عن ثقافة التغيير!.. يكتب عمر الطبطبائي
زاوية الكتابكتب إبريل 1, 2013, 12:26 ص 157 مشاهدات 0
الراي
من بين الاراء / ثقافة التغيير
عمر الطبطبائي
في سنة 2003 قررت مجموعة من الطلبة الكويتيين الدارسين في بريطانيا تأسيس قائمة طلابية وطنية تخوض انتخابات الاتحاد الوطني للطلبة هناك حيث كان الاتحاد تحت قيادة قائمة «الاتحاد الطلابي» والتي تمثل جماعة الاخوان المسلمين منذ تأسيس الاتحاد، ولم يكن هناك منافس لها الا قائمة التحالف الطلابي والتي كانت تمثل التوجه الشيعي، فكانت فكرة تأسيس قائمة جديدة أشبه بالمستحيل بسبب أمراض الطائفية المنتشرة بين الطلبة، فالسني يصوّت لقائمة الاتحاد مهما كانت توجهاته، والشيعي يصوت لقائمة التحالف مهما كان فكره، وهذا كله بسبب سرطان الطائفية المتخفي خلف الشعارات الرنانة ولا عزاء للوحدة الوطنية في ذلك الوقت، لذلك كانت فكرة إنشاء أي تجمع جديد محكوم عليه بالاعدام سلفا، ولكن الوازع الوطني لتلك المجموعة أبى أن يستسلم للواقع فقرروا تغيير الاستراتيجية من الاعلان عن تأسيس القائمة الجديدة الى العمل على تهيئة الأرضية المناسبة للبدء في بناء صرح وطني بعيد عن الجو العام من خلال حرث الأرض واستئصال أورام الطائفية بين الطلبة من خلال عدة أساليب اهمها نشر ثقافة الوحدة الوطنية الى أن خلقوا الجو والوقت المناسب للاعلان عن تأسيس قائمة «النهج الطلابي» ذات التوجه الوطني والتي نالت ثقة الطلبة بمقاعد الاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع بريطانيا واسكتلندا وكسر احتكار دام 17 عاما.
ان التغيير بصورة عامة هو التحول من حال الى حال، وان أسباب هذا التحول تكون بسبب ضغوطات داخلية ناتجة عن انعدام العدالة وتنفيع طبقة محددة على حساب الوطن أو التعدي على كرامات الناس وتحدي ارادة الأمة في حال التغيير المجتمعي أو تحدي الأعضاء العاملين في حال التغيير في قائمة أو مجموعة عمل، أو يكون التحول ناتجا من ضغوطات خارجية تتدخل فيها الدول المحيطة أو الدول المهيمنة على مراكز صنع القرار، أو يكون التحول من أجل السيطرة على الادارة وغالبا ما يكون هذا النوع من التغيير سلبيا كبعض الدول الأفريقية سواء كان هذا التغيير ايجابيا أم سلبيا تظل عوامله وديناميكيته واحدة، فمن مقدمة المقال نستطيع استنتاج أن لثقافة التغيير ثلاثة عوامل رئيسية هي: أصحاب فكرة التغيير أو المبادرون (النهج الطلابي)، الوضع العام أو المجتمع (الانتخابات الطائفية)، القائمون على هذا الوضع أو من بيده ادارة الامور (قائمة الاتحاد)، وحتى نفهم خط مسير أي حركة تغييرية علينا فهم مكوناتها الداخلية فجمال أي صورة كبيرة دائما تكمن في التفاصيل الصغيرة.
ان المبادرين او القياديين هم العامل الرئيسي الأول لأي فكرة تغييرية، فهم الأساس الذي تستند عليه أهداف التغيير لذلك على هذه المجموعة المحركة أن تقوم بعدة خطوات قبل الانطلاق ونشر ثقافتهم الجديدة، فالقياديون الصادقون هم من يخلقوا المعادلة الرئيسية لا ينتظروا حتى يكونوا ردات أفعال فقط، فمن أهم هذه الخطوات هو تحديد الهدف العام من التغيير والإيمان به ورسم الاستراتيجيات التي من خلالها تتحرك المجموعة، كما عليهم تحديد مراكز قوة وضعف خصومهم ومعرفة الشرائح التي تدعم القائمين على الوضع الراهن وأسباب دعمها وتوقع ردات أفعالهم وتحديد الآليات والأدوات ولغة الخطاب التي تساعد على تحقيق الهدف والاتصال مع شرائح المجتمع من دون الجلوس في أبراج عاجية، وان يكون القياديون على قدر كاف لتحمل المسؤولية الكاملة لا أن يكونوا قياديين من ورق ينحنون لرياح ردة فعل القائمين على الوضع أو الاغراءات لأن مسؤولية القيادة تعتبر عاملا حاسما من عوامل كسب ثقة الجمهور، كما عليهم ترك الأنانية والعمل على بناء الطريق السليم للأجيال القادمة في تكملة عملية تحقيق الأهداف، والأهم من كل ذلك أن يكون القياديون خير سفراء لمطالبهم.
ان العامل الرئيسي الثاني هو المجتمع ومدى تقبله لمثل هذه الأفكار التي سيعتبرها البعض دخيلة عليه خصوصا وان أغلب الناس بطبعها تخاف من التغيير والقفز للمجهول، لذلك يصطدم المبادرون بالوضع القائم وأحيانا يواجه مقاومة شرسة، ولذلك على أصحاب فكرة التغيير العمل على حرث المجتمع وغرس الفكرة في تربتها حتى تخلق الظروف المناسبة للانطلاق.
أما العامل الاخير، فهو القائمون على الوضع الحالي أي من أوصل المؤسسة أو المجتمع الى هذا الحال وهم أكثر من يخاف التغيير لعدة أسباب، أولها خسارة القيادة وربما محاسبتهم ان كانوا متجاوزين، والأهم خسارة مكانتهم ومصالحهم، لذلك دائما تراهم يقاومون أي فكرة تغييرية، ولعل أفضل مثال هو موقف عمرو بن هشام «أبي جهل» الذي رفض الدخول للاسلام خوفا من خسارة مصالحه ومكانته في قريش، ولهذا السبب نجدهم يقربون بعض الطبقات أو الفئات بحبال المصالح لتستمد الدعم منهم ليكونوا خط الدفاع الأول لهم، كما نجد سعيهم الدائم للتحكم أو إرضاء من بيده أي عامل من عوامل التأثير على المجتمع كالاعلام والصحف.
لو نعود لمثال قائمة النهج الطلابي سنرى أن التخطيط وفهم واقع الوضع العام هناك أدى الى التريث، فبدل الاعلان عن تأسيس القائمة في جو مريض قام المبادرون على العمل في غرس الأهداف لتهيئة الجو المناسب أي خلقوا لنفسهم الظروف التي قادتهم للنجاح...! هل نتعظ؟
د ا ئ ر ة م ر ب ع ة:
ان القائد الحقيقي لأي حملة تغييرية أو تصحيحية هو من يقود أتباعه من خلال رؤية واضحة مرتبطة بالمستقبل وليس من خلال غرائزه وأهوائه! لأن هذه الرؤية تكون بمثابة الوقود للعمل بالتزام أكثر.
تعليقات