بخصوص تعديل آلية التصويت

زاوية الكتاب

دراسة حول دستورية ومشروعية المرسوم رقم 20 ، 21 لسنة 2012

كتب 2713 مشاهدات 0

د.فواز الجدعي

أولا: انعقاد اختصاص المحكمة الدستورية بفحص دستورية المراسيم بقوانين:
لقد أثر المشرع الدستوري الا يترك المراسيم محصنة ضد فحص الجهة القضائية التي قرر إنشائها وفق المادة 173 التي قررت
' يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها. وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأن لم يكن. ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح. '
كذلك قررت المادة الأولى في قانون إنشاء المحكمة الدستورية الموقرة رقم 14 لسنة 1973 الاتي ' تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزماً للكافة ولسائر المحاكم.'
ولما كان كذلك فقد أعطى الدستور للسلطة التنفيذية حق إصدار المراسيم في حال غيبة مجلس الأمة بعد موافقة سمو أمير البلاد وكان السند القانوني لهذا الاختصاص منعقد لمجس الوزراء وفق المادة 71 من الدستور
' إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية. ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائماً، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، وإلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر.'
لذلك لا مناص من إنعقاد اختصاص المحكمة الدستورية بفحص المراسيم بقوانين التي تظهر بغيبة مجلس الأمة ولا يصح القول بأن هذه المراسيم محصنة عن الرقابة القضائية وهي الضمانة التي نص عليها الدستور ومن أجلها خلق المحكمة الدستورية لتكون هي الضامن للمحافظة على الكيان الدستوري امام احتمالية طغيان التشريع النيابي او انحراف المراسيم واللوائح التي تصدر من قبل السلطة التنفيذية عن حدودها وغاياتها او عدم وجود غطاء دستوري لتصرفات قد يطلق عليها بعض الاوصاف القانونية زورا وبهتانا وهي والعدم سواء. كما أنه لا مجال لقياس الحالة التي أمامنا اليوم بقرار لجنة فحص الطعون رقم 2 لسنة 1982 التي أقرت فيه اللجنة بأن الأمير يملك سلطة فعلية تخوله أثناء ايقاف العمل بنصوص الدستور ان يصدر ما يشاء من مراسيم او حتى أوامر أميرية، ذلك وإن كنا نختلف اختلافا كليا مع ما ذهبت اليه اللجنة انذاك ولكن يستحيل ان تعتبر هذه سابقة يستدل بها من قبل المحكمة الدستورية اليوم لاختلاف الوقائع والحيثيات فنحن اليوم امام دستور مطبق تطبيقاً كاملا غير منقوص وبناء عليه ان حق اي سلطة بممارسة اي عمل قانوني يجب ان يستند على اساس دستوري او اساس تشريعي والا يوصف ذلك العمل بعدم الدستورية او عدم المشروعية. ولكي تستقر القواعد الدستورية يحدها مبدأ فصل السلطات مع تعاونها ووجوب انعقاد اختصاص المحكمة الدستورية بفحص مدى قيام اي سلطة بمخالفة هذا المبدأ والا لا قيمة لاي نص يلزم السلطات بضرورة احترام السلطات الاخرى طالما ان اعمال هذه السلطة او تلك بمعزل عن رقابة القضاء. كما انه لا يصح القول بأن المراسيم بقوانين خاضعة فقط للرقابة السياسية بالتالي يتصادم هذا القول مع صراحة المادة الاولى سالفة الذكر بقانون انشاء المحكمة الدستورية، بل ان الضمانة الاساسية هي في الرقابة القضائية ولو ترك الدستور فقط لغياهب السياسية لم يبقى هناك ضمانة حقيقة لان اهواء السياسة متقلبة ولا يأمن جانبها ولا يكون امام الأمة في هذه الحالة ضمانة لذلك وإن كانت الرقابة السياسية قد قررتها المادة 71 ولكن نصوص الدستور يشد بعضها بعضاً وجميع نصوص الدستور لا يحميها سوى الرقابة القضائية الفعلية والقول بعكس هذا يؤدي لقطع اوصال الدستور وتجزأته إلى اشلاء متناثرة فيتحول الاستثناء المقرر بالمادة 71 من الدستور الى وسيلة عدوان على الدستور بإسم الضرورة ولا ضرورة.
وقد قررت المحكمة الدستورية العليا في مصر حقها الاصيل بمراقبة قرارات الرئيس الصادرة بغيبة مجلس الشعب في حكمها الصادر بتاريخ 4 مايو لعام 1985 بقولها
'وحيث أن المستفاد من هذا النص الدستوري هو أن جعل لرئيس الجمهورية اختصاصا في اصدار قرارات تكون لها قوة القانون في غيبة مجلس الشعب الا انه رسم لهذا الاختصاص الاستثنائي حدودا ضيقة تفرضها طبيعتها الاستثنائية، منها ما يتعلق بشروط ممارسته ومنا ما يتصل بمآل ما قد يصدر من قرارات استنادا عليه، فأوجب لاعمال رخصة التشريع الاستثنائي ان يكون مجلس الشعب غائبا او ان تتهيأ خلالا هذه الغيبة ظروف تتوافر بها حالة تسوغ لرئيس الجمهورية سرعة مواجهتها بتدابير لا تتحمل التأخير الى حين إنعقاد مجلس الشعب باعتبار ان تلك الظروف هي مناط هذه الرخصة وعلة تقريرها،وإذ كان الدستور يتطلب هذين الشرطين لممارسة ذلك الاختصاص التشريعي الاستثنائي فإن رقابة المحكمة الدستورية العليا تمتد اليهما لتتحقق من قيامهما باعتبارهما من الضوابط المقررة في الدستور لممارسة ما نص عليه من سلطات...
تكملة: وحيث أنه لا ينال مما تقدم ما أثارته الحكومة من أن تقدير الضرورة الداعية لإصدار القرارات بقوانين عملاً بالمادة 147 من الدستور متروك لرئيس الجمهورية تحت رقابة مجلس الشعب باعتبار ذلك من عناصر السياسية التشريعية التي لا تمتد اليها الرقابة الدستورية، ذلك أنه وإن كان لرئيس الجمهورية سلطة التشريع الاستثنائية طبقا للمادة المشار اليها وفق ما تمليه المخاطر المترتبة على قيام ضرورة طارئة تستوجب سرعة المواجهة وذلك تحت رقابة مجلس الشعب الا ان ذلك لا يعني اطلاق هذه السلطة في اصدار قرارات بقوانين دون التقييد بالحدود والظوابط التي نص عليها الدستور والتي سبق ان إستظهرتها المحكمة ومن بينها اشتراط أن يطرأ في غيبة مجلس الشعب ظرف من شأنه توفر الحالة الداعية لاستعمال رخصة التشريع الاستثنائية وهو مالم تكن له قائمة بالنسبة للقرار المطعون عليه الأمر الذي يحتم اخضاعه لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية'
ونحن نؤيد ما ذهبت اليه المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن الضرورة وإن كانت شرط سياسي ولكن لا يجوز أن يخرج عن دائرة مراقبة السلطة القضائية والمحكمة الدستورية باعتبارها الحارس الشرعي للدستور ولا مجال لتقرير حصانة هذه المراسيم بمخالفة الدستور وهو الأولى بإعمال نصوصه وإنزال غاياته محل التطبيق الفعلي والا طغت السلطة التنفيذية وهيمنت ليس فقط على غيرها من السلطات بل وعلى الدستور وهو أساس تكوين السلطات وقيامها مجتمعة ومنفردة بذلك تكون الضرورة شرطاً سياسياً وقانونياً يحتم تفعيل مسئولية المحكمة الدستورية بمراقبتها والتوقف على نصوصها وغاياتها.
ثانياً: مخالفة المرسوم رقم 20 لسنة 2012 للقواعد الدستورية
1- عدم جواز تطبيق مضمون المادة 71 على بعض النصوص الدستورية منها المادة 81 من الدستور:
• إن المشرع الدستوري ليس بمعزل عن الأنظمة الدستورية المحيطة في مختلف أرجاء العالم ذلك أنه عندما قرر في المادة 81 من الدستور أنه 'تحدد الدوائر الانتخابية بقانون' فإنه قرر قاعدة مسلمٌ بها وهو أن السلطة التشريعية فقط هي من تحدد كيفية تقسيم الدوائر الانتخابية فهو حق أصيل للأمة لا ينازعها أحد. كما أن المشرع الدستوري منزهٌ عن الخطأ والتزيد بغير مسبب ذلك أن المادة التي تزعم السلطة التنفيذية أنها تمارس حقها وفق قواعدها وهي المادة 71 إشترطت في مراسيم الضرورة شرطان لابد من التوقف عندهما
'.. جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية..'
لذا يجب الوقوف أمام تساؤل مهم وهو ماذا عنى المشرع بقوله (على الا تكون مخالفة للدستور..) وهو قيد خاص بالمدى التي تملك المراسيم الذهاب اليه وما هو النطاق الذي يجيز إصدار المراسيم بقوانين في حالة الضرورة؟
هذه المراسيم ما هي الا قرارات لها قوة القانون وإن كان المشرع الدستوري قد رفعها إلى مصاف النصوص القانونية ولكن يجب عليها أن تحترم الدستور ولا تخالفه ومن باب أولى الا تعطل غيرها من النصوص الدستورية منها المادة 81 التي قررت أن تحديد الدوائر الانتخابية لا تملكه الا السلطة التشريعية بقانون ذلك أن قانون الانتخاب يختلف عن غيره من القوانين باعتباره القانون الذي يؤسس قيام سلطة بأكملها وهي السلطة التشريعية الممثلة عن الشعب بمهام التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية بتطبيق التشريعات والنصوص الدستورية فهل يصح القول بأن للسلطة التنفيذية ،وهي محل مراقبة السلطة التشريعية ،أن تعدل قانون أنشاء السلطة المعنية بمراقبتها بأداة أدنى؟ بالتالي نمنحها صلاحية هي اخطر ما تكون وأبعد ما تكون عن غايات وروح الدستور، والقول بعكس هذا يؤدي لإمكانية تعديل العديد من القوانين دون ضابط أو قيد منها قانون توارث الإمارة والقوانين الجزائية بالتالي تكون هذه الضمانات الدستورية عرضة لانحرافات السلطة التنفيذية تحت مسمى غير منضبط وهي مجرد إدعاء قيام حالة ضرورة.
• إن السلطة الممنوحة للحكومة بإصدرا مراسيم الضرورة هي استثناء وقيد شديد بل أنه يعتبر وبحق مخالفاً لمبدأ الفصل بين السلطات ولكن اقتضتها ضرورة مجاراة الواقع العملي بدأها الفقه الألماني تطبيقاً لما قال به الفقيه هيجل من وجود حق الدولة في مخالفة القانون في حالة الضروروة ولا شك ان هذه النظرية تخالف مبدأ المشروعية ولكن حملها الفقه الألماني على الأكتاف وقال بها أيضاً (بإهرنج، ولاباند،وجربير،ويلنك،وكوهلر) وأطلقوا عليها نظرية الضرورة (NOTRECHT) وفق هذه النظرية يحق للحاكم ان يصدر لوائح تخالف النصوص القانونية القائمة إعمالا للمبدأ الروماني القديم Salus populi suprema lex est (مصلحة الشعب هي القانون الأعلى). ولكن لأن المبدأ في باقي الدول الديمقراطية هو سيادة القانون فإنها لم تعترف بهذه النظرية من بين هذه الدول إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا، ولكن إضطر بعض رجال الفقه للإعتراف بحق اصدار هذا النوع من لوائح الضرورة بسبب الحرب العالمية الثانية وهذا ما قال به الفقيه إيسمان
'على أن الدول الديمقراطية الحديثة ذات الثقافة اللاتينية والانجلوسكسونية التي لا تقر الا بالحكومة الشرعية اي حكومة تخضع للقانون في الازمات وحالة اعلان الاحكام العرفية كما في الاحوال العادية الا انها اضطرت الى الاعتراف أثتاء الحرب بحق الضرورة.. فقد أدت الحرب بأهوالها التي وضعت مصير الدولة تحت رحمة القضاء وبحاجاتها لتجنيد جميع قوى الشعب الى توسع خطير في سلطة إصدار اللوائح من جانب السلطة التنفيذية'

وذهب الفقيه دوجي لذات النتيجة ولكن يجب أن يعلم بأن هذه الوقائع هي ما أدت للإعتراف بمراسيم الضرورة وحذت بعض الدساتير هذا الحذو وإن لم تكن عرضة للحرب وأهوالها كما قال الفقة بإعتبار الحرب وما هو في حكمها السبب المبرر لقيام حالة من حالات الضرورة تبيح للحكومة معها مخالفة القواعد العامة والمبادئ الدستورية المستقرة بحيث يعطيها حق التدخل التشريعي ولكن وفق قيود وضوابط. مع ذلك الا إنه لم يترك هذا الاستثناء دون ضابط او قيد بل أن هناك إجماع فقهي بعدم جواز مساس النظام الانتخابي برمته عن طريق لوائح الضرورة وعندما نقول النظام الانتخابي فإننا نعني كل ما يتعلق بتحديد الدوائر الانتخابية وإلية التصويت وشروط الانتخاب والترشح والجرائم الانتخابية وموانع الانتخاب وألية الانتخاب وما يسبق العملية الانتخابية وما يتخللها وما يستتبعها من إجراءات


وكيفية مراقبة العملية الانتخابية والمعنيين بالمراقبة ومن له حق التواجد
أثناء العملية الانتخابية وكل ما يتصل بها إبتداءاً وإنتهاءاً والا أصبحت السلطة التشريعية عرضة للمزاج السياسي التي تتبناه حكومة معينة في زمن معين وهذا ما لا يقول به النظام الدستوري نصاً وفقهاً وقضاءاً.

' ونحن لا نوافق أن يكون تعديل الدوائر عن طريق المراسيم بقوانين'
(الدكتور السيد صبري، مبادئ القانون الدستوري، الطبعة الرابعة، ص 493 (1949))
• إن كانت المادة 71 قد منعت مراسيم الضرورة من مخالفة التقديرات الواردة في الميزانية العامة فمن باب أولى الا تخالف هذه المراسيم قانون تحديد الدوائر الانتخابية وهو الاولى بالرعاية من قانون الميزانية العامة.
• بناء على ما تقدم فإن المادة 71 لا يمكن إعمالها اساساً بمخالفة المادة 81 ذلك ان المشرع جعل هذا الاختصاص اصيلا بيد السلطة التشريعية تحدده بقانون باعتبار ان قانون الدوائر الانتخابية هو المشكل الاساسي لمجلس الأمة بالتالي لا يتم العبث به او تعديله بمراسيم الضرورة.
• إن قانون الانتخاب ليس قانوناً عادياً وانما هو قانون يترتب عليه قيام سلطة كاملة وهي السلطة التشريعية فالتأثير على ألية نشأة هذه السلطة يعني إعطاء السلطة التنفيذية صلاحيات استثنائية تحمل في طياتها شبة اغتصاب سلطة لا أساس لها، لذلك إن قبلنا بفكرة أن المراسيم لا تخضع الا للرقابة السياسية وأن المحكمة لا تستطيع بسط رقابتها عليها فإنه بذلك يصح القول بحق السلطة التنفيذية بتعديل اختصاصات المحكمة الدستورية كأن يسحب منها اختصاص نظر الطعون الانتخابية الممنوح اليها وفق قانون إنشاء المحكمة الدستورية بالتالي استحالة فحص المرسوم الذي تدور الشبهات بعدم دستوريته لأن المحكمة لن تقبل بفكرة الطعن المباشر الا في حالة الطعون الانتخابية. والقول بهذا يعتبر أمر خطير وبحق بل هو نسف للأنظمة القانونية والمراكز المستقرة.
2- إعطاء السلطة التنفيذية صلاحية تعديل النظام الانتخابي يتعارض مع روح الدستور وبعض مآلات النصوص الدستورية منها المادة 102 المتعلقة بعدم امكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء
• إن من المعلوم أن المراسيم بقوانين هي عبارة عن قرارات يتم إتخاذها في مجلس الوزراء بإعتبار أن سمو الأمير يباشر صلاحياته الدستورية من خلال السلطة التنفيذية وفق المادة 55 من الدستور ' يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه.' ونظمت المادة 128 ألية إتخاذ القرارات في مجلس الوزراء ورفعها لسمو الأمير بالنسبة للقرارات التي يتطلب في شأنها صدور مرسوم أميري
' مداولات مجلس الوزراء سرية، وتصدر قراراته بحضور أغلبية أعضائه، وبموافقة أغلبية الحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس. وتلتزم الأقلية برأي الأغلبية ما لم تستقل. وترفع قرارات المجلس إلى الأمير للتصديق عليها في الأحوال التي تقتضي صدور مرسوم في شأنها.
• ولقد بينت المذكرة التفسيرية الاختصاصات التي يباشرها سمو الأمير بصورة منفردة على شكل أوامر أميرية ولا يدخل ضمن هذه القائمة مراسيم الضرورة التي تصدر أثناء غيبة مجلس الأمة بالتالي هذه المراسيم لا تعد سوى قرارات إدارية صدرت في مجلس الوزراء ورفعت لسمو الأمير للمصادقة عليها وتتحمل معها السلطة التنفيذية تبعات هذا التصرف السياسية امام مجلس الأمة والقانونية أمام المحكمة الدستورية.
• إن إعطاء السلطة التنفيذية حق تغير النظام الانتخابي بمراسيم ضرورة يكون لها الاثر المباشر في اول انتخابات خصوصا اذا ما كانت قد صدرت في فترة حل مجلس الأمة ينطوي على تعارض للمصالح حيث أن مجلس الوزراء من المفترض أن يشكل من أعضاء مجلس الأمة ومن خارجه وفق المادة 56
'يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم ولا يزيد عدد الوزراء على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة'
ثم قررت المذكرة التفسيرية حقيقة مؤدى النص المذكور اعلاه على النحو التالي
'لذلك كله قررت الفقرة الثانية من المادة 56 من الدستور ان - يكون تعيين الوزراء من اعضاء مجلس الامة ومن غيرهم -، وبذلك يكون التعيين وجوبيا من الفئتين في ضوء الاصل البرلماني المذكور والتقاليد البرلمانية المنوع عنها. ومقتضي ذلك - كما سبق - التوسع قدر المستطاع في جعل التعيين من داخل مجلس الامة.'
لذلك ينبغي أن يكون اختيار الوزراء من داخل مجلس الأمة قدر المستطاع وهنا تظهر فرضية غاية في الأهمية وهو أن الانظمة البرلمانية

قائمة على الإئتلاف الحكومي بالتالي وجود احتمالية تشكيل مجلس الوزراء من إئتلاف سياسي واحد او متعدد مع توافقها وفكرة وجود هيئات سياسية معترف بها تبناها الدستور في مذكرته التفسيرية عند تفسيره للمداة 56 بقوله
'شارت هذه المادة الى - المشاورات التقليدية - التي تسبق تعيين رئيس مجلس الوزراء، وهي المشاورات التي يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر الشخصيات السياسية صاحبة الرأي في البلاد وفي مقدمتها، رئيس مجلس الامة ، ورؤساء الجماعات السياسية ، ورؤساء الوزارات السابقين الذين يرى رئيس الدولة من المفيد ان يستطلع رأيهم ، من اليهم من اصحاب الرأي السياسي.'
لذا فإن وجود جماعة سياسية محددة أمر عرفه النظام الدستوري الكويتي بالتالي احتمالية فوز هذه الجماعة او تلك بعدد من المقاعد النيابية وبالتالي احتمالية اختيارهم كما ذكرت المذكرة التفسيرية قدر المستطاع لتشكيل السلطة التنفيذية أمر قائم لذلك يظهر تساؤل لو كانت هناك اغلبية نيابية في مجلس الوزراء وبعد حل البرلمان سمحنا للحكومة بتعديل النظام الانتخابي بمرسوم ضرورة فإننا نواجه في هذه الحالة تعارض مصالح حيث ان الوزراء النواب لم يوافقوا الا على التقسيم الانتخابي الذي يتلاقى مع مصالحهم الانتخابية ويضمن عودتهم بأغلبية ضامنة لفرض هيمنتها سواء على البرلمان او على الحكومة
• قررت المادة 102 من الدستور الأتى
'لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة، ولا يطرح في مجلس الأمة موضوع الثقة به. ومع ذلك إذا رأى مجلس الأمة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، أو أن يحل مجلس الأمة. وفي حالة الحل، إذا قرر المجلس الجديد بذات الأغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلاً منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة.
من المعلوم بأن الدستور الكويتي لم يأخذ بالنظام البرلماني في مسألة إسقاط الحكومة بأكملها وأستعاض عنها بنظرية حديثة إقترنت بالدستور الكويتي وهي فكرة عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء فإن استطاع البرلمان أن يقرر عدم إمكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء فإن الأمر يرجع لسمو الأمير وله إما أن يعفي رئيس الوزراء من منصبه او أن يحل البرلمان، فإن قرر المجلس الجديد بذات الأغلبية عدم التعاون مع رئيس الوزراء المذكور اعتبر معتزلا منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، لذلك يجب التوقف عند هذا النص الدستوري ومعرفة مقاصد النص بإنزال هذا الحكم على الخلاف الوارد في إعطاء الحكومة حق تعديل

النظام الانتخابي بمراسيم ضرورة. على فرض قيام اي مجلس بتقرير عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء ورفع هذا الكتاب لسمو الأمير فقام سموه بحل البرلمان، هنا نواجه حالة استثنائية وهي أن البرلمان استطاع ان يلحق التجريح السياسي برئيس الوزراء، لذا المجلس القادم قد يؤكد على ماذهب اليه البرلمان في المجلس الجديد فلو قلنا بحق الحكومة بتعديل النظام الانتخابي بمرسوم ضرورة فبلا شك أن رئيس الوزراء في هذه الحالة لن يتوانى عن التدخل خلال فترة حل المجلس بتعديل النظام الانتخابي لكي يضمن عدم عودة ذات الاغلبية لتقرر عدم التعاون معه مرة اخرى بالتالي اعتزاله لمنصبه الأهم على مستوى الدولة.
والانظمة الديمقراطية تقوم على محاولة تحصين الانظمة الانتخابية عن العبث الحكومي بتقرير حق المجالس المنتخبة لوحدها بتعديل النظام الانتخابي والا كان للحكومة ان تعدل النظام الانتخابي كيفما شاءت بحسب مصالحها وأهوائها.
ثالثا: عدم دستورية اللجنة الوطنية العليا للإنتخابات التي أنشئت وفق المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012:
• يسري على مسألة عدم دستورية اللجنة الوطنية العليا للانتخابات ما يسرى على عدم دستورية مرسوم تعديل الية التصويت بإعتبار انهما يتشاركان بتعلقهما بالعملية الانتخابية التي لا يجوز تعديلها الا بقانون يصدر من مجلس


الأمة. فمرسوم إنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات عدل قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم 35 لسنة 1962 والتعديلات الواردة عليه بأداة لا تبيح لصاحبها تعديل هذا النظام. بل أن المرسوم المذكور قد غير بصورة جذرية العملية الانتخابية والية تشكيل اللجان والجهات المنوط بها مراقبة العملية الانتخابية بإشراكه لجمعيات النفع العام في المراقبة ضمانة للشفافية والنزاهة. إن العملية الانتخابية يعتقد دائما بنزاهتها في وجدان الشعب الكويتي لوجود عناصر القضاء ورجاله أثناء الانتخابات والقول بعكس هذا محض إفتراء وهل في إشراك جمعية تتبع وزير الشئون الاجتماعية والعمل الضمانة الكافية لنزاهة الانتخابات إنه لشيئ عجاب. اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكأنه كان ينظر على ان العمليات الانتخابية السابقة تحت ظل رقابة القضاء كانت محل طعن وتشويه حتى نأتى بمجاميع نقابية فتزيل ما شاب الانتخابات السابقة من شك وطعن!. وهذا ما ورد في المادة الثالثة من المرسوم
'للجنة الوطنية العليا للانتخابات أن تشكل لجاناً فرعية تؤلف من أعضائها ومن غيرهم لمعاونتها في أداء بعض مهامها، كما يكون لها الاستعانة بمن تراه من المختصين بالجهات الحكومية وغيرها ومن جمعيات النفع العام الأهلية المعنية بالانتخابات، وذلك لمتابعة سير العملية الانتخابية والحملات المتعلقة بها لضمان نزاهتها وشفافيتها والتزامها وبقرارات اللجنة.'
• كما أن المرسوم المشار اليه قد قام في المادة 21 برفع قيمة التأمين للترشح من مبلغ خمسين دينار كويتي إلى خمسمائة دينار بواقع عشر أضعاف المبلغ المذكور في القانون رقم 35 لسنة 1962.
' يجب على كل من يريد ترشيح نفسه أن يدفع مبلغ خمسمائة دينار كتأمين يخصص للأعمال الخيرية التي يقررها وزير الشئون الاجتماعية والعمل إذا عدل المرشح عن الترشيح أو لم يحز في الانتخاب عُشر الأصوات الصحيحة التي أعطيت على الأقل. ولا يقبل طلب الترشيح إلا إذا كان مرفقاً به إيصال دفع هذا التأمين.'
وتعديل قيمة التامين للترشح لانتخابات مجلس الامة ينطوي علي مخالفة دستورية بسبب تعديل النظام الانتخابي دون الطرق الدستورية المقررة وهي ان تكون بقانون صادر من مجلس الأمة.
رابعاً: عدم دستورية المادة 114 من القانون رقم 12 لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة:
• لقد قررت المادة 114 من اللائحة الداخلية ما يلي 'يصوت المجلس على المراسيم بقوانين بالموافقة أو الرفض. ولا يكون رفضها إلا بأغلبية الأعضاء الذي يتألف منهم المجلس، وينشر الرفض في الجريدة الرسمية'
يتضح أن اللائحة الداخلية في هذه المادة تنطوي على شبهة عدم دستورية حيث انها قررت أن الموافقة على المراسيم بقوانين وإقرارها لا يتطلب سوى موافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين بينما اشترطت لرفض المراسيم موافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس وهي أغلبية خاصة بالتالي عملية رفض المراسيم تتصادم بإجراء متشدد عن إقرار المراسيم تحسب لمصلحة المراسيم وفي ذلك مخالفة دستورية واضحة يجب ان يحكم معها النص بعدم الدستورية لمخالفتها الاصل الوارد في المادة 71 من الدستور التي لم تتطلب اغلبية خاصة سواء لإقرار المراسيم او لرفضها.
- خامساً : عدم مشروعية المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 2012م :-
• يسري على ما سبق أن تطرقنا اليه من أسباب عدم الدستورية على عدم المشروعية التي تملك المحكمة الدستورية فحصها وفق القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية في مادته السادسة التي نصت على:
'إذا قررت المحكمة الدستورية عدم دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة أو عدم شرعية لائحة من اللوائح الإدارية لمخالفتها لقانون نافذ، وجب على السلطات المختصة أن تبادر إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير لتصحيح هذه المخالفات، وتسوية آثارها بالنسبة للماضي.'
لذلك نستعيض بما ورد من الاسباب السابقة على عدم الدستورية ليتم إنزالها على أسباب عدم مشروعية المرسوم. ونضيف عليها أن رقابة المشروعية تختلف نوعاً ما عن الرقابة الدستورية ذلك إن رقابة مدى دستورية المرسوم تتطلب عدم الغوص والتبحر من قيام الاسباب الموضوعية التي حملت السلطة على اصدار هذا المرسوم وإنما يتم الاكتفاء بفحص الوزن الدستوري للمرسوم امام نصوص الدستور المختلفة وعند فحص المرسوم بواسطة المادة 71 والمادة 81 تتضح اسباب عدم دستوريته وهي عدم انطباق نص المادة 71 اساساً لتكون السند الدستوري لإصدار المراسيم.
ولكن عند فحص مدى مشروعية المرسوم رقم 20 لسنة 2012 فإن للمحكمة أن تتبصر وتتثبت من توافر مسألتين وهما: هل نحن أمام حالة اغتصاب للسلطة بالتالي فحص مدى مشروعية المرسوم تتطلب الحكم بعدم المشروعية وإزالة ما تم من أثأر وهذا ما نحن بصدده. والمسألة الأخرى إن كانت السلطة تملك إصدار هذا المرسوم هل قامت حالة الضرورة الداعية لإصداره؟ وهذا ما لم يتوافر في المسألة التي نحن بصددها.
أن مشروعية المرسوم 20 لسنة 2012 على المحك بسبب قيام شبهة واضحة من اغتصاب السلطة التنفيذية لسلطات الأمة المنعقدة بشكل منفرد للسلطة الممثلة لها وهي مجلس الأمة وفق المادة 81 من الدستور. وقد قرر مجلس الدولة المصري أن 'القرار الإداري المعدوم مناطه اذا نزل الى حد غصب السلطة وانحدر إلى مجرد الفعل المعدوم الاثر قانونا ومعيار ذلك اذا شابه عيب جسيم بأن انعدمت إرادة مصدره وأعتدت إحدى سلطات الدولة على إختصاص سلطة أخرى'
طعن رقم 3561 لسنة 40.ق.عليا بجلسة 24 نوفمبر 1998
- لذا نحن أمام حالة غصب للسلطة بشكل واضح مما يجعل فحص مدى مشروعية هذا المرسوم الصادر من سلطة مغتصبة لصلاحيات سلطة أخرى ينزلق بها إلى هاوية الانعدام الغير ذي أثر قانوناً.
كما أن هذه المشروعية تتهاوى أمام عدم قيام حالة الضرورة المبررة لها ذلك أن المحكمة يجب أن تسأل السلطة التنفيذية ما هي الضرورة التي قامت قبل إصدار المرسوم، فنحن أمام قانون انتخابي قائم بذاته ومطبق ولم تظهر معه أي مستجدات وظروف تستدعي التدخل لتغيره. بل أن مجلس الوزراء


عبر من خلال بعض الوزراء مراراً أن القانون رقم 42 لسنة 2006 يحتوي على شبهة دستورية 'لعدم عدالة توزيع الدوائر الانتخابية' وهذا ما حدا بها للطعن على عدم دستورية المادة الأولى والثانية من القانون سالف الذكر حتى قررت المحكمة بأن المساواة ليست مساواة حسابية وأن تقدير الملائمة ليس من اختصاص المحكمة وهذا بحق مما اضطر الحكومة أمام عجزها عن فرض واقع سياسي على قواعد الدستورية والمشروعية إلى إصدار المرسوم 20 لسنة 2012 بتاريخ 21/10/2012 فيظهر تساؤل إن كانت الحكومة قد عبرت ان السبب الرئيسي لطعنها بعدم دستورية القانون 42 لسنة 2006 هو عدم عدالة توزيع الدوائر الانتخابية فلماذا لم يصاحب مرسوم تعديل الية التصويت رقم 20 لسنة 2012 مرسوم اخر يقوم بإعادة توزيع الدوائر الانتخابية؟ إذ لو أن الحكومة قامت بذلك لقيل أن الحكومة سبق أن قامت بالطعن بالمادة الأولى والثانية من القانون الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية ولكننا فوجئنا أنها أدخلت تعديلات مشبوهة لتطال فقط المادة الثانية من القانون دون المادة الأولى مما يظهر بوضوح انعدام حالة الضرورة المزعومة التي كانت سبباً بالعبث الدستوري التي مارسته الحكومة بإصدارها المرسوم 20 لسنة 2012.

د.فواز الجدعي
أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت

الآن - رأي : فواز الجدعي

تعليقات

اكتب تعليقك