عُقد على مدى ثلاثة أيام
محليات وبرلمانمؤتمر المواطنة في المجتمع الكويتي يختتم فعالياته
مارس 6, 2013, 1:02 م 1519 مشاهدات 0
اختتمت فعاليات اليوم الثالث للمؤتمر التربوي ( المواطنة في المجتمع الكويتي: تشخيص للواقع ورؤية للمستقبل ) الذي نظمه قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية في جامعة الكويت تحت رعاية وزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور نايف الحجرف، وذلك خلال الفترة من 4-6 مارس 2013 بفندق ريجنسي .
بدأت جلسات اليوم الأخير بعقد الجلسة السادسة التي تناولت محور ( الإعلام وتعزيز قيم المواطنة ) وتحدث فيها كل من أ.د. سامي نصار ود. حسن مكي وادار الجلسة د. محمد البلوشي .
الإعلام وتعزيز قيم المواطنة في المجتمع الشبكي
وتطرق أ. د. سامـي نصـار أستاذ أصول التربية معهد الدراسات التربوية - جامعة القاهرة وعميد كلية الدراسات التربوية الجامعة المصرية للتعلم الالكتروني في ورقته المقدمة بعنوان ' الإعلام وتعزيز قيم المواطنة في المجتمع الشبكي' إلى ما يلي : (الإعلام الجديد في مجتمع شبكي ، والإعلام الجديد وقضايا المواطنة ، والإعلام الجديد وتعزيز قيم المواطنة في الوطن العربي)
وتناول أ.د. نصار المجالات التي تغطيها المواطنة وهي ( مجال الحقوق المدنية والمجال السياسي والمجال الاجتماعي والاقتصادي والمجال الثقافي ) .
وأشار د. نصار إلى أن المواطنة هي شرط وجود الفرد في الدولة أو المجتمع السياسي وهي التي تمنحه الإحساس بالهوية وتتيح له ممارسة حقوقه السياسية والاجتماعية وتؤهله لأداء أدواره وتحمل مسئولياته والوفاء بالتزاماته في الحياة العامة في مجتمعه فضلا عن تفاعله مع القضايا العالمية باعتباره مواطنا عالميا يعيش في عالم مترابط متعدد الثقافات ، مضيفا أن قيم المواطنة تشير إلى مجموعة من المبادئ والمواقف والمفاهيم السياسية التي لها أبعادها الفردية والاجتماعية فضلا عن جوانبها المعرفية والوجدانية والأخلاقية ومن ثم تعدد المجالات التي تغطيها قيمة المواطنة والتي تتضمن مجموعة من القيم المرتبطة بالحياة في أي مجتمع سياسي .
وطرح أ.د. نصار تساؤلا : كيف يمكن لوسائل الإعلام الوطنية بشقيها التقليدي والجديد ترسيخ قيم المواطنة في ظل التهديد المزدوج؟ مشيرا إلى أن الإجابة على هذا التساؤل تستلزم مسبقا تحديد طبيعة العلاقة بين الدولة ووسائل الإعلام ، فالدولة بكافة أجهزتها التشريعية والتنفيذية هي المسئولة عن خلق روح الانتماء والولاء بين مواطنيها وتعميق إحساسهم بالهوية الوطنية وتمتعهم بحقوق المواطنةـ وفيما يتعلق بالإعلام فإن القضية التي تطرح نفسها هي قضية الحرية وحدود ممارستها بين إعلام السلطة وسلطة الإعلام .
وبدوره تحدث الدكتور حسن مكي عضو هيئة التدريس في قسم الإعلام بجامعة الكويت في ورقته المقدمة : ( الإعلام وتعزيز قيم المواطنة إشكالية ؟ ) مبينا أنه ليس لدينا اليوم إعلام لأن كلمة إعلام تعني الإبلاغ عن معلومة أي جهة تمتلك المعلومة وتبلغه للآخرين عن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، حيث نعيش اليوم في عصر شبكات الاتصال والإعلام جزء من الاتصال .
وذكر د. مكي أن المفهوم الصحيح لقيم المواطنة هو قناعة فكرية وثقافة مفاهيم وقضية وجدانية تشكل اتجاهات وتعاطفات وحالة مادية (سلوك ) كالدفاع عن الوطن، مشيرا إلى أن مفهوم المواطنة لا يمكن تحقيقه دون تنشئة وتربية مواطنية .
وأشار د. مكي إلى أن إشكاليات دور وسائل الإعلام تكمن في الهيمنة الإعلامية على كل شيء، وأن إشكالية الإعلام غير المنضبط ( جدلية العلاقة بين حرية الإعلام والمسئولية ) وإشكالية الانفلات المعلوماتي وتأثيره على الهوية الوطنية الثقافية ، وإشكالية التعارض بين المنظومة التربية في المجتمع والمنظومة التربوية في المجتمع والمنظومة الإعلامية ، وإشكالية أن ميدان التنشئة أو التربية الوطنية ( محدود إقليميا ومحليا ) وميدان التنشئة أو التربية الإعلامية (عالمي ومفتوح و صعب التحكم فيه) وإشكالية عدم اهتمام وسائل الإعلام في تعزيز قيم المواطنة أصلا، لأن الإعلام يعمل على الأسس التجارية ومفهوم المنفعة .
وذكر أن هناك إشكالية بين المنظومة التربوية ومنظومة الإعلام ، فلم يعد اليوم ميدان التنشئة محدودا حيث أصبح الفرد يستمد المعلومة من العالم أجمع وليس من البيئة المحيطة.
وبين د. مكي أن مفهوم المواطنة الصحيح يعني الانتماء للوطن مقدم على أي شيء آخر، حيث أن المواطنة تعني :
• الإيمان بالحقوق المدنية لكل مواطن بغض النظر عن شكله أو عرقه أو دينه.
• الإيمان بالحقوق السياسية شاملة الحرية والمساواة والعدالة .
• الإيمان بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية .
• التفاعل الاجتماعي الإيجابي .
• احترام النظام والقانون .
• احترام حريات الآخرين .
• الدفاع عن الوطن
• وأن الاختلاف بين أبناء الوطن إن وجد فإنما هو من أجل الأخذ بالأحسن في تطبيق المواطنية.
واستعرض د. مكي عددا من المقترحات والحلول لإشكالية الإعلام ودوره في تعزيز قيم المواطنة، وذلك على النحو التالي :
• حملة وطنية لتعزيز مفاهيم وقيم المواطنة تستخدم الإعلام كأداة للتوصيل والغرس .
• ضرورة التزام العاملين في الصناعة الإعلامية بمهنية وأخلاق المهنة وعلى رأسها المسئولية الاجتماعية .
• استغلال الإعلام كساحة للحوار بين كل مكونات الشعب بدون تحيز أو تفضيل فئة على فئة بغية الأخذ بالأحسن في تطبيق المواطنية .
• تعزيز المطالبات بضرورة الضغط على وسائل الإعلام للالتزام بالمسئولية الاجتماعية .
• تعزيز المطالبات بضرورة التفريق بين حرية التعبير المفترض أن يتمتع بها أي إنسان وحرية تولي أي إنسان صناعة الإعلام .
• تعزيز مشاركة العقلاء أصحاب الالتزام القيمي في الإنتاج الإعلامي .
فيما تحدث د. محمد البلوشي عضو هيئة التدريس في قسم الإعلام بجامعة الكويت في ورقة العمل المقدمة تحت عنوان ' الإعلام وتعزيز قيم المواطنة ' عن المؤسسات الإعلامية سواء القطاع الحكومي أو القطاع الخاص ومفهوم مصلحة الدولة مع المؤسسات الإعلامية هل دولة المؤسسات الإعلامية تستطيع توصيل رسائلها للمواطن عن القيم والالتزامات والحقوق.
وأكد في دراسة إعلامية على تدني نسبة القراءة للصحيفة المطبوعة بنسبة 48% خلال سبتمبر الماضي، بسبب ظهور وسائل إعلام حديثة، فالدولة عندما تضخ أي تعليمات وقيم ومبادئ وتأصيل المواطنة لا تصل بسبب استخدام وسيلة اتصال تقليدية التي أصبحت معدومة الاستخدام مثل الصحيفة، والمؤسسات الخاصة أدواتها الإعلامية مختلفة فرسائلها الإعلامية تصل حتى إن كانت مشوشة والهدف منها ليس بناء دولة ولا يوجد تقييم وقياس لردة الفعل مما أوجد حالة من الفوضى بالكويت لعدم معرفة ما هو المطلوب، مؤكدا على أن ردود الفعل السلبية تؤثر بالدرجة الأولى على الدولة وليس المواطن.
وذكر أن بعد قانون المرئي والمسموع والمقروء الذي صدر في عام 2006 أصبح باستطاعة الجميع امتلاك وسيلة إعلامية محتواها معدوم، فالرسالة الإعلامية بذلك تختلف من وسيلة إلى أخرى فالمتلقي يتلقى رسائل كثيرة من تلك الوسائل الإعلامية المختلفة، وهناك فجوة بين المؤسسات الإعلامية الخاصة ورسالة الدولة.
و بين د. البلوشي أن المستحدثات الجديدة في عالم الإنترنت ومجال التواصل الاجتماعي سريعة جدا فحتى القطاع الخاص غير قادر على مواكبة عجلة السرعة بهذا الجانب، فالدولة متأخرة جدا في توظيفها مع وجود إمكانيات كبيرة، مؤكدا على أن وسائل الاتصال الحديثة عليها قيود كثيرة تختلف من وسيلة إلى أخرى.
الجلسة السابعة تناولت محور ' المواطن والمجتمع المنشود (نحو مجتمع متنوع) ' وتحدث فيها كل من: أ.د. محمد مسعد نوح ، ود. سعيد السيد حمزة، ود. سيف بن ناصر العمري ود. آمال مصطفى .
المواطنة الفاعلة وتربية المواطنة لدي أبناء المجتمع
(دور تعليم الرياضيات في السياق)
بداية بين أ. د. محمد مسعد نوح أستاذ المناهج وطرق تعليم الرياضيات قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية – جامعة الإسكندرية في ورقة العمل المقدمة بعنوان:المواطنة الفاعلة وتربية المواطنة لدي أبناء المجتمع (دور تعليم الرياضيات في السياق) أن المواطنة، المضمون والدلالة، مفهوم إنساني برزت قيمته وأهميته عند المجتمعات النامية عندما وقفت علي طريق التقدم، وتحركت قدما نحو التنمية المجتمعية والسياسية، مضيفا أنه وبصورة جوهرية - المواطنة هي ممارسات مجتمعية مجسدة لعمليات الحكم الرشيد واستراتيجيات التغيير المجتمعي الفاعل في المجالات السياسية والقانونية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية والتربوية. إن المواطنة ترسم للأمة فضاء وطنيا حقيقيا أبعادة هي العدالة المجتمعية، والحرية المسؤولة، والمساواة الحقيقية.
وأكد أ.د. نوح على أن المواطنة هي مفهوم إنساني مركب في الفكر والممارسات والحدود، وذات علاقة بمتغيرات وقضايا متعددة مثل: قضية العولمة وثورة المعلومات والاتصال، قضية الثقافات العرقية المتعددة، قضية المسؤوليات العامة، قضايا الأمية والتربية والتعليم.
وأشار أ.د. نوح أنه إذا كانت المواطنة تتطلب قاعدة قانونية وسياسية.. (الافراد والممارسات والتفاعلات) لتجسيد حق الجميع في الشراكة لبناء الدولة الحقيقية - فإنها في ذات الوقت تتطلب رؤية جديدة لفكرة التربية ومنظومة التعليم علي كل المستويات، مضيفا أن تنامي منظومة الوعي بأبعاده المتعددة - وتنامي منظومة التفكير النقدي لدي أبناء المجتمع، وتنامي منظومة الحرية والديمقراطية في المناهج التعليمية والمدارس وتوكيد الرؤية الديناميكية للتعليم بوصفه 'المنارة لمستقبل المجتمع'- هي أبعاد جوهرية لتلك الرؤية التي من شأنها تجسد لنا السياق التربوي الجديد الذي يتوائم ومتطلبات قاعدة المواطنة.
وأردف أ.د. نوح قائلا أن العلاقة بين تعليم الرياضيات والمواطنة الفاعلة هي أحد الأبعاد الأساسية للوجه الاجتماعي الجديد للرياضيات في عالم يقوم فيه الفكر الرياضي بدور مهم. فالرياضيات عندما تتجسد في لغة رمزية- منطقية، ونماذج بغرض فهم قضايا المجتمع الحقيقية وبناء التأملات والاستدلالات وإصدار الأحكام، وعندما يتأسس تعليمها علي مبدأ الحرية في الفكر والديمقراطية، ويساعدنا علي توسيع طاقتنا ومقدرتنا النقدية، فإن هذا يعكس مدي ارتباطها الواسع بالقضايا المجتمعية الجدلية في المجتمع المدني كقضية المواطنة.
وطرحت الورقة إطارا فكريا لدور التربية والتعليم من الناحية الأعم في تربية المواطنة الفاعلة، ولدور تعليم الرياضيات في سياق المواطنة من الناحية النوعية كدراسة حالة، وذلك انطلاقا من أن المجتمعات المتعلمة هي البيئة النشطة لتربية المواطنة.
قيم المواطنة والاندماج
بين د/ سعيد السيد محمد حمـزة الأستاذ في قسم المناهج وطرق التدريس وتكنولوجيا التعليم بكلية التربية – جامعة الزقازيق جمهورية مصر العربية في ورقة العمل التي عرضها بعنوان ' قيم المواطنة والاندماج ' أن الإطار النظري لقيم المواطنة والاندماج يركز على أربعة محاور هي:
أولا: كرامة الإنسان وحقوق المواطنة: فلكل فرد في الحياة حق الكرامة فلا يجوز انتهاك حرمته وامتهان كرامته, فالإنسان مخلوق مكرم قد فضله الله على كثير من خلقه, والرجل والمرأة متساويان ويتمتعان بالحقوق نفسها داخل العائلة وخارجها.
ولما كانت المواطنة قيمة من القيم الاجتماعية, إلا أنها تتضمن عددا من القيم مثل (الانتماء- قيم المسئولية الاجتماعية- قيم التعاون- قيم احترام القانون- قيمة الديموقراطية).
ثانيا: الحقوق الاجتماعية.. العمل والصحــة: حيث أن تربية المواطنة ودمجها في المناهج الدراسية تساعد المتعلم على معرفة حقوقه وواجباته وخاصة الحقوق الاجتماعية, كما أنها تلعب دورا مهما في تبصير الطلاب بالعمل الجاد وتقدير قيمة العمل وزيادة الإنتاج, وتدين وتكافح جميع أشكال استغلال الإنسان ولا سيما استغلال النساء والأطفال. ولكل مواطن الحق في العلاج في المؤسسات الصحية العامة, وتوفير(المياه النقية- الأوضاع المعيشية- توفير الطعام- توفير التطعيمات والأدوية على نطاق واسع).
ثالثا: الحقوق الاجتماعية.. التربية والأجيال الجـديدة : فما زالت بعض الدول تتمسك بكل ما هو تقليدي وبعضها يساير العولمة والتقدم التكنولوجي ولكن هناك معايير يجب مراعاتها في التربية والأجيال الجديدة منها: الاعتراف بحقوق العائلة كخلية اجتماعية, ومنع كل أشكال الإكراه والعنف داخل العائلة وخارجها بالإضافة إلى كرامة المرأة وحرية الشباب في تنمية شخصياتهم.
رابعا: العلمانية والالتزام الديني: حيث تستوعب المواطنة في الإسلام جميع المواطنين دون إهدار حقوق الأقليات غير المسلمة وتضمن لجميع المواطنين حقوقهم المتمثلة بحقوق الإنسان لقيامها على قاعدة التسامح والدعوة للاندماج الكامل في إطار وحدة الأمة, بينما نلاحظ المفارقة الواضحة بين أحوال الأقليات في العالم الإسلامي والأقليات في غير بلاد المسلمين, فالأقليات المسلمة في بعض أنحاء العالم الشرقي والغربي لا يتمتعون بحقوق المواطنة ويعاملون معاملة غير كريمة.
دول الخليج العربي: هل آن الأوان للانتقال للتربية من أجل المواطنة المسؤولة؟
من جانبه بين الدكتور سيف بن ناصر بن علي المعمري الأستاذ بقسم المناهج والتدريس كلية التربية/جامعة السلطان قابوس أن النقاشات لازالت مستمرة حول 'المواطنة' في مختلف الأوساط الشعبية والرسمية والإعلامية والأكاديمية، مضيفا أنه قد يبدو غريبا أن تتزايد هذه الحوارات والنقاشات حول فكرة عتيقة ظهرت في المدينة الإغريقية القديمة منذ ما يزيد عن ألفين ومائتي عام، لكن استمرار هذه النقاشات يعطي مؤشر على وجود تحول في العلاقة بين الفرد والسلطة من علاقة قائمة على التبعية والرعاية، إلى علاقة قائمة على المواطنة والمشاركة.
واستطرد د. المعمري قائلا ' لكن تحقيق هذا التحول ليس بالأمر اليسير، بل يحتاج إلى كثير من النضال والمسؤولية من جانب المواطنين، وكثير من التفهم من قبل السلطة للتحولات التي تمر بها المجتمعات الإنسانية اليوم التي تحتم بناء مجتمعات تقوم على المواطنة والمشاركة في صنع القرار الوطني، كما يحتاج إلى تربية تسهم في بناء الوعي بمعنى المواطنة المسؤولة وحقوق المواطنين ومسؤولياتهم، وإدراك المشاركة ومهاراتها وقيمها، والمعرفة بالدولة ومؤسساتها '.
وحاول د. المعمري في هذه الورقة تقديم مقاربة بين المواطنة والتربية في إطار المتغيرات التي تشهدها المجتمعات الخليجية بصفة خاصة، والعربية بصفة عامة، وهذه المقاربة تتطلب توضيح كلا المفهومين قبل توضيح العلاقة بينهما، وإلى أي مدى تقترب معالجات الموضوع من المفاهيم الحديثة للمواطنة وللتربية من أجل المواطنة الحديثة، وباختصار تسعى الورقة إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية:
أولاً: ما المقصود بالمواطنة في مفهومها الحديث؟ ثانياً: ما المقصود بالتربية من أجل المواطنة المسؤولة؟ ثالثاً: إلى أي درجة تقترب الممارسات التربوية الحالية في المنطقة الخليجية من المفهوم الحديث للتربية من أجل المواطنة؟
وذكر د. المعمري أن التحديات التي تمر بها المجتمعات الخليجية اليوم لا يمكن التغلب عليها بدون التركيز على المواطنة المسؤولة، ولا يمكن للإصلاحات السياسية والمجتمعية التي تشرع فيها الدول الخليجية بين الفينة والأخرى أن يكتب لها النجاح ما لم يصاحبها بناء وعي مجتمعي بمفهوم المواطنة المسؤولة وما تتضمنه من تحقيق وفاق وطني يحفز الجميع للشعور بالانتماء للدولة ومؤسساتها، فإيجاد هذا الشعور هو الكفيل بنجاح هذه المجتمعات في التعامل مع أسئلة الهوية والمواطنة والديمقراطية والانتقال من المجتمعات القبلية إلى مجتمعات مدنية تعزز من مكانة الدولة الخليجية، وتضمن مستوى مقبول من المشاركة التي تحفظ للمواطنين حقهم في المشاركة في صنع القرار الوطني بما يحفظ ثروات هذه المنطقة ويضمن لأجيالها المستقبل، فالشباب الخليجي الذي يشكل السواد الأعظم في هذه المجتمعات يتفاعلون اليوم في محيط إقليمي وعالمي تحركه مطالب الحرية والعدالة والمساواة وسيادة القانون وغيرها من قيم الدولة الحديثة التي لا يمكن تجاهلها.
مواصفات تربية المواطنة الفعالة
وفي ورقتها المقدمة بعنوان ( مواصفات تربية المواطنة الفعالة ) بينت د. آمال أحمد مصطفى أن المواطنة لغوياً مأخوذة من الوطن، وتعني الانتساب له والانتماء إليه، والمواطنة هي صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن في إطار علاقة بينهما تتضمن الحقوق والواجبات يلتزم الفرد وفقاً لها بالولاء للوطن، ويقدم الوطن الحماية له، ومن ثم يصبح المواطن هو الفرد الذي يستقر في أرض معينة وينتسب إليها، وتربطه بها علاقة يحددها قانون تلك الدولة.
وذكرت د. مصطفى أن المواطنة تعد جوهر عملية تربية المواطنة التي تتم من خلال نسق التعليم حيث تعتبر التربية على المواطنة هي الهدف الأساسي من التربية ككل، ويتم خلالها إكساب الفرد ما تضمه المواطنة من قيم، والعمل على تشريبه إياها وتأصيلها فيه بحيث يتحلى بالانتماء ويصبح مواطناً صالحاً يكتسب صفة المواطنة بانتسابه إلى الوطن وانتمائه إليه، ويكتسب صفة الوطنية بالعمل لصالح الوطن، والمشاركة في رقيه، وتغليب المصلحة العامة على مصلحته الشخصية.
وأضافت د. مصطفى أنه ومع وجود علاقة تبادلية بين المواطن والدولة أو الوطن في إطار مفهوم المواطنة فإن هذه العلاقة تتضمن حقوقاً وواجبات ومجموعة من القيم يتشكل على أثرها ولاء وانتماء صادق من المواطن تجاه الوطن يقوم على أساس من المساواة، والمشاركة، والاندماج.
وبينت د. مصطفى أن هذه الدراسة تهدف إلى وضع تصور لمواصفات تربية المواطنة الفعالة من خلال تحديد قيم المواطنة التي تهدف إلى تشريبها للمواطنين وتأصيلها لديهم، والأركان أو العناصر التي يجب أن تتوفر في المواطنين كناتج لهذه العملية، وكيفية تأصيل تلك المواصفات في المواطنين من خلال نظام التعليم. ولذلك فهي تحاول الإجابة عن ثلاثة أسئلة هي(1) ما هي القيم(قيم المواطنة) التي تهدف عملية تربية المواطنة إلى تأصيلها في المواطن؟(2) ما هي الأركان التي يجب أن تتوفر في المواطن كناتج لعملية تربية المواطنة؟(3) ما هو دور نظام التعليم في تحقيق المواطنة الفعالة بما تتضمنه من مواصفات؟ وتمت مناقشة تلك الأسئلة، وإعداد ما يشبه القوائم كإجابات لها.
وانتهت الدراسة إلى أن الدور الأكبر في تربية المواطنة الفعالة يقع على عاتق المؤسسات التعليمية في الدولة حيث يجب أن يتمحور نظام التعليم فيها على تحقيق هدف رئيسي يتمثل في إعداد المواطن الصالح الذي يشعر بالانتماء للوطن ويفتخر بذلك عن طريق ما يكون قد تشربه خلال فترة تعليمه من قيم للمواطنة، وما تتضمنه من أركان وعناصر، وما تضمه من حقوق وواجبات، وأن يمارس ذلك بفعالية وبالشكل الذي يجعله يسهم مع غيره من المواطنين في تحقيق أمن واستقرار ورقي الوطن ونهضته.
15:02:47
وفي الجلسة الختامية لإعلان التوصيات أكد رئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر الدكتور صالح جاسم على أن الكويت مجتمعا ودولة، تسعى إلى البحث عن مستقبل أفضل لجميع الموطنين الكويتيين . فحاضرها يوقر ماضيها ورصيده الإنساني، ولكنه مختلف في قضاياه وتطلعات أفراده، ومستقبلها سوف يكون مختلفا عن كلاهما في الغايات والأدوات والتحديات، مشيرا إلى أنه في هذا المنحي انطلقت فعاليات المؤتمر العلمي 'المواطنة في المجتمع الكويت : تشخيص للواقع ورؤية للمستقبل ' .
وأشار د. جاسم إلى أن أعضاء المؤتمر دعوا إلى الأخذ بالتوصيات التالية :
1. دعوة رجال الفكر والثقافة والتربية إلى تبني مفهوم واضح للموطنة يجسد العلاقة القانونية/ السياسية بين الفرد والدولة في إطار دستور الدولة حيث أن ذلك يدفع إلى تنامي المشاركات السياسية والمجتمعية لكل أفراد المجتمع الكويتي.
2. العمل على تبني الدولة / المجتمع مشروع مؤسسي 'حقيقي' للمواطنة الفاعلة في المجتمع الكويتي ينطلق من حيوية النظم السياسية وثقتها في النقد البناء والديموقراطية، ويرتكز على المساواة والمشاركة والتنوع والعلاقة الاجتماعية الحقيقية ومتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة.
3. إصدار وثيقة حقوقية / إنسانية للموطنة في الكويت كعقد اجتماعي / سياسي يكفل الغايات الكبرى للأمة الكويتية وفي ذات الوقت تكفل الحقوق المدنية الكاملة لكل أبناء الكويت وفي إطار تتكامل فيه الثقافات النوعية والتربية العامة.
4. العمل على توفير دعم إرادة سياسية / مجتمعية حقيقية للتخلي عن المحافظة على النظرة المركزية / السلطوية للتعليم والتحرك دون خوف نحو ابتكار سياسات وتشريعات جديدة للتعليم والمناهج تستجيب لقضايا التنوير الجديدة والتغيير الاجتماعي / المعرفي / الاقتصادي في المجتمع الكويتي.
5. الوعي بأنماط المواطنة التي قد تظهر في وسائط الميديا وتدفع إلى تفكيك المجتمع إلى مجموعات ثقافية/ عقائدية جامدة تقود إلى حالة من الإرباك والفوضى أكثر مما تدفع في اتجاه الأمن الاجتماعي والمحافظة على تماسك الأمة.
6. العمل على تبني فكرة ديناميكية المنهج ليست بوصفه نسقا وإطارا للمعلومات ... ولكن كمناشط حية تولد وتنمو وتبتكر من وجدان الطلاب وعقولهم وتأملاتهم وحريتهم وذلك من اجل رؤية الطلاب المواطنة كمفهوم يعبر كل مجالات الفكر والممارسات والتعليمية.
7. إعادة النظر في كثير من القوانين بما يدفع في اتجاه تقوية الديمقراطية وتعزيز العلاقة القانونية/ والسياسية بين الفرد والدولة.
8. العمل على تنامي الوعي للأدوات والأدوار الجديدة للمواطنة في إطار حقوق جديدة ومسئوليات جديدة في عالم تهيمن عليه عولمة المعرفة والاتصال والاقتصاد.
9. تنمية أنماط ثقافية جديدة تتطلب لترسيخ قيم المواطنة مثل الثقافة الكمية ، ثقافة الميديا ، ثقافة التنور ، الثقافة المجتمعية للعلوم والمعرفة .
10. الأخذ بكل الأفكار النيرة والجادة التي طرحتها أوراق المؤتمر سواء شفاهة أو كتابة أو في المداخلات ويتم إضافتها إلى هذه التوصيات .
11. العمل على تنمية مهارات التفكير الناقد والقدرة على الاختيار بين البدائل في عصر الانفجار المعرفي والتنوع الفكري والثقافي .
ومن جانبها تقدمت عميدة كلية التربية بجامعة الكويت أ.د. نجاة المطوع بخالص شكرها وتقديرها لكل من ساهم على إقامة هذه التظاهرة العلمية الثقافية الوطنية من أجل الارتقاء بالعملية التعليمية بالكويت والوطن العربي، متمنية أن تكون هذه الفترة قد تفاعلت مع مختلف القضايا والتي أثرت الجوانب المعرفية والتفاعل مع الجوانب الاجتماعية بالكويت.
كما تقدمت بالشكر الجزيل لراعي الحفل وزير التربية ووزير التعليم العالي الرئيس الأعلى للجامعة د. نايف فلاح الحجرف، وعمادة الكلية السابقة، ورؤساء اللجان، والأخوة الذين ساهموا بإنجاح هذا المؤتمر، مؤكدة على التنظيم والنشاط الإعلامي المتميز، فضلا عن المشاركة المتميزة من قبل الحاضرين، والتفاعل بالجوانب الاجتماعية بالكويت.
وبدوره قال رئيس اللجنة العليا بالمؤتمر د. معدي العجمي بدأنا بالإعداد لهذا المؤتمر منذ تسعة شهور، مشيرا إلى أن حب الكويت ومشاركة أهل الكويت بالاحتفالات الوطنية كان الهاجس لعقد مثل هذا المؤتمر ليساهم في تماسك المجتمع الكويتي، مؤكدا على أن وجود هذه الكوكبة من العلماء والمفكرين يعد مكسب لجامعة الكويت ولكلية التربية، وما قدم من أوراق عمل خلال الثلاثة أيام السابقة يعتبر دراسات جادة وتوصيات هامة، وسيتم تشكيل لجان لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات.
وتقدم بخالص شكره وتقديره لمعالي وزير التربية ووزير التعليم العالي د.نايف الحجرف، ومدير جامعة الكويت أ.د. عبد اللطيف أحمد البدر، وعميد كلية التربية السابق أ.د.عبد الرحمن الأحمد، وعميدة الكلية أ.د. نجاة المطوع، والشكر موصول أيضا للجنة العلمية برئاسة د.صالح جاسم، وأ.د. عبد الله الشيخ، أ.د. كافية رمضان، ورئيس اللجنة المالية والإدارية برئاسة د. نوري الوتار، ورئيس اللجنة الإعلامية والإعلان د. فهد الشمري.
بعد ذلك قامت عميدة كلية التربية د. نجاة المطوع ورئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر بتكريم الأساتذة الضيوف المشاركين في المؤتمر وجميع أعضاء اللجان الفاعلة في المؤتمر .
يذكر أن فعاليات المؤتمر بدأت يوم الاثنين 4 مارس الجاري صباحا بجلسة افتتاحية تضمنت كلمة لنائب مدير الجامعة للشئون العلمية الأستاذة الدكتورة / فريال بوربيع – تناولت دور كلية التربية في تربية المواطنة الفاعلة لدي أبناء المجتمع الكويتي ، كما ركزت على عنصرين أساسيين للمواطنة وهما الانتماء والديمقراطية.
تلي ذلك كلمة الأستاذ الدكتور/ عبد الرحمن الأحمد عميد كلية التربية وركز في كلمته على تحقيق الانتماء والولاء للوطن وذلك من خلال فهم طبيعة القضايا المجتمعية المتعددة التي يعايشها أفراد المجتمع كما أكد أ.د. صالح عبد الله جاسم رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر على أن المؤتمر يستهدف دراسة وتشخيص واقع المواطنة في المجتمع الكويتي مع تقديم رؤية واضحة للمستقبل والاهتمام بترسيخ قيم المواطنة في التشريع والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية والإعلامية.
وفي ختام الكلمات الافتتاحية للمؤتمر طرح د. سيف بن ناصر المعمري ممثلاً ضيوف المؤتمر فكرة الانتقال بالفرد من حالة المواطنة إلى المواطنة المسئولة والاهتمام بالمشاركة الديمقراطية في منطقة الخليج.
وبصورة إجرائية انطلقت فعاليات المؤتمر على مدى ثلاثة أيام تناول اليوم الأول الاثنين 4 مارس 2013 جلستين، خصصت الجلسة الأولى لموضوع المواطنة في الكويت تشخيص للواقع ورؤية للمستقبل كما خصصت الجلسة الثانية لدور التشريع في حماية المواطنة .
حيث تم مناقشة ثلاث أفكار كبرى وجوهرية، الأولى هي فكرة الوحدة الوطنية في الكويت. والثانية هي العلاقة بين الفرد، والدولة وتأسيس الوضع القانوني والدستوري لفكرة المواطنة ومعاييرها، التشريعات القانونية تسهم في حماية المواطنة والثالثة هي العلاقة بين المواطن ومستوى التعليم، المناهج والأدوات والمناخ وكيف أن تدني هذا المستوى يؤثر سلبا بصورة نوعية على قيم المواطنة.
وتناول اليوم الثاني الثلاثاء 5/3/2013 ثلاث جلسات خصصت الجلسة الأولى لموضوع المواطنة وحقوق الإنسان بين ثقافة الطاعة وبيداغوغيا التلقين و الثانية الموضوع المواطنة الفاعلة وتربية المواطنة وخصصت الثالثة لثقافة الإقصاء ومواطنة الأقليات وذوي الحقوق الخاصة ولقد تمركزت هذه الجلسات على ثلاث أفكار كبرى هي : الفكرة الأولى وهي فهم المواطنة .الفكرة الثانية : صفات ومكونات المواطنة الفاعلة ، وكيفية إعداد مشروعات مؤسسية لترسيخ المواطنة الفاعلية والفكرة الثالثة ثقافة الأقليات وذوي الحقوق الخاصة وفهم فكرة المواطنة في إطار الوطن للجميع.
ولقد دارت فعاليات اليوم الثالث والأخير للمؤتمر في جلستين، خصصت الأولى للإعلام وتعزيز قيم المواطنة وخصصت الثانية لموضوع المواطن والمجتمع المنشود .
تعليقات