الحرية لدى الغرب مسؤولة.. هذا ما تراه فاطمة الشايجي
زاوية الكتابكتب إبريل 15, 2013, 12:10 ص 780 مشاهدات 0
الشاهد
أنت مسؤول
د. فاطمة الشايجي
يحاول البعض نشر ثقافة أنا مسؤول عن ما أقول، ولكن لست مسؤولا عن ما تفهم، شعار يضعه كثير من الأصدقاء في التويتر أو نسمعه كتصريح لكثير من المسؤولين ويتداوله الأفراد عندما يقع هناك خلاف بسبب سوء الفهم لما تم قوله، أو سوء استخدام لما قيل لاغراض خاصة. وهي ثقافة تظهر لنا من نافذة الحرية.فأنا حر وأنت حر، وهكذا تصبح لنا الحرية في قول ما نشاء، ولكن لنقف عند هذه المقولة أكثر لنرى اذا ما كانت سليمة وتتوافق مع مجتمعنا، أم أنها أحد الشعارات الهدامة التي تسلب معها بعض القيم.لذلك لنسأل أنفسنا هذا السؤال : لماذا نحن أساسا نقول؟ هل من باب تفريغ الشحنات؟ أم من باب توصيل معلومة لنجد متلقيا لها؟ أم لعرض مطالبة نحاول الحصول على تأييد لها؟
واذا اجبنا عن جميع هذه التساؤلات سنصل في النهاية أنك مسؤول عن ما تقول فحتى وان كنت تفرغ شحنة قد يفهم البعض أنك تشير اليه بسوء وهنا ستعرّض نفسك للمساءلة القانونية. أما اذا كان قولك الهدف منه توصيل معلومة فأنت مسؤول مسؤولية كاملة عن فهم الآخر لك لتحفظ بها حقوق فكرتك وتضمن حقوق انتشارها على مدى أوسع ليستفيد منها مجتمعك. واذا كان قولك يشير الى مطالبة معينة فأنت بحاجة الى أن يفهم الآخر مطالبتك ليقرر هل يقف معك من منطلق مدى تأثيراتها الايجابية على نفسه وعلى المجتمع وهل هو قول يعم بالفائدة على الجميع أم على فئة معينة.
قد تكون غير مسؤول عن تحريف الآخر لمفاهيمك التي قلتها أو آرائك أو مطالباتك ولكن هذا لن يحدث الا بعد أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما قلته. وفهم الآخر لك هو أول مسؤولية يجب أن تقوم بها لتستطيع الرد على كل من يحاول أن يوظف أقوالك بطريقة تثير الفتن والمشاكل، ولتتمكن من رسم خارطة للحوار مما سيسهل عليك عملية التواصل مع الآخر.
وبما أنه كان من السهل نشر ثقافة مثل هذه اذا لا يمنع من نشر ثقافة جديدة أجدها صائبة أكثر وتفيد مجتمعنا أكثر وهي » أنا مسؤول عن ما تفهمه من أقوالي، فأنا لم أقل الا لكي تفهم « وهذه الثقافة تحتاج الى عملية التكرار في القول لأن التكرار يقصد به التوضيح والتثبيت والتصنيف، فالتوضيح مطلوب لدرء مفسدة الفهم، والتثبيت يؤكد مصداقية القول، والتصنيف يساعد المتلقي على معرفة في أي اتجاه أنت تسير فيه وبعدها يقرر هل يرفض أم يقبل ما قلته.
يتساءل البعض لماذا الدول الغربية متقدمه عنا والاجابة سهلة فلديهم ثقافة تقول »لو وهبني الله قطعة أخرى من الحياة لما كنت سأقول كل ما أفكر فيه، انما كنت سأفكر في كل ما أقوله قبل أن أنطق به«، وهناك ثقافة أخرى تقول »لست مسؤولا فقط عما تقول، بل كذلك عما لا تقول«. وهذه ثقافات تطل عليهم من نافذة الحرية وأصبح يستنشقها كل فرد بهذه المجتمعات الى أن أصبحت الحرية لديهم حرية مسؤولة.
تعليقات