توفير التمويل لا يكفي لحل أزمة السكن بقلم د.صلاح بن فهد الشلهوب

الاقتصاد الآن

632 مشاهدات 0



في إطار سعي المؤسسات الحكومية لحل مشكلة الإسكان التي قد تتحول إلى أزمة في المجتمع نتيجة ارتفاع تكلفة السكن، عملت وزارة الإسكان على تعزيز مسألة التمويل بالاتفاق مع بعض المصارف في المملكة، بحيث توفر هذه المصارف تمويلا إضافيا للمواطن الذي يحتاج إلى زيادة حجم التمويل ليستطيع شراء أرض، خصوصا مع ارتفاع الأسعار، فبعد زيادة حجم تمويل صندوق التنمية العقاري ليصل إلى 500 ألف بعد أن كان 300 ألف ريال فقط، مكنت هذه الزيادة المواطن من القدرة على بناء منزل مناسب، لكن تبقت المشكلة الكبرى عند المواطن، خصوصا في المدن الرئيسة، ألا وهي الحصول على أرض لبناء المسكن، وفي إطار علاج هذه المشكلة توصلت وزارة الإسكان إلى اتفاق مع بعض المصارف لتقديم تمويل إضافي يعزز فرص قدرة المواطن على شراء أرض لبناء منزل.

لا شك أن التمويل له أهمية كبيرة لعلاج مشكلة الإسكان، ومن خلال تجربة كثير من الدول المتقدمة نجد أن التمويل عزز بشكل كبير فرص الحصول على مسكن لمواطنيها بحيث بلغت نسبة تملك المساكن كبيرة لدى تلك الدول.

لكن حل مشكلة التمويل في هذه المرحلة قد لا تكفي لمعالجة الإسكان في المدن الرئيسة، فرغم التوسع في مثل هذه البرامج إلا أن توافر الأراضي أصبح يشكل أزمة لدى المواطن، إذ بلغت أسعار الأراضي مستويات لا تمكن المواطن متوسط الدخل من شرائها، وبطبيعة الحال هذا ليس بسبب قلة الأراضي غير المستغلة، بل نسبة ما يسمى المساحات البيضاء غير المستغلة أكبر من المساحات المستغلة، وهذه المساحات لم تكتسب قيمتها الحالية إلا بسبب إنفاق الدولة على توفير البنية التحتية والخدمات، والاستفادة من هذه الأراضي سيخفف من الإنفاق الحكومي لإيصال الخدمات إلى مناطق بعيدة.

من خلال كثير من المقالات والنقاشات نجد أن البعض ينظر إلى أن حل مشكلة الإسكان في يد وزارة الإسكان، وهذا تبسيط للأمور لا يعالج المشكلة، إذ إن قضية الإسكان مرتبطة بجهات متعددة إحداها وزارة الإسكان، لذلك من المهم في علاج هذه المشكلة أن تكون هناك نظرة شمولية تسهل مسألة علاج أزمة الإسكان، لذلك من المهم لحل مشكلة الإسكان دراسة ثلاثة عناصر مهمة، وهي مسألة توافر الأراضي السكنية في المدن الرئيسة، والقضية الثالثة وهي مهمة أيضا مسألة توفير تكلفة البناء، إذ إن تكلفة البناء الشخصي أصبحت عالية بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء وارتفاع تكلفة القوى العاملة، ومع برامج وزارة العمل التي تسعى إلى تسوية أوضاع القوى العاملة بصورة نظامية، ورسوم القوى العاملة الأجنبية قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكلفة البناء. خصوصا أن هذه العمالة غير النظامية لا تلتزم في عملها بالجودة المطلوبة التي قد تؤدي إلى مشكلات مستقبلية في هذه المباني.

لذلك فإنه من المهم في هذه المرحلة العمل على اتخاذ خطوات لإيجاد توازن بين العرض والطلب تمكن المواطن من الحصول على أرض بسعر مناسب، كما أنه من المهم توفير خيارات متعددة للمواطن للبناء سواء من خلال البناء الجاهز، الذي يقل في تكلفته بشكل كبير عن البناء بالطريقة التقليدية، والتي تعرض المواطن إلى احتمالات أخطاء متعددة منها ما يتعلق بكفاءة القوى العاملة ومنها ما يتعلق بجودة المواد المستخدمة في البناء. ويبقى أن هذه الخطوة، وهي التمويل الإضافي، ستكون مفيدة جدا في المدن الصغيرة وغير الرئيسة، وتعزز فرص تفضيل بعض المواطنين الإقامة في هذه المدن بدلا من المدن الرئيسة.

فالخلاصة أن برنامج التمويل الإضافي للإسكان من خلال بعض المصارف يعزز من تيسير مسألة التمويل، وهذا جزء من متطلبات حل مشكلة الإسكان، ويبقى أن هنالك أمورا أخرى لابد من العمل عليها لإيجاد نشاط متوازن في قطاع العقار، بحيث يتوفر الطلب وتخف تكلفة إنشاء المساكن.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك