عزيزي العميل بقلم وليد محمد الحديثي

الاقتصاد الآن

1166 مشاهدات 0


تلتقط الهاتف وعلى وجهك علامات الاستياء والتذمر، فلديك مشكلة تريد لها حلا فوريا، قد تكون مشكلة صغيرة وقد تكون مشكلة كبيرة، لكنها في النهاية عطلت كل الخدمات لديك، فيأتيك صوت دافئ من خلال سماعة الهاتف يهمس في أذنك قائلا: عزيزي العميل مرحبا بك في عالمنا إنك محور اهتمامنا وكل ما نريده هو أن نحصل على رضاك بأي طريقة مهما كانت صعبة أو معقدة، عزيزي العميل: إنك من يجعلنا نفكر طوال الوقت في ابتكار أفكار جديدة ووسائل مختلفة لنحظى بإعجابك وتقديرك، عزيزي العميل: حينما نطرح خدمة جديدة نتساءل ماذا كانت يا ترى ردة فعلك حينما سمعت بها لأول مرة، عزيزي العميل: حينما ننظر في عينيك يزول عنا كل الألم والتعب ونشعر بأن الدنيا تفتح لنا أبوابها، عزيزي العميل: هناك نوع رائع من المشاعر الدافئة ينبثق من قلوبنا تجاهك فيزاحم الدم في عروقنا ويصبح نبضنا ينبض بها، عزيزي العميل: إننا نشعر بأسف بالغ حينما نعلم أننا نقدم لك مجموعة من الخدمات المحدودة ولا نستطيع أن نغطي جوانب أكبر من خدمات أخرى - مع الأسف - لا نعمل على تقديمها ولا تدخل ضمن نشاط القطاع الذي نعمل في حقله، عزيزي العميل: نحن سعداء جداً لأنك منحتنا الوقت لنعبر لك عن مشاعرنا وأحاسيسنا تجاهك.

ما هذا إلا التطور الذي أتوقعه لخدمات الكول سنتر لدينا، فهي خدمة لا تزال غير ناضجة ولم تعمل بعد بكفاءة مرضية لأقل العملاء تطلبا. في الغرب هناك شركات ضخمة وكبيرة تعمل فقط بالكول سنتر، فالشركات الكبرى تتعاقد معها لتلبية احتياجات عملائها من هذه الخدمة، وهناك من يستطيع حل مشكلتك أو يستطيع أن يخبرك كيف يمكنك حلها، ولا يزال موظفو الكول سنتر لدينا قليلي الخبرة في المنتجات التي يحاولون حل مشاكل العملاء فيها، لماذا لا يتم اختيار الكفاءات المناسبة لشغل وظيفة بالكول سنتر، فهي أصبحت وظيفة مناسبة لمن لا وظيفة مناسبة له، لم تدرك الشركات بعد أهميتها في الترويج لمبيعات الشركة، ولم تتشرب بعد ثقافة خدمات ما بعد البيع، ولا تزال كل شركة لدينا تبني الكول سنتر الخاص بها وتجدها فرصة مناسبة لزيادة نسبة السعوديين في الشركة، فلا الكفاءة ولا المهنية هما متطلبات شغل هذه الوظيفة، كل ما تحتاج إليه لشغلها هو أن تكون سعوديا يعرف كيف يرد على الهاتف، وعندما تحاول الاتصال على الكول سنتر للاستفسار عن خدمة جديدة أو لأنك تواجه مشكلة ما في المنتج، تكتشف أن الموظف غير ملم بما يكفي كي يقدم لك يد المساعدة، وفي بعض الأحيان يقول لك معلومة تكتشف فورا أنه لا يعرف أي شيء عن المنتج، ولهذا تأثيره طويل المدى في مبيعات المنتج وسمعة الشركة.

إن التركيز على عملية البيع فقط لمنتجات جيدة قد تلاقي النجاح المأمول إذا كانت المنتجات لا تحتاج إلى خدمات ما بعد البيع، لكنها ستفشل بالتأكيد على المدى البعيد إن كانت لمنتجات يحتاج فيها العملاء إلى خدمات ما بعد البيع، أما المنتجات التي تحتاج إلى خدمات الكول سنتر فهي بالتأكيد ستفشل إذا لم تطور خدمات الكول سنتر لديها مثل الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر اللوحية والهواتف الذكية.

لا شك أن الشركات حاليا لم تلاحظ تأثير سوء خدمات الكول سنتر في مبيعاتها، وذلك لأن تلك الخدمات - مع الأسف - سيئة لدى الجميع، ما يجعل العملاء لا يتمتعون بالخدمات التي يتمتع بها الآخرون في الدول المتقدمة، وذلك لأن الجميع اعتبر الكول سنتر متنفسا رائعا للسعودة التي أصبحت تؤرق مضاجع كبار المديرين في الشركات، ولو بادر أحدهم وأنشأ شركة متقدمة بالكول سنتر فلن أضمن لها النجاح، لأن الشركات بذلك ستخسر نسب السعودة المكتسبة وتدخل في صراع محتمل مع وزارة العمل، ولا أدري ما يجب علي فعله لاقتراح حل لهذه المعضلة، هل أقترح على وزارة العمل أن تخرج موظفي الكول سنتر من نسب السعودة، بالتأكيد لن أفعل، هل أقترح على وزارة التجارة أن تجبر الشركات على توظيف كفاءات عالية في الكول سنتر، بالتأكيد لن أفعل، ففي هذه المشكلة يبدو الأمر معقدا للغاية .. لا يسعني إلا أن أقول عزيزي العميل تحمل من أجل السعودة

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك