أين الخلل في نموذج دبي التنموي؟! بقلم د. عبدالرحمن محمد السلطان

الاقتصاد الآن

619 مشاهدات 0




معظمنا معجب جداً بمظاهر التطور في دبي ونستمتع كثيراً بقضاء إجازاتنا فيها، إلا أن زميلاً يقضي معظم إجازاته في دبي وشديد الإعجاب والتقدير لما حققته سألته هل تود أن ترى نموذج دبي عندنا في المملكة؟ أجاب بعد بعض التردد «لا»، وفي ظني أن سبب تردده استشعاره أن في إجابته قدراً كبيراً من التناقض بين أن يكون معجب بشيء ما لكنه لا يتمناه لنفسه. هذا التناقض الذي نعيشه حول ما يمكن أن نسميه «نموذج دبي التنموي» يأتي

من أنه يعجبنا جدا عندما ننظر إليه من منظور زائر أجنبي يرى أنه أوجد بلد يتوفر فيه مستوى راق من الخدمات ووسائل ومجالات الترفيه والمتعة ولا يهمه كيف تحقق ذلك ولا بأي ثمن. لكن عندما ننظر إليه من وجهة نظر مواطن يرغب في أن يكون له دور فاعل في عملية التنمية في بلده فإنه لا يرغب مطلقا أن يحقق بلده مستوى راق من الخدمات ويمتلك كل مظاهر التطور ويكون ثمن ذلك سيطرة الأجنبي على كل مظاهر الحياة والإنتاج ومعظم الفرص الوظيفية والاستثمارية، وأن تخلق بسببه بيئة يفقد فيها المواطن كل قدرة على المنافسة فيهمش دوره في عملية التنمية بشكل كبير.

فلكي يكون النموذج التنموي ناجحاً فعلا فيجب أن يكون مواطني البلد هم أكبر المستفيدين مما تحقق من حيث فرص العمل المتاحة واكتساب المهارة والتقنية والمشاركة الفاعلة في الإنتاج والإبداع. وهذا ما لا نراه في دبي، وإلى حد كبير لا نراه في بقية دول الخليج الأخرى، فالمستفيد الأكبر من هذا النموذج التنموي هم الأجانب الذين فتحت لهم الأبواب ليقوموا بكل شيء تقريبا وليتملكوا ويديروا معظم الإنتاج الحقيقي، بحيث تحول المواطن إلى مستهلك فقط لما ينتجه الأجانب سواء كانت منتجات مستوردة أو منتجة محليا لكنها في حقيقتها أجنبية.

ولإيضاح مدى الخلل في هذا النموذج التنموي فما علينا إلا مقارنته بالنموذج السنغافوري، حيث نجد أن كل مواطن في العالم معجب بما تحقق في سنغافورة لكنه أيضا يتمنى أن تحقق بلاده النجاح نفسه. وسبب ذلك أنه نموذج مختلف تماماً عن نموذج دبي، فالاستثمارات الأجنبية استقطبت لتنقل التقنية ولتخلق فرص عمل عالية النوعية والدخل للعمالة المواطنة ولم تكن تستهدف فقط رفع حجم الناتج المحلي الإجمالي بأي ثمن، لذا لم يُسمح بأن تتدفق معها أيضا العمالة الأجنبية وأجبر المستثمرين على توظيف العمالة السنغافورية فتطورت مهاراتها وارتفعت مستويات أجورها بشكل كبير. من ثم فإن المستفيد الأكبر من النموذج التنموي السنغافوري هو المواطن الذي أصبح يتمتع الآن بواحد من أعلى مستويات الدخل في العالم ويشارك بكل فاعلية في عملية الإنتاج والمستفيد الأول والمتقن الأكبر لكل ما نقل إلى البلاد من تقنية وإبداع، لذا فهو نموذج ناجح جدير بأن يحاكى ويُتَّبع.

ما علاقة كل ذلك بالحملة في المملكة على العمالة المخالفة التي تم تأجيلها؟!... هذا ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله

الآن:الجزيرة

تعليقات

اكتب تعليقك