نزف الاستقدام.. العلاج بيدكم يا وزارة العمل بقلم محمد سليمان العنقري
الاقتصاد الآنإبريل 7, 2013, 1:28 م 716 مشاهدات 0
تصريح ملفت لمعالي وزير العمل نقلته صحيفة عكاظ قبل أيام عبر فيه عن خشيته بأن يصبح السعوديون أقلية وذلك بسبب نزف الاستقدام في إشارة إلى تنامي أعداد الوافدين بوتيرة أسرع من نمو المواطنين.
إلا أن الغريب في هذا التصريح أنه يصدر من رأس الهرم بوزارة العمل المسئولة عن إصدار تأشيرات العمالة أي أنه تحذير من الجهة التي منها تفتح أبواب دخول الوافدين فهو ما لا يمكن فهمه إذ بإمكان الوزارة أن تتحرك باتجاهات واضحة نحو ضبط آلية الاستقدام وحجمها ولجمها.
فوزارة العمل تتحمل ثلاث مسئوليات رئيسية من خلال الدور المنوط بها أولها الدور الاقتصادي المتمثل بتنظيم سوق العمل وخفض نسب البطالة بالمواطنين والمساهمة من خلال التشريعات والأنظمة بفتح المجال أمام المواطنين للحصول على فرص العمل التي يولدها الاقتصاد المحلي وتطبيق مبدأ الأولوية للمواطن بالعمل قولاً وفعلاً وانعكاس ذلك على الاقتصاد بزيادة دور المواطن فيه إنتاجاً واستهلاكاً وتراجع بمعدلات العمالة الوافدة مما يخفض من تأثيرات الفائض منها على الخدمات إيجاباً وكذلك التحويلات للخارج التي تجاوزت المئة مليار ريال سنوياً.
والدور الثاني هو الأمني حيث ستنعكس وفرة فرص العمل للشباب بتقليل احتمالات ارتفاع معدلات الانحراف والجريمة بينهم وكذلك يؤدي ضبط سوق العمل إلى إخراج العمالة السائبة التي تنتشر بينها وبسببها الكثير من الجرائم التي أثرت على المجتمع فبقدر نجاح وزارة العمل بالدور الاقتصادي فإن ذلك سينعكس إيجاباً على الدور الأمني المطلوب منها بتأثيرها غير المباشر فيه.
والدور الثالث هو الاجتماعي وهو ما يتبادر للذهن من تصريح معالي الوزير فإن تصبح العمالة الوافدة أكثرية بالمجتمع هذا يعني التأثير على طبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده والحفاظ على هويته فكثير من المجتمعات تغيرت بسبب تزايد أعداد المهاجرين لها خصوصا إذا كانت من بيئات مختلفة تماما عن المجتمع كاللغة والعادات والتقاليد وبشكل أساسي العقيدة ومهما كانت المجتمعات محصنة فإن زيادة الوافدين على أعداد المواطنين لابد وأن يرتفع أثره بشكل كبير وإذا كانت خشية الوزير تعكس رؤية بعيدة الأمد ستأخذ سنوات طويلة لتتحقق إذا ما بقيت الأوضاع على ما هي عليه لكن إطلاقها بوقت مبكر أمر إيجابي يفسح المجال لوضع الحلول والتنبه مبكرا ولكنه يحتاج إلى خطوات عملية لأنه صادر من جهة رسمية معنية بالأمر.
فحديث الوزير تضمن أيضا النسبة المنخفضة للعمالة الوطنية بالقطاع الخاص التي لا تمثل سوى 11 بالمائة فقط فعدد العمالة الوافدة يصل إلى ثمانية ملايين بحسب تصريحه وهو رقم كبير جداً هذا بخلاف العمالة السائبة وغير النظامية بإقامتها بالمملكة والتي تقدرها بعض الجهات بأربعة ملايين وتعد الحملة الحالية للقضاء على بقائها التي تنفذها عدة جهات بقيادة وزارة الداخلية خطوة أولى في طريق تصحيح أوضاع العمالة الوافدة السائبة والمتستر عليها إلا أن القضاء على استمرار تدفقها يتطلب حلولاً أعمق خصوصا من وزارة العمل؛ فإعادة صياغة مبدأ منح التأشيرات يعد أهم الخطوات وسمعنا عن انفتاح وزارة العمل نحو تغيير بهذا المنهج بحيث تتحدد مدد دخول العمالة للمملكة بحسب مدة المشروع المستقدمة له خصوصا بقطاع المقاولات إلا أن باقي القطاعات أيضا تحتاج لنفس المنهج مع إعطاء أصحاب الشهادات والتخصصات التي لا يمكن سد الفجوة بها من المواطنين إلا بعد وقت طويل مدد زمنية مفتوحة أو طويلة كالتخصصات الطبية والهندسية والمالية وهذه العمالة لا يمكن توفيرها حتى من الخارج بسهولة مما يعني أن تعامل بطريقة خاصة فيما يمكن تحديد مهن متوسطة أو منخفضة المتطلبات بسنوات إقامة محددة لا يتم التجديد لها بعدها إلا أن الأهم هو الالتفات لطبيعة التأثيرات الاجتماعية لتحديد نسب العمالة التي تأتي من دول بعيدة اجتماعياً عن المملكة فالدول العربية الشقيقة تختلف عن غيرها مما يعني ضرورة التركيز على العمالة العربية أكثر من غيرها بأولوية الاستقدام على أن يكون الاتجاه العام هو لخفض نسب الاستقدام بشكل عام.
إن دور وزارة العمل يتخطى قضية البطالة كمفهوم عام إلى أدوار عديدة قد تكون بعضها فرعية بخلاف الأدوار الثلاثة الرئيسية إلا أن تعزيز دور المواطن بسوق العمل وتفعيل كل الوسائل التي ترفع من نسبة تمثيله بالقطاع الخاص وضرورة رفع مستوى الوعي لدى القطاع الخاص بأهمية الشراكة لتحقيق النجاح بأدوار الوزارة المتعددة وانعكاساته على الاقتصاد والمجتمع إيجابا ومن المهم أن يعي المواطن خطورة ما يقوم به بعضهم من ممارسات تساعد على استفحال المشاكل الضارة التي تخلفها من مساعدة العمالة غير النظامية أو المتستر عليها والبحث بعمق لكل الأسباب التي تؤدي بهم لمثل هذه الممارسات وحلها لمنع استمرارها أو تكرارها لأن البحث بالأسباب أكثر فاعلية من البحث بالنتائج.
تعليقات