شركات وأعمال تغادر الخليج 'هرباً' من التضخم والأسعار
عربي و دوليمايو 28, 2008, منتصف الليل 497 مشاهدات 0
بدأت العديد من الشركات العربية والأجنبية الصغيرة ومتوسطة الحجم في الهروب من منطقة الخليج، بفعل النسب الكبيرة للتضخم والارتفاعات المتلاحقة في الأسعار، إلا أن مسؤولين ومحللين ينفون أن يكون هذا الهروب قد تحول إلى 'ظاهرة'، خاصة وأن مشكلتي التضخم وارتفاع الأسعار مشكلتان عالميتان عامتان، وليستا في الخليج وحده.
وتعتبر منطقة الخليج واحدة من أكثر المناطق جذباً للاستثمارات في العالم، خاصة دولتا الإمارات وقطر اللتان تعجان بالمصانع والشركات الأجنبية التي تحتل مساحات واسعة من المناطق الحرة، إلا أن هذه الشركات تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في نسب التضخم العالية التي تسجلها البلاد، والارتفاعات الكبيرة في الأسعار، لاسيما العقارات التي ترتفع أسعارها وإيجاراتها بصورة سريعة جداً.
شركات تهرب
وغادرت مؤخراً العديد من الشركات والمصانع منطقة الخليج باحثة عن أماكن أخرى تحت ضغط ارتفاعات الأسعار والتضخم وبعض العوامل الأخرى، لكن دائرة التنمية الاقتصادية في دبي تؤكد أن أعداد الشركات الأجنبية في ازدياد مستمر، وأن الاستثمارات العربية والأجنبية سجلت ارتفاعاً في أعدادها خلال السنوات الأخيرة بما يدحض هذه الأقاويل.
وفي قطاع الإعلام، اضطرت قناة 'الاقتصادية' التي بدأت أعمالها في مدينة دبي للإعلام العام الماضي للانتقال بشكل كامل إلى القاهرة، التي وجدت فيها مفراً مناسباً من ارتفاعات الأسعار، التي لم تعد ضمن إمكاناتها، وذلك رغم التسهيلات والإمكانات الكبيرة التي توفرها إمارة دبي عموماً، ومدينة دبي للإعلام خصوصاً للعاملين فيها.
كما وجدت مجموعة قنوات 'المجد' الفضائية السعودية ملجأ لها في كل من مصر والأردن لتغادر مدينة دبي للإعلام، بعد نسب التضخم الكبيرة التي سجلتها دول الخليج، وارتفاعات الأسعار التي كادت تجبر إدارة القناة على رفع رواتب موظفيها بصورة خارجة عن نطاق إمكاناتها.
لكن الواضح أن إمارة دبي لا تزال جاذبة للاستثمارات بصورة لافتة، إذ قال رجل أعمال فلسطيني لـ'الأسواق.نت' إنه اضطر لمغادرة إمارة الشارقة وتصفية أعماله فيها، بعد ارتفاع أسعار الإيجارات، لكنه قال إنه 'نقل أعماله بالكامل إلى دبي التي لا تزال بيئة الاستثمار فيها أفضل من غيرها رغم ارتفاع الأسعار'.
وبحسب المستثمر الفلسطيني الذي طلب عدم نشر اسمه، فإن 'ارتفاعات الأسعار في دبي منظمة ومنطقية، لكنها على العكس في بعض الإمارات الأخرى'، وأشار إلى أن مالك العقار الذي كان يزاول فيه أعماله في الشارقة خيَّره عند تجديد العقد بين رفع القيمة الإيجارية بنحو عشرة أضعاف أو الإخلاء، فقرر على الفور بيع شركته بالكامل والانتقال للبدء من الصفر في دبي!
دبي لازالت جاذبة
ونفى نائب رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في دبي علي إبراهيم وجود ظاهرة هروب للشركات والاستثمارات الأجنبية من دولة الإمارات، مستشهداً على ذلك بالأرقام التي قال إنها تثبت عكس هذه الادعاءات، وتبين ارتفاع أعداد المستثمرين العرب والأجانب الذين يقصدون دولة الإمارات للاستثمار فيها، والاستفادة من بيئتها الاقتصادية الجاذبة.
وقال إبراهيم في حديث خاص لـ'الأسواق.نت' إن أي قرار استثماري يعتمد على العوائد، 'فلو وجد المستثمرون أنفسهم لا يحققون الأرباح أو أن العمل في مناطق أخرى أفضل فإنهم سيغادرون على الفور'.
ويؤكد إبراهيم أن دبي تتمتع بخدمات بنية تحتية وتسهيلات وامتيازات استثمارية، وكذلك إنفاق حكومي مرتفع على الخدمات العامة؛ مما يجعلها جاذبة للاستثمارات، وبيئة مشجعة لعمل الشركات والقطاع الخاص.
وأشار إبراهيم إلى أن 'دبي تستضيف حالياً 48 مركزا تجاريا تمثل دولاً معينة لتقديم الخدمات التجارية والاستثمارية لرعاياها، وكذلك موقعها الجغرافي والكم الهائل من رحلات الطيران التي تربطها بالعالم، مما يمنح المستثمرين ميزة إضافية تتمثل في سهولة الاتصال بالأسواق الأخرى'.
التضخم تحدٍ كبير
ويرى المحلل الاقتصادي رامي خريسات أن 'ثمة أثرا أكيدا للتضخم وارتفاع الأسعار على وجود الشركات والاستثمارات غير المحلية، خاصة مع وجود التنافس بين أسواق المنطقة على اجتذاب هذه الاستثمارات'، وقال -في حديث خاص لـ'الأسواق.نت'- 'وصل التضخم وارتفاع الأسعار إلى نسب عالية في منطقة الخليج، خاصة في ظل عدم وجود معروض كافٍ من المكاتب التجارية وارتفاع أسعارها، مما جعل المنطقة أمام تحدٍ كبير'.
وبحسب خريسات، فرغم أن مشكلة التضخم عالمية وتعاني منها المنطقة بأكملها، إلا أن 'مشكلة بعض المناطق في الخليج كالإمارات وقطر من ارتفاع في أسعار العقارات وإيجاراتها أكبر من غيرها'، مشيراً إلى أن التضخم على مستوى النفط والمواد الغذائية يشمل المنطقة بأكملها، لكنه على مستوى العقارات ينحصر في بعض المناطق الخليجية.
ويشير خريسات إلى أن الأردن ولبنان ومصر والسعودية أصبحت محط اهتمام الكثير من المستثمرين كبدائل عن الدول التي شهدت ارتفاعات أكبر في الأسعار، إلا أنه يقول إن 'السعودية ربما تكون بديلاً قوياً في المستقبل القريب لكثير من المستثمرين'.
ويقول خريسات إن ثمة عوامل أخرى غير التضخم واختلاف الأسعار تساهم في دفع بعض المستثمرين والشركات إلى الهروب من بعض المدن الخليجية، كالازدحامات المرورية التي ترتب تكاليف إضافية على الشركات، وتسبب عرقلة بعض الإنجازات، وتأخير تسليم بعض المشروعات.
ويدعو خريسات الحكومات الخليجية إلى إصدار قرارات وقوانين تحظر زيادة القيم الإيجارية على العقارات لثلاث أو أربع سنوات قادمة، وذلك لحين دخول عرض كاف يلبي الطلب المرتفع ويحقق التوازن في السوق.
وتسجل منطقة الخليج أعلى نسب التضخم في المنطقة، حيث تجاوزت في كثير من الدول الخليجية نسبة الـ10%، وهو ما تسبب أيضاً في ارتفاعات كبيرة في الأسعار تجاوزت في بعض السلع الـ100%.
وكان تقرير سابق لشركة المزايا القابضة قد حذر من الارتفاع المتوالي في معدلات التضخم في دول الخليج، معتبرا أن ارتفاع تكاليف المعيشة وتكاليف تشغيل عمليات الشركات في المنطقة سيشكل عاملا طاردا للاستثمارات.
وبين أن السياسة النقدية والمالية لدول الخليج يجب أن تجد الطرق الكفيلة بكبح جماح التضخم، وحث الدول الخليجية على الاتفاق على آلية ربط جديدة لتسعير عملاتها للتخلص من الآثار قصيرة وبعيدة الأمد لضعف الدولار.
تعليقات