لماذا انقلبت 'الغرفة' على الحكومة؟!.. حسن كرم متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 636 مشاهدات 0


الوطن

ماذا بين الغرفة والحكومة؟!!

حسن علي كرم

 

تاريخيا.. لا احد يستطيع ان ينكر الدور الايجابي للعوائل التجارية الكويتية في نهضة البلاد على الصعد المختلفة وعلى الاخص الصعيد السياسي. واذا كان ثمة مد وجزر بصلب العلاقة بين العوائل التجارية والنظام من حين لآخر. لكن ظل الخيط الرفيع متواصلا ولم ينقطع بين هؤلاء الرجالات والنظام. واذا كانت الحكومة في مراحل تاريخية معينة تعنتت بالجمود والتجاهل عن بعض القضايا التي يراها الطرف الآخر (التجار) بانه يصب في المجرى الاصلاحي المأمول. الا ان رؤية النظام كانت متجهة الى ما هو ابعد خصوصا.. اي عملية اصلاحية اذا لم تراع الصالح الوطني العام وتاليا الظروف المحيطة بالبلاد ربما اودت الى الانتكاسة. وبدلا من ان تكون لبنة اضافة في العملية الاصلاحية تكون قوة قاهرة وضرباً في الاعماق.
هكذا نرى احداث (1921) و(1938) وحوادث تالية الى بزوغ فجر الاستقلال في (19 يونيو 1961) ومن ثم انتخابات المجلس التأسيسي واصدار الدستور الكويتي الدائم (دستور 62) والذي كان ثمرة جهود مشتركة من الاهالي والنظام. ولعلي اتصور وهي كلمة حق يجب ان تقال ويجب ان تكتب بحروف من النور فلو لم يكن في ذلك الوقت قائد في مقام عبدالله السالم الصباح يدير امور البلاد لربما كان الوضع السياسي والاصلاحي مختلفا، فالامير الراحل كان بطبيعته ميالا للاصلاح والمشاركة الشعبية. وحق الشعب في اقتسام خيرات بلاده.
ولقد كان للتجار وتحديدا للاسر التجارية التقليدية والمنضوون تحت راية غرفة التجارة والصناعة. كان لتلك النخبة التجارية الدور السياسي الفاعل في المسيرة الاصلاحية. حيث شاركوا وبفعالية بانتخابات المجلس التأسيسي وبالوزارة الا ان الانتكاسة حدثت ابان الازمة الوزارية الاولى في ديسمبر 1964. حينما انسحبت الاغلبية البرلمانية من قاعة جلسات مجلس الامة. فحيل دون تقديم الحكومة الجديدة والتي وصمت بحكومة التجار عن اداء القسم الدستوري، فاستمرت الازمة الى تشكيل وزارة جديدة بخروج الوزراء التجار وانضمام وزراء من الطبقات المتوسطة ومن كبار موظفي الدولة وتلت ذلك ازمة ما قيل عن تزوير انتخابات يناير 1967. الا انه في يونيو 1971 وعلى اثر الخطاب التاريخي للمرحوم الشيخ جابر الاحمد الصباح والذي كان في حينه وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء عادت النخب التجارية للمشاركة السياسية سواء اعضاء في مجلس الامة او اعضاء في الحكومة. الا انه بعد تولي المرحوم الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء حدثت جفوة بين الحكومة والغرفة والقيادات الوطنية الليبرالية والقومية وهي التيارات المعارضة (جاسم القطامي والخطيب وسامي المنيس) واذا لا احد ينكر الاحترافية السياسية للمرحوم الشيخ سعد وبوصفه رجل دولة من الطراز الاول. لكن مأخوذ على حكومته تقريب الجماعات الاسلامية وتحديدا الاخوان المسلمون نكاية بالليبراليين، لكن الاسلاميين شعروا انه قد فتحت لهم طاقة من السماء فانتهزوا الفرصة. فانشؤوا المصارف الاسلامية والشركات التجارية الاخطبوطية المتعددة الاغراض والانشطة. والمضاربة بالاراضي والعقار. وكان لهم دور جهنمي بارتفاع اسعار الاراضي والعقار وارتفاع اسعار مواد البناء والايجارات وبعد ان اسسوا قوة مالية عظيمة اتجهوا للعمل السياسي الذي كانوا يحرمونه من قبل حيث دخلوا اعضاء في الحكومة وفي عضوية مجلس الامة وكانوا في اثنائه قد تغلغلوا في كل مفاصل الدولة حتى لم يتركوا خرما الا وكان لهم اصبع فيه وعلى الاخص الوزارات التي رأوها تخدم اجنداتهم السياسية والمالية مثل وزارة التربية ووزارة الاوقاف ووزارة الاعلام والبلدية، ولانهم كانوا مهووسين بجمع المال فقد انشؤوا صناديق للزكاة والصدقات والتبرعات ومن ثم انشؤوا هيئة عامة لجمع الزكاة وهيئة عامة للوقف واخيرا اللجنة الاستشارية العليا لاسلمة القوانين والتشريعات بهدف اسلمة الدولة بغية الاستيلاء على مقاليد الدولة (…) ولعلنا لا نحتاج راهنا لكشف المزيد عن انشطة الاخوان والتيارات السياسية المتأسلمة خصوصا بعدما تكشفت الامور وازيلت الاقنعة لكن ما يهمنا في هذه المساحة هو التجافي الواضح بين الغرفة والحكومة. في ظرف احوج ما يكون فيه الى التقارب والتعاون غير ان الملاحظ ان الغرفة قد اتجهت الى صفوف المعارضة واحجمت عن المشاركة في انتخابات الصوت الواحد، واتجهت الصحف المحسوبة عليها وعلى التيار الوطني الى ابراز انشطة المعارضة المبطلة وتلميع سياسيين كانوا الى عهد قريب ضد الغرفة (حسن جوهر مثالا) فما سر انقلاب الغرفة على الحكومة..؟!!
لقد ظلت الحكومة في كل مراحل المد والجزر حريصة الا تقطع شعرة معاوية مع الغرفة، وظلت حقيبة التجارة او المالية من نصيب الغرفة والى الحكومة الحالية حيث يمثلها وزير التجارة انس الصالح الذي خرج من رحم الغرفة وابنا من ابنائها المخلصين..!!
ما نعرفه ان المصالح تغلب على المبادئ، فهل خسرت الغرفة مصالح تجارية او مناقصات مثلا حتى انقلبت على الحكومة وتاليا ما دور وزيرهم في الحكومة؟ هل هو الآخر اتخذ مواقف مغايرة عن الغرفة..؟!!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك