ضاربا المثل بالنصف والحمد والرشيد وبن طفلة، الفضلي للوزراء: استقيلوا يرحمكم الله
زاوية الكتابكتب مارس 20, 2013, 2:45 م 1266 مشاهدات 0
الكويتية
استقيلوا يرحمكم الله
د. صلاح الفضلي
من ضمن الأفلام المشهورة التي مثّلها الممثل الراحل أحمد زكي فيلم «معالي الوزير»، الذي تقمص فيه شخصية الوزير الذي وصل إلى المنصب مصادفة، نتيجة تشابه الأسماء، لأن الشخص الذي كان رئيس الوزراء المكلف ينوي إشراكه معه في الوزارة دكتور في الجامعة اسمه «رأفت رستم»، ولآن الوقت كان ضيقاً والوزراء كانوا على وشك أن يؤدوا القسم أمام رئيس الجمهورية، فقد أقنع مدير مكتب رئيس الوزراء رئيس الحكومة بأن يسمح لرأفت رستم أن يصبح وزيرا ثم تتم إقالته في أقرب فرصة، وبالفعل وافق رئيس الوزراء حتى يتخلص من الموقف المحرج. وبعد أن حلف الوزير رأفت رستم اليمين أمام رئيس الجمهورية، غادر القصر الجمهوري وهو يحدث نفسه قائلا «أقسم بالله أن أحترم المصادفة التي جعلتني وزيرا، وأن أستغل هذه الفرصة».
أعتقد أن غالبية وزرائنا هم على طريقة رأفت رستم، فرغم بعض الحركات والأفلام التي يقومون بها بتقديم استقالتهم في موضوع معيّن، فإنهم سرعان ما يعودون عنها ويتشبثون بالكرسي، ولدينا في الحكومة الحالية نموذجان من هذه النوعية من الوزراء، الأول هو وزير التجارة أنس الصالح، الذي استقال على خلفية مرسوم الصوت الواحد ثم عاد عن استقالته، وثانيهما وزير التربية نايف الحجرف الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي على خلفية وفاة التلميذة، ثم سرعان ما عاد هو الآخر عن استقالته، ولا نعرف أين ذهبت المسؤولية الأخلاقية التي كان يتحدث عنها معالي الوزير عند تقديم استقالته، أم أنه تم تجميدها في الثلاجة إلى إشعار آخر. على كل الأحوال نقول لمعالي وزير التربية «بلاش أفلام هندية، وفك روحك من كامل العوضي».
لأن مسألة الثبات على المبدأ تسجل في الذاكرة، فإن الكويتيين لايزالون يذكرون الوزراء الذين ثبتوا على مواقفهم ومبادئهم، وأصروا على الاستقالة عندما تعارض المنصب مع قناعاتهم، ولذلك لايزال الجميع يتذكر يوسف النصف وعبداللطيف الحمد وأنس الرشيد وسعد بن طفلة، لأنهم سجلوا مواقف تاريخية في الثبات على المبدأ والزهد بالمنصب.
وبما أننا في معرض الكلام عن استقالات الوزراء، ألم يكن من باب حفظ ماء الوجه أن يقدم وزير المالية مصطفى الشمالي استقالته بعد أن «قصت الحكومة الحبل فيه» في موضوع إسقاط فوائد القروض؟
هل بقي من مصداقية الشمالي شيء، وهو الذي كان يتصدر وسائل الإعلام بشكل متكرر، ويصرح بشكل استفزازي للنواب «ماكو غير صندوق المعسرين، وما لكم شي عندي»؟، وهو الموقف الذي على أساسه امتدحته جماعة غرفة التجارة، ووصفته بأنه موقف شجاع وصلب من وزير كفؤ، ولكن سرعان ما تبدلت الحال، بعد أن قام الشمالي بحركة بهلوانية رشيقة نافس فيها لاعبة الجمباز الرومانية السابقة، ناديا كوماتشي، وتراجع عن موقفه السابق، وعندها ما كان من «الغرفة» إلا أن أصدرت بيانا شديد اللهجة تقول فيه إن الحل الذي اتفقت فيه اللجنة المالية في المجلس مع الحكومة «حل سيئ لمشكلة لا وجود لها». هكذا - وبكل بساطة - الشباب في الغرفة لا يرون في فوائد القروض أي مشكلة، ولسان حالهم يردد مع الملكة ماري أنطوانيت «ليش ما ياكلون بسكويت». أليس من الأكرم للشمالي أن يقدم استقالته، بعد أن ذهب ماء وجهه؟ أم أنه كما قال رأفت رستم «يحترم الفرصة التي جعلته وزيراً»، ولن يفرط فيها مادام حياً.
تعليقات