الاحتياطيات غير التقليدية .. هل تشابه النفط التقليدي؟ (1 من 2) بقلم د. نعمت أبو الصوف

الاقتصاد الآن

1470 مشاهدات 0


 


جزء كبير من موارد العالم النفطية التي تقبع في باطن الأرض، تصنف على أنها موارد غير تقليدية يتطلب استخراجها استخدام طرق خاصة غير تقليدية ومن هنا أتت التسمية. من هذه الموارد النفط الخام الثقيل جدا، الرمال النفطية (أو رمال القار) والزيت الصخري oil shale (ليس المقصود هنا الصخر الزيتي shale oil أو طبقات الرمال المحكمة Tight Oil التي تحتوي على نفط تقليدي محصور بطبقات واطئة النفاذية تتطلب تقنيات خاصة لاستغلالها).

على سبيل المثال، وفقا لتقديرات مجلس الطاقة لمقاطعة ألبيرتا الكندية يبلغ إجمالي موارد القار المكتشفة في المقاطعة نحو 1.7 تريليون برميل، وتقدر الموارد غير المكتشفة بنحو 800 مليار برميل. ويقدر المجلس احتياطي القار القابل للاستخلاص بالتقنيات الحالية بنحو 175 مليار برميل، كما تقدر الكميات الإضافية القابلة للاستخلاص بنحو 150 مليار برميل، لكن هناك اعتراضات كبيرة على هذه التقديرات مفادها أن الطرق المستخدمة في الحسابات لم تكن بالدقة الكافية لتلبية تعريف الاحتياطيات النفطية؛ وذلك لكبر حجم الاستثمارات اللازمة لتطوير هذه الموارد وطول فترة التطوير. واليوم هناك فقط نحو 25 مليار برميل من هذه الاحتياطيات قيد التطوير.

وازداد الاهتمام خلال السنوات الماضية وتحديدا منذ مطلع العقد الماضي بشكل ملحوظ بتطوير بعض موارد النفط غير التقليدية، خصوصا النفط الخام الثقيل جدا والرمال النفطية. يعود سبب ذلك إلى عوامل عدة، منها: حصول تطور في تقنيات استغلال هذه المصادر بصورة اقتصادية، أمن الإمدادات لمصادر النفط، ارتفاع الأسعار وتضاؤل معدلات الإنتاج من النفوط التقليدية في بعض المناطق من العالم. في هذا الجانب يرى البعض أن هذه الموارد ستلعب دورا كبيرا في تعزيز إمدادات النفط العالمية وتعوض عن انخفاض الإنتاج من الموارد التقليدية، في حين يرى البعض الآخر أن استغلال هذه الموارد سيكون مكلفا جدا، يحتاج إلى كميات كبيرة نسبيا من الطاقة لإنتاجها وأكثر تلويثا للبيئة من النفوط التقليدية.

في الآونة الأخيرة تم اعتبار بعض موارد النفط غير التقليدية جزءا من احتياطي النفط العالمي، حيث إن ارتفاع الأسعار والتطور التقني مكنا الشركات النفطية من استثمار هذه الموارد بصورة اقتصادية، يضاف إلى ذلك تركيز الصناعة على تقنيات تحويل هذه الموارد إلى سوائل يتوافق مع النمط الحالي والمستقبلي المتوقع لاستهلاك النفط، وبالتحديد تلبية احتياجات العالم من وقود المواصلات والنقل. في ضوء تلك الرؤية ارتفعت احتياطيات النفط المؤكد في كل من فنزويلا وكندا إلى 296 و175 مليار برميل على التوالي، وقفز ترتيب هذين البلدين إلى الأماكن الأولى والثالثة على التوالي في التصنيف العالمي لاحتياطيات النفط.

في السابق كان مصطلح النفط الخام يطلق فقط على موارد النفط التقليدية التي لها القدرة على التدفق من خلال أنابيب الإنتاج بصورة طبيعية إلى السطح، إما بمساعدة ضغط المكمن أو بمساعدة مضخات غاطسة في قعر البئر أو من خلال الرفع بالغاز الذي يعرف بـGas Lifting. في حين أن النفط المستخرج من زيت الصخري oil shale أو من موارد النفط الخام الثقيل جدا أو الرمال النفطية الموجودة في كندا كانت تستثنى من هذا التعريف أو المصطلح حتى وقت قريب.

استثمار موارد النفط غير التقليدية بصورة عامة تعتبر مكلفة، على الرغم من إحراز تقدم كبير في مجال معالجة التحديات التقنية وخفض التكاليف.

تشير معظم التوقعات إلى أن معظم إمدادات العالم من النفط غير التقليدي على المدى المتوسط إلى الطويل الأجل ستأتي بالدرجة الأولى من النفط الخام الثقيل جدا، من الرمال النفطية (رمال القار) ومن السجيل النفطي oil shale، وبالدرجة الثانية من مصادر السوائل النفطية المخلقة synthetic oil من الغاز الطبيعي Gas To Liquids أو الفحم الحجري Coal To Liquids. في هذا الجانب، تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية الأخيرة إلى أن الإنتاج العالمي من مصادر النفط غير التقليدي (باستثناء الوقود الحيوي والصخر الزيتي shale oil) سيرتفع من 2.9 مليون برميل يوميا في عام 2011 إلى 6.2 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020، ثم إلى 11.6 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2035.

مع ذلك، لا يزال هناك عديد من التحديات الرئيسة التي يمكن أن تقلل من معدل التوسع في إنتاج هذه المصادر: فعلى سبيل المثال البنية التحتية للنقل قد تحد من جدوى الإنتاج، في حين الحصول على اليد العاملة المؤهلة، ونقص المياه، واستهلاك الطاقة وارتفاع التكاليف، فضلا عن ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعي المستخدم في تقنيات إنتاج هذه المصادر، قد تعمل مجتمعة على تقييد وتحديد الإنتاج منها. وعلاوة على ذلك، التكاليف المحتملة نتيجة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري هي الأخرى تمثل تحديا رئيسا لبعض هذه المشاريع. وإضافة إلى تحدي الغازات الدفيئة، بعض مناطق الإنتاج تواجه عقبات بيئية أخرى، بما فيها تدهور نوعية المياه السطحية، وتسرب الأحماض إلى التربة والمياه على حد سواء. كما أن انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 80 دولارا للبرميل، سيكون لها تأثيرات سلبية كبيرة في زيادة الإنتاج من مصادر النفط غير التقليدية.

في الوقت الحاضر معظم إنتاج النفط غير التقليدي يأتي من الرمال النفطية الكندية وبالذات من مقاطعة البرتا، حتى الآن معظم النفط يستخرج من المكامن القريبة من السطح باستخدام تقنية التعدين. هذه التقنية باهظة الثمن وتحتاج المشاريع الجديدة إلى أسعار نفط (غرب تكساس الوسيط) بحدود 80 دولارا للبرميل لتصبح اقتصادية وتوفر 10 في المائة فقط على عوائد الاستثمار الكبيرة. تتطلب هذه العملية أيضا استخدام كميات ضخمة من المياه، الأسوأ من ذلك، عملية التعدين فقط تصلح للترسبات التي هي على عمق لا يتجاوز 75 مترا - هذه الترسبات تمثل فقط 20 في المائة من مجموع موارد الرمال النفطية في كندا.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك