الكمبيوتر المهيب يتقهقر أمام الأجهزة اللوحية وشاشة اللمس بقلم رتشادر ووترز

الاقتصاد الآن

919 مشاهدات 0


 

بعد أن تراجعت 'مايكروسوفت' عن واجهة الاستخدام البينية لبرنامج ويندوز الجديد تماماً، إلى تخفيض أسعار البرامج، كان هناك كثير من النصائح المقدمة إلى 'مايكروسوفت' في الأسبوع الماضي بخصوص كيفية التعامل مع تراجع جديد مقلق في مبيعات الكمبيوتر الشخصي في العالم.

وعدد قليل فقط من مراقبي الصناعة كانت لديهم آمال كبيرة في أي تصحيح في المدى القريب للعلل التي أصيبت بها أعمال الكمبيوتر الشخصي. وعلى الرغم من تحديث آخر لبرنامج ويندوز من المقرر أن يصدر هذا العام، لم تكن هناك علامة على أن 'مايكروسوفت' أو 'إنتل'، وهي النصف الآخر للثنائي الذي يحكم عالم الكمبيوتر الشخصي، على استعداد لتغيير مسارها.

لقد مضت ستة أشهر تقريباً على إطلاق أهم إصدار لبرنامج تشغيل جديد منذ ويندوز 95، ومع ذلك تحول التراجع في مبيعات الكمبيوتر الشخصي إلى هزيمة تامة. كان الهدف من ويندوز 8، الذي طرح في الأسواق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إعطاء الكمبيوتر الشخصي المهيب موطئ قدم قويا في عصر الأجهزة اللوحية والأجهزة الأخرى التي تعمل بشاشات اللمس. والواقع أنه ربما يجعل الأمور تسير إلى الأسوأ.

فلم يمضِ سوى شهر واحد فقط على تخفيض 'جارتنر' و'آي دي سي'، الشركتين اللتين تقيسان المبيعات العالمية، توقعاتهما للربع الأول، حيث توقعتا حدوث تراجع بحدود 7 في المائة. لكن الأمور آلت إلى ما هو أسوأ، واستنتجت 'جارتنر' أن عدد الأجهزة التي تم شحنها تراجع بنسبة 11 في المائة، وقدرت 'آي دي سي' التراجع بـ 14 في المائة، وهي أسوأ نكسة للكمبيوتر الشخصي منذ نحو عقدين.

في العادة تعطي أنظمة التشغيل الجديدة دَفعة للمبيعات. لكن هذه المرة أخذ المشترون يترددون قبل الشراء، أو يطلبون شراء النسخة الأقدم، أي ويندوز 7، ويُلقى اللوم في ذلك على الواجهة البينية المختلفة اختلافاً تاماً، التي تتسم بمربعات ذات ألوان براقة.

ووفقا لميكاكو كيتاجاوا، كبير المحللين لدى 'جارتنر': 'في البداية لم يعرف موظفو التجزئة كيف يشرحون البرنامج للزبائن. تسويق برنامج التشغيل الجديد يحتاج إلى جهد إضافي'.

والوجه الجديد للبرنامج لم يؤد فقط إلى تعطيل إدخال ويندوز 8 على الأجهزة اللوحية والأجهزة الأخرى التي تعمل بشاشات اللمس – وهي الأجهزة التي كانت الهدف من تصميم الواجهات البينية الجديدة – وإنما تسبب كذلك في إيذاء الزبائن الذين لا يزالون يعتمدون على لوحة المفاتيح والفأرة.

حتى المحللون الذين رحبوا ببرنامج ويندوز 8 يتساءلون الآن عن الحكمة في إخفاء واجهة 'سطح المكتب' المألوفة خلف المظهر الجديد ذي المربعات. ويقول آل هيلوا، وهو محلل لدى آي دي سي: 'من غير المنطقي عدم مساندة الناس الذين يستخدمون وضع سطح المكتب'.

وهناك تحديث لويندوز، أطلق عليه الاسم الرمزي 'بلو'، يمكن أن يعطي 'مايكروسوفت' الفرصة لإصلاح بعض المشاكل. لكن التسريبات المبكرة عن البرنامج لا تشير إلى أية تغييرات مهمة، وتجادل 'مايكروسوفت' بأن المشكلة لا تكمن في البرنامج وإنما في نقص شاشات اللمس الجذابة التي تستطيع الاستفادة بصورة تامة من نظام التشغيل. وفي بيان لها قالت الشركة إن سوق الكمبيوتر الشخصي 'متطورة وديناميكية بدرجة عالية'، وإنها، إلى جانب شركات صناعة الكمبيوتر الشخصي 'سنستمر في إدخال مزيد من الابتكار إلى السوق عبر الأجهزة اللوحية والكمبيوتر الشخصي'.

لكن هذا لم يكن كافياً لإسكات المنتقدين الذين ينظرون إلى ويندوز 8 على أنه إخفاق من 'مايكروسوفت' في تحديث منتَج قوي، بمعنى أنه محاولة إعادة اختراع واحد من أكثر المنتجات الاستهلاكية المألوفة كان نصيبها الرفض من قبل المستهلكين، ما دفع بمالكها إلى عكس مساره والعودة إلى النسخة 'الكلاسيكية' الأقدم.

وتتمتع مايكروسوفت بخبرتها التي يمكن أن تستفيد منها بخصوص شكل برنامج فيستا، وهو نظام تشغيل تعرض لانتقادات حادة، رغم أنها لم تُبدِ أية علامة تُفيد بِنِيتها في التغيير.

ويقول رتشارد دوهرتي، وهو محلل لدى شركة إنفِجِنيرِنج لأبحاث التكنولوجيا: 'فيما يتعلق ببرنامج ويندوز فيستا، احتاجت 'مايكروسوفت' إلى أكثر من عام لتدرك أنها أطلقت منتجاً فاشلاً تماماً'.

مع ذلك، حتى لو أن ويندوز 8 جعل الوضع أسوأ بكثير من ذي قبل، فإن يواجه الكمبيوتر الشخصي مشاكل أعمق تفسر إلى حد كبير السبب في تراجع المبيعات.

وبحسب هيلوا: 'من الناحية الأساسية، كثير من هذا الأمر عبارة عن تحول هيكلي في الطريقة التي نستخدم بها التكنولوجيا'.

ويتحول المستخدمون الآن إلى شكل مختلف من أشكال الكمبيوتر من النوع الذي دخل إلى السوق بفعل الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، أي أجهزة أخف وزناً وأكثر قابلية للحمل، مع تطبيقات أبسط مناسبة أكثر من غيرها لشاشات اللمس، وحياة بطارية أطول وأسعار أدنى.

وحين تقاس الأجهزة التي تعمل بنظام ويندوز من خلال هذه المعايير، فإنها مقصرة في جميع الجوانب تقريباً.

ويلاحظ ريك شيرلَند: 'أن الناس يستخدمون أجهزة الكمبيوتر الدفتري (نوتبوك) أقل فأقل'. ونتيجة لذلك، فإنهم لا يرون موجِباً للتحديث والانتقال إلى أجهزة جديدة. وهذا يوسع من دائرة الاستبدال التي تحرك مبيعات الكمبيوتر الشخصي في البلدان المتقدمة.

وإذا حكمنا بأداء ويندوز 8 خلال الأشهر الستة الأولى في السوق، فمن غير المرجح أنه سيعكس مسار هذا الاتجاه العام.


حاجز الأسعار


أعاقت الأسعار العالية الجهود التي تبذلها 'مايكروسوفت' و'إنتل' في سبيل إنعاش سوق الكمبيوتر الشخصي الذي تهيمن عليه الشركتان منذ زمن طويل.

ووضعت إنتل، أكبر شركة في العالم لصناعة الرقائق، معايير لفئة ألترابوك (فئة جديدة من الأجهزة الدفترية تقع بين أجهزة اللاب توب والأجهزة اللوحية) بحيث تكون ذات سماكة قليلة وخفيفة الوزن، وهي مستوحاة من جهاز ماك بوك إير MacBook Air من أبل.

لكن صناع الكمبيوتر الشخصي يعانون في سبيل إنتاج هذه الأجهزة لتباع بسعر يقل عن 600 دولار وعلى نحو تكون فيه الأجهزة جذابة للسوق الاستهلاكية الواسعة.

ويبدو أنه من غير المرجح أن يتحسن هذا الوضع، لأن 'إنتل' سترفع هذا العام من معايير الألترابوك على نحو يجعل من جميع الأجهزة الدفترية بحاجة إلى شاشات تعمل باللمس، ما يجعلها تكلف مبلغاً إضافياً في حدود 100 دولار مقابل هذه الميزة. كذلك لم تبذل 'مايكروسوفت' و'إنتل' جهوداً تعينهما على الاحتفاظ بهوامشهما العالية في تراخيص ويندوز ومعالِجات 'إنتل' ذات العلامة التجارية 'إنتل في الداخل'.

وتعثرت محاولة ثانية من قبل إنتل للترويج لنسخ مهجنة من اللاب توب، تستطيع الاستفادة من الواجهة البينية المزدوجة لويندوز 8 (أي المربعات على الشاشة على خلفية سطح المكتب المعروفة). ويشعر المستهلكون بالحيرة من الخيارات المتاحة، بسبب وجود أساليب جديدة لتحويل اللاب توب إلى جهاز لوحي، في حين أن الذين يكتبون مُراجَعات للمنتجات في وسائل الإعلام يقولون إنها أجهزة تعطي حلاً وسطاً بين هذين النوعين.

و'إنتل'، شأنها في ذلك شأن شركات التصنيع، تحاول التوسع إلى ما وراء الكمبيوتر الشخصي، وإنتاج رقائق لا تحتاج إلى طاقة كبيرة في الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.

وتستفيد مجالات تقدمها في هذا المجال من الكمبيوتر الشخصي. وحين يقترن التحديث الجديد المتوقع لبرنامج ويندوز 8، المعروف باسم بلو، مع الجيل المقبل من المعالِجات الداخلية من 'إنتل'، التي ستخرج هذا الصيف بالاسم الرمزي 'هاسويل'، ستعطي قفزة كبيرة في مدة عمل البطاريات في أجهزة الألترابوك وأجهزة الكمبيوتر الشخصي الأخرى.

وقال محللون في بنك ستيفِل الاستثماري إن التراجع في شحنات الربع الأول يمكن أن يكون إلى حد ما ناتجاً عن قيام شركات التصنيع بالاحتفاظ بمخزون قليل في الوقت الذي تستعد فيه لمعالِجات هاسويل.

وأضافوا أنهم سيستمرون في الاعتقاد بأن الجيل المقبل من وحدات المعالجة المركزية سيعمل على تحسين الأداء واستهلاك الطاقة ورفعها إلى مستويات تصبح عندها أجهزة الألترابوك مقنعة تماماً للمستهلكين.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك