هيبة النظام والولاء له لا يتحققان بالقمع والترهيب.. بنظر مساعد الظفيري

زاوية الكتاب

كتب 492 مشاهدات 0


الكويتية

العدالة في الزمن الصعب

مساعد الظفيري

 

عظمة الدول واستقرارها لا يتمثلان في بطشها وقوة سيطرتها، وهيبة الأنظمة - والولاء لها - لا يتحققان بالقمع والترهيب، كما لا يتم بالترغيب وشراء الولاءات، فمهما كانت السطوة والنفوذ ومهما طُوعت القوانين والأحكام، فلن يتحقق من ذلك سوى المزيد من الأحقاد والكراهية، ولنا شواهد كثيرة في ما جرى حولنا خلال العامين الماضيين!
والهيبة تتحقق بالشعور في العدل، وهذا لا يتأتى بالخطب والاحتفالات، بل بما يركز في ضمير الشعوب من ممارسات عملية يراها ماثلة أمامه، وستبقى الشعوب تبحث عن العدالة مادامت الحياة، وستبقى منصة القضاء العادل هي بوابة الاستقرار المحفور عليها، النزاهة، والحياد، والعدل، وفي الحديث الشريف بإسناد حسن «عدل حكم ساعة خير من عبادة سبعين سنة».
عندما نجول بأنظارنا يميناً ويساراً، نجد أن الوطن اليوم يشهد انسدادا في مساره السياسي ويتطلع إلى استقلال كامل لقضائه، ليعلو فوق أي حسابات، ويتجلى بسموه فوق منصة العدالة، ويعصب عينيه إلا عن الحق، ويقف على مسافة واحدة من الجميع ليطبق سيادة القانون، فالقضاء لجميع الناس، والقاضي ليس لواحد من الخصوم.
لا يمكن أن يظل الوطن وزهرة شبابه ورموزه ورجاله مخنوقاً بحبل الملاحقات القضائية، ومن غير المقبول أن تحال خصومة السياسة إلى ساحات المحاكم، فإلى متى ستبقى بعض الحكومات تنظر إلى المعارضة على أنها محاولة انقلاب يجب قمعها والتخلص منها ولو بتطويع القانون، لتحبس أحلام الإصلاح وراء القضبان؟! 
وإلى متى تتجاهل هذه الحكومات حقيقة أن المعارضة جزء من المنظومة السياسية، تشارك في السلطة والمسؤولية معا؟، وهي بذلك ليست معارضة مؤبدة، بل قد تتحول المعارضة من جزء خارجي مراقب إلى جزء داخلي ممارس لمهمات الحكومات، ولذا فهدفها الإصلاح وينبغي ألا تعامل 
بمنطق الانتقام!
 ما نشهده وما نعيشه يجعلنا نتساءل: هل أحكام القضاء هي عنوان الحقيقة بصورة مطلقة؟ وإذا ما كان ذلك كذلك، فإن الواجب أن يستكمل القضاء استقلاله وألا يقاوم تشريع مخاصمته!! 
فسيادة القانون هي الأساس في تطبيق العدالة، بحيث يقف كل الناس أمامه ويخضعون لأحكامه لا فرق بين إنسان وآخر.. يطبق على الكبير والصغير، وعلى المسؤول وغير المسؤول. 
إن الظلم يجرح عواطف العدالة ويدمي فؤادها، فلا بد من حمايتها من العبث والفساد وحسابات السياسة، فمن أعظم مؤشرات الفساد أن يختل ميزان العدالة، أو يتم تجيير الأحكام لمصلحة طرف على بقية الأطراف، لذلك فإن العدالة ستبقى الملجأ الذي نتمسك به ونتطلع لأحكامه، وهي المحطة التي ننطلق منها لركوب قطار الإصلاح، وبتطبيق القانون تطبيقا سليما خاليا من الأهواء أو التدخلات ينحني الجميع ليقبل جبين القانون والقائمين على تطبيقه ويشد على أيديهم، لكونهم الملاذ الآمن والعادل لكل الضعفاء والمظلومين، ولكل المصلحين والخصوم السياسيين ولكل المواطنين سواء بسواء.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك