باسل اللوغاني يرثي زميله فيصل الجريد بالحرس الوطني

زاوية الكتاب

كتب 4384 مشاهدات 0

فيصل الجريد

العقيد فيصل الجريد نجم أفل وترك الأثر حياة الإنسان عبارة عن سجل يملأه إما بالأعمال الطيبة والإنجازات وبصمة يتركها خلفه وأثر يمتد سنين وإما أن يكون فارغا من ذلك كله عدا الفشل في تحقيق أي إنجاز يخلد إسمه.

لقد غيب الموت أخي وحبيبي وزميلي فيصل الجريد ولم يمهله وإختطفه من محبيه وهو في عز شبابه وقمة عطاءه وحيويته, ولكن إستطاع فيصل ترك الأثر وأي أثر ، إنه الأثر الطيب والبصمة الكبيرة فترك لنا سجلا حافلا بالإنجازات والعطاء والإبداعات وصبغ سجله بمكارم أخلاق قلما تجدها هذه الأيام.

عرفت فيصل الطموح ذو الهمة العالية وذو الطاقة الايجابية المنبعثة من أعماقه لتشع علي جميع من حوله, فتحفزهم وتشجعهم وتلهب حماسهم، عرفته يواجه العقبات بإصرار وقلب شجاع وعزيمة لاتنفك. لقد إستطاع في فترة وجيزة من قيادته لمديرية الموارد البشرية في الحرس الوطني أن ينقلها من العمل التقليدي إلي العمل العلمي المنظم, فقدمت الموارد البشرية أرقى الخدمات لمنتسبي الحرس الوطني وسهلت معاملات الجميع وأسست لنظام عمل منظم ودقيق.

كذلك إستطاعت أن تنظم المعلومات والبيانات في أنظمة آلية حديثة سهلت عمل اللجان في إتخاذ القرارات , ودعمت أيضا قرارات القيادة الكريمة في الحرس الوطني من خلال إمدادها بالبيانات والإحصائيات والمعلومات الدقيقة المصنفة, بل إمتد نشاط فيصل إلى تطوير عمل اللجنة الرباعية للعلاوات والبدلات. وكان رحمه الله تعالى يعمل في جميع الاتجاهات بنفس الحيوية والنشاط ومستوى الأداء ، كذلك عرفت فيصل القائد الذي يشحذ همم من يعملون تحت إمرته من ضباط وضباط صف حيث حرص على تطوير مهارات الجميع من خلال التدريب النوعي لا التقليدي, وكان مشجعا للإبداع والمبادرات الجديدة التي تطور العمل, بل كان هو نفسه مبادرا بالأفكار فعلي سبيل المثال لا الحصر قام بتسليم قيادة الموارد البشرية إلى أحد الضباط كل أسبوع وبشكل دوري مع منحه جميع الصلاحيات لتسيير العمل اليومي ومساعدته متى إحتاج لها, وذلك لزرع الثقة في نفوس الضباط صغارا وكبارا. كما حرص على التواصل مع الجميع من خلال لقاء صباحي وآخر نهاية الدوام للتباحث والتشاور مما ساعد على إذابة الجليد بينه وبين ضباطه.

عرفت فيصل محبا للعلم والتعلم والمعرفة حبث كان حريصا على قراءة الكتب الإدارية الحديثة وكذلك كتب التنمية الذاتية والنجاح, وكثيرا ماكنا نتبادل الكتب والدراسات ولازلت أحتفظ بمجموعة كتب إستعرتها من فيصل قبل ثلاثة أسابيع من وفاته. وكثيرا ما كنا نتناقش أهمية الفكر والمبادئ والأخلاق في بناء شخصية الإنسان ونستشهد بكتاب العادات السبع للراحل الدكتور ستيفن كوفي. بالمناسبة كانت بداية علاقتي الخاصة بفيصل لقاء جمعني وإياه في ندوة حاضر فيها الدكتور ستيفن كوفي في قاعة الراية عام 2004. عرفت فيصل الإنسان حيث كان يردد 'إفعل خير ولاتنتظر رد الجميل' فقد كان رحمه الله قبلة للمحتاجين , ساعد الحبيب والعدو, الصغير والكبير, القائد والجندي والعامل وبرحابة صدر قلما تجدها في المسئولين.

وليس أدل على ذلك من إمتلاء المقبرة بالمعزين وكلمات الإطراء والثناء التي سمعتها تقال لوالد فيصل حفظه الله أيام العزاء. لقد إمتدت علاقتي بفيصل حتى بعد التقاعد حيث كنا نلتقي بإستمرار وياخذ رأيي في مايقوم به ونتجاذب اطراف الحديث ونستذكر الأيام التي عملنا فيها معا والدورات التي حضرناها معا داخل وخارج الكويت والمهمات الرسمية التي جمعتنا معا حيث كنا نتسامر مساءا ونتبادل الأفكار والطموحات والأمال على مستوى العمل وعلى المستوى الشخصي. لا أنسى عندما جائني فيصل ذات يوم يقول مارايك لو قدمنا ورقة عمل في مؤتمر صناعة موظف عالي الأداء, فقلت له وماالمانع؟ فتحمس لها أيما تحمس وفعلا قدمنا الورقة التي لاقت إستحسانا من المشاركين فاق توقعاتنا, وللعلم أن فيصل أعد 80% من هذه الورقة . ولاأنسى يوم عرضت عليه فكرة الخطة الاستراتيجية فكان اول المشجعين مما دفعني لتقديمها للشيخ مشعل الأحمد نائب رئيس الحرس الوطني الذي دعم مشكورا الفكرة مباشرة وتبناها حتى خرجت بشكلها النهائي.

ولا أنسى أيضا سعادة فيصل الغامرة عندما أخبرته حصول مكتب نائب الرئيس على شهادة جابر للجودة لانه كان يؤمن بأن نجاح أي وحدة في الحرس الوطني هو نجاح للحرس الوطني ككل. إن الحديث عن فيصل لا يمكن إختصاره بمقالة, ولكني أحببت أن أعبر عن فضائل هذا الرجل الذي رحل ولكنه ترك لنا الكثير والكثير لنتعلم منه. عزائنا الوحيد أنه ترك لنا رصيدا كبيرا من الإنجازات والأعمال والأخلاق وبصمة لاتمحي.

نسأل الله لفيصل الرحمة ولوالديه وزوجته وذريته وإخوته ومحبيه الصبر والسلوان. ملاحظة: أقترح على القيادة الكريمة تخليد إسم الفقيد على أحد المباني الرئيسية وأفضل أن تقام مسابقة إبداعية أو ثقافية سنوية بإسمه (حيث كان الفقيد من المهتمين بالعلم والمعرفة والإبداع)تقديرا لدوره وإنجازاته خلال مسيرته في الحرس الوطني.

عميد متقاعد/ باسل اللوغاني

الآن - رأي العميد المتقاعد / باسل اللوغاني

تعليقات

اكتب تعليقك