عالم الشركات مليء بحالات من «كذبة أبريل» بقلم لوسي كيلاوي

الاقتصاد الآن

1244 مشاهدات 0


 

في هذا اليوم قبل 20 عاماً تلقيت مكالمة من رجل يتحدث بلكنة أجنبية قوية، رداً على إعلان وضعتُه في مجلة ''ذي ليدي'' بحثاً عن مربية. كنت قد بدأت أشعر أن العملية بأكملها متعبة ومرهقة، واعترفتُ لزوجي بأن هناك أشخاصاً كنتُ أستبعدهم من حيث المبدأ، مثل الرجال على سبيل المثال. وكنتُ أستبعد كذلك أي شخص لا يتحدث الإنجليزية.

وبالتالي قلتُ للرجل على الهاتف إن الوظيفة لم تعد متوفرة. ثم حلت فترة صمت قصيرة على الطرف الآخر من الخط. بعد ذلك قال الرجل: ''أنتِ تكذبين''.

شعرت بنوع من المغص المؤلم وعلا صوتي من الغضب، وبعد فترة أحسستُ كأنها دهراً، أخذ الرجل بالضحك. كان صوته مألوفاً سمعته في ذلك الصباح. هذا الأجنبي الباحث عن عمل كان زوجي يحاول إيقاعي في مقلب كذبة أبريل.

بعد عقدين من الزمن ما زلتُ أسعى جهدي لأرى الجانب المضحك في الموضوع. ليس من السهل أن أشعر بالارتياح بعد أن ظهرتُ على حقيقتي من أني امرأة سهلة الانخداع مصابة بكره مرضي للأجانب وأميز على أساس الجنس في وقت كنتُ فيه بليدة الذهن من شدة قلقي أثناء محاولتي العثور على شخص يرعى أطفالي أثناء غيابي.

وفي كل عام منذ ذلك الحين كنتُ أستيقظ في هذا اليوم المخيف وأنا متحفزة حتى لا أقع في أحد المقالب. وكنتُ كذلك متحفزة لأن أعتبرها بعيدة تماماً عن الفكاهة. لكني في هذا العام أعتزم أن أقوم بالأمور بطريقة مختلفة: حان الآن وقت السداد. لقد جاء دوري لأن أجعل كل شخص آخر يشعر بأنه أبله.

في البداية أخذتُ أفكر في أن أُوْقع القراء في مقلب من خلال كتابة مقال بنوع من العبث لكن على أن يأخذه القارئ على محمل الجد. لكن ماذا سيكون موضوع المقال؟ إن الطبيعة الدائمة للعمل الذي يقوم به كاتب العمود هو اللعب بعواطف القراء والتأثير فيهم؛ معظم الأسابيع يعتقد الناس أني أمزح في مقالاتي حتى وإن لم تكن الحال كذلك.

ثم خطرت على بالي فكرة أن ألعب مقلباً على زملائي في العمل. وحيث إني جديدة على هذا النوع من الأشياء، كنت أبحث على الإنترنت في مقالب المكاتب، ووجدت أن معظمها تدور القيام بأمور مضحكة في الأثاث، مثل إخفاء الكراسي أو القيام بنصب معدات للعب الأطفال بصورة مؤقتة. 

ولا شك أن هذه أمور تجعل المرء ينقلب على ظهره من الضحك! لكن هناك مشكلة في هذا النوع من المقالب، إلى جانب الجهد العام المبذول فيها. فالشركات الجيدة تفعل هذا الأمر على أية حال. ففي مكاتب ''جوجل'' الجديدة فائقة الأناقة في لندن نجد أن كل يوم هو عبارة عن كذبة أبريل. فهناك ملعب مكسو بالعشب الصناعي للعبة الكرات الخشبية وشمسيات مكشكشة. وهناك حتى باص من طابقين من النوع الذي تشتهر به لندن، يدعي مصممه أنه ''يضفي الصدقية''.

ولكن مقالب المكاتب التي لا تبلغ هذه الدرجة من الطموح تشتمل على العبث بالأضواء وأجهزة منظمات الحرارة. لكني لا أجد هذا مضحكاً أو أمراً يتسم بالجِدة إلى حد كاف. قبل أسبوعين كتبتُ مقالاً كاملاً ناقشتُ فيه كيف أن مارك زوكربيرج، وبمنتهى الجد، اختار أن تكون درجة الحرارة في غرف اجتماعات ''فيسبوك'' قريبة من درجة التجمد.

حين أعود بفكري إلى المقالب التي تعرضتُ لها في طفولتي، أجد أننا كنا في ذلك الحين نعتبر أن من الدلالة على الذكاء وخفة الدم أن نتصل بمحل الخضار ونطلب التحدث مع السيد بقدونس. فإذا أردتُ اقتباس الحيلة نفسها في صحيفة مالية فإن بإمكاني أن أتصل ببنك باركليز وأطلب التحدث مع السيد غني الغني. لكني لو فعلتُ ذلك لكانوا قاموا على الفور بتحويل المكالمة إلى الرئيس الحقيقي (الذي هو أغرب من الخيال) لقسم المصرفية الاستثمارية. ولو أني سألتُه عن اسم حصان السبق لديه لكان عليه أن يخبرني بالاسم الذي أطلقه عليه خارج نطاق كذبة أبريل، وهو القطة السمينة ذات القبعة، لكني أكثر نضجاً الآن. فالتندر على السيد غني الغني وحصان سباقه هو أمر واضح فوق الحد ولن يكون موضع نكتة. أنا أفضل أسماء مغمورة وغريبة من قبيل السيد كيرت كَسْتَرْد (اسم قريب من ناشف الهلامي). ثم اتضح أنه شخص فعلي يترأس قسم ''الحلول الاستثمارية العالمية'' في بنك يو بي إس ويكتب مقالات في ''فاينانشيال تايمز'' في تواريخ تختلف عن هذا التاريخ.

وفي حالة عدم نجاح أي شيء آخر فإن من المؤكد أن كذبة أبريل تسعى للتنكيت على شكل مقال ملفق في مجال الأعمال. لكن حتى في هذا المجال سبقتني الأحداث إلى هناك. ألم تسمعوا عن الرئيس التنفيذي الذي قلص راتبه بحيث أصبح يتلقى دولاراً واحدا؟ حَصَلْ! فقد فعلها فيكرام باندِت في بنك سيتي جروب. أم هل سمعتم عن رجل يعهد بعمله هو نفسه إلى الصين ليتفرغ لمشاهدة مقاطع فيديو عن القطط؟ حَصَلْ! فقد فعلها مبرمج للكمبيوتر في الولايات المتحدة.

وهذا لا يترك أمامي إلا خياراً واحداً للتسلية، وهو المقلب عن طريق البريد الإلكتروني. قبل فترة أرسل أحد أصدقائي رسالة مزيفة إلى زملائه يتقمص فيها شخصية مدير يحب استخدام الكثير من المصطلحات الفنية في حديثه. وقد دعا زملاءه في العمل لحضور ''يوم من المتعة مخصص لقيادة الفكر، دون ملحقات إضافية، ويشتمل على وجبة غداء'' وذلك يوم السبت في فندق وولوِتش. كانت تلك فكرة ملهَمة من الكتابة المليئة بالعاطفة الجياشة ووقع الجميع في المقلب. لكني لم أجد أن من المضحك أن الجميع كانوا ضحية لخدعة بكل سهولة. إذا كنتَ تعمل مع شخص أحمق على هذه الشاكلة، فكيف يُفترَض بك أن تميز بين الهزل والجد؟

هناك شيء واحد يخطر على بالي وأرى أنه يمكن أن يكون مقلباً قوياً للغاية من كذبة أبريل في عالم الشركات لكنه أصبح غاية في السخف. وأعني بذلك أن يرسل أحدهم رسالة إلكترونية بلغة واضحة طبيعية يطلب فيها من الجميع القيام بشيء معقول تماماً لكنه مكروه تماماً.

لكن حين أراجع معلوماتي أجد أن هناك من فعلها. فقد طلبت ماريسا ماير من موظفيها في ''ياهو'' أن يأتوا إلى العمل. وظن كل شخص أن ذلك أمر مضحك مثلما ظن زوجي من قبل. الفرق الوحيد في هذه الحالة هو أنه لم يكن ارتياحا يخفف التوتر في منتصف اليوم، فقد كانت تعني ما تقول بالفعل.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك