النيباري يتوقع صدور سيل من الأحكام القاسية بحق الناشطين السياسيين
زاوية الكتابكتب إبريل 17, 2013, 12:40 ص 1127 مشاهدات 0
القبس
الكويت على 'درب الزلق'
عبد الله النيباري
ماذا يُحاك للكويت؟.. فالأجواء ملبَّدة تُثير المخاوف والتساؤلات، في ما إذا كانت الكويت في طريق الانزلاق للاصطفاف مع بقية دول الخليج والجزيرة، بطي صفحة النظام الديموقراطي والحُكم الدستوري وسيادة القانون، وفتح صناديق المال العام وتوسيع الأبواب والقنوات لقوى الفساد، لكي تمارس النهب، كما يشير اقتراح تعديل قوانين المديونية لعامي 1988 و1993، وهذا المخطط إذا وجد يتطلب نزع الحقوق الدستورية، وعلى الأخص حرية إبداء الرأي والتعبير بجميع الوسائل، وعلى رأسها الصحافة، وصولا لخنق حرية الاحتجاج والاعتراض.
في هذه الأجواء عاد الحديث في دواوين الكويت ومجالسها، إلى طرح التساؤل التقليدي إحنا وين رايحين؟ البلد إلى أين؟.. هذا السؤال- الذي يعبّر وربما يلخص رأي الناس ومخاوفهم- ليس جديداً، فهو يكاد يكون عادة تقليدية، لكن هذه المرة يردد مصاحباً بشعور عميق بالقلق.
المواضيع الساخنة التي تثار في كل مجلس، هي موضوع مشروع قانون الإعلام الموحد والأحكام القضائية القاسية بحق الشباب المغرّدين والنشطاء السياسيين وأعضاء مجلس الأمة السابقين.. وآخرها الحُكم الصادر بحق النائب السابق مسلم البراك بالسجن خمس سنوات مع التنفيذ، وقد سبقه صدور أحكام مماثلة بالحبس لنواب سابقين، ( فلاح الصواغ وبدر الداهوم وخالد الطاحوس).
ركام
وهناك ركام كبير من القضايا تنتظر المغرّدين والناشطين والنواب السابقين، وكل هذه القضايا مرفوعة ضد أناس بسبب ممارستهم حق إبداء الرأي والاعتراض أو المشاركة في تجمُّعات أو تظاهرات غير مرخصة، وهي كلها ممارسات ذات طابع سياسي.
والعصر الذي نعيش فيه، والذي دخلته الكويت عام 1962، بصدور الدستور الفريد في المنطقة، مدشنة عهد سيادة القانون الذي يصون الحقوق ويحمي الحريات، ومن أهمها حرية التعبير، وهي قضية كافحت الشعوب للحصول عليها، وواصلت كفاحها للتمسُّك بها وحمايتها، وتعززت بالمواثيق الدولية، حيث نشأت منظمات دولية تدافع عن حقوق الأفراد في التمتع بها والاعتراض وإدانة المساس بها.
حدث مهم
وكان لافتا تبوؤ الحُكم على البراك مركزاً متقدماً في وسائل الإعلام، مما يشير إلى أهمية الحدث، واهتمام الإعلام العالمي بقضايا الشرق الأوسط، وحتى الدول الصغيرة مثل الكويت وبقية دول الخليج.
المؤشرات توحي بأننا أمام صدور سيل من الأحكام القاسية لقضايا سياسية بحق الناشطين السياسيين على مختلف مواقعهم.
في هذه الأجواء، صدر المرسوم بمشروع قانون الإعلام الموحد، وأُحيل إلى مجلس الأمة، وقد ووجه هذا المشروع بانتقادات واسعة ومواقف رافضة في الصحف الأساسية ذات القيمة لدى الرأي العام.
فهذا القانون غير مسبوق في قسوته وتشدده، وقد وصفته الصحافة الكويتية بأنه تكميم للأفواه، وتقييد لحرية الرأي والتعبير.
شديد القسوة
والحقيقة أن القانون أقسى من ذلك، فهو قانون قراقوشي ودراكولي (دراكونيان بالإنكليزية تعني وحشي شديد القسوة)، سيؤدي إلى اغتيال الصحافة الحُرة التي تميَّزت بها الكويت، ومصادرة حرية الرأي. وحرية الصحافة وحرية الرأي أساسيتان في الأنظمة الديموقراطية، ونص عليهما الدستور الكويتي، متوافقاً مع العهد الدولي لحقوق الإنسان.
ولحرية الصحافة وحرية التعبير معارك خاضها المجتمع الكويتي، فكانت القيود التي تُفرض عليها مصاحبة للأزمات السياسية، كان ذلك في عام 1964، وبعد حلّ مجلس الأمة عام 1976، والحل الثاني عام 1986، وكلما عاد المجلس، بادر إلى إلغاء القيود على الصحافة التي فرضتها السلطة.
وفي الوقت الذي يشترط القانون أن يكون رأس المال للجريدة اليومية نصف مليون دينار، و3000000 للصحيفة الأسبوعية وابتدع شرطاً لمدة الترخيص بفترة محددة قابلة للتجديد، وأعطى سلطة الموافقة أو الرفض إلى وزير الإعلام، واعتبار عدم الرد على طلب الترخيص أو تجديده رفضاً، وهو نص غريب.
القاعدة في كل دول العالم غير الدكتاتورية والاستبدادية لا يتطلب إصدار صحيفة لترخيص، هذا هو الأساس المعمول به في الدول الديموقراطية، كل ما هو مطلوب هو إشعار مرفق ببايانات عن المطبوع، وهو عُرف كان معمولاً به في مصر ومطبَّق الآن في لبنان، بل كان مطبقاً في الدولة العثمانية.
فالأساس هو التعبير عن الرأي بإصدار صحيفة أو مطبوع، أما القانون فينظم ولا يصادر، وإذا كانت المحكمة الدستورية قد أبطلت القانون الذي يحظر التجمُّعات، باعتبارها حقاً دستورياً، فحق التعبير عن الرأي بكل الوسائل أولى.
قيود
ومن مساخر القانون، ما فرضه من قيود على الحفلات الفنية، إذ أوجب تقديم الطلب بذلك مصحوباً بتفاصيل برنامج الحفل والمشاركين فيه قبل شهر، مع حق وزارة الإعلام بإيقافه إذا رأت فيه ما يخل، حتى أثناء إقامته.
ومن أغرب ما في المشروع القيود التي وضعت على المغردين، وعلى أصحاب المدونات والمواقع الإلكترونية، واشتراط أخذ الإذن المسبق، حتى لو كانوا يتبادلون طرائف الكلام.. أليس ذلك مضحكاً؟!
الأجواء ملبَّدة، والمخاوف متزايدة، بأن الكويت على طريق المتاهة، ربما يعود بنا إلى أجواء الستينات والسبعينات والثمانينات وأجواء التوتر في صيف 2011، على اثر افتضاح قضية الودائع المليونية للنواب الذين ما زالوا يسرحون ويمرحون بعد حفظ القضية، فيما تتجه السلطة لفتح السجون بالأحكام القاسية لكل من يتجرأ على ممارسة حقه في حرية إبداء الرأي.
تعليقات