حياتنا اليوم أشبه بالبركان.. هكذا يعتقد سالم الخويطر
زاوية الكتابكتب إبريل 19, 2013, 12:17 ص 669 مشاهدات 0
الشاهد
حتى لا نرفع الرايات البيضاء
سالم مبارك الخويطر
حياتنا اليوم أشبه ببركان ظاهره جميل يتوسط غابة من الغابات الجميلة ولكن باطنه يحمل حمماً بركانية تكاد تحرق كل ما يحيط بها، لا تميز بين الأشياء ومسمياتها وفوارقها، هكذا هي حياتنا وواقعنا، نعيش بهرجة بكل الألوان تبهرنا بتفاصيلها وتجذبنا اليها بكل ذكاء منها وغباء منا، نظن في غفلة من الزمن اننا نمسك بخيوطها وقادرين على أن نسيرها كما نشاء وكيفما تشاء أهواؤنا.
اختلطت علينا الأمور وانقلبت كل المسميات والقيم والأعراف حتى شريعتنا وديننا الإسلامي لم يسلم من تلك التقلبات، فبدل أن يكون مصدرا لسعادتنا، حوله البعض من المتاجرين بالدين الى مصدر لتعاستنا وخلافاتنا، وكأنهم ملائكة مرسلون من رب العالمين، تكفير وتحريم وطعن بهذا وذاك، دون أي اعتبارات للوطن الذي يجمعنا، نصلي ونصوم ونحج ونتصدق ولكن نمارس كل الأمور التي نهى عنها الدين، متناقضون ما بين دين صريح وواضح وما بين خداع نمارسه مع الله ومع أنفسنا ومع الآخرين، تقطعت كل سبل الحوار بيننا وبين الآخرين واستبدلت بتكنولوجيا متغطرسة تمسك بزمام الأمور تخدعنا كثيرا ببهرجتها وبمسمياتها جعلت منا أسرى لها نسير خلفها كما يسير قطيع الماشية مستسلما للراعي، وخدعنا بما يسمى بالتواصل الاجتماعي الذي جاءت به تلك التكنولوجيا، وتحولنا الى مجرد أجساد جامدة لا حياة فيها، نتواصل عبر الأجهزة فقط لكن مشاعرنا الانسانية أصابها العطب ولم تعد متفاعلة، حتى في بيوتنا نعيش عزلة مع آبائنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأبنائنا، كل منا متقوقع على أجهزته وما تحوي من كوارث أخلاقية تكاد تطيح بنا في منزلق جدا خطير ولعل ما حذرت منه الكاتبة السعودية سلوى العضيدان في تغريداتها عن خطر يحيق بأبنائنا من بعض المواقع الصديقة التي يشرف عليها بعض المنحرفين من أبناء جلدتنا والتي تستدرج الصغار الى أفعال جنسية.
صرنا نرى الشر خيرا والخير شرا، وصرنا متصيدين لأخطاء الآخرين ونشر خصوصياتهم على أنها فضائح نفخر بها أمام الناس ونتسابق على نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وصرنا نهتم بمظهرنا الخارجي على حساب ما بداخل أرواحنا من مشاعر انسانية التي تكاد تختفي بل تحولت الى مجرد حروف وكلمات نكتبها على عجل ونهديها بكل المناسبات، ونوهم أنفسنا بأننا متواصلون ونصل الأرحام، حتى العلاقات الزوجية تحولت الى حميمية كاذبة برسائل الحب الوهمية، أحبك، بكل سهولة تكتب وترسل الى الزوجة وواقع حال العلاقة أشبه بحالة حرب.
نكاد نتخلى عن كل المبادئ والقيم والأعراف، في سبيل الوصول الى غايات وأهداف مشبوهة وشهوات زائلة وسخيفة.
نكاد نغرق في بحر العولمة وتفاصيلها، لم تعد الصورة واضحة نقية كما السابق كثرت الأمراض والاسقام والهموم وكثرت العيادات النفسية والمعالجون النفسانيون والمعالجات وأصبحنا من المترددين على تلك العيادات لمعالجة أوهام نحن من وضعنا أنفسنا بها.
لا أريد ان أزيد حتى لا نصاب بالغثيان، فالكتابة عن تلك الامور تزيد من مرارة الشعور بها.
الحلول بكل وضوح بالرجوع الى الله منيبيبن اليه تائبين بكل صدق بعيدا عن أي مجموعة وعن أي حزب وبعيدا عن أي انتماءات، لتكن انتماءات انسانية نقية، ترتقي بنا وتريحنا من صخب الدنيا والحياة وضجيج التكنولوجيا، حتى لا نضطر مجبرين على رفع الرايات البيضاء.
تعليقات