عواطف العلوي لـ'البراك' و'الحربش': لا نريد أن نحارب فساداً بفساد!

زاوية الكتاب

كتب 1078 مشاهدات 0


الكويتية

مندهشة  /  'مزرعة الحيوان'..!

عواطف العلوي

 

«مزرعة الحيوان»، رواية دِستوبيّة (أدب المدينة الفاسدة Dystopia) من تأليف جورج أورويل، جاء ترتيبها في المركز الحادي والثلاثين في قائمة أفضل روايات القرن العشرين، وتعد مثالا للأدب التحذيري بشأن الحركات السياسية والاجتماعية التي تطيح الحكومات والمؤسسات الفاسدة والمستبدة، إلا أنها تؤول إلى الفساد والقهر هي ذاتها، فتستخدم أساليب عنيفة ودكتاتورية للاحتفاظ بسلطتها!
تذكرت هذه الرواية وأنا أقرأ تهديد كل من النائبين السابقين الفاضلين مسلم البراك وجمعان الحربش للنقابات والاتحادات والقوى الطلابية المتخاذلة عن المشاركة في ائتلاف المعارضة ونصرة الشعب، بأن المعارضة سيكون لها موقف حازم تجاههم وستقف ضدهم في انتخاباتهم النقابية القادمة!
لستُ بصدد مناقشة حق النقابات والاتحادات في ممارسة دورها في محاربة الفساد، باعتباره واجبا على كل مؤسسات المجتمع المدني، وباعتبار الدفاع عن الحريات المدنية وتطهير البلاد من الفساد لترسيخ مبدأ العدالة عملا ليس سياسيا بقدر ما هو مطلب نقابي مجتمعي تتأثر به الطبقة العاملة بالدرجة الأولى.
 ولستُ متبحرة في القانون ولوائح العمل النقابي لأجزم إن كان هذا يتعارض مع المادة 104 من قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 106/ 2010، التي تنص على أنه يحظر على النقابات الاشتغال بالمسائل السياسية والدينية والمذهبية.
وإن كنت أميل شخصيا إلى ضرورة أن يكون لكل مؤسسات المجتمع المدني رأي ودور في أحداث وقضايا الساعة، بل وتسجيل موقف منها.
ولكن، أن يقوم نائبان هما من أشد الدعاة المطالبين بالديمقراطية الحقيقية، وحرية الرأي والرأي الآخر، بتهديد من لا يقف معهم بأن سجله سيكون أسود، وسيُحرم من الوقوف معه مستقبلا في أي قضية حتى لو كان صاحب حق! أن يصورا ما يحدث وكأنه صفقة تعقد بين الطرفين؛ تقفون معنا سياسيا لنقف معكم في مطالبكم النقابية! وكأن وقوف النواب مع أصحاب الحق هو منّة يحتفظون بحق تحصيل مقابلها وقتما يشاءون! فتلك لعمري سقطة لا يجدر بحماة الحريات- أو هكذا أعتبرهم حتى الآن- أن يقعوا فيها، وهذا الأسلوب في التهديد والمقايضة يرسم لي صورة قاتمة لمستقبل تكون فيه المعارضة في مركز القرار والسلطة، فتبدأ بالانتقام من كل من «تخاذل عن تأييدها» وإقصائه عن المناصب والوظائف حتى وإن كان صاحب كفاءة واستحقاق، والتمييز بين المواطنين على خلفية الانتماء السياسي أو الحزبي لكل منهم، لنجد أنفسنا في نفس مستنقع الفساد الذي غرقت فيه دول عربية كثيرة مارست حكوماتها التمييز بين المواطنين وفق انتمائهم السياسي، ضاربة بعرض الحائط كل مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها دستوريا!
فليس هناك فساد بقدر سوء استخدام السلطة من أجل تحقيق منفعة سياسية أو خاصة، وهذا هو ما نحاربه في الحكومة الحالية، وهو سبب وقوفنا مع المعارضة! 
هي نصيحة محب وليست ترصدا من حاقد متربص، وانتقاد الحراك وتنبيهه واجب علينا قبل غيرنا، لنجنبه الانجراف خلف مواقف انفعالية تضعف شعبيته وتضره على المدى البعيد أكثر مما تنفعه على المدى القريب.
لا نريد أن نحارب فسادًا.. بفساد!

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك