هل يغير الاردن استراتيجيته السياسية ؟
عربي و دوليفتور في العلاقة مع امريكا ودول الخليج تتجاهل مطالبه
مايو 20, 2008, منتصف الليل 703 مشاهدات 0
الاردن احد اهم دول محور الاعتدال العربي بات اليوم اقرب ما يكون الى تغيير سياساته الداخلية والخارجية ومراجعتها بعد الرهان طويلا على العلاقة مع امريكا والانحياز الى اطراف اقليمية بعينها .
مبعث القلق الاردني عبرت عنه مجموعة من مقالات كتاب الصف الاول في الصحف الاردنية وفي يوم واحد الامر الذي يوحي بضوء اخضر من الحكومة الاردنية للاعلام لتهيئة الجو العام والشارع الاردني لمرحلة فارقة في تغيير السياسات والاستراتيجيات لهذا البلد الذي استفاق صباح مطلع هذا الاسبوع ليجد نفسه يقف وحيدا وسط عاصفة من التحديات الاقليمية السياسية منها والاقتصادية .
مبدئيا ثمة ما يشي بانهيار قريب لمحور دول الاعتدال العربي التي يشكل الاردن احد اهم اعمدتها مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الامريكي جورج بوش الذي يزور المنطقة في احتفالية وداعية تنصل فيها من كل تعهداته لتلك الدول. واهم اسباب الانهيار المرتقب لمحور الاعتدال هو الصعود والنجاح المواز لقوى الممانعة في كل من فلسطين ممثلة بحماس ولبنان ممثلة بحزب الله .
السبب الاخر هو افول نجم اي عملية سلمية ممكنة مستقبلا واليأس تماما من اي حل سلمي مرتقب استبقها محمود عباس بكثرة التذمر والتفلت والتهديد بالانسحاب والاستقالة وجاء بوش ليعزز هذا الشعور بالاحباط لدى شركاء السلام بخطابه في الكنيست الذي انهى فيه حلم الدولة الفلسطينية واجهز به على امل الحل السلمي القائم على فكرة دولتين.
اولمرت بدوره يترنح ويتخبط وهو الشريك المفترض لعباس فأيامه باتت معدودة والبحث عن شريك جديد مهمة مستحيلة تعيد فكرة السلام الى مربعها الاول. ذلك ان اي تراجع في الشأن الفلسطيني سياسيا سيرتد سياسيا وديموغرافيا واجتماعيا على الساحة الاردنية التي تتوجس خيفة من شبح الوطن البديل كلما انخفض منسوب التوقعات الايجابية بقرب حل الدولتين .
وبغبائه المعهود او المقصود ربما يحرج بوش مرة اخرى الاردن عبر تجاهلها او تلافيها وتجاوزها في زيارتين متتاليتين له الى المنطقة وهو الذي كان بالامس القريب يتحدث عن اهمية الاردن في معسكر السلام .
اما في اسباب هذا التجاهل الامريكي لحليفه الاردني فثمة من يربط المسألة ببساطة برحيل بوش وقدوم ادارة جديدة قد تقلب المعادلة وآخرون يتحدثون عن غضب امريكي من الاردن بسبب مواقفها المتحفظة من الوضع في العراق فهي حتى اللحظة لم تسم سفيرا لها هناك .
الاردن تفكر اليوم بمنطق سياسي بحت اساسه مقولة انه لا يوجد عدو دائم او صديق دائم بل مصلحة دائمة وهي مقولة اطلقتها الكويت التي كانت مؤخرا محطة من محطات زيارة رئيس الوزراء الاردني نادر الذهبي الى جانب السعودية والامارات بحثا عن مساعدة للخروج من مأزق الاردن الاقتصادي بعد تحرير قطاع النفط وارتفاع الاسعار العالمي ..وهناك اي في الكويت تلقى الذهبي تجاهلا لكل همومه ومطالبه بدعم اقتصادي او نفطي.. والحال تكرر في كل من الامارات والسعودية . فعهد المنح النفطية وتحميل الفواتير لدول الخليج ولى الى غير رجعة .
واقع الحال هذا فرض على الاردن كما يبدو مراجعة سياسته الخارجية والوقوف في المنتصف وعلى مسافة واحدة من الجميع بدليل الشروع في فتح قنوات اتصال مع ايران وتوجيه رسائل ايجابية لقادة حماس وربما التعامل مع الحركة كشريك سياسي مستقبلي غربي النهر اذا ما شاءت الاقدار وجلس قادة الحركة الى طاولة حوار او مفاوضات او هدنة طويلة الاجل مع اسرائيل .
وهنا لا نحاول اظهار المسألة وكأن الاردن انتقل الى القسم الاخر من المعادلة السياسية بقدر ما نشير الى تحول جذري في السياسة الاردني حتمته عليه لعبة المصالح التي تعتمد على امساك العصا من منتصفها .
قلنا دوما ان الرهان على واشنطن رهان خاطيء وهذا الاعتقاد ساور الاردن خلال الازمة الاخيرة في لبنان حينما تخلت واشنطن تماما عن حليفها فؤاد السنيورة .
وهذا لا يعني بالضرورة تخلي الاردن عن علاقاتها مع الولايات المتحدة على الاقل بانتظار ما ستفرزه صناديق الاقتراع في سباق الرئاسة الى البيت الالبيض وحتى ذلك الحين فان الاردن مطالب بعدم الوقوع مجددا في اخطاء سياسية قاتلة والكف عن اتخاذ مواقف سياسة معلنة والحياد ما امكن في مسائل لا تمس وضعه الداخلي .
على الارض وبلغة التفاصيل الاردن مطالب بعد التجربة المخيبة للرهان على واشنطن بعدة خيارات لعل اهمها تمتين العلاقات مع كافة الاطراف خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني ، وينتظر منها مصالحة مع الذات ومع الشارع عبر اعادة العلاقة مع حركة حماس دون قطع العلاقة مع السلطة ومحمود عباس.
في الملف اللبناني ايضا الامر بحاجة الى قليل من الحصافة السياسية للوقوف على مسافة واحدة من الفرقاء اللبنانيين وعدم الاستعجال في اطلاق التصريحات والمواقف.
والاهم من كل ذلك الالتفات بشكل جدي الى الساحة الداخلية واتخاذ خطوات من شانها ازالة حالة الاحتقان الداخلي التي تسببت بها السياسات الحكومية الاردنية على الصعيدين السياسي والاقتصادي من خلال اطلاق الحريات العامة وتعزيز الشفافية والديمقراطية ودعم المعارضة واحتضانها بدل استهدافها وطرح سلة حلول اقتصادية تخفف من وطاة ازمة ارتفاع الاسعار العالمية ما امكن .
الاردن بحاجة الى مشاركة سياسية على قاعدة التناصح لا التنافس ولا يمكن قيادة البلاد بعقلية الامن دوما فلكل مرحلة ظروفها، والاردن بحاجة الى الاستقواء بالداخل وتحصين الجبهة الداخلية بعدما اثبتت نظرية الاستقواء بالخارج فشلها.
الاردنيون احوج ما يكونوا اليوم الى تماسك جبهتهم الداخلية في مرحلة تضعضع سياسي واقتصادي معززة بنقمة اجتماعية وتململ قد ينفجر في اي لحظة، ليضيف الى مشاكل الاردن وهمومها هما آخر هي في غنى عنه.
اولى خطوات الاستدارة السياسية الاردنية كما وصفها احد الكتاب ستكون على الاغلب جراحة تجميلية سريعة لحكومة نادر الذهبي تطيح بفريقه الاقتصادي غير المرضي عن سياساته واشاعة اجواء الانفتاح والانفراج الداخلي بحزمة قرارات اقتصادية ربما تفأجأ الجميع.
تعليقات