مُختصّو التوريق والرهون العقارية سقطوا ضحايا حيلهم الخاصة بقلم جليان تيت
الاقتصاد الآنإبريل 6, 2013, 2:31 م 528 مشاهدات 0
عندما دعم مختصّو المال الأمريكيون الرهون العقارية لضعاف الملاءة إبّان طفرة الائتمان، هل كانوا واهمين تماما؟ أو هل كانوا مدفوعين بالجشع؟ أو، بعبارة أخرى، هل كانوا يعلمون أن سوق الإسكان كانت فقاعة – أم كانوا يعتقدون فعلا في الحيل الخاصة بهم، حتى في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار بجنون؟
مع الاستفادة من التجارب السابقة، من الصعب تصور أن أي مصرفي قريب من سوق الرهن العقاري في عام 2006 يمكن أن يكون قد فشل في كشف التجاوزات، أو أن أي شخص كان يعيد تجميع تلك القروض في سندات - أو ''توريقها''، حتى نستخدم المصطلحات الخاصة بالصناعة - لم يكتشف المخاطر. فقد بينت وثائق من مصارف ووكالات تصنيف ائتماني أن بعض الأفراد كانوا يشعرون بحالة من عدم الارتياح – وأعربوا (بشكل غير حكيم) عن قلقهم في رسائل بريد إلكتروني منمقة.
لكن في الأسبوع الماضي أصدر ثلاثة من مختصِّي الاقتصاد الأمريكيين، من جامعتي برينستون وميتشيجان، بحثا مذهلا يبين أن المصرفيين المشاركين في عمليات التوريق في تلك الفترة كانوا يؤمنون بحيلهم. فكثيرون منهم لم يشتروا كميات كبيرة من الأسهم العقارية في أسوأ لحظة ممكنة فحسب، بل فشلوا أيضا في بيع تلك العقارات في الوقت المناسب، ما جعلهم يواجهون مهمة معالجة الخسائر التي لحقت بهم بعد عام 2007.
من بعض النواحي، هذا الأمر لا يفاجئني. ففي عامي 2007 و2008 كتبت كتابا عن الأزمة المالية وتحدثت إلى مصرفيين كانوا منخرطين في لعبة التوريق. وعلى أساس أن الأدلة غير مؤكدة، استنتجت أن معظم المختصّين الماليين الذين تسببوا في تضخيم الفقاعة ليسوا مجانين أو أشرارا كما هو التصور الشائع، لكنهم يعانون ضيق الأفق والتفكير الجمعي.
وما هو جدير بالملاحظة – ومثير للدهشة في آن معا – حول وثيقة برينستون، أن البحث يضيف لحدسي بعض الأرقام الملموسة، وللحصول على هذه الأرقام، شرع الاقتصاديون الثلاثة؛ جي هاو تشنغ، وساهل راينا، ووي شيونغ بتجميع القوائم المنشورة بأسماء المصرفيين الذين حضروا المؤتمر السنوي الخاص بمنتدى التوريق الأمريكي في لاس فيجاس عام 2006، واختاروا بشكل عشوائي 400 من مصرفي التوريق من المستوى المتوسط. ثم أرفقوا أسماءهم ببيانات متاحة للجمهور، خاصة بمعاملات ورهون عقارية لاحقة، ومن ثم حللوا ما إذا كان هؤلاء الأشخاص يتداولون العقارات، أو ما إذا حققوا مكاسب أو تعرضوا لخسائر.
وكرر الاقتصاديون الثلاثة التجربة نفسها مع مجموعة عشوائية من 400 محامٍ و400 من محللي الأسهم في وول ستريت لم يشاركوا في تحليل الأزمة العقارية. وكان الهدف هو معرفة ما إذا كانت أنماط تلك المعاملات العقارية فريدة من نوعها بالنسبة لمختصِّي الإسكان - أو أنها تعكس شيئا يميل جميع الأثرياء المحترفين إلى القيام به.
كانت النتائج مذهلة. قبل إجراء البحث كانت توقعات الاقتصاديين تذهب إلى أن مختصِّي التوريق يتقنون متى يتعين بيع العقارات وكيف يمكن تجنب خسائر سوق الإسكان، لكن في الواقع، أظهرت أرقام الأزمة دلائل قليلة على وعي وكلاء التوريق بفقاعة العقارات والانهيار الوشيك في المعاملات العقارية الخاصة بهم. ولم يتمكن المختصُّون المزعومون من ''اختيار التوقيت المناسب لدخول السوق، أو إظهار الحيطة في المعاملات الخاصة بهم''. وعلاوة على ذلك، عانوا في الواقع خسائر في السوق العقارية أكبر من مجموعة المراقبة العشوائية للمحامين الذين لم يكونوا مختصِّين في عالم العقارات على الإطلاق.
وربما يعتبر كثيرون من قراء ''فاينانشيال تايمز'' أن هذه هي العدالة الإلهية. لكن بعيدا عن هذا الجانب كانت هناك تداعيات ذات نطاق أوسع. أولاً، بينت النتائج (مرة أخرى) أن من الخطأ وضع النظريات الاقتصادية على أساس المنطق البشري، إذ يعتبر التحيز المعرفي والتفكير الجمعي أمرين حاسمين في تفسير كيفية نجاح أو إخفاق الأسواق. ثانياً، تشكك النتائج أيضا في الحكمة التي تفترض أنه يمكننا كبح السلوك المصرفي المحفوف بالمخاطر من خلال المطالبة بأن يكون المصرفيين لديهم يد في اللعبة – وهذا يعني أنهم يستثمرون في المناطق نفسها كالذين يشجعونهم.
وكما يبين البحث، يمكن أن يتخذ المصرفيون قرارات خاطئة حتى عندما تكون أموالهم الخاصة في خطر. أو بعبارة أخرى، التفكير الجمعي والتفكير بالتمني - وليس الحقد المتعمد – هما اللذان يشكلان الخطر الأكبر في مجال التمويل. وسوف يظل هذا الأمر حقيقة بعد فترة طويلة من نسياننا تلك الخطايا المتعلقة بالرهن العقاري. ويجب أن يقرأ المستثمرون والمصرفيون بحث برينستون ويأخذوا حيطتهم.
تعليقات