الحساوي معلناً رفضه 'الإعلام الموحد': نريد مراقبة الإعلام لا ملء السجون!

زاوية الكتاب

كتب 677 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  نريد مراقبة الإعلام لا ملء السجون!

د. وائل الحساوي

 

سألني العديد من القراء عن سبب عدم تطرقي لمشروع قانون الإعلام الموحد الذي رفعه مجلس الوزراء إلى مجلس الأمة لدراسته وإقراره، فكان جوابي دائما هو أنني لم أقرأ نص المشروع.
أما اليوم وقد قرأت نص المشروع وتفكرت في الرأي الصحيح لهذا المقترح المقدم في 99 مادة تشمل أمورا كثيرة تتعلق بالإعلام المكتوب والمرئي والمسموع والحفلات والأفلام السينمائية والتراخيص ومواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات وتغطية الانتخابات والطباعة والتوزيع وإعادة البث وغيرها، وتساءلت في نفسي: هل يمكن للحكومة ان تراقب جميع تلك الأنشطة التي تلخص نصف النشاطات التي يمارسها الأفراد في حياتهم اليومية وأن تضع لها الضوابط والعقوبات المناسبة، وإذا كانت النيابة العامة هي المختصة بالمرافعات ضد المخالفين فكم من القضايا سيتم رفعها ضد مئات المواطنين والمقيمين؟!
وإذا نظرنا إلى مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال فإننا نشاهد بأن أصحاب المنشأة الإعلامية المفترضة لن يكونوا ملاك صحف أو قنوات فضائية أو دور عرض سينمائية، وإنما نتكلم عن غالبية أفراد الشعب، فالكل يستطيع الدخول إلى عالم «التويتر» و«الفيسبوك» و«الواتس اب» وينشر ما يشاء، كما ان شريحة الداخلين قد يكون منهم الأطفال الصغار والسفهاء والمجانين ومنهم من لا يقدّر خطورة الكلمة التي يكتبها - كما نشاهد اليوم من سيل القضايا المرفوعة، فهل يمكن تشريع عقوبات مغلظة على هؤلاء الأشخاص؟ أعتقد بأن هذه القضية هي محور النقاش والخلاف الذي يجب التركيز عليه.
ولو أردنا ان نضرب مثلا بالصحافة البريطانية التي تؤمن بالحريات الصحافية إلى أبعد الحدود، وقد دفعت بريطانيا ضريبة تلك الحرية عندما تكشفت فضيحة التنصت التي أدارها روبرت ميردوخ ضد العديد من البريطانيين، فما كان من الزعماء السياسيين إلا أن وافقوا على وضع نظام جديد لمراقبة الصحف عن طريق إنشاء جهاز رقابة جديد يدعمه القانون، والانتساب إلى هذه الهيئة اختياري، لكن الصحف التي ترفض الانضمام ستعرض نفسها لدفع تعويضات كبيرة إذا ما تعرضت للملاحقة القضائية.
نحن بالطبع لا نطمع بمثل هذا النظام البريطاني ولنا خصوصياتنا ولكن من الخطأ محاصرة حرية التعبير بسياج من الممنوعات عقوبتها تصل إلى السجن عشر سنوات وغرامات تصل إلى 300 ألف دينار وذلك في عشرات الأمور المتنوعة التي تبدأ بصاحب جريدة سيارة وتنتهي بمغرد سفيه لا يدري عما يكتب!!
نحن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في مفهوم الرقابة على الإعلام وطريقتها، وإلى البحث عن سبيل يحقق لنا الحرية الإعلامية المطلوبة دون ان يمس قضايا العقيدة والأخلاق والأمن الداخلي، لهذا نرفض ذلك المشروع بهذه الطريقة الممسوخة!!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك