توطين الوظائف قيمة مضافة إلى الاقتصاد والمجتمع بقلم د.صلاح بن فهد الشلهوب

الاقتصاد الآن

460 مشاهدات 0



توطين الوظائف في القطاعات الحكومية والقطاع الخاص لا شك في أنه حقق قبولا كبيرا وشاملا وتأييدا مجتمعيا، وهو الخيار الطبيعي لأي مجتمع بأن يعتمد على سواعد أبنائه في جميع احتياجاته، ويبقى الاعتماد على غير المواطن في نطاق محدود، وكما نعلم أن هذا البرنامج كان له انعكاسات إيجابية كبيرة، منها أنه مكن كثيرا من المواطنين من الحصول على وظائف في قطاعات عمل مختلفة، وبرواتب جيدة، بل أصبح توظيف المواطنين في كثير من الشركات خيارا استراتيجيا لضمان استقرار عمل الشركة، مع تدرج نظام العمل في مطالب التوطين لتحول الوظائف للمواطنين.

لا شك في أن هذا البرنامج له انعكاسات تؤثر في المجتمع، لعل من أبرزها زيادة التكلفة على الشركات التي تشغل المواطنين، فبعد أن كان كثير من المواطنين يوظفون قوى عاملة أجنبية تعمل لفترات طويلة برواتب متدنية جدا، أصبح الأمر مختلفا تماما، حيث إن توظيف المواطنين أصبحت تكلفته أكثر.

برنامج التوطين لا شك في أنه لم يكن لتوفير فرص للمواطنين فقط، بل له انعكاسات إيجابية على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية، خصوصا أن عدد القوى العاملة الأجنبية أصبح متساويا، أو يمكن أن يفوق حجم القوى العاملة الوطنية، وأصبح هناك عدد هائل لبعض القوى العاملة من دول محددة، وهذه القوى العاملة تتأثر بشكل كبير بالتقلبات السياسية.

لكن السؤال هنا هو: هل برنامج التوطين يحقق المقصود من توظيف المواطن كإضافة اقتصادية لسوق العمل في المملكة؟

لا شك في أن الجزء الأكبر من البرنامج حقق المطلوب من إيجاد وظائف مناسبة للشباب، وبرزت فيها قدراتهم، وإمكاناتهم التي كانت محل تشكيك عند بداية برنامج التوطين، وعندما نتحدث ونشير إلى بعض الملاحظات التي نشاهدها اليوم إنما هو بهدف المشاركة في الحد من حالة التلاعب التي تنعكس سلبا على الاقتصاد والمجتمع، فالملاحظ مثلا أنه توجد حالة من التوظيف لدى بعض المؤسسات والشركات ليس بغرض توظيف الشباب، بل بغرض الالتزام بالحد الأدنى من متطلبات أنظمة العمل، وذلك من خلال توظيف بعض المواطنين بتسجيل أسمائهم دون تكليفهم بعمل، ويستغل في ذلك بعض العاطلين عن العمل وطلبة الجامعات، وكثير من النساء من ربات البيوت، وذلك بإعطاء هذه الشريحة ما يشبه الإتاوات؛ وذلك لتتمكن هذه المؤسسات من الحصول على تأشيرات لاستقدام قوى عاملة أجنبية، وهذه التكلفة في رواتب المواطنين الذين لا يعملون فعليا يتكلفها المواطن، وذلك من خلال زيادة الأسعار لتغطية تلك التكلفة، فأصبح الحال وكأنه تم إنشاء منظومة اجتماعية غير نظامية تأخذ المال من المواطن لتعطيه شخصا لا يستحقه. وهذا الوضع يوجد حالة من استغلال التوطين من قبل بعض المواطنين، وهذا يعكس نوعا من الاستغلال بصورة معاكسة؛ إذ إن الضغط الذي تم على المؤسسات بغرض إيجاد وظائف للمواطنين ـــ وهذا من حقوق المواطن ـــ يقابله استغلال من بعض المواطنين للحصول على المال بغير وجه حق، كما أن هذا له انعكاسات سلبية على القوى العاملة والاقتصاد؛ إذ إنه لا يساعد على تطوير قدرات القوى العاملة وزيادة خبراتها لإحلالها في المستقبل في مختلف المجالات في سوق العمل في المملكة، وهذا له أثر سلبي حتى في هذه الفئة؛ إذ إنها قد لا تتمكن مستقبلا من الحصول على فرص عمل جيدة، نتيجة اعتمادها على الدخل دون عمل الذي لا يمكنها مع الوقت من اكتساب القدرات التي تؤهلها للعمل مستقبلا في حال تم تصحيح سوق العمل مستقبلا بصورة لا تسمح بوجود هذه الفئة.

لذلك؛ من المهم مع وجود هذه الظاهرة في سوق العمل أن تكون هناك عقوبات تطول الطرفين اللذين يشغّلان مواطنين بغرض التحايل على الأنظمة، وفي الوقت نفسه على المواطن الذي يسجّل موظفا في هذه المؤسسات والشركات، إذا ثبت فعلا أن هناك مبالغ مالية يتقاضاها مقابل تسجيله موظفا في جهة لا تشغله فعليا.

من المقترحات أيضا، أن يكون هناك تصنيف للوظائف بحيث يتم التركيز في كل مرحلة على توطين شرائح محددة من الوظائف، وذلك بناءً على مستوى إقبال المواطنين على تلك الوظائف، ومدى ملاءمتها لإمكاناتهم ومستوى الدخل الذي يمكن أن تحققه لهم.

الخلاصة، أن برنامج التوطين لا شك أنه برنامج وطني مهم في مرحلة يشهد تدفقا سنويا كبيرا من القوى العاملة الوطنية، والمراجعة والتحديث والتغيير في التنظيم، متطلب للمتغيرات في كل مرحلة، ولتصحيح ما قد يحدث من سلبيات غير متوقعة، ومن ذلك اتخاذ إجراءات للحد من وجود للتوطين الوهمي، وإعادة تصنيف الوظائف ليتم التركيز في التوطين على وظائف مناسبة أكثر للمواطنين.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك