عن العنف وتأثيره على الأبناء يكتب عبدالرحمن العتيبي
زاوية الكتابكتب فبراير 25, 2013, 12:51 ص 950 مشاهدات 0
أبناؤنا وثقافة العنف
اذا أردت ان تستمع الى الأخبار فاذا بك تسمع بالقتل والتفجير والتدمير، وهذا يذكرنا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه في آخر الزمان يكثر الهرج (القتل)، واذا أردت الاطلاع على ما يكتب فاذا بك تقرأ عن القتل والعبوات الناسفة، وأكثر ما يحصل هذا التدمير في مناطق العالم الاسلامي مما يزيد المسلم ألماً وحسرة على الحال الذي وصل اليه الأمر من رخص للدم المسلم، ومع قلة حيلة المسلم وتكالب الأعداء لمنع نصرة هؤلاء المستضعفين أو محاولة دفع الشر عنهم، يتوجه المسلم بالدعاء الى ربه العظيم ان ينصر اخوانه المستضعفين وأن يحمي الله النساء والأطفال الذين لا يجدون حيلة ولا يستطيعون سبيلاً، راجين من الله ان يفتح على المسلمين ويفرج الكربة بأمر من عنده، قال تعالى {فَعَسَى اللَّهُ ان يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} [المائدة- 52]، واثقين بقوة الله وبنصره لأوليائه قال تعالى {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)} [الفتح]، مع تأكيدنا وجوب اعداد ما نستطيع من قوة كما أمر الله، قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال- 60].
ولابد من التخطيط المسبق والاستعداد لمن يتربص بالمسلمين، ومعرفة العدو من الصديق وذلك من خلال التوافق في العقيدة أو الاختلاف عليها، حتى لا نؤخذ على غرّة أو نفاجأ بمن ينقلب علينا فنكتشف ان مجاراته لنا كانت لأجل ضعفه، فاذا حصل له شيء من التمكن أظهر عداوته وايذاءه للمسلمين، الى درجة تصل للقتل، اننا في عالم أصبح القتل المتعمد للانسان شبه يومي حتى ان ذلك بدأ يبث شعورا بعدم الاطمئنان، هناك تساؤل لماذا لا يوقف هذا القتل والتدمير، نريد ان نستمع الى أخبار ليس فيها ذكر للعنف والبطش والقتل، نريد ان نقرأ شيئا مفيدا يساهم في بناء حياة الانسان، ولا نحب ان نرى صورا لأشلاء ممزقة امتهنت فيها كرامة الانسان وذهبت معها مهابة الموت.
أخبار العنف وأثرها على أبنائنا
ان نظرة الطفل الصغير للحياة نظرة بريئة وجميلة وهو يعتقد ان هذه الحياة ستستمر بهذه الصورة ان هذا الصغير محل للرحمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا» [رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح].
ولكن مع هذا الهوس الاعلامي وأخبار العنف وما يكتب وما يعرض من صور أصبح هؤلاء الصغار وغيرهم ممن يكبرهم من الشباب عندهم الجرأة على العنف وعلى رؤية الدماء وهي تنزف دونما اشمئزاز أو شعور بالرحمة، وهذا جانب سلبي ينبغي معالجته والا قد يكون له مضاعفات في المستقبل تؤدي الى انحرافهم، وصلت الحال ببعض الشباب الى ان يحتفظوا بمشاهد القتل في هواتفهم المحمولة ويحرص على عرضها على الآخرين وكأنها مشاهد مسلية، هذه المشاهد يعرض فيها كيف يذبح الانسان بالسكين كالخراف أو ما يشابهه في مشاهد العنف.
مسؤولية الراعي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» فعلينا جميعا مسؤولية للحد من هذا الشر الكل يجب ان يساهم الجهات الاعلامية وأولياء الأمور، فعلى أولياء الأمور مسؤولية تجاه من ولاهم الله على رعايته عليه ان يحجب عنهم ما يضرهم ولا ينفعهم، عليه ان يبصرهم بخطورة الاسترسال مع هذه المشاهد أو السلوكيات الخاطئة، وكل منا سيسأل عمن استرعاه الله.
خطورة هذه المشاهد
ذكرت احدى الصحف أنه حصلت وفاة واصابة عدد من الأطفال في تمثيل مشاهد القتل التي رأوها.
أقدم صبي يبلغ أربعة عشر عاما من احدى المناطق صنعاء بشنق نفسه على نفس طريقة الاعدام التي رآها.
أصيب طفل آخر يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما من محافظة مأرب بغيبوبة من حبل مشنقة نصبها مع أخيه الأصغر منه بعام واحد في احدى غرف المنزل بعد الاتفاق على تمثيل المشهد قبل ان يصل والدهما بعد صراخ ابنه الأصغر مبارك ليجد الابن الأكبر محمد معلقا بحبل مربوط الى سقف الغرفة لينقله الى المستشفى الذي رقد فيه.
كما سجل أيضا وفاة أيمن منصور من قرية النقيلين مديرية السياني بمحافظة باب الى قائمة ضحايا هذه المشاهد بعد ان أقدم الطفل أيمن وعمره اثني عشرة عاما على تمثيل المشهد أمام أقرانه كونه الوحيد الذي شاهد منظر الاعدام وعقب ربط حبل في شجرة طلع ولفه بعنقه بعد ان وقف على صندوق ركن فوق مجموعة أحجار وصعد عليه، وبحسب مصادر محلية فان أطفال القرية ظنوا صوت الحشرجة التي جاءت من أيمن عقب سقوط السطل من تحت قدميه انما في اطار التمثيل قبل ان يكتشفوا ان رفيقهم قد أصبح جثة هامدة.
وسائل لمعالجة هذا الشر
أولا: من تولى مسؤولية على جمع من الناس فهو مطالب بحجب الشر عنهم والحرص على ألا يصل الى الناس الا كل ما فيه خير لدينهم ودنياهم وهذه المسؤولية تقع على وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة فعليها مسؤولية تجاه نشر هذه المشاهد أو حتى المشاهد التي تثير الشهوات، فعلى من هو مسؤول عن هذه الوسائل الاعلامية ان يتقي الله في نفسه، وأن يعمل على حفظ الشباب والشابات من الوقوع في الرذيلة بسبب ما يرونه من شر.
ثانيا: غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس الناس وبثها بينهم وتوجيههم الى ذلك وابراز جانب الرحمة واللين والتسامح والرفق والأخلاق الطيبة التي أمر بها الاسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من يحرم الرفق يحرم الخير كله» [رواه مسلم]، والحث على التواضع بين المسلمين كما أمر الله تبارك وتعالى بذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الله تعالى أوحى الى ان تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد» [رواه مسلم]، والتحذير مما يضاد هذه الأخلاق من الكبر والظلم والتعدي على الآخرين، عن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر» [متفق عليه]، وقيل في معنى (عتل): الغليظ الجافي وقيل في معنى (جواظ): الضخم المختال في مشيته الجموع المنوع وعن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة» [رواه مسلم].
وقد بين الله تعالى أنه جعل الجنة في الدار الآخرة للمؤمنين الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا افسادا ويبتعدون عن ايذاء الناس ويسعون في نفعهم قال تعالى {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)} [القصص].
ثالثا: الاهتمام بتربية الأبناء ومعرفة ماذا يعملون وماذا يقتنون ومن يجالسون وبعدها يتم توجيههم الى ما ينفعهم ولا يضرهم ويؤدي الى صلاحهم، وهذا العمل فيه مشقة ولكن نتيجته طيبة للآباء والأبناء، وثمرته في الدنيا والآخرة حسنة، قال رسول الله صلى عليه وسلم «اذا مات ابن آدم انقطع الا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» فذكر الولد الصالح وهو يشمل الذكر والأنثى فهذه عاقبة طيبة لصلاح الذرية وهم مسؤولية وأمانة قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} [التحريم].
أصلح الله لنا ولكم النية والذرية وحمانا واياكم من كل شر وجعلنا هداة مهتدين وصلى الله وسلم على خير البشر محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عبدالرحمن بن ندى العتيبي
تعليقات