيل التعريض بسمعة رجال القضاء أو أعضاء النيابة العامة أو السلطة القضائية إطلاقا، وليس من شأن بيان العيوب والأخطاء التي شابت العملية الانتخابية التي أشرف عليها رجال السلطة القضائية، الانتقاص من مكانتهم إطلاقا أو التشكيك في نزاهتهم وحيدتهم.
وإذ أجاز المشرع بموجب القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، وبموجب القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، تقديم طعون انتخابية رغم إشراف قضاة على تلك الانتخابات، وإذ نص على اختصاص تلك المحكمة بالطعون الانتخابية، فهذا مؤداه أن تقديم تلك الطعون والسعي إلى تصحيح ما شاب العملية الانتخابية من عيوب وأخطاء، لا ينال من مكانة رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة الذين ترأسوا لجان الانتخاب. ومن ثم فإن رجل القضاء الحق هو ذلك الإنسان نقي السريرة الذي يتأذى ضميره من شبهة الظلم، ويرتاح ضميره حين يخضع عمله للتدقيق والمراجعة، ففوق كل ذي علم عليم، والعصمة ليست من صفات البشر مهما علت مراتبهم ومهما قدست وظائفهم. إن العصمة من الخطأ لم يحصل عليها خلفاء نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، فما بال غيرهم.
إن الطاعن إذ يتقدم بهذا الطعن الانتخابي، فإنه لا يقوم سوى باستعمال حق مقرر له.. يستعمله في محراب المحكمة الدستورية.. تسنده نصوص القانون ومبادئ المحكمة الدستورية وقرائن وأدلة وبراهين، كما تسنده الثقة العامة بالسلطة القضائية، وبرجال القضاء وأعضاء النيابة العامة الذين قدم هذا الطعن هنا للاعتراض على اجتهادات من اجتهد منهم في تطبيق قانون انتخابات مجلس الأمة أثناء إجراء الانتخابات وفرز الأصوات وتدوين وإعلان النتائج، ويحمل الطاعن معه شواهده وأدلته التي سيعرضها على المحكمة الموقرة.
وقبل ختام هذه المقدمة العامة، يود الطاعن أن يوضح أنه، ولثقته في رجال القضاء الذين أشرفوا على الانتخابات، لم يقم بتعيين مندوبين عنه في لجان الانتخاب، بيد أن هذا القرار، أي عدم تعيين مندوبين، لا يسقط حقه في الطعن على ما شاب تلك الانتخابات من أخطاء. فثقته في رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة، كانت وستبقى هي الأصل.
وفي هذا الصدد قررت المحكمة الدستورية أنه 'ليس من شأن عدم ثبوت الاعتراض على عملية الانتخاب أمام لجان الانتخاب أن يحجب المحكمة عن نظر الطعن، أو أن يستعصى على صاحب الشأن اللجوء إليها، وأن يستغلق أمامه باب الطعن على عملية الانتخاب، وإنه ولئن عهد المشرع إلى هذه اللجان بمهمة الفصل في المسائل المتعلقة بعملية الانتخاب، بيد أن ذلك لا يعتبر فصلاً في خصومة، ولا يعدو ما تنتهي إليه هذه اللجان في هذا الشأن محض رأي غايته بيان حكم القانون في المسألة المثارة أمامها بهدف إنهاء المسألة في مهدها متى كان ذلك ميسورًا. فليست تلك اللجان بقاضٍ، كما أنها ليست درجة من درجات التقاضي، ولا محل لقياس عملها وما يصدر عنها من قرارات أو تصرفات بعمل القاضي أو وظيفة المحكمة، إذ تختلف في الطبيعة والتكييف القانوني الصحيح اختلافًا يتنافر مع إعمال حكم القياس، وما يصدر عن هذه اللجان هو محض عمل إداري قوامه تطبيق أحكام قانون الانتخاب، والقرارات الصادرة تنفيذًا له، ولا تثير المسألة المطروحة على تلك اللجان ادعاءً قانونيًا يبلور الحق في الدعوى كرابطة قانونية تنعقد الخصومة القضائية أمامها بوصفها الوسيلة التي عينها المشرع لاقتضاء الحقوق المدعى بها، فضلاً عن أنه ولئن روعي في تشكيل تلك اللجان أن يرأسها أحد رجال القضاء أو النيابة العامة وذلك بهدف إرساء ضمانة أساسية لنزاهة الانتخابات عن طريق ضمان سلامة التصويت وتجنب احتمالات الانحراف عن حقيقته وتدارك ما يطرأ على عملية الانتخابات من عوائق ومشكلات، وما عسى أن يحدث من تجاوزات وتحقيق الشكاوى، وذلك تقديرًا لحيدتهم وتجردهم ونأيهم عن العمل السياسي بكافة صوره، وحتى تتم عملية الانتخاب تحت رقابتهم وفق ضوابط محددة لا تنفلت بها متطلبات إنفاذها ومقتضيات إعمالها، بيد أنه ليس من شأن رئاستهم لهذه اللجان أن يضفي على أعمالها الصبغة القضائية أو تنأى أعمال تلك اللجان وتصرفاتها عن الرقابة القضائية أو تنسلخ عنها أو تستنزف اختصاص المحكمة الدستورية باعتبارها صاحبة الولاية بالفصل في الطعون الانتخابية للتحقق من سلامة عملية الانتخاب، والتأكد من الإرادة الحقيقية للناخبين واستظهار ما عسى أن يشوب هذه الإرادة من خطأ في فهمها واستخلاصها استخلاصًا سائغًا والإعلان عنها على الوجه الصحيح من أمرها، ومن ثم لا يسوغ القول بوجوب إجراء الاعتراض أمام لجان الانتخاب كشرط لقبول الطعن، إذ فضلاً عما تقدم جميعه، فإن الخصومة في الطعن لا يتحدد لقبولها إلا بما تستلزمه النصوص الواردة في هذا الشأن وليس بإقحام شرط عليها من شأنه تعويق الحق في الطعن وتقييده بقيد لم يفرضه المشرع، ولو أراد أن يجعل الاعتراض شرطاً لجواز الاختصام قضاء، ما أعوزه النص على ذلك صراحةً..'.
(الطعن رقم 9 لسنة 2003 انتخابات مجلس الأمة الصادر بتاريخ 6 ديسمبر 2003)
أسباب الطعن
(1) بطلان إجراءات فرز الأوراق، وعدم الاعتداد بالنتائج المدونة في محاضر الفرز في اللجان الأصلية والفرعية واللجنة الرئيسية بسبب تدخل جهات أخرى غير مخولة قانونا في تنظيم والإشراف على عملية فرز الأصوات وتدوينها وتجميعها بكافة مراحلها وعلى نحو أدى إلى اضطرابها وعدم دقة نتائجها.
(2) قيام تلك الجهات، بغير سند من القانون، بفرض نظام جديد لتدوين النتائج يقوم على تكليف شركة خاصة بمهمة تدوين نتائج فرز الأصوات عبر الحاسب الآلي، واعتبار الموظفين التابعين للشركة والمكلفين بالتدوين الآلي أعضاء في لجنة الانتخاب، بحكم الأمر الواقع، بغير سند من القانون، مما ترتب عليه إعلان نتائج غير مطابقة لإرادة الناخبين.
(3) الإعلان رسمياً صباح يوم الانتخاب عن استخدام موظفين عموميين فقط في التدوين الآلي، على الرغم من عدم تطابق هذا الإعلان مع الواقع حيث تم استخدام موظفين يعملون في شركة خاصة مما أدى إلى فقدان الثقة العامة في نتائج الانتخابات.
(4) منح التدوين الذي قامت به الشركة الخاصة حجية قانونية رغم عدم جواز الاعتداد بالنتائج التي قاموا بتدوينها.
(5) الاعتداد بمحاضر الفرز الآلية في اللجان الفرعية والأصلية واللجنة الرئيسية والنتائج المدونة فيها والتي أعدتها الشركة على نحو محالف للقانون.
(6) عدم تطابق العدد المعلن للأصوات التي احتسبت رسميا للطاعن في كل لجنة انتخابية من لجان الدائرة الثانية، الأصلية والفرعية، مع العدد الحقيقي الذي حصل عليه والذي تعبر عنه أوراق الانتخاب، بسبب الخطأ والخلط والتداخل في لفظ اسم الطاعن واسم المطعون ضده العاشر ومرشح آخر عند فرز الأصوات، وكذلك بسبب الخطأ والخلط والتداخل بين اسم الطاعن واسم المطعون ضده العاشر ومرشح آخر عند تدوين النتائج في جهاز الحاسب الآلي، وكذلك في الورقة المعدة لتدوين النتائج، وتسجيل عدد كبير من الأصوات التي حصل عليها الطاعن لمصلحة المطعون ضده العاشر ومرشح آخر بطريق الخطأ.
(7) وجود خطأ حسابي في نتيجة الفرز التجميعي لمحاضر فرز اللجان الأصلية والفرعية ترتب عليه إنقاص العدد الإجمالي للأصوات التي حصل عليها الطاعن.
المصلحة في تقديم الطعن
أما عن توفر عنصر المصلحة في تقديم الطعن الماثل، فإنه يكفي معرفة أن الطاعن حصل، رسميا، على 2527 صوتا، وهذا العدد يقل عن العدد الصحيح الذي حصل عليه الطاعن، في حين حصل المطعون ضده العاشر على 3636 صوتا، أي بفارق مقداره 1109 أصوات. وإذا علمنا أن عدد الصناديق الانتخابية في الدائرة الثانية بلغ 49 صندوقا، فإن هذا يعني أن ثبوت حصول المطعون ضده العاشر، بغير وجه حق، على ما معدله 23 صوتا من الأصوات الموجهة إلى الطاعن، سواء بسبب تشابه الأسماء أو الخطأ في التدوين الآلي أو التدوين اليدوي أو لأي سبب آخر، في كل صندوق انتخابي، يكفي لتغيير النتيجة وحصول الطاعن على المركز العاشر في النتيجة النهائية. وفي هذا الأمر لوحده يتحقق عنصر المصلحة. وقد سبق للمحكمة الموقرة أن قررت أن المصلحة الظاهرة تكفي لقبول الطعن، وسبق أن قبلت الطعن الذي تقدم به أحد المرشحين وكان الفارق بينه وبين الحائز على المركز الثاني في ظل النظام السابق للدوائر الانتخابية 3908 أصوات.
(طعن رقم 10 لسنة 2006 الصادر بتاريخ 22 يناير 2007)
كما سبق للمحكمة الدستورية أن قررت 'أن المصلحة في الدعوى أو الطعن هي المنفعة التي تعود على رافع الدعوى أو مقدم الطعن إذا حكم له بطلبه، وكان الثابت من أوراق الطعن أن للطاعن منفعة محققة فيما لو أجيب إلى طلبه، وتتمثل هذه المنفعة في فوزه في الانتخابات عن الدائرة الانتخابية سالفة الذكر إذا ما أعيد الفرز وتبين أن بعض أصوات الناخبين التي أعطيت له قد سقطت سهوا أو خطأ، وأنه إذا ما أضيفت هذه الأصوات للأصوات التي احتسبت له فإن عدد الأصوات سيزيد وبذاك يفوز من دونه، فإنه يكون للطاعن مصلحة أكيدة في الطعن الماثل'.
(طعن رقم 1 لسنة 1975 الصادر في 12 يناير 1976)
شرح الأسباب
نظم المشرع في القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، والقوانين اللاحقة المعدلة له، عملية انتخاب أعضاء مجلس الأمة وما يتصل بها من فرز لأصوات الناخبين وإعلان النتائج. وقد استهدف المشرع من وراء ذلك التنظيم، توفير أقصى قدر ممكن من الضمانات التي تكفل حيدة ونزاهة الانتخابات، وكفالة الوصول إلى حقيقة إرادة الأمة في اختيار من يمثلها في مجلس الأمة.
واستكمالا للضمانات الأساسية لحيدة ونزاهة الانتخابات، نظم المشرع، في القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، وكذلك من خلال لائحة المحكمة الدستورية، الطعون الانتخابية الخاصة بمجلس الأمة.
وبالاطلاع على الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية في طعون انتخابية سابقة، اتضح لنا أن المحكمة الموقرة أرست العديد من المبادئ المهمة التي أسهمت بفاعلية في تعزيز الضمانات القانونية لحيدة ونزاهة الانتخابات. وشملت تلك المبادئ كافة مراحل العملية الانتخابية من تصويت وفرز للأصوات وإعلان النتائج.
وفي هذا الصدد، قررت المحكمة الدستورية أن 'المشرع، بموجب القانون رقم (35) لسنة 1962 وتعديلاته في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، أحاط عملية الانتخاب - بحسبانها تتعلق مباشرة بإرادة الناخبين وصحيح التعبير عن تلك الإرادة - بسياج من الضمانات على نحو ينتظم سيرها ويكفل ضبطها ويضمن حيدتها ويصونها من غوائل الشطط وشوائب الخطأ، حيث أفرد لها المشرع تنظيمًا شاملاً لمراحلها المتعددة بدءًا من تقديم الناخب إلى لجنة الانتخاب ما يثبت شخصيته وما يفيد قيده في جدول الانتخاب باعتبار هذا الجدول الوثيقة القانونية التي تحوي هيئة الناخبين الذين تتوافر فيهم شروط القيد وحق التصويت، ثم إدلاء الناخب بصوته معبرًا بذلك عن إرادته في المفاضلة بين المرشحين، واختيار المرشح الذي يرغب في أن يكون ممثلاً له وذلك بالتأشير على اسمه في ورقة الانتخاب بشكل غير معلن، بعد أن ينتحي الناخب ناحية المكان المخصص لإبداء الرأي داخل قاعة الانتخاب، وقد استهدف المشرع من وراء ذلك كفالة إتمام عملية الاقتراع في سرية بحيث لا يعرف رأيه أحد سواه، ثم توضع هذه الورقة في صندوق الانتخاب. وفي ختام عملية التصويت يجري الفرز العلني للأصوات في جميع لجان الدائرة ويتم تحرير محضر فرز الأصوات وعقب ذلك يغلق الصندوق ويختم بالشمع الأحمر، ويتلقى رئيس اللجنة الأصلية أصل محاضر فرز أصوات اللجان الفرعية وصناديقها، ويتم جمع نتائج فرز صناديق الانتخاب بالنداء العلني وفقًا للإجراءات التي سنها المشرع في القانون المشار إليه والتي تختتم بإعلان النتيجة وفوز من يحصل على الأغلبية النسبية لمجموع عدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت - في الدائرة - وذلك على الوجه الذي يطابق إرادة الناخبين التي أودع التعبير عنها مسجلاً في أوراق الاقتراع بصناديق الانتخاب، وفي هذه الأوراق تكمن حقيقة ومضمون هذه الإرادة التي لا شأن لأية جهة أو أحد بعدها إلا في الكشف عنها والنزول عليها وإعلانها للكافة دون تبديل أو تغيير أو تعديل من أي نوع كان. واستكمالاً لسياج الضمانات سالف البيان عهد المشرع بإدارة الانتخاب للجان أصلية وفرعية حتى ختام عملية الانتخاب، وحرص على أن يكون تشكيل كل لجنة من تلك اللجان برئاسة أحد رجال القضاء أو النيابة العامة وعضو من وزارة الداخلية ومندوب عن كل مرشح وذلك بما يكفل ضبط عملية الانتخاب ومراقبة سيرها حتى تتم خطواتها تحت سمعهم وبصرهم على نحو ما تقضي به الإجراءات التي تستهدف تنظيم العمل داخل جمعية الانتخاب، والتحقق من سلامة التصويت، وتجنب احتمالات الانحراف به عن حقيقته، ودقة عملية فرز الأصوات، وذلك حتى يأتي إعلان النتيجة معبرًا بشكل صحيح وأمين عن إرادة الناخبين'.
(الطعن رقم 11 لسنة 2003 انتخابات مجلس الأمة الصادر بتاريخ 6 ديسمبر 2003)
وبالبناء على نصوص القانون وعلى المبادئ التي قررتها المحكمة الدستورية في شأن ضمانات الانتخابات وفرز الأصوات، يصح القول بأنه لا مجال، بالنسبة للجهة المختصة بتنظيم الانتخابات، وهي وزارة الداخلية، والجهة المشرفة على عملية الانتخاب وفرز الأصوات وتدوينها، وهي اللجان الانتخابية، أن تمنح نفسها سلطة تقديرية في تطبيق نصوص القانون أو في الالتزام بها. كما أنه ليس في مقدور وزارة الداخلية أو لجان الانتخاب أن تبتدع أنظمة مخالفة للقانون، أو تستعين بوسائل وأدوات لا ينص عليها القانون، أيا كانت مبرراتها في ذلك، سواء كان اتساع القاعدة الانتخابية أو كبر عدد المرشحين أو وجود صعوبات عملية في إدارة الانتخابات. فالالتزام بنصوص القانون فقط هو الضمانة الوحيدة لحيدة ونزاهة الانتخابات، وبغير هذه الضمانة تغدو الانتخابات عرضة لتباين الرأي واختلاف الاجتهاد مما يعرضها لفقدان الثقة العامة. وعلى ذلك، فإن توسع الجهة المشرفة على الانتخابات في صلاحياتها واجتهاداتها، وقيامها بتبني أنظمة وطرق جديدة في الفرز وجمع النتائج دون سند من القانون، من شأنه أن يشوب إجراءاتها بالبطلان بما يستدعي إعادة فرز الأصوات وتجميعها استردادا للثقة العامة في نتائج الانتخابات، وضمانا لتعبيرها عن حقيقة إرادة الناخبين، خاصة متى ما كان لتلك الأنظمة والطرق الجديدة تأثير جوهري على سير عملية فرز الأصوات وجمعها، ومتى ما كان من شأن هذا التأثير عرقلة التعرف على حقيقة إرادة الناخبين.
كما أنه لا يخفى على المحكمة الموقرة أنه لا يجوز تدخل أي جهة أو وزارة في الانتخابات، ووضع أنظمة أو سن قواعد جديدة، ما لم تكن مخولة بذلك بمقتضى القانون.
وحيث أنه قد ثبت للطاعن أن لجان الانتخاب في الدائرة الثانية استخدمت أجهزة الحاسب الآلي في تدوين نتائج الانتخابات عند فرز أصوات الناخبين، وكذلك عند جمع نتائج الفرز في اللجان الفرعية واللجنة الأصلية، وأيضا عند جمع نتائج الفرز في اللجنة الرئيسية ومن ثم إعلان النتائج النهائية على ضوء ما تم تدوينه في جهاز الحاسب الآلي بالنسبة لبعض المرشحين، وعلى ضوء ما تم تدوينه في الورقة المعدة لتدوين النتائج بالنسبة لمرشحين آخرين، مما أدى إلى وقوع العديد من الأخطاء الجوهرية الجسيمة في نتائج الانتخابات على النحو الذي سنوضحه لاحقا وأمام المحكمة الموقرة.
ويود الطاعن أن يبين لعدالة المحكمة أن قرار استخدام أجهزة الحاسب الآلي صدر من جهة غير مختصة منطويا على عيب اغتصاب السلطة. فبالاطلاع على المرسوم الصادر بتاريخ 7 يناير 1979 في شأن وزارة الداخلية، يتضح أن المادة الثانية من المرسوم المشار إليه حددت اختصاصات وزارة الداخلية بأمور وردت في نص تلك المادة. حيث بينت الفقرة رقم 11 من تلك المادة أن من بين اختصاصات وزارة الداخلية 'الإشراف على الإجراءات الخاصة بالانتخابات العامة وتنظيمها وتنفيذها وفقا لأحكام القانون'. وبهذا النص يكون الاختصاص بالإشراف على انتخابات أعضاء مجلس الأمة قد انعقد لوزارة الداخلية وحدها في حدود القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة وتعديلاته. وينبني على هذا الأمر عدم اختصاص أي جهة أخرى، كوزارة العدل أو وزارة التربية مثلا، بإصدار القرارات المتصلة بشؤون الانتخابات.
وحيث أن وزير العدل أصدر بتاريخ 8 إبريل 2008 قرارا وزاريا بتشكيل لجنة استشارية بديوان الوزارة لمتابعة انتخابات مجلس الأمة، ونص القرار على أن مهمة اللجنة هي إبداء الرأي القانوني فيما يعرض على اللجان الانتخابية من مسائل قانونية أثناء عملية الاقتراع، وحيث أن رئيس تلك اللجنة المستشار خالد سالم أعلن صبيحة يوم الانتخاب أنه ستتم الاستعانة بجهاز حاسب آلي مزود ببروجكتر لعرض نتائج الفرز في كل لجنة بالإضافة إلى الورقة المعدة لرصد الأصوات التي يتولى متابعتها مندوب الداخلية بإشراف رئيس اللجنة وبحضور مندوبي المرشحين، وأنه عند الاختلاف بين ما هو مدون بالشاشة والورقة المعدة لرصد ما حصل عليه كل مرشح من أصوات تكون المرجعية لهذه الورقة الأخيرة. وقال أنه باستخدام ذلك النظام تم الاستغناء عن نظام السبورة لعدم استيعاب مقار اللجان الفرعية لذلك العدد الكبير من السبورات بسبب كثرة عدد المرشحين في كل دائرة.
ويتضح لنا مما سبق إن قرار استخدام جهاز الحاسب الآلي والاستغناء عن النظام الذي كان معمولا به نحو أربعة عقود من الزمن، صدر من جهة غير مختصة، وهي وزارة العدل، باعتبار أن الجهة المختصة بالإشراف على الانتخابات هي وزارة الداخلية على النحو الذي سبق توضيحه. وحيث أن محكمة التمييز قررت في العديد من أحكامها أن القرار الإداري الذي يصدر من سلطة لا تمت بصلة إطلاقا للسلطة التي اعتدي على اختصاصها، يتجرد من كيانه ومن صفته الإدارية ويصبح عملا ماديا منعدما في حالة عيب عدم الاختصاص الجسيم. أما في حالة عيب عدم الاختصاص غير الجسيم، فإنه يعتبر باطلاً.
خلاصة الأمر أن المشرع عهد لوزارة الداخلية وحدها اختصاص 'الإشراف على الإجراءات الخاصة بالانتخابات العامة وتنظيمها وتنفيذها وفقا لأحكام القانون'، وأنه بمقتضى هذا الاختصاص لا يجوز لأي جهة أخرى تنظيم الانتخابات وإصدار قرارات مؤثرة على سير تلك الانتخابات كقرار إلغاء النظام المعمول به في تدوين النتائج على 'السبورات' وإدخال نظام التدوين الآلي والتعاقد مع شركة تجارية خاصة للقيام بأعمال هذا التدوين من خلال أشخاص يعملون في الشركة ولحسابها ويتقاضون رواتبهم أو مكافآتهم منها. فالقرار الذي يصدر عن جهة أخرى غير وزارة الداخلية ويتضمن تنظيمات جديدة مؤثرة في سير الانتخابات، يضحى منعدما منطويا على عيب اغتصاب السلطة، خاصة أن وزارة الداخلية كانت قد رفضت إدخال نظام التدوين الآلي، كما رفض مجلس الوزراء الاقتراحات التي قدمت إليه من وزير العدل بتعديل القانون رقم 35 لسنة 1962 والتي كا يقصد منها إسباغ المشروعية على استخدام التدوين الآلي.
ويهم الطاعن هنا أن يؤكد أن طعنه الماثل ليس من قبيل المنازعة الإدارية في القرار الصادر من وزارة العدل بإلغاء نظام تدوين نتائج الانتخابات الذي كان معمولا به واستبداله بنظام التدوين الآلي بعد التعاقد مع شركة خاصة وتكليفها بمهمة تدوين نتائج الانتخابات، بل أن مبنى طعنه هو بطلان إجراءات فرز وتدوين الأصوات في الدائرة الانتخابية الثانية للأسباب التي وردت في صدر صحيفة الطعن. وفي هذا الصدد يستند الطاعن على ما قررته المحكمة الدستورية الموقرة في شأن الطعون الانتخابية باعتبار أن 'المشرع اختص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم طبقًا لصريح نص المادة الأولى من القانون رقم (14) لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، وذلك استجابة للرخصة المقررة بموجب المادة (95) من الدستور التي أجازت بقانون أن يعهد بهذا الاختصاص إلى جهة قضائية، وقد كان هذا الاختصاص مقررًا من قبل لمجلس الأمة، إلا أنه بعد أن استحدثت المحكمة الدستورية كجهة قضائية لمراقبة دستورية القوانين واللوائح وتفسير أحكام الدستور آثر المشرع أن يعهد إليها بهذا الاختصاص في قانون إنشائها تقديرًا بأن الفصل في شأن هذه الطعون – في أصل طبيعته – هو اختصاص قضائي، شأنه شأن سائر الاختصاصات المقررة للمحاكم، كما أنه غني عن البيان أن مفاد نص المادة الأولى من قانون إنشاء هذه المحكمة بإسناد الفصل في هذه الطعون إليها، مفاده أن اختصاصها في هذا الشأن هو اختصاص شامل، وأن عبارة (الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم) الواردة بالنص المشار إليه، تفيد الشمول والاستغراق لجميع مراحل العملية الانتخابية، بحسبانها عملية مركبة لا يجوز فصلها عن بعضها، مما يفرض التزامًا تمليه مقتضيات حسن سير العدالة وأداء رسالتها بعدم تقطيع أوصال المنازعة الواحدة في صحة العضوية وفي مدى صحة العملية الانتخابية، والمحكمة وهي تفصل في هذه الطعون بوصفها محكمة موضوع ملتزمة بإنزال حكم القانون على واقع النزاع المطروح عليها مقيدة في ذلك بضوابط العمل القضائي وضماناته، بعيدًا عن العمل السياسي بحساباته وتقديراته فإنها تبسط رقابتها وحسبما جرى به قضاءها على عملية الانتخاب برمتها أيًا كان وجه النعي عليها أو وصف القرار الصادر في شأنها وبما يشمل مراحلها المتتابعة والمتعددة من تصويت وفرز وإعلان للنتيجة وينعكس أثره على صحة العضوية لمن فاز في الانتخابات، وذلك للتأكد من سلامتها وصحتها، ومن الجلي أن القرار بإعلان نتيجة الانتخاب الصادر بعد الانتهاء من التصويت والفرز تتويجًا لعملية الانتخاب هو – في واقع الأمر – قرار بالكشف عن إرادة الناخبين وإعلانها على الكافة، وأن العضوية في مجلس الأمة إنما مرجعها – أصلاً – إلى عملية الانتخاب بحسبانها الوسيلة التي يتم من خلالها التعبير عن إرادة الناخبين التي هي أساس صحة العضوية، فإذا لحقت شائبة بعملية الانتخاب من شأنها أن تفضي إلى إبطالها انعكس ذلك بحكم التداعي على صحة العضوية لمن أعلن فوزه في الانتخاب'.
(الطعن رقم 10 لسنة 2006 الصادر بتاريخ 22 يناير 2007)
وبالبناء على ذلك، فإن هذا الطعن لا ينطوي إطلاقا على منازعة إدارية مما تختص به حهة أخرى، بل هو استدعاء لبسط رقابة المحكمة الدستورية على عملية الانتخاب التي تمت في السابع عشر من شهر مايو من العام 2008 بكافة مراحلها وفق ما قدمه وسيقدمه الطاعن من حجج قانونية وقرائن وأدلة.
وإذا قيل أن إشراف رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة على لجان الانتخاب في يوم الانتخاب هو من قبيل منح وزارة العدل سلطة تنظيم الانتخابات، فإن هذا القول مردود عليه بأن سلطة وصلاحيات رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة محددة ومقيدة على النحو الوارد في نصوص القانون رقم 35 لسنة 1962 والقوانين المعدلة له. وهذا الإشراف يبدأ بانعقاد جمعية الانتخاب وينتهي بانفضاضها، فليس لرجال القضاء وأعضاء النيابة العامة الذين يشاركون بالإشراف على الانتخابات، أية سلطة أو اختصاص في تنظيم الانتخابات قبل انعقاد جمعية الانتخاب ولا بعد انفضاضها بإعلان النتائج. أما وزارة العدل فهي لا تملك إطلاقا التدخل في الانتخابات، ولو قيل بغير هذا فإن الباب يصبح مشرعا على مصراعيه لتدخل جهات أخرى كوزارة التربية في تنظيم الانتخابات كون تلك الانتخابات تجري في المدارس التابعة لها!
لما كان ذلك، وكانت وزارة العدل قد تجاوزت نطاق اختصاصها، وتدخلت في تنظيم وسير الانتخابات من خلال فرض نظام جديد لتدوين النتائج بعد إلغاء النظام الذي كان معمولا به طوال عقود ماضية، ويقوم النظام الجديد الذي فرضته وزارة العدل على تكليف شركة تجارية خاصة بالقيام بأعمال تدوين نتائج الانتخابات على جهاز حاسب آلي، واعتبار العاملين في تلك الشركة ممن تم تكليفهم بتدوين النتائج أعضاء في لجان الانتخاب بحكم الأمر الواقع، ومنح النتائج التي قاموا بتدوينها حجية قانونية لا يمكن دحضها إلا في حالة تعارض تلك النتائج مع نتائج أخرى تدون يدويا على ورقة خصصتها وزارة الداخلية، إضافة إلى تكليف الشركة الخاصة بتحرير نماذج لمحاضر الفرز وقيام بعض رؤساء اللجان باعتماد تلك المحاضر، وكذلك الاعتماد على نتائج جمع الأصوات الذي قامت به الشركة، واستخدام حوافظ البيانات الإلكترونية التي جلبتها الشركة من دون التدقيق المسبق على محتوياتها.. كل ذلك التدخل غير القانوني من قبل وزارة العدل، أدى بما لا يدع مجالا للشك إلى الإخلال الجسيم بعملية فرز وتدوين نتائج الانتخابات الأخيرة، وتعثر التعرف على حقيقة إرادة الناخبين، ومن ثم ظهور نتائج الانتخابات على نحو لا يطابق الحقيقة التي ما تزال رهينة أوراق الانتخاب المودعة في الصناديق، مما تسبب في إيذاء ضمير الأمة واهتزاز الثقة العامة في الانتخابات في البلاد على الرغم من السجل المشرف للانتخابات السابقة والتى لم تتدخل بها وزارة العدل، باستثناء الانتخابات التي جرت في العام 1967 والتي عانت بدورها من خلل فاضح في فرز الأصوات ونقل صناديق الانتخاب، فدانها المجتمع وباتت نقطة سوداء في تاريخ الكويت السياسي.
حيث أنه والحال كذلك، وعلى ضوء المخالفات الجسيمة والصارخة في إجراءات تدوين نتائج الانتخابات، والأخطاء الفادحة التي شابت عملية الفرز والتدوين، يضحى لا مناص من إعادة فرز الأصوات صونا لإرادة الأمة واستردادا للثقة العامة في الانتخابات ونتائجها.
ولا يقدح في سلامة ما سبق، أن يقال إن القانون رقم 35 لسنة 1962 قد منح رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة سلطة إدارة لجان الانتخاب وضبط النظام فيها، وأن من مقتضيات تلك السلطة استخدام جهاز الحاسب الآلي في تدوين نتائج الانتخابات، ذلك أن سلطة رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة لا تعني بحال من الأحوال، كما أشرنا من قبل، أيلولة الاختصاص بإدارة الانتخابات والإشراف عليها إلى وزارة العدل أو مجلس القضاء الأعلى أو أي لجنة استشارية، فاختصاص وزارة الداخلية أسند إليها بموجب مرسوم أميري لم يتم تعديله أو إلغاؤه. فضلا عن ذلك فإن القانون المشار إليه أبان حدود ونطاق سلطة رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة، وهي سلطة لا تخرج عن حدود جمعية الانتخاب، ولا تبدأ قبل انعقاد جمعية الانتخاب، ومن ثم فلا مجال للقول بوجود ثمة سلطة لهم تتعدى النطاق المحدد في القانون، ولا يمكن افتراض وجود تلك السلطة أو استنباطها مع وجود نص صريح يمنح تلك السلطة لوزارة الداخلية.
لما كان ذلك، وكان قرار استخدام جهاز الحاسب الآلي في تدوين أصوات الناخبين أثناء الفرز في اللجان الانتخابية في الانتخابات التي جرت في السابع عشر من مايو 2008 قد صدر عن جهة غير مختصة، وهو ينطوي على اغتصاب السلطة، فإنه يضحى عملا ماديا معدوم الأثر، الأمر الذي يتعين معه الحكم ببطلان عملية فرز أصوات الناخبين في الدائرة الثانية وعدم الاعتداد بنتائج الانتخابات وإعادة فرز الأصوات وفق نظام الفرز والتدوين العلني للنتائج الذي كان يعمل به في الانتخابات السابقة، حيث ثبت أنه ترتب على استخدام أجهزة الحاسب الآلي في تدوين النتائج أخطاء جوهرية أدت إلى صعوبة التعرف على حقيقة إرادة الناخبين في تلك الدائرة وذلك كله على النحو الذي سنوضحه لاحقاً.
ولا يغير من الأمر شيئا ما ورد في البيان الذي أصدره رئيس اللجنة الاستشارية للانتخابات المستشار خالد سالم في شأن الاعتداد بالنتيجة المدونة في الورقة المعدة لرصد الأصوات عند تعارضها مع النتيجة المدونة آليا، ذلك أن مجرد منح النتيجة المدونة آلياً حجية ما، حتى وإن كانت حجية ناقصة تزول في حال التعارض، هو أمر مخالف للقانون، لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار أن التحقق من وجود تعارض بين النتيجة الورقية والنتيجة الآلية لم يتم بشكل تلقائي من قبل رؤساء اللجان، وإنما كان يتم فقط في حالة اعتراض مندوب المرشح. فضلا عن ذلك، فقد ثبت اعتماد بعض رؤساء اللجان الانتخابية على نتائج التدوين الآلي من دون مقارنتها بالنتائج المدونة على الورقة المعدة لهذا الغرض أصلا على الرغم من اعتراضات المندوبين.
ليس هذا فحسب، بل أنه، ومن خلال فحص نصوص القانون رقم 35 لسنة 1962، يتضح لنا بشكل جلي لا لبس فيه ولا غموض أنه لا يجوز تواجد أي شخص في لجنة الانتخاب سواء خلال سير عملية الاقتراع أو خلال فرز الأصوات غير أعضاء اللجنة والمرشحين وذلك لتوفير أكبر قدر ممكن من ضمانات النزاهة والحيدة، حيث تنص المادة (30) من القانون المشار إليه على أنه 'للمرشحين دائما حق الدخول في قاعة الانتخابات، ولهم أن يوكلوا في ذلك في كل مكان للانتخاب أحد الناخبين بالدائرة، ويكون التوكيل كتابة. ولا يجوز أن يحضر في جمعية الانتخاب غير الناخبين والمرشحين ولا يجوز أن يحمل أي منهم سلاحا ظاهرا أو مخبأ. ويعتبر سلاحا في حكم هذه المادة - بالإضافة إلى الأسلحة النارية - الأسلحة البيضاء والعصى التي لا تدعو إليها حاجة شخصية'.
وحيث أن عملية فرز الأصوات في الانتخابات الأخيرة في الدائرة الثانية جاءت خارج سياج الضمانات القانونية التي أشارت إليها المحكمة الدستورية، مما أصاب نتائجها بالاضطراب على نحو أثر في إعلان النتيجة، فجاءت غير معبرة عن حقيقة إرادة الناخبين. وقد تأكد خروج فرز الأصوات وتدوينها في الانتخابات الأخيرة عن سياج الضمانات القانونية من خلال البيان الصحفي الذي أصدره رئيس اللجنة الاستشارية العليا للانتخابات المستشار خالد سالم والذي بثته وكالة الأنباء الكويتية صباح يوم الانتخابات في السابع عشر من مايو، حيث أعلن رئيس اللجنة 'أن عملية فرز أصوات الناخبين ستتم بالاستعانة بالموظفين التابعين لدور المحاكم والعدالة مثل الاختصاصيين والفنيين.' بيد أنه، وفي حقيقة الأمر والواقع، تمت الاستعانة بمجموعة من العاملين في إحدى الشركات الخاصة تم تكليفهم بتدوين نتائج الفرز على أجهزة كمبيوتر ولم تتم الاستعانة بالموظفين التابعين لدور المحاكم، ولا يسع هنا الاحتجاج بأن الشركة المتعاقد معها تقدم خدمة طباعة الأحكام التي تصدر عن المحاكم وبالتالي يمكن اعتبار من يعمل لدى تلك الشركة بمثابة الموظف العام في المحاكم والعدالة، ففضلا عن قيام الشركة بالاستعانة بأشخاص يعملون في جهات مختلفة، فيما يعمل بعضهم لدى الشركة، فإن قيام أولئك الموظفين، أيا كانت الرابطة القانوينة التي تربط بينهم وبين الشركة، وأيا كانت العلاقة التعاقدية بين تلك الشركة ووزارة العدل، بإدخال نتائج الفرز في أجهزة الحاسب الآلي قد تم من دون سند في القانون ومن دون رقابة قضائية، حيث كان رئيس اللجنة متفرغا لقراءة نتائج التصويت المدونة في ورقة الانتخاب ولا يسعه القيام بتلك المهمة ومراقبة التدوين الآلي والتدوين الورقي في الوقت ذاته. صحيح أن نتيجة التدوين الآلي الذي قام به أفراد يعملون في شركة خاصة تعرض على شاشة كبيرة داخل مقر اللجنة، إلا أن هذا لا يعني أن الرقابة والإشراف القضائي قد توفرا عند قيام الموظف بإدخال كل صوت حصل عليه كل مرشح، فهذا الأمر يفوق قدرة البشر خاصة مع ظهور إمارات التعب والإرهاق على القضاة وأعضاء النيابة العامة. فضلا عن ذلك فقد كان بعض رؤساء اللجان يعتدون بتلك النتائج باعتبارها النتائج الرسمية. ولا يقدح في سلامة ما نقول أيضا، ما ورد في البيان الصحفي الذي أصدره المستشار خالد سالم في شأن حجية التدوين الآلي. فقد أعلن المستشار 'أنه عند وقوع الاختلاف بين مايعرض على الشاشة وبين ورقة الرصد فإن المعول عليه هو هذه الورقة الأخيرة'. ومؤدى هذا البيان أنه تم منح النتائج التي تعرض على الشاشة والتي قام بتدوينها الموظفون التابعون للشركة الخاصة، وليس المحاكم، حجية غير مقررة لها بمقتضى القانون. صحيح أن هذه الحجية تزول في حال تعارض النتائج المدونة على الشاشة مع تلك المدونة على الورقة، إلا أن هذا التعارض لا يستبين بشكل تلقائي، وإنما، لابد من الاعتراض على النتيجة المدونة في الشاشة. فإذا أخذنا في الاعتبار أن الاعتراض لن يأتي إلا من قبل المرشح أو مندوبه في اللجنة، فإن عدم وجود المرشح أو مندوبه، أي عدم وجود من يعترض، يعني أن حجية النتائج المدونة على الشاشة هي حجية كاملة يعتمد عليها رئيس اللجنة في محضر الفرز الذي يحرره.
هذا ويود الطاعن أن يوضح لعدالة المحكمة أن الأصوات التي حصل عليها في جميع اللجان هي الأصوات التي تم تدوينها عن طريق الحاسب الآلي من قبل الشركة، حيث أن حالة التعارض بين نتائج التدوين الآلي ونتائج التدوين الورقي بالنسبة له لم تظهر بسبب عدم وجود من ينوب عن الطاعن في تلك اللجان كما سبق الإشارة، ومن ثم فقد تم اعتماد نتائج التدوين الآلي بالنسبة للطاعن استنادا إلى الحجية غير القانونية، التي منحت لتلك النتائج من قبل وزارة العدل.
لما كان ذلك، وكان القدر المتيقن من الوقائع يفيد أن عملية فرز الأصوات في الدائرة الثانية وفي جميع الدوائر تمت بحضور أشخاص غير مصرح لهم قانونا بالتواجد في جمعية الانتخاب، وهم موظفون يعملون في إحدى الشركات الخاصة المحلية وليسوا من الناخبين، كما أنهم ليسوا من العاملين في المحاكم، وكان بحوزتهم أجهزة حاسب آلي (كمبيوتر) تم ربطها بشاشة عرض، وكانوا يقومون بتدوين النتائج في أجهزتهم وعرض ما يتم تدوينه على الشاشة، وكانوا يقومون بذلك كله من دون مسوغ قانوني وعلى نحو أخل بسلامة عملية فرز الأصوات. لما كان ذلك وكان حضور موظفي شركة خاصة جمعية الانتخاب وداخل مقر لجنة فرز الأصوات بحد ذاته يشكل مخالفة صارخة للقانون، وإذ شارك أولئك الأشخاص في عملية تدوين النتائج وعرض ما قاموا بتدوينه على شاشة عرض في مقر لجنة الفرز، فقد تسبب عملهم كله في إرباك عملية الفرز وأثر على دقته وصحته، فضلا عما تسبب به من تشويش على قدرة أعضاء لجنة الفرز والمندوبين في متابعة الفرز والتدقيق على ما يدون في الأوراق المعدة لذلك من قبل وزارة الداخلية، فضلا عن ذلك فإن عرض نتائج التدوين الآلي الذي قام به الموظفون التابعون للشركة على شاشة كبيرة حال دون عرض نتائج التدوين اليدوي المعتمد قانوناً والذي يقوم به أفراد وزارة الداخلية أمام المندوبين، ففرضت النتائج التي قامت الشركة بتدوينها نفسها مما حدا ببعض لجان الفرز إلى الاعتماد على ما ورد فيها رغم عدم دقتها وعدم قانونيتها.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإنه وعلى الرغم من وجوب التزام رؤساء اللجان بما ورد في المادة 36 من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن تحرير محاضر الفرز والتي تنص على أنه 'تقوم اللجان الأصلية والفرعية بإدارة الانتخاب وفق الإجراءات المتقدمة حتى ختام عملية الانتخاب، وتحرر كل لجنة محضرا بذلك يوقع عليه كل من رئيس اللجنة وأعضائها الحاضرين وفور انتهاء عملية الانتخاب في جميع لجان الدائرة تقوم كل لجنة بفرز صندوق الانتخاب بالنداء العلني ويتم تحرير محضر لفرز الأصوات من أصل وصورة ويتم التوقيع عليه من رئيس وأعضاء اللجنة الحاضرين ، وتعاد أوراق الانتخاب بعد ذلك إلى الصندوق مع محضر الانتخاب ونسخة من محضر الفرز ويتم غلق الصندوق وختمه بالشمع الأحمر ما عدا صناديق اللجان الأصلية ثم تنقل كل لجنة فرعية صندوق الانتخاب إلى مقر اللجنة الأصلية التي تتبعها برفقة رئيس اللجنة ومندوب وزارة الداخلية وخمسة من مندوبي المرشحين الحاضرين يختارون بالاتفاق فيما بينهم أو بالقرعة في حالة عدم الاتفاق ، ويتم تسليم أصل محضر فرز الأصوات والصندوق إلى رئيس اللجنة الأصلية'، فإن بعض رؤساء اللجان قام باعتماد محاضر معدة سلفا من قبل الشركة التي تولت تدوين النتائج آليا، وسيتضح هذا الأمر عند اطلاع المحكمة الموقرة على محاضر الفرز المودعة في صناديق الانتخاب، وهو الأمر الذي من شأنه أن يبطل تلك المحاضر ويهدر حجيتها نظراً لاعتمادها على النتائج المدونة آليا ومن دون مطابقتها مع النتائج المدونة على الورقة المعدة لهذا الغرض.
إضافة إلى ذلك كله، فقد أوضح رئيس اللجنة الاستشارية المستشار خالد سالم، أن قيام الشركة بتدوين النتائج سيتم 'تحت الإشراف المباشر لرؤساء اللجان ونقلا عن ورقة الرصد المعدة لهذا الغرض'، والصحيح أن تدوين النتائج كان يتم من قبل الشركة بعد سماع المناداة بالأسماء التي يقوم بها رئيس اللجنة وليس نقلا عن ورقة الرصد المعدة لذلك، وهذا الأمر كفيل بذاته لإبطال عملية فرز الأصوات حيث أن ما تم يعد من قبيل التدخل المباشر المؤثر في نتائج الانتخابات.
ومن خلال فحص البيان الذي أصدره رئيس اللجنة الاستشارية المستشار خالد سالم يتضح أنه كان من المفترض أن تكون النتائج، التي تظهر على الشاشة، كما قرر المستشار، ليست إلا 'صدى وبيان لما هو مدون في الورقة المخصصة لذلك'. فإذا كان الوضع كذلك، فكيف يمكن أن يتحقق التعارض بين نتيجة التدوين على الورقة والتدوين الآلي؟! بل ما هي الجدوى من استخدام أجهزة الحاسب الآلي في الأصل؟! أي أنه إذا كانت النتائج التي تظهر على الشاشة هي مجرد بيان لما هو مدون في الورقة، فإن هذا يعني أن التدوين الآلي يأتي لاحقاً للتدوين على الورق. وإذا أخذنا في الاعتبار أيضا أن التدوين على الورقة المعدة لهذا الغرض لا يتم بالأرقام وإنما من خلال استخدام مجموعات الخطوط حيث تضم كل مجموعة 4 خطوط عامودية وخط واحد يميل من الطرف الأعلى لأول خط عامودي وينتهي عند الطرف الأدنى لآخر خط عمودي، وتدل كل مجموعة على أن المرشح حصل على 5 أصوات، فكيف يمكن للموظف الذي يقوم بتدوين النتائج آلياً عد مجموعات الخطوط ثم تدوين النتيجة رقمياً على جهاز الحاسب الآلي؟ وهل هناك رقابة وإشراف من رئيس اللجنة على موظف الشركة وهو يقوم بعملية جمع مجموعات الخطوط وتحويلها إلى أرقام ثم تدوينها في جهازه، أم أنه يقوم بذلك من دون ثمة رقابة؟ أم أنه لا يقوم بشيء مما سبق؟
من جانب آخر، فقد حصل الطاعن على نسخة من كتيب التعليمات الذي أصدرته الشركة التي كلفت بتدوين نتائج الانتخابات آلياً. ومن خلال الاطلاع على هذا الكتيب يتضح أن برنامج الكمبيوتر الذي استخدم في تدوين النتائج آلياً هو برنامج غير موثوق إطلاقاً ومن السهل اختراقه والعبث بالنتائج سواء من قبل موظف الشركة أو من قبل آخرين إذا كان الجهاز قد تم ربطه بشبكة الانترنت. كما تبين للطاعن، من خلال الاطلاع على التعليمات التي وجهتها الشركة المكلفة بالتدوين الآلي إلى موظفيها، الذين تولوا عملية الفرز الإلكتروني، أنّه قد سمح لهم باستعمال أجهزة الهاتف النقال الخاصة بهم داخل لجان الانتخاب، كما تم السماح لتواجد أشخاص آخرين لتقديم الدعم الفني لهؤلاء الموظفين. والأسوأ من هذا كله أن الشركة قامت بتزويد الموظفين بحافظة بيانات (فلاش) يتم إدخالها إلى لجنة الانتخاب لاستخدامها في حفظ النتائج من دون تدقيق مسبق على محتوياتها للتأكد من خلوها من أية بيانات معدة سلفاً، وهو ما يثير القلق بشأن احتمال احتوائها على بيانات مبرمجة مسبقاً.
واتضح للطاعن كذلك أنّ الشركة المتعاقد معها طلبت من موظفيها القيام بطباعة محاضر الفرز اعتماداً على البرنامج الذي تستخدمه، وجاء في تعليمات الشركة أنّ هذا المحضر هو الذي يقدّم إلى رئيس اللجنة لاعتماده، وهذا الأمر يشكل مخالفة صارخة لقانون الانتخاب الذي يوجب في مادته السادسة والثلاثين بأن يقوم رئيس اللجنة بتحرير المحضر من واقع الفرز العلني.
وبالإضافة لما سبق فقد تبيّن للطاعن أنّ البرنامج الإلكتروني، الذي استخدمته الشركة المتعاقد معها يتيح للمستخدم إدخال نتائج الفرز بطريقتين، الأولى هي الإدخال التلقائي، الذي يتم عن طريق الضغط على اسم المرشح فتتم إضافة صوت إلى الأصوات التي حصل عليها، والثانية عن طريق كتابة العدد مباشرة، وليس هناك أي ضمانات تبعث الطمأنينة في النفوس حول مدى كفاءة البرنامج، فقد حدث أن ضغط موظف الشركة الخاصة على اسم مرشح مرتين (Double click) فحصل على صوتين بدلاً من صوت واحد. أما بالنسبة لطريقة الإدخال اليدوي فهذه مدعاة لإثارة الريبة والشك!
ولا يتوقف الأمر عند الحد السابق، بل أن عدم كفاءة البرنامج المستخدم في التدوين الآلي تسقط أي قيمة لنتائج التدوين. فالبرنامج الذي استخدم للتدوين وجمع الأصوات تشوبه جملة من الملاحظات التي تجعل من نتائج الانتخابات تحت سيطرة كاملة للشركة التي تعاقدت معها وزارة العدل. وفيما يلي بعض تلك الملاحظات:
(1) يتيح البرنامج للمستخدم (موظف الشركة) إمكانية إضافة بيانات وتزوير النتائج من دون علم اللجنة من خلال حافظة البيانات الخارجية التي تم تزويد الموظفين بها.
(2) يتيح البرنامج إمكانية إضافة أصوات إلى أي مرشح يختاره المستخدم (موظف الشركة) عبر الضغط على اسم المرشح أكثر من مرة، وهذا الأمر قد يحدث بسوء نية أو بحسن نية نتيجة الإرهاق والتعب.
(3) يتيح البرنامج للمستخدم (موظف الشركة) إمكانية إلغاء أصوات سبق تسجيلها للمرشح من دون رقابة قضائية.
(4) يسمح البرنامج للمستخدم إدخال أصوات لأي مرشح من دون وجود سجل لعدد الأوراق التي تم فرزها.
(5) يمكن للمستخدم (موظف الشركة) فصل الكمبيوتر عن الشاشة المعروضة في لجنة الفرز والتلاعب في النتائج من دون علم أي طرف.
(6) ليس في البرنامج أي ضمانات تمنع التلاعب المبرمج مسبقا في الأصوات. وليس هناك ضمانات لعدم تنقل الأصوات بين المرشحين آليا وخارج نطاق الشاشة.
(7) يتيح البرنامج للمستخدم (موظف الشركة) إدخال الأصوات عن طريق تسجيل أرقام ومن دون الضغط على اسم المرشح.
أما عن الخلط والخطأ والتداخل بين اسم المرشح واسم المطعون ضده العاشر ومرشح آخر، فإنه يهم الطاعن أن يوضح أن المناداة بأسماء المرشحين عند فرز الأصوات تمت بطرق مختلفة، حيث تم نطق الاسم الثلاثي تارة (محمد عبدالقادر الجاسم)، والاسم الثنائي تارة أخرى (محمد عبدالقادر)، والاسم الأول والأخير تارة أخرى (محمد الجاسم) والاسم الأخيرة تارة أخرى أيضا (الجاسم). كما يود الطاعن أن يلفت الانتباه إلى أن بعض رؤساء وأعضاء اللجان الانتخابية الذين يقومون بالمناداة باسم المرشح هم من الجنسية الكويتية حيث اختلفت طريقة نطق الحروف والأسماء عن الطريقة التي يفهمها مدون النتائج على الجهاز الآلي وهو من الجنسية المصرية، كما أن البعض الآخر من رؤساء وأعضاء اللجان الانتخابية هم من الجنسية المصرية حيث اختلفت أيضا طريقة نطق الحروف والأسماء عن الطريقة التي يفهمها مدون النتائج على الورقة وهو من الجنسية الكويتية. وليس هناك شك في أن هذا الأمر بذاته تسبب فعلا وواقعا في التداخل والخلط والخطأ في تدوين النتائج آليا وورقيا. ولإثبات هذا التداخل فإنه يكفي معرفة أن الاسم الثنائي للطاعن هو (محمد عبدالقادر) والاسم الثنائي للمطعون ضده العاشر هو (محمد عبدالجادر). وقد ثبت أن اسم الطاعن مكتوب سلفا في جهاز الحاسب الآلي (محمد الجاسم) في الوقت الذي كتب فيه اسم المطعون ضده العاشر (محمد الجادر)، وقد أدى هذا الأمر إلى تداخل الأصوات وتسجيل عدد كبير من الأصوات التي حصل عليها الطاعن لمصلحة المطعون ضده العاشر، وقد تكرر الأمر مع مرشح آخر هو محمد المسيلم حيث تم تدوين بعض الأصوات التي حصل عليها الطاعن لصالح هذا المرشح. وسوف يقدم الطاعن أمام المحكمة الموقرة ما يثبت صحة كل ما سبق.
نخلص من جميع ما تقدم إلى أنه تبين، ومن خلال ما ورد في هذه الصحيفة وما سنقدمه للمحكمة الموقرة لاحقا، أن عملية فرز الأصوات تمت بحضور أشخاص غير مصرح لهم قانونا بالتواجد في جمعية الانتخاب، وهم موظفون يعملون في إحدى الشركات الخاصة وليسوا من الناخبين، وكان بحوزتهم أجهزة حاسب آلي (كمبيوتر) تم ربطها بشاشة عرض، وكانوا يقومون بتدوين النتائج في أجهزتهم وعرض ما يتم تدوينه على الشاشة، وكانوا يقومون بذلك كله من دون مسوغ قانوني ومن دون رقابة قضائية وعلى نحو أخل بسلامة عملية فرز الأصوات. وقد قاموا بذلك بناء على طلب من جهة غير مختصة لا تملك الصفة القانونية في تنظيم فرز الأصوات أو تدوينها أو تغيير النظام المعمول به وهي وزارة العدل. ولما كان ذلك، وكان حضور موظفين يتبعون ويعملون لحساب شركة تجارية خاصة جمعية الانتخاب وداخل مقر لجنة فرز الأصوات بحد ذاته يشكل مخالفة صارخة للقانون ومدعاة للشكوك والظنون وطردا للثقة العامة، وإذ شارك أولئك الأشخاص في عملية تدوين النتائج وعرض ما قاموا بتدوينه على شاشة عرض في مقر لجنة الفرز، كما قاموا بتحرير محاضر الفرز، وقد اعتمدت النتائج التي قاموا بتدوينها في أجهزتهم وفي محاضرهم، فقد تسبب عملهم كله في بطلان وإرباك عملية الفرز والتدوين وأثر على دقته وصحته، فضلا عما تسبب به من تشويش على قدرة أعضاء لجنة الفرز والمندوبين في متابعة الفرز، والتدقيق على ما يدون في الأوراق المعدة لذلك من قبل وزارة الداخلية، فضلا عن ذلك فإن عرض نتائج التدوين الآلي الذي قام به الموظفون التابعون للشركة على شاشة كبيرة حال دون عرض نتائج التدوين اليدوي المعتمد قانونا، والذي يقوم به أفراد وزارة الداخلية، أمام المندوبين، ففرضت النتائج التي قامت الشركة بتدوينها نفسها، مما حدا ببعض لجان الفرز إلى الاعتماد على ما ورد فيها رغم عدم دقتها وعدم قانونيتها. كما ثبت بما لايدع مجالا للشك أنه تم منح النتائج التي أظهرها التدوين الآلي حجية قانونية بغير سند قانوني، فتاهت الإرادة الحقيقية للناخبين وصعب كشف اختياراتهم، فاهتزت الثقة العامة في نتائج الانتخابات، وهو أمر جلل لابد من تداركه. ولا سبيل للتعرف على حقيقة إرادة الناخبين، وإعادة الحق إلى أصحابه، وتصحيح نتائج الطاعن، وإعلان النتائج الحقيقية التي تحتويها صناديق الانتخاب، لا سبيل إلى ذلك كله سوى بإعادة فرز الأوراق بإشراف المحكمة الموقرة أو من تنتدبه للقيام بهذه المهمة.
ويود الطاعن أن يسند طعنه هذا بمبادئ مهمة سبق للمحكمة الدستورية الموقرة أن تبنتها، حيث قررت أن 'العضوية في مجلس الأمة إنما مرجعها – أصلاً – إلى عملية الانتخاب بحسبانها الوسيلة التي يتم من خلالها التعبير عن إرادة الناخبين التي هي أساس صحة العضوية، فإذا لحقت شائبة بعملية الانتخاب من شأنها أن تفضي إلى إبطالها انعكس ذلك بحكم التداعي على صحة العضوية لمن أعلن فوزه في الانتخاب'.
(طعن رقم 10 لسنة 2006 الصادر بتاريخ 22 يناير 2007)
كما قررت 'وحيث أنه من المسلم به أن للمحكمة في حدود الطعن المرفوع أمامها بسط رقابتها على عملية الانتخاب وفحص جميع إجراءاتها وقواعدها للتأكد من سلامتها وكذا النتائج التي أعلنت استنادًا إليها، والطعن الانتخابي – من بعد – قد يؤدي إلى إلغاء العملية الانتخابية برمتها متى ثبت للمحكمة أن العملية الانتخابية قد جاءت معيبة في جملتها في ضوء ما تستظهره من عيب يوجب إعادة الانتخاب في الدائرة بالكامل، كما قد يؤدي الطعن إلى إلغائها جزئيًا متى وجدت أن العيب قد اعتور أحد إجراءاتها بما من شأنه تعديل النتائج المعلنة، وبهذا تقضي ببطلان الانتخاب بالنسبة للفائز الذي اتصل به الإجراء الباطل أو بتعديل النتيجة بإعلان من تراه أحق بالفوز بالعضوية حتى تكون نتيجة الانتخاب إعلانًا صحيحًا لإرادة الناخبين الحقيقية'.
(طعن رقم 9 لسنة 2006 الصادر بتاريخ 22 يناير 2007)
وقررت أيضا 'وتباشر المحكمة الدستورية في هذا الصدد رقابتها القضائية التي تنصب أساسًا - على نحو ما هو مستقر عليه - على عملية الانتخاب بما يشمل مراحلها المتعددة، والمتمثلة في التصويت والفرز وإعلان النتيجة وينعكس أثره على صحة من أسبغت عليه صفة العضوية لمن أعلن فوزه في الانتخابات، وبالتالي على ما تم في عملية الانتخاب برمتها من إجراءات، توصلاً للتأكد من سلامة تعبير الانتخاب عن إرادة الناخبين، أخذًا بعين الاعتبار أن الحماية التي كُفلت للمواطنين وأحاط بها حق التصويت لا تقتصر على مجرد تمكينهم من الإدلاء سرًا بأصواتهم في صناديق الانتخاب، ولكنها تمتد لتفرض التزامًا قانونيًا بفرز أصواتهم والاعتداد بما يكون منها صحيحًا، وإعلان ما تسفر عنه عملية الفرز من نتيجة اعتصامًا بإرادة الناخبين وما يقتضيه ذلك من لزوم النزول على تلك الإرادة حقاً وصدقاً وواجباً'.
(طعن رقم 5 لسنة 2003 الصادر بتاريخ 6 ديسمبر2003)
كما قررت: 'وحيث أن المشرع بموجب القانون رقم (35) لسنة 1962 وتعديلاته في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة أحاط عملية الانتخاب - بحسبانها تتعلق مباشرة بإرادة الناخبين وصحيح التعبير عن تلك الإرادة - بسياج من الضمانات على نحو ينتظم سيرها ويكفل ضبطها ويضمن حيدتها ويصونها من غوائل الشطط وشوائب الخطأ، حيث أفرد لها المشرع تنظيمًا شاملاً لمراحلها المتعددة بدءًا من تقديم الناخب إلى لجنة الانتخاب ما يثبت شخصيته وما يفيد قيده في جدول الانتخاب باعتبار هذا الجدول الوثيقة القانونية التي تحوي هيئة الناخبين الذين تتوافر فيهم شروط القيد وحق التصويت، ثم إدلاء الناخب بصوته معبرًا بذلك عن إرادته في المفاضلة بين المرشحين، واختيار المرشح الذي يرغب في أن يكون ممثلاً له وذلك بالتأشير على اسمه في ورقة الانتخاب بشكل غير معلن، بعد أن ينتحي الناخب ناحية المكان المخصص لإبداء الرأي داخل قاعة الانتخاب، وقد استهدف المشرع من وراء ذلك كفالة إتمام عملية الاقتراع في سرية بحيث لا يعرف رأيه أحد سواه ثم توضع هذه الورقة في صندوق الانتخاب، وفي ختام عملية التصويت يجري الفرز العلني للأصوات في جميع لجان الدائرة ويتم تحرير محضر فرز الأصوات وعقب ذلك يغلق الصندوق ويختم بالشمع الأحمر، ويتلقى رئيس اللجنة الأصلية أصل محاضر فرز أصوات اللجان الفرعية وصناديقها، ويتم جمع نتائج فرز صناديق الانتخاب بالنداء العلني وفقًا للإجراءات التي سنها المشرع في القانون المشار إليه والتي تختتم بإعلان النتيجة وفوز من يحصل على الأغلبية النسبية لمجموع عدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت - في الدائرة - وذلك على الوجه الذي يطابق إرادة الناخبين التي أودع التعبير عنها مسجلاً في أوراق الاقتراع بصناديق الانتخاب، وفي هذه الأوراق تكمن حقيقة ومضمون هذه الإرادة التي لا شأن لأية جهة أو أحد بعدها إلا في الكشف عنها والنزول عليها وإعلانها للكافة دون تبديل أو تغيير أو تعديل من أي نوع كان، واستكمالاً لسياج الضمانات سالف البيان عهد المشرع بإدارة الانتخاب للجان أصلية وفرعية حتى ختام عملية الانتخاب، وحرص على أن يكون تشكيل كل لجنة من تلك اللجان برئاسة أحد رجال القضاء أو النيابة العامة وعضو من وزارة الداخلية ومندوب عن كل مرشح وذلك بما يكفل ضبط عملية الانتخاب ومراقبة سيرها حتى تتم خطواتها تحت سمعهم وبصرهم على نحو ما تقضي به الإجراءات التي تستهدف تنظيم العمل داخل جمعية الانتخاب، والتحقق من سلامة التصويت، وتجنب احتمالات الانحراف به عن حقيقته، ودقة عملية فرز الأصوات، وذلك حتى يأتي إعلان النتيجة معبرًا بشكل صحيح وأمين عن إرادة الناخبين'.
(طعن رقم 5 لسنة 2003 الصادر بتاريخ 6 ديسمبر2003)
لما كان ذلك، وكانت العيوب التي شابت عمليتي فرز وتدوين الأصوات التي حصل عليها جميع المرشحين في الدائرة الانتخابية الثانية، بمن فيهم الطاعن نقصانا والمطعون ضده العاشر زيادة، عيوب جوهرية مؤثرة في نتيجة الانتخاب، وقد بلغت تلك العيوب حد الجسامة بما أفضي إلى جعل تلك النتيجة غير معبرة عن إرادة الناخبين، وهو ما يستدعي استجابة المحكمة الموقرة لطلبات الطاعن.
أدلة وقرائن وبراهين
وفيما يلي بيان ببعض الأدلة والقرائن التي تساند وتدعم الطعن، وهي بعض ما سيقدمه الطاعن أمام المحكمة الموقرة لاحقا:
أولاً: التقرير التاسع الصادر عن المفوضية العليا لشفافية الانتخابات بتاريخ 19 مايو 2008:
وقد جاء فيه ما نصه: 'تابعت المفوضية وبصورة دقيقة الأنباء التي تم تداولها في شأن التطورات الخاصة بوجود حالة واسعة من الاضطراب والتباين والفروقات التي لحقت عملية فرز أصوات الناخبين في جميع الدوائر، ومع التأكيد على نزاهة القضاء والإقرار بدوره الحيادي المشهود في إدارة الانتخابات والإشراف عليها، وبعيدا عن أي تشكيك برجال القضاء، نقول إن الثقة العامة بنتائج الانتخابات، التي اهتزت بسبب مجموعة من الأخطاء الجسيمة لا مجال لتكريسها إلا بإعادة الفرز لمنع أي حالة من الشك والظن. وإليكم جملة من الملاحظات التي يمكن تلخيصها بما يلي:
1 - التداخل بين أسلوب الفرز الآلي وأسلوب الفرز اليدوي وعدم وجود نماذج مريحة للفرز تتم بمتابعة مباشرة من جانب مندوبي المرشحين.
2 - اكتفاء بعض رؤساء اللجان بإتمام عملية الفرز بحضور خمسة ممثلين عن المندوبين الخمسة عشر وذلك خلافا للقانون، وهو ما ترتب عليه غياب المتابعة من المندوبين وفقا للعدد المقرر.
3 - وجود نماذج متفاوتة استخدمت في عملية الفرز التجميعي في اللجان الفرعية والأصلية من خلال ترتيب هجائي متفاوت، الأمر الذي ترتب عليه أن حصل بعض المرشحين أرقاما لمرشحين آخرين بسبب تبدل مواقع أسماء المرشحين في كل نموذج عن النموذج الآخر.
4 - النتائج التي كان يتم إعلانها أولاً بأول من خلال نظام الكمبيوتر - غير الكفء - مع عدم الاستعداد المسبق، بالإضافة إلى عدم وجود جمع يدوي مباشر، أدى إلى اختلاف في إعلان النتائج وإعادة تصحيح الفرز لأكثر من مرة ولكن بصورة جزئية، كما أن الأرقام التي أعلنتها وزارة الداخلية متفاوتة عن الأرقام المعلنة في تلفزيون الكويت.
5 - اعتماد بعض رؤساء اللجان على نماذج الفرز الآلي بدلا من اليدوي أدى إلى حالة من عدم الاطمئنان وألقى بظلال من الشك وفقدان الثقة العامة بالنتائج المعلنة، وقد أكد رئيس اللجنة الرئيسية للدائرة الثانية المستشار أنور العنزي في تصريح لتلفزيون الكويت يوم الفرز 18 مايو 2008 أنه قد وقعت أخطاء تم تصحيحها بعد مراجعة نتائج الفرز، وقد علمت المفوضية أن التصحيح في الدائرة الثانية تم على ستة صناديق فقط فأدي ذلك إلى تغيير في أرقام المرشحين، الأمر الذي يبقى معه السؤال مفتوحا حول مصير نتائج الصناديق الأخرى، وهو السؤال ذاته الذي يطول ذات الأخطاء في الدوائر الانتخابية الأخرى. إننا نؤكد على أنه لا وجود لنوايا بالتزوير أو التلاعب بنتائج الانتخابات لدى رجال القضاء، والمشكلة هي في القرار بإدخال نظام العد الآلي وبإدارة شركة خاصة في الأيام الأخيرة قبل الاقتراع وضبابية هذا النظام، مع عدم وجود العد اليدوي في كثير من اللجان الانتخابية، وكذلك الإجهاد الكبير والتعب الشديد الذي مر به القائمون على إدارة الاقتراع والفرز لأكثر من أربع وعشرين ساعة متواصلة بلغت ثلاثين ساعة في بعض الدوائر، كل ذلك أدى إلى ما أشرنا إليه. لذلك فإن تزايد إعلان بعض المرشحين عن قيامهم بتقديم طعون من أجل إعادة فرز الانتخابات يؤكد جدية هذا الموضوع وحساسيته، ونتمنى أن يتم التعامل مع هذا الموضوع بشفافية كاملة على نحو يعيد الاعتبار والثقة والاطمئنان بنزاهة نتائج الانتخابات'.
ثانياً: تصريح للمستشار أنور العنزي رئيس اللجنة الرئيسية في الدائرة الانتخابية الثانية للتلفزيون حول الأخطاء في الفرز التجميعي: '.. اللي حصل خطأ.. مجرد خطأ في طباعة النماذج إللي فيها أسماء المرشحين. بعض اللجان مطبوعة الأسامي حسب الترتيب الأبجدي، الأخرى مطبوعة بشكل مغاير.. يعني بادين مثلا بحرف العين، أحيانا بادين بحرف الميم. فاللي حصل أنا أحنا اعتقادا منا أن كل اللجان نفس الترتيب اللي هو نفس ترتيب ورقة الانتخاب، جمعنا الأرقام اتضح فيما بعد أن يعني مثلا أحمد ياخذ 10 وهو في حقيقة الأمر ماخذ صفر. الثاني ياخذ ألف وهو ماخذ عشرة. اضطرينا نرجع مرة ثانية ناخذ اسم اسم وهذا سبب التاخير ناخذ كل اسم وفي كل لجنة شنو خذا ورجعنا جمعنا أصلا مرة ثانية جمعنا اللحان الفرعية مع اللجان الأصلية عشان يطلع المجموع فهذا اللي سبب هي عملية حسابية مو أكثر..'.
ثالثاً: تصريح عضو مجلس الأمة أحمد عبدالعزيز السعدون عصر يوم الانتخابات والمنشور في صحيفة القبس الصادرة صباح يوم الأحد 18 مايو: 'كشف مرشح الدائرة الثالثة أحمد السعدون عن تكليف الحكومة لشركة خاصة تشرف على آلية الفرز الآلية، معتبرا ذلك خرقا واضحا للقانون، مضيفا أن القانون لم يحتو على أي مادة تجيز للحكومة الاستعانة بجهات غير حكومية في إدارة العملية الانتخابية.
وأضاف السعدون في مؤتمره الصحفي في مدرسة عبدالله العتيبي في الخالدية أنه يملك معلومات بأن موظفي هذه الشركات الخاصة سيتلقون اتصالات أثناء عملية الفرز لرفع بعض المرشحين على حساب مرشحين آخرين لا ترغب الجهات المتنفذة في البلد دخولهم البرلمان .وطالب السعدون سمو رئيس مجلس الوزراء بالتحقيق في كلامه قبل بدء عملية الفرز، مشيرا إلى أنه طلب من مندوبيه في اللجان عدم التوقيع على محاضر الفرز بعد الانتهاء منه، داعيا مرشحي الدائرة إلى سلك طريقه حتى لا تشوب العملية الانتخابية شكوك واضحة'.
رابعاً: تصريح عضو مجلس الأمة أحمد عبدالعزيز السعدون بعد الانتخابات والمنشور في صحيفة القبس بتاريخ 21 مايو: '.. ولفت السعدون إلى أنه سجل اعتراضه على الإجراءات التي تتم، مبينا أن الساعة الثانية والنصف من يوم الانتخابات اتصل بي أحد الأشخاص وقال لي: «أريدك ضروري» وبلغني بشأن عملية الفرز الالكتروني وأنه تم تدريب أفراد غير كويتيين على مدى يومين وطلبوا منهم إذا انتهت عملية الفرز بالصندوق وإذا جاءتك أوامر بزيادة أرقام أي مرشح لا تعترض وإلا تعرضت للمساءلة القانونية..
واعتبر السعدون أن هذه الإجراءات «غبية» وأسوأ من تزوير انتخابات 1967، .. وأكد السعدون أن المخطط كان رهيبا والشعب الكويتي هو من كشف هذا المخطط لاسيما الموظف الذي سلمني تفاصيل التعليمات المطلوب تنفيذها خلال عملية الفرز، مشيرا إلى أننا سنلاحق قوى الفساد وسنضربها ولن نتركها..'.
خامساً: تصريح المستشار خالد سالم رئيس اللجنة الاستشارية العليا للانتخابات كما بثته وكالة الأنباء الكويتية والذي يعلن فيه عن إدخال نظام التدوين الآلي:
'قال رئيس اللجنة الاستشارية العليا المشرفة على انتخابات مجلس الأمة 2008 رئيس المحكمة الكلية المستشار خالد سالم إن عملية فرز أصوات الناخبين ستتم بالاستعانة بالموظفين التابعين لدور المحاكم والعدالة مثل الاختصاصيين والفنيين .
وأوضح المستشار سالم في بيان وزع هنا اليوم أن الاستعانة بهؤلاء الموظفين في انتخابات هذا العام جاءت تلبية لمقتضيات الوضع الجديد للدوائر الانتخابية التي أعيد تحديدها فأصبحت خمسا بدلا من 25 دائرة مشيرا إلى أن التقليص وسع القاعدة الانتخابية وزاد عدد الناخبين والمرشحين في كل دائرة بشكل كبير الأمر الذي نجم عنه صعوبات متوقعة كان لابد من مواجهتها خاصة خلال عمليتي الانتخاب والفرز. وبين أن عملية رصد الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح ستتم عن طريق استخدام شاشات العرض الآلي عوضا عن استخدام السبورة مبينا أن ذلك يتم تحت الإشراف المباشر لرؤساء اللجان ونقلا عن ورقة الرصد المعدة لهذا الغرض 'بحيث لا تكون لأولئك الموظفين المستعان بهم فنيا أي تدخل في العملية الانتخابية'. وأكد انه لن يكون هناك فرز آلي للأصوات لافتاً إلى أن 'دور هؤلاء الأشخاص لا يعدو أن يكون مجرد أداة تستعين بها اللجنة توفيرا للجهد وتذليلا لتك الصعوبات واقتصادا للوقت خاصة وأن نصوص القانون وأحكامه لم تحظر ذلك على أي نحو'. وأضاف 'بالتالي فإنه ليس هناك تعارض بين القول أن هذا الموظف ليس من أعضاء اللجنة وبين عملية تسهيل وعرض النتائج التي تقوم بها اللجنة خاصة أنه عند وقوع الاختلاف بين ما يعرض على الشاشة وبين ورقة الرصد فإن المعول عليه هو هذه الورقة الأخيرة '. وتابع 'أنه نتيجة لذلك فإن ما يعرض ما هو إلا صدى وبيان لما هو مدون في الورقة المخصصة لذلك مبينا أن ذلك يتم بمعرفة اللجنة دون غيرها ووفقا للمتطلبات التي أوجبها القانون ومراعاة لمبدأ العلنية وتدعيم الشفافية'.
سادساً: إفادات من شهود عيان في لجان انتخابية في الدائرة الثانية:
(1) تقرير بثه تلفزيون الراي مع بداية فرز الأصوات في إحدى لجان الدائرة الانتخابية الثانية، حيث ورد في التقرير الذي إذاعته على الهواء مباشرة المذيعة سمر شدياق: 'في الواقع أريد أن أوضح فكرة معينة بأنني ذكرت في رسالتي الماضية بأنه سوف يجري اعتماد الفرز اليدوي إلى جانب الفرز الإلكتروني، ولكن بعد الإدلاء برسالتي ودخولي إلى قاعة الفرز تبين أن القاضي أمر بإزالة جميع السبورات والاستعانة فقط بالفرز الإلكتروني..'.
(2) إقرار شهادة بدون حلف يمين من السيد حمد أحمد الشرهان، يقر بموجبه أنه كان مندوبا للمرشح السيد دعيج خلف الشمري في الدائرة الانتخابية الثانية، في اللجنة رقم (31) وأنه 'كان هناك لبس في نطق الاسم محمد العبدالجادر مع محمد عبدالقادر الجاسم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كتابة الاسم في شاشة الكمبيوتر كان محمد الجادر، مما يشتبه مع محمد الجاسم'. كما يقر بأن 'اللوحة التي يتم فيها التأشير بعدد الأصوات يدويا لكل مرشح غير مرئية للمندوبين'. ويقر أيضا بأن 'بعض الأوراق كانت فيها خمسة أصوات ويتم قراءة الأسماء الخمسة ثم يعلن بطلان الورقة فتمسح الشخوط بعد كتابتها من قبل مندوب الداخلية بعيدا عن أعين المندوبين مما يفتح المجال للخطأ'.
(3) إقرار شهادة بدون حلف يمين من السيد خالد خليل محمد الرفاعي، يقر بموجبه أنه 'في يوم السبت الموافق 17 مايو 2008 ، كنت حاضرا مندوبا للدكتور جمعان ظاهر الحربش بصفتي وكيلا عنه في الدائرة الانتخابية الثانية، لجنة (ضاحية عبدالله السالم- نساء) رقم (4)، ومن ملاحظاتي على الفرز أنه كان الفرز عن طريق الكمبيوتر بطيئ وكثير الأخطاء، وأني أقدم شهادتي على أن الفرز كان يعتمد أيضا استخدام الكمبيوتر، وكذلك أؤكد أنه أثناء فرز الأصوات تكرر الخطأ بين اسم المرشحين العبدالقادر (محمد عبدالقادر الجاسم) والعبدالجادر (محمد عبدالله العبدالجادر) والذي كان مدونا في الكمبيوتر باسم الجادر'.
(4) إقرار شهادة بدون حلف يمين من السيد محمد صالح محمد المشوح، يقر فيه أنه 'كان مندوبا لمرشح الدائرة الثانية السيد دعيج خلف الشمري، وأشهد أنه طوال فترة الفرز التي كنت حاضرا فيها عن المرشح دعيج خلف الشمري، باللجنة (الأصلية) رقم (24)، والواقعة في مدرسة (الفيحاء المتوسطة بنات) طوال فترة الفرز كانت تقع أخطاء في الفرز نظرا لتشابه أسماء بعض المرشحين مثل محمد العبدالجادر ومحمد عبدالقادر الجاسم، وكانت نتيجة ذلك إعطاء نتيجة بعضهم للبعض الآخر وكنا نحاول التصحيح مؤقتا..'.
الطلبات
أولاً : الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: وقبل الفصل في الموضوع:
(1) الحكم بإعادة فرز كافة أوراق الانتخاب في الدائرة الانتخابية الثانية بإشراف المحكمة الموقرة أو من تنتدبه للقيام بهذه المهمة من بين رجال القضاء أو أعضاء النيابة العامة، في جميع صناديق الانتخاب في اللجان الأصلية والفرعية في تلك الدائرة. ومن ثم إعادة الفرز التجميعي على ضوء النتائج التي تكشفها إعادة الفرز السابقة تمهيدا لإعلان النتيجة الصحيحة المعبرة عن حقيقة إرادة الناخبين وفق ما تسفر عنه عملية إعادة فرز كافة الأوراق ونتيجة الفرز التجميعي الذي تجريه المحكمة الموقرة.
(2) التصريح للطاعن بتصوير محاضر فرز أصوات الناخبين في جميع لجان الدائرة الانتخابية الثانية، بما في ذلك محاضر اللجان الأصلية والفرعية، ومحضر الفرز التجميعي في اللجنة الرئيسية، سواء بتصوير النسخ الأصلية المودعة في صناديق الانتخاب، أو تصوير نسختها الثانية المودعة لدى وزارة الداخلية.
(3) الحكم بإحالة الطعن للتحقيق لتمكين الطاعن من إثبات صحة الوقائع التي أوردها في هذه الصحيفة، والاستماع إلى شهادة كل من السيد أحمد عبدالعزيز السعدون عضو مجلس الأمة في شأن ما ورد في تصريحه المدون نصه في هذه الصحيفة والمرفق صورة منه، حول المعلومات التي حصل عليها عن واقعة قيام الشركة التي تم تكليفها بتدوين نتائج الانتخابات آلياً بتغيير بعض النتائج، وكذلك الاستماع إلى شهادة السيد صلاح الغزالي رئيس جمعية الشفافية الكويتية في شأن المعلومات التي وردت في تقرير الجمعية عن الانتخابات الأخيرة والمدون في هذه الصحيفة أيضا والمرفق صورة منه، وكذلك الاستماع إلى شهود إثبات آخرين سيقدم الطاعن أسماءهم وإفاداتهم إلى المحكمة الموقرة لاحقا، ولتقديم قرائن تدعم وجود اضطراب وخلل وأخطاء جسيمة لحقت بعملية فرز الأصوات، سواء بسبب اعتماد لجان الانتخاب على نتائج التدوين الإلكتروني أو بسبب الخلط والتشابه والتداخل والخطأ في النطق والتدوين بين اسم الطاعن محمد عبدالقادر واسم المطعون ضده العاشر السيد محمد عبدالجادر واسم مرشح أخر هو السيد محمد المسيلم.
ثالثاً : وفي الموضوع:
(1) الحكم بإعلان النتيجة الصحيحة التي حصل عليها الطاعن والمعبرة عن حقيقة إرادة الناخبين في الدائرة الانتخابية الثانية على ضوء ما تسفر عنه عملية إعادة الفرز الشامل، ومن بعده الفرز التجميعي، الذي تجريه المحكمة الموقرة، وتصحيح النتائج المطعون عليها والمعلنة للكافة والمقيدة في سجلات وأوراق وزارة الداخلية ومجلس الأمة وكافة مؤسسات الدولة، والعمل بمقتضى النتيجة الصحيحة التي تتوصل إليها المحكمة الموقرة.
مرفق: حافظة بالمستندات.
تعليقات