مواجهة العمالة السائبة بين العقل والعاطفة بقلم بدور بنت عبد الرحمن أبوعمه
الاقتصاد الآنإبريل 11, 2013, 2:23 م 1198 مشاهدات 0
تابعت مثل كثير غيري من المواطنين والمقيمين ردود الفعل العامة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وأحاديث المجالس عن الحملة التي تقوم بها إدارة الجوازات، مشكورة، للحد من مشكلة تفاقم العمالة السائبة في مدن المملكة وقراها. لا أخفي على القارئ أن قلت: إني أشعر ببعض التعاطف مع وضع هذه العمالة وحاجتهم للعمل وأهمية احترامهم ومعاملتهم بالعدل والمساواة. تعطل العمل في بعض المدارس أو نقص الخدمة في بعض المؤسسات أمر غير مقبول، ولكن لا يقل أهمية عن هذا الموضوع الالتزام بالنظام، وهذا ينطبق على كل الأنظمة، يعلم الجميع أن النظام ليس نصا مقدسا وقابلا للتغيير، وأنه يجب أن يراعي مصالح الناس وأن يكون عمليا وواقعيا ومعاصرا.
بعد كل ما سبق، ليس من مصلحة العامل العمل في مؤسسة أخرى إما بالتواطؤ مع كفيله أو بالرغم عن كفيله ودون علمه، لأن العامل أصبح وضعه خارج النظام. قد يكون العامل المخالف معلما أو سائقا أو ممرضا أو يعمل في محل تجارة أو حراسة، ولكن لا يمكن متابعة عمله أو تقييمه بصورة صحيحة. فربما المعلم غير النظامي في المدرسة لا يحمل المؤهلات الكافية، لأن يكون مدرسا أو مربيا، وبالمثل الحارس والممرض والعامل والمهني، من المتوقع أن تهضم حقوق هذه العمالة، وقد يستلم العامل راتبا أفضل مما قد يحصل عليه من كفيله، ولكنه أقل من السوق في الغالب، وبأقل ضمانات من صاحب العمل. بعض العمالة فقدوا وضعهم النظامي بانتهاء فترة إقامتهم. وبالتالي، يلجأون لتحويل مكتسباتهم المالية، المشروعة وربما غير المشروعة، بطرق غير نظامية.
من الجانب الآخر، خروج العامل المخالف من العمل الأصلي يفقد سلطة صاحب العمل الجديد، حيث إنه للعامل القدرة على الانسحاب دون سابق إنذار والذهاب لجهة أخرى. وبالتالي، يتضرر صاحب العمل والمستفيد من الخدمة. معظم المخالفات التي تحدث في حق المريض إذا كان العامل ممرضا أو الطالب إذا كان معلما أو الخدمة الرديئة في أي نشاط آخر، يتم معالجتها بعيدا عن أنظار الدولة، وبالتالي، مخالفة نظام العمل التي تبدو بسيطة لبعض المتعاطفين، تجر إلى مخالفات وربما جنايات، قد تكون أخلاقية أو دينية أو مالية، يتم معالجتها بطرق غير نظامية لتفادي الانكشاف. القاعدة في كل المجتمعات أن يطبق النظام، ويتعود الناس على الالتزام به، بغض النظر عن مناسبته لهم أو تعارضه مع مصالحهم الشخصية، لأن الأصل في النظام أن يحافظ على مصالح غالبية الناس وينظم العمل في المجتمع والتعامل بين البشر.
كما أنه من المؤكد لو قامت الجهات المعنية في إدارة الجوازات أو وزارة العمل أو وزارة التربية والتعليم أو البلديات بالمتابعة المستمرة، لم يصل أعداد العمالة المخالفة إلى هذه الأعداد الكبيرة. ومن المتوقع أن كثيرا من المطالبين بالرأفة والمهل لتصحيح الأوضاع ووضع اللوم على التقصير من الإدارات المعنية، هم من المخالفين المستفيدين من الوضع غير النظامي، وقد لا يستغرب أن تكون بين الذين بالغوا وربما شوهوا صورة جهات المتابعة من المستفيدين ومن المخالفين، مع التشديد على أهمية التزام جميع الجهات الرسمية والجهات الأخرى بالنظام.
تعليقات