التشخيص السياسي السيء
زاوية الكتابكتب صالح المزيد إبريل 12, 2013, 2:44 م 1263 مشاهدات 0
ذهب رجل كعادته الى الطبيب لعمل فحوصات شاملة ' وقاية ' والطبيب عمل له فحوصات و ' شخَص ' الرجل بطريقة خطأ فحل بالرجل امراضٌ لا اصل لها بالجسم فصرف له داوء فقتل الرجل!
كل هذا بسبب التشخيص السيئ للطبيب .
كذلك العمل السياسي ، ان لم تشخصه بالشكل السليم وفق القواعد السياسية والبشرية ستهلك انت ومن معك ، لنتطرق اولا للقواعد البشرية ، حينما خلق الله البشرية جعل فيهم الصالح والفاسد ، المنافقين واصحاب المبادئ الثابتين ، الدجالين والصادقين ،اصحاب التسلق والمصالح واصحاب الهدف الواعد، وهؤلاء لا يخلون من أي عمل يكون فما بالك بالعمل السياسي ، فيجب التعامل مع المنافقين والدجالين واصجاب المصالح والتسلق بحكمة والاستفادة منهم ببعض الامور التي تتوافق معك ، لا يمكن ان تقضي عليهم لانهم من القواعد البشرية ' الربانية ' ولكن لا تدخلهم محيطهم ولا تجعلهم يدخلون محيطك الا بذكاء منك وحنكه للاستفادة منهم لغرض معين ، هذه قواعد بشرية لابد ان نؤمن بها حق الايمان ولا نفزع ونخلط الاوراق بسبب المنافقين والدجالين واصحاب المصالح بل لنستفيد من غباءهم .
ثانيا القواعد السياسية ، لنفرق بين الحراك الاحتجاجي والحراك السياسي ، الاحتجاجي يكون احتاج لغرض معين مثل ' ارحل يا ناصر ' او ' حل مجلس القبيضة ' او ' اسقاط مرسوم الصوت الواحد ' هذا الحراك الاحتجاجي يكون مؤقت لحين تحقيق غرض الاحتجاج ثم ينتهي ، وهذا قد يتحقق انك تجمع اغلب الاطراف والنسيج السياسي والاجتماعي مع بعضهم تاييدا لك.
اما الحراك السياسي تنطلق فيه الافكار والتوجهات والآراء والاساليب وتحلق في فضاء عالم السياسة ، وكل حزب او مجموعة لها فكرها وتوجهها واسلوبها لتحقيق اهدافها المنشودة ، الآن ما نمر به بالكويت هو حراك سياسي ، هناك من يريد الحكومة المنتخبة والأخر حكومة برلمانية ومن يريد إشهار الاحزاب والأخر يرفضها ، والبعض يريد تحقيق اهدافه باسلوب المواجهة الميدانية من مسيرات واعتصامات والأخر يرفض المسيرات ويريد الندوات والحلقات النقاشية ، ومن يريد المسيرات تكون داخل المناطق السكنية والأخر يرفض داخل المناطق ويريدها بالطريق العام ، من يريد الحوار الوطني بين التوجهات السياسية والأخر يرفضها !
هذا هو الحراك السياسي الذي يكون الاصل فيه الاختلاف في الطرح والفكر والاسلوب ، والقاعدة الساسية تقول ' الاختلاف الحقيقي هو عدم وجود الاختلاف ' لان لا يمكن أن تجمع جميع الاطراف والنسيج السياسي والاجتماعي معك لتحقيق اهدافك المنشودة ، بالطبع يظهر من يخالفك اما تماما او في بعض اهدافك ، اذا الاصل بالحراك السياسي هو انك تسوق لمنتجك الفكري باسلوبك الترويجي له والشعب العام يختار ، في الحراك السياسي لا تتعب نفسه محاولا جمع كل الاطراف ! ستهلك لانه لا يمكن تحقيقه ' عكس الحراك الاحتجاجي '
الحراك السياسي كقلب الانسان فاذا كان تخطيط القلب على خط واحد فهذا يعني ان القلب ميت وان كان يصعد و ينزل فهذا يعني ان القلب حي ، كذلك الحراك السياسي مره يتقدم ثم يتاخر ليراجع نفسه وينظم ذاته ثم يرجع الميدان ' وانحسار الماء لا يعني تراجعه بل يأتي مره أخرى متماسكا وقد يكون مد عالي ' ، الانسحاب التكتيكي مطلوب ، والمواجهة الحكيمة مطلوبه ، الاختلاف لا يعني خلاف ' وقد يكون هناك خلاف جزئي بين الاطراف وهذا طبيعي بحكم القواعد البشرية '
وفي الحراك السياسي يجب تعدد الجبهات لمواجهة السلطة مثلا ' ائتلاف المعارضة، وتنسيقية الحراك ، وكتلة الاغلبية وغيرها ' وهذا طبيعة العمل السياسي السليم ، فان صار أن هناك فقط جبهة واحدة هنا تستعد السلطة وتكيف معداتها وعتادها وقوتها نحو هذه الجبهة لاعدامها ، لكن اذا كانت هناك جبهات متعددة كما ذكرت ستهلك السلطة وتتشتت قواها ' ما تعرف منو طقاقها '
كااااارثة من يريد أن يجعل العمل السياسي عمل عسكري !!! أن تكون هناك قيادة واحدة فيها قائد يعطي الأوامر للعمداء والعمداء يعطون الاوامر للعقداء والعقداء يعطون الأوامر للجنود فينفذون ذلك وكلهم باسلوب واحد وفكر واحد وهدف واحد !! هذه مصيبة كبرى!!
متى ما تم ذلك فابشروا بالخسران المبين ، العمل السياسي الأصيل فيه التعدد والتنوع والاختلاف .
كتبت هذا المقال لأن لا فرصة لدي للتحدث في منبر إعلامي ، فلنشخص العمل السياسي وفق القواعد السياسية والبشرية السليمة حتى نتقدم وننقذ الحراك السياسي من موت الرجل !
صالح المزيد
تعليقات