أبو ظبي تنافس أعرق شركتين في صناعة «الرقائق الإلكترونية» بقلم سارة ميشكين

الاقتصاد الآن

768 مشاهدات 0


لعدة سنوات ظلت صناعة الرقائق تهيمن عليها شركتان تايوانيتان، هما تي إس إم سي، وشركة يو إم سي الأصغر منها، وهما تسيطران معاً على ثلثي السوق.

والآن بدأت هاتان الشركتان، المدرجتان في البورصة، الإحساس بالضغط من شركة منافسة مدعومة من الدولة، وهي شركة جلوبال فاوندريز، التي يمتلكها صندوق الثروة السيادي لأبو ظبي، الذي استثمر مليارات الدولارات في إنشائها.

فقد أنشأت جلوبال فاوندريز معامل في ألمانيا والولايات المتحدة وسنغافورة، وهي تظل غير مربحة حتى الآن، لكنها في السنة الماضية تفوقت على ''يو إم سي'' لتحتل المرتبة الثانية من حيث الإيرادات السنوية. كما أنها تتحدى الاحتكار شبه التام لشركة تي إس إم سي على إنتاج نوع مهم من الرقائق يستخدم في أجهزة الهاتف الجوال، الذي يبلغ عرض الدائرة فيه 28 نانومتر.

وقال آجيت مانوتشا، الرئيس التنفيذي لشركة جلوبال فاوندريز، في مقابلة مع ''فاينانشيال تايمز'': ''أنا بحاجة إلى أن أرفع الاستثمار في الأبحاث والتطوير إلى الضعف، وأن نصبح قادة التكنولوجيا''.

ويبرز طموح جلوبال فاوندريز الكيفية التي يعمل بها التطور السريع في تكنولوجيا الكمبيوتر، خصوصاً صعود الأجهزة الجوالة، على تعزيز صناعة أشباه الموصلات. وفي الوقت نفسه فإن التعقيد المتزايد لتصنيع رقائق أصغر فأصغر يؤذي الشركات القائمة وغير القادرة على الاستمرار في زيادة الأبحاث والتطوير.

وقد أدركت ''مبادلة''، صندوق الثروة السيادي الذي يبلغ إجمالي موجوداته 55.2 مليار دولار، الذي يتخذ القرارات الاستثمارية الاستراتيجية لتنويع اقتصاد أبو ظبي بعيداً عن النفط، أن هذا يشكل فرصة لإيجاد موطئ قدم في قطاع التكنولوجيا.

ويبين الحضور المتزايد لشركة جلوبال فاوندريز كيف أن الشركات المدعومة من الدولة تستطيع أن تحدث هزة في الأسواق التنافسية. فقد استطاعت الشركة، بدعم من ''مبادلة''، تحمُّل الخسائر في الوقت الذي لا تزال تستثمر فيه لفترات أطول من الشركات المنافسة غير التابعة للدول. وقال صامويل توان وانج، وهو محلل لدى شركة جارتنر، إن ''جلوبال فاوندريز نشطة تماماً في مجال التكنولوجيا، وهي تعمل الآن على اللحاق بالشركات الأخرى ولا يمكن تجاهلها''.

وتصنع الشركة، على غرار الشركتين التايوانيتين المنافستين، الرقائق المصممة من شركات مثل كوالكوم، شركة تصميم الرقائق الأمريكية، التي لا تمتلك مرافق للتصنيع. أما الشركات المتكاملة، مثل إنتل الأمريكية وسامسونج الكورية الجنوبية، فهي تقوم بالتصنيع والتصميم معاً.

وحصة جلوبال فاوندريز، البالغة 12 في المائة من السوق، تضعها في مرتبة بعيدة وراء تي إس إم سي، عند سعر بحدود 50 سنتاً للسهم، وقبل يو إم سي التي تعاني متاعب مع التكنولوجيا اللازمة لإنتاج رقائق قياس 28 نانومتر.

وقال ليو تشيتونج، كبير الإداريين الماليين في يو إم سي: ''كلما ازدادت شراسة المنافسة في الصناعة، يطالب العملاء بمزيد من السرعة والمرونة''. وتسعى الشركة لزيادة ميزانيتها المخصصة للأبحاث بهدف استرداد الحصة السوقية المفقودة. من جانبها تعتزم ''تي إس إم سي'' تخصيص مبلغ ضخم قياسي مقداره تسعة مليارات دولار هذا العام للنفقات الرأسمالية.

مع ذلك، فإن قيام أبو ظبي بإنشاء جلوبال فاوندريز كان مثيراً للجدل، حيث تساءل كثيرون عن الحكمة في قرارها إنفاق المليارات لاقتحام صناعة ليس لديها تاريخ طويل فيها.

وأمس الأول قالت ''مبادلة''، التي وضعت أكثر من ربع أصولها في جلوبال فاوندريز، إن الصندوق عاد إلى تحقيق الربح في 2012، حيث تقوم جلوبال فاوندريز بتقليص صافي خسائرها إلى 2.2 مليار درهم إماراتي، مقارنة بـ 3.6 درهم في 2011.

وقال مانوتشا إن جلوبال فاوندريز ستنفق هذا العام أكثر من أربعة مليارات دولار سبق أن أعلنت أنها ستكون نفقاتها الرأسمالية السنوية. وقال إن الشركة كانت تعتزم في السنة الماضية إنفاق ثلاثة مليارات دولار، لكنها أنفقت مبلغاً قريباً من أربعة مليارات دولار بعد أن فازت بطلبيات جديدة من عدد من العملاء، بما فيهم كوالكوم.

وقالت فكتوريا بارباري، مديرة مركز الثروات السيادية ''إنستِتيوشِنال إنفِسْتر'': ''كان هذا مساراً سريعاً لما أرادت الشركة أن تقوم به، وهو إنشاء صناعة تعمل في تصنيع أشباه الموصلات''.

وقال مانوتشا، الذي عينته أبو ظبي في منصب الرئيس التنفيذي في 2011 ليحل محل الإدارة القديمة، إن الشركة كانت تواجه تحديات فنية وثقافية عند وصوله.

وقد قام بتغييرات واسعة في الإدارة، وأصلح الوضع في معمل كان متدني الأداء في ألمانيا، وأمَّن زبائن جدد للتعويض عن اعتماده على الشركة الأم السابقة، إيه إم دي.

وساعدت تغييراته على رفع الهوامش إلى سالب 10 في المائة في النصف الثاني من 2011، بعد أن كانت سالب 31 في المائة في 2011، وفقاً لأبحاث من شركة بيرنشتاين للوساطة المالية. وقالت مبادلة إن الإيرادات في السنة الماضية ارتفعت بمقدار الربع لتصل إلى أربعة مليارات دولار.

وبحسب مانوتشا، المجموعة في سبيلها إلى تحقيق الربح بحلول 2014 أو 2015.

لكن أكبر الاختبارات لا تزال في المرحلة المقبلة. وتعتزم الشركة في السنة المقبلة إطلاق رقائق قياس 14 نانومتر، وقياس عشرة نانومترات في السنة التي تليها، متقدمة بذلك على تي إس إم سي، وهو ما يصفه لي بأنه ''هدف طموح للغاية''.

وإذا استطاعت الشركة الوفاء بما تَعِد به، فإنها تستطيع الحصول على طلبات أكثر في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وتمتلك القدرة على انتشال أنفسها من المنقطة الحمراء، كما قال راندي إبرامز، وهو محلل من كريدي سويس.

 

الآن:فاينانشال تايمز

تعليقات

اكتب تعليقك