كم عدد الدول المستفيدة «اقتصاديا» من خصوصيتنا؟بقلم ريم السعوي

الاقتصاد الآن

717 مشاهدات 0



أو بصيغة أخرى: كم عدد الدول المستفيدة من 'عُقدنا'؟ نسميها مواربة بالخصوصية السعودية أفكر بعدد هذه الدول التي تستفيد ماديا فيما نخسر نحن! وبسبب خصوصيتنا/عاداتنا الغريبة التي تفتك بنا يوما بعد يوم. ماذا ستفعل الهند والفلبين وباكستان وإندونيسيا وكينيا وغيرها إذا توافر لدينا وسائل نقل عام وسيارات نقودها بأنفسنا؟

ماذا ستفعل أفغانستان وتركيا ومصر وبلاد الشام إذا أصبح الشباب عاشقا للعمل مهما بلغ عدد ساعاته ومشقته، وتحول معه التاجر والمسؤول إلى حراس حقيقيين لكرامة الوطن؟

ما الذي سيحصل لو شق الشباب طريقهم نحو مختلف المهن: بناء وطبخ وسباكة وكل مهنة شريفة تبارك له حياته من عمل يده؟ وما الذي سيحل باقتصاد دول السياحة المجاورة التي قد لا تحتوي على مزايا تذكر، إلا أنها تسمح 'بعض' الشيء في بعض الأمور التي نتشبث بمنعها وكأنها كفر بواح، في حين نصمت عن أمور أفظع فقط لأنها تحدث تحت الطاولة!

مرة أخرى كم عدد الدول المستفيدة 'اقتصاديا' من عُقدنا السعودية؟

في تجربة غسان سكر الشاب الذي سافر لبعثة واكتشف أنه يعشق الطبخ ولا يريد أن يدرس أي تخصص آخر سوى الطبخ، تجربة اكتشف فيها نفسه وعمل بما يحب، وهو يقول مستغربا إن الناس تستخف بي أن أعمل 'شيف' رغم أنه مجال عمل مربح عالميا!

وليس انتشار المطاعم واستفرادها بتمشياتنا إلا أبسط دليل على ربحها. لأي درجة نحن لا نريد مواجهة أنفسنا بأننا فعليا لا نريد أن نعمل، في عملي ومحيطي القلة فقط هي التي تعمل بجد وتلتزم بكلمتها، والغالبية ممن حولي حقيقة لا يحبون العمل.

خصوصيتنا هي شماعة أثقلتها الأمور التي نعلقها عليها، شماعة تفتك بنا بكل المجالات لأننا لا نريد أن نلتفت لأسبابنا الحقيقية التي تمنعنا من أن نعيش باستقلالية أكثر كبقية شعوب العالم. لماذا في أغنى الدول وأعلاها لا يوجد بناء أو خياط أو حلاق أو سباك أو… أو إلا وهو من جنسية البلد نفسه، ونحن نجد كل جنسيات العالم بأجور رخيصة تعمل في مهننا ونقف في الشارع نبكي البطالة. رحت أبحث عن حل ما في موقع وزارة التخطيط، فوجدت الكثير من الخطط الاستراتيجية الرائعة لكن دون أي حديث عن أي مرحلة وصل تنفيذ هذه الخطط.

في لقاء تركي الدخيل مع الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - في أثناء تسنمه وزارة العمل، قال نصا: كنت أعيش يوميا تجارب مأساوية في العمل .. رجل في الـ70 يبحث عن عمل لابنه الشاب ويتنقل به من وزارة إلى وزارة، وحين قرر قراره الشهير بتقليص تأشيرات العمالة المتاجر بها لانخفاض الأجور، وهاجمه الكثير في ذلك القرار، قال: إني أخشى الله أن ألقاه وقد قطعت رزقا مشروعا، أما الأرزاق غير المشروعة فلا أبالي بقطعها، كان وزير العمل حينها يعاني من ثقافة التاجر ومن ثقافة الشاب وقال كلمته المشهورة مطلوب مني أن أشغل ناس لا تريد أن تشتغل عند ناس لا تريد أن تُشغِّل!

كتبت مرارا وما زلت سأكتب أنه من الضرورة أن يحصل تضامن وتنسيق بين كل قطاعات الدولة في التوجه الذي تأخذه (في القرار) يجب أن يكون هناك تضامن إعلامي وتربوي بين وزارة العمل ووزارة التربية والإعلام والخطاب الديني، لأن مشاكلنا ليست فقط إجرائية بل يلعب الموروث الثقافي والديني دوره العميق للدرجة التي تعوق تقدمنا خطوات للأمام، وفي تجربة القصيبي في منع التأشيرات خير برهان.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك