إشكالية الديموقراطية في الخليج كما يراها ناصر المطيري اجتماعية!
زاوية الكتابكتب فبراير 19, 2013, 1:12 ص 1500 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / الديموقراطية العصية في الخليج العربي
ناصر المطيري
ما أجمل أن تكون «الصوغة» التي تصلك من صديق عبارة عن كتاب ثري بالعلم والفكر والرأي الجديد، في هذه الحالة فقط تدرك معنى مقولة «كل اناء بما فيه ينضح»، وبرأيي أن الصديق الذي يهديني كتابا هو صديق قيّم أكثر من الكتاب نفسه، لأنك تجد نفسك صديقا لعقله وهذا أفضل من صداقة القلب المتقلب.
ولقد أتحفني أحد الأحبة بصوغة فكرية مميزة عبارة عن كتاب بعنوان: (الديموقراطية العصية في الخليج العربي) لمؤلفه استاذ الاجتماع البحريني الدكتور باقر سلمان النجار.. وبرغم أن هذا الكتاب صادر في عام 2009م قبل التطورات الجديدة في العالم العربي ولكن قرأت فيه رؤية واعية للطبيعة السياسية والاجتماعية في منطقة الخليج العربي..
ومن تقليب صفحات الكتاب ومايطرحه الدكتور النجار أدركت أن اشكالية الديموقراطية في الخليج العربي خاصة هي اشكالية اجتماعية، قبل أن تكون اشكالية سياسية. بمعنى أن تحقيق الديموقراطية في الخليج، أو في أي بلد على سطح هذه الكرة، لن يتم الا اذا شعر كافة المواطنين دون استثناء أن هذا الوطن هو وطن الجميع، وهو ملك الجميع، وأن دولة الوطن، هي دولة الجميع، وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه المجتمع المدني الحديث. ويقضي هذا الأساس، اقامة نوع من الاتفاق أو «العقد الاجتماعي»، الذي يساعد الشعب على الانتظام في دولة واحدة.
احدى اطروحات الكتاب تحاول الرد على المقولات التي تظهر في كثير من الكتابات الغربية وبعض الكتابات العربية، وتفيد بأن هناك عداءً متأصلاً في المجتمعات العربية نحو الحداثة والديموقراطية والمجتمع المدني، وأن الشعوب العربية ترتضي قمع الأنظمة أكثر مما تنزع الى الخلاص منها. ويعتقد أصحاب تلك المقولات أن الدين الاسلامي يتميز عن الأديان الأخرى في مقاومته لمسألة الديموقراطية والمجتمع المدني، وبالتالي فان المجتمعات العربية ترفض أي شكل من أشكال الحياة العالمية أو العصرية غير المرتبطة بالخطاب الديني.
المجتمع العربي بشكل عام، كما يرى الدكتور باقر النجار يحتاج الى احداث تغيرات جوهرية وأساسية في نظامه السياسي، من حيث خطابه وآلياته ورموزه ومسلّماته السياسية. ولما كان النظام السياسي هو النسق القائد والحاكم، فان تغيّره قد يقود الى تغيّرات نوعية في الأنساق المجتمعية الأخرى. وبمعنى آخر فان التحولات والتغيرات العالمية التي طرأت على المنطقة خلال مدة العقد ونيف الماضية تتطلب احداث تغيرات أساسية في المناخ السياسي والتعليمي والديني والثقافي، الذي شكل الحالة العربية في عقودها الماضية، الانعتاق منها لبناء حالة مجتمعية جديدة. ويجب وضع رؤى الماضي وتصوراته في أدراج الماضي والابتعاد عنه في حركة تتوجه نحو المستقبل، بكل ما يملكه هذا المستقبل من امكانيات عظيمة للمجتمعات العربية، كما يجب أن يعرف العرب أن الغرب سيبقى غرباً كما أن الشرق سيبقى شرقاً كما قال المستشرق كبلنج ذات يوم، على رغم حالة التغرّب أو التشرق التي حدثت فيهما.
وعن «التأثير النفطي» في المجتمع والسياسة في الخليج يتحدث الدكتور باقر النجار في كتابه عن دور التجار المؤثر والكبير في تكوين المجتمع. ولكن هذا الدور انكمش بعد اكتشافات النفط في الخليج، وتحوّل المجتمع من مجتمع اقتصادي منتج، الى مجتمع ريعي منتفع. فحلّت في هذه المجتمعات «لعنة النفط»، فكيف يمكن لهذه الثروة أن تتحول من نعمة الى نقمة، أو الى «دم الشيطان»، كما أطلق عليها فيرنون سميث الأستاذ في جامعة جورج ماسون، في محاضرة له في «معهد السلام» في واشنطن عام2003، أو «فضلات الشيطان» كما أطلق عليها المسؤول الفنزويلي خوان بابلو الفونسو، مؤسس «منظمة الأوبك»؟ ولكن، لا شك في أن أوجه استعمال هذه الثروة، هي فقط التي تجعل من هذه الثروة النفطية نعمةً، أو نقمة.
الدعوة التي يوجهها النجار للشعوب العربية هي بأن يفتحوا النفوس قبل الأبواب للديموقراطية لكي لاتصبح الديموقراطية عصية.
تعليقات