نريد عمالة .. ولكن! بقلم عمر الجريفاني

الاقتصاد الآن

665 مشاهدات 0



العمالة، اختزال لكثير من التفاصيل في العمل والحياة والمجتمع، وانعكاس لما توفره الدول من فرص عمل تتيح لها تحريك عجلة النمو بشكل إيجابي، وقد تحتاج الظروف إلى استقدام عمالة من خارج البلدان لظروف متعددة، ويصاحب استقدامها في العادة تحديات مختلفة بحسب تنوع جنسيات العمالة، وما تفرزه على أرض الواقع من حقائق، وما تؤول إليه من نتائج في مختلف الاتجاهات على الرغم من دورها في البناء والتقدم.

وفي القطاعات السعودية، امتن الله على أهل هذا البلد بالخير الوفير الذي نبع فيها وامتد خارج الحدود، وعاش على أرضها منذ زمن ملايين العمال، وسطروا قصصا شتى، وكانت لهم كذلك علاقات مجتمعية تعدت مجرد المباشرة وإنهاء العمل إلى مستويات إنسانية رفيعة.

وملف العمالة فيه كثير من التفاصيل، كما قلنا، وفي يومنا هذا يعاني كثير من القطاعات مشكلة شح العمالة، وعدم توافر العمال، ويدور في أحاديث المحتاجين للعمالة أحاديث شتى حول الأسباب، التي منها: أن وزارة العمل تصعّب كل يوم أمور الحصول على تأشيرات قدوم العمالة، حتى بات المجتمع كله يصرخ بصوت واحد: نريد عمالة!، والسؤال هو: هل فعلاً تصعّب الوزارة الأمور، وهل فعلاً نريد عمالة فقط؟

إن أي رجل أعمال في عالم اليوم عندما يخطط لعمل مشروع لا بد أن يحسب تكلفته، ومن ضمن هذه التكلفة تكلفة العمالة ــــ لكن هل نقوم بحساب تكلفة العمالة بصورة واقعية؟ بمعنى: إذا افترضنا أثناء هذه الدراسة أن صاحب المشروع يريد عاملاً بتكلفة ألف ريال، لكنه لم يجده على أرض الواقع، فهذا يعني أنه هو صاحب المشكلة؛ لأنه عمل دراسة خاطئة وغير دقيقة.

وكما هو معلوم، فإن المملكة ليست دولة تمنح الجنسية لمن يقيم بها، ولا تبحث عن استقطاب مواطنين جدد؛ ولهذا فإن موضوع التركيبة السكانية مهم جداً، فلدى المملكة اليوم عدد سكان يراوح تقريباً بين 18 و19 مليوناً، ويجب ألا يتجاوز عدد الأجانب فيها أكثر من 25 في المائة من إجمالي التركيبة السكانية، إذًا نحن نتكلم عن عدد الأجانب في المملكة بين أربعة إلى خمسة ملايين مقيم، وعدد الذين يدخلون ويخرجون من المملكة تقريباً نحو نصف مليون في السنة، وهو عدد قد يرتفع أو ينخفض قليلاُ.

لقد أصبح معروفاً أن عدد الأجانب الذين يدخلون ما يقارب نصف مليون أجنبي، لكن من بينهم من يستحق أن تصدر له التأشيرة إذا ما علمنا أن عدد المنشآت في المملكة تقريباً نحو 800 ألف إلى مليون سجل تجاري.

وفي عام 2010 ـــ حسبما صرحت به وزارة التجارة ــــ بلغ عدد السجلات التجارية الصادرة 73 ألف سجل تجاري تقريباً، معنى ذلك أن كل منشأة تستحق نحو أربعة إلى ستة موظفين؛ لأن العدد المسموح به هو نصف مليون، إذًا هذا ليس كلاماً منطقياً أبداً.

والصحيح هو أن تكون حصة القطاعات المنتجة هي الأكبر، فالقطاعات التي تضيف للاقتصاد الوطني هي القطاعات التي تسهم في عملية تصدير المنتجات السعودية مثل قطاع الصناعة ـــ على سبيل المثال ـــ وهو قطاع منتج، وتخفيض التكلفة في هذا القطاع شيء ضروري، بمعنى أن يتم إلغاء 2500 ريال من القطاع الصناعي، ويتم إضافة هذه التكلفة إلى القطاعات التي لا تضيف قيمة منتجة.

قبل أيام كنت في مجلس الأخ حسان عسيري، وكان لديه اقتراح جميل أعتقد أنه يستحق الدراسة من قبل وزارة العمل، وقد يكون حلاً ممتازاً لتوطين الوظائف، وهو أن أي شركة فيها عدد موظفين يزيد على 500 يجب أن يكون لديها مركز تدريب يستوعب 10 في المائة من عدد الموظفين، ويتم تدريبهم على أنشطة الشركة الفعلية، فلو كان لدينا شركة هندسية من 500 موظف يجب أن تدرب 50 رساماً أو مهندساً مدة سنة على الرسم الهندسي أو أي نشاط في صلب عمل الشركة، وهنا يكون لدينا 50 مهندسا متقناً للرسم الهندسي، وبعد ذلك يمكن إحلال الأجانب محل السعوديين خلال سنتين، وبهذا يكون لدينا إتقان في التدريب ويكون الموظف قد حصل على تدريب متقن، ويتم دعم تكلفة هذا التدريب من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية دعما مجزيا بتحويل 2500 ريال لهذا الصندوق.

ولو افترضنا أن لدينا ألف شركة فيها عدد موظفين يبلغ 500 موظف فما فوق فالمفروض على الشركات سنوياً أن تنتج 50 ألف وظيفة في السوق وتوظف 50 ألف موظف، لكن يجب أن نتعاون مع التاجر في دعم القطاعات المنتجة مثل القطاع الصناعي، هو القطاع المنتج للاقتصاد الوطني، وتجفيف ما لا يهم من المهن التي ليس لها وظيفة سوى تصدير أموالنا المهمة نحو الخارج.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك