'عنصري'.. حسن كرم منتقداً مقترح الحرمان من ممارسة الحقوق السياسية

زاوية الكتاب

كتب 805 مشاهدات 0


الوطن

قانون عنصري ومتخلف

حسن علي كرم

 

ماذا لو كان النائب في مجلس الأمة الكويتي عبدالحميد دشتي عضواً في مجلس النواب الأمريكي او مجلس العموم البريطاني او الجمعية الوطنية الفرنسية او برلمانات اقل عراقة في الديموقراطية فهل تجرأ على ان يتقدم بمقترح يقصي بموجبه أكثر من نصف المواطنين عن ممارسة حقهم السياسي وغالبية اعضاء البرلمانات الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغير ذلك اما من الملونين او من جاليات منحدرة من كل الجهات الاربع بما فيها البلدان العربية والاسلامية، بل والأكثر وضوحاً وجود نواب مسلمين وبوذيين وهندوس ولاسيما في مجلسي اللوردات والعموم البريطانيين ومجلس النواب الجنوب الأفريقي ناهيك عن برلمانات اوروبية وغالبية هؤلاء وجودهم في تلك البلدان لا يزيد عن بضعة عقود قليلة…؟!!
انا على يقين ان المقترح العنصري الذي قدمه النائب دشتي ونواب آخرون لن يمر ربما سيسحب او ربما سينسحب المقترحون عن مقترحهم او سيتعرقل داخل اللجان البرلمانية المختصة بدليل ان احد النواب الموقعين على المقترح بعدما اكتشف ان زميله قد خدعه فأراد توريطه سارع الى سحب توقيعه!!
من الغريب في الظروف السياسية الراهنة التي تتصاعد فيها المطالب الحقوقية والحريات وانصاف المهمشين سواء في العالم اجمع او في منطقتنا العربية وفي ظل الثورات واحتلال الشوارع والميادين او ما يسمى بالربيع العربي في هذه الظروف العاصفة والشديدة الحساسية يأتي من يخترق الصفوف ويسير عكس الاتجاه وهذا ان دل دل على الجهل ودل على قصر النظر والاستخفاف بتلك الظروف.. وبالتبسيط السياسي..!!
فكيف نستطيع ان نقرأ حرمان نصف المجتمع من حقوقهم السياسية وتمثيل الأمة في وقت ينحو به العالم قاطبة من غربه الى شرقه ومن شماله الى جنوبه نحو المساواة في الحقوق الآدمية وعدم التعسف في ذلك.. إن المواطنة وحقوق المواطنة كل لا يتجزأ ولا يتوزع الى درجات او يتلون بألوان الطيف. وبالتالي يظل المواطن مواطناً كامل الاهلية ما دام يتمتع بالهوية الوطنية وحق المواطنة.
لا نحتاج الى التذكير ان الكويت من البلدان الناشئة فتاريخ تأسيس الكويت لازال في حساب التاريخ يظل حديثاً فماذا يعني الـ (300) او الـ (400) سنة في حساب التاريخ ودوران الفلك واذا كان الرعيل الاول او الآباء المؤسسون قد كابدوا الحرارة وشظف العيش والكفاح والصمود مع قسوة الطبيعة والحياة وحافظوا على كيان الكويت من البغي والعدوان وطمع الطامعين فلذلك لا يصح قطعاً أن نشكك بوطنية المستجدين الذين انصهروا في كيان الدولة وامتزجوا وغدوا مواطنين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم فالتشكيك في الولاء هو السكين التي بها نقطع بأيدينا اوصال المجتمع واوصال الدولة.
ان البعض عندما يضفي على نفسه قميص الوطنية ويخلعه عن الاخرين.. وينظر اليهم بالدونية وبأنهم طارئون هؤلاء قطعاً لا يريدون ان يعيش المجتمع بأمن وسلام ولعله يجدر بهؤلاء ان يتساءلوا ماذا قدموا هم للكويت قبل ان يشككوا في نوايا الآخرين.
وخلاصة ما يستشف الواحد منا من مقترح تعديل قانون الترشح وحصره على ابناء الكويت الاصائل المؤسسين هو في سياق معركة مع الخصوم لم تنطفئ اوزارها ولعلنا نراها حسابات شخصية ومعركة وهمية.. يوهمون بها الناس البسطاء على أنها معركة وطنية من اجل حماية الوطن من الدخلاء والطفيليين ويريدون جر كل المجتمع الى ساحاتهم..!!
في ظل الدستور الذي ساوى بين المواطنين في الحقوق والواجبات وفي ظل الانتفاضة العالمية للحقوق الانسانية والغاء التمييز لا نظن ان ثمة امكاناً لتقسيم الكويت الى كويت الداخل وكويت الخارج او كويت البداوة وكويت الحضر او كويت السنة وكويت الشيعة. فكل هذه الشوائب يفترض انها قد ازيلت وان لم تزل فيفترض بالخائفين على الكويت ضم الجهود لازالتها فلا كويت آمناً وقوياً وسالماً الا بتضافر الجهود ونبذ العصبيات وازالة الشوائب الاجتماعية ان العبرة والمحك الحقيقي لمن احب الكويت هو بالعمل باخلاص والتفاني في تحقيق الطموح ان هذه الارض المباركة تستحق منا جميعاً ان نتفانى ونموت بالولاء لترابها.. ان الكويت ستبقى كما كانت بلاد الخير والامن والأمان، وبلاد جمعت اهلها على المحبة والتسامح ولن يفلح المبغضون في شق الصفوف وضرب الأسافين..
لذلك اقول.. كان على الذين ينافحون لجر البلاد الى الخلف ان ينظروا الى العالم وما يحدث في هذا العالم من تطور وتقدم على الصعيدين الاجتماعي والحقوقي. وبالتالي كان عليهم ان يقارنوا في ظل هذه المعطيات التقدمية الراهنة هل هذا اوان صدور قانون عنصري يمزق كيان المجتمع ويقسم الناس الى درجات ورتب..؟!!
انه من الاسف ان يسعى البعض من حيث الجهل او الحقد او الغرور او الحماقة او الصفاقة والاستعلاء ان يضرم نار الفتنة والحروب الاجتماعية والطبقية او ما يشبه حرب الشمال والجنوب التي ابتليت بها بعض البلدان من خلافات قومية ودينية او قبلية.
اخيراً لعلنا نراهن على وعي الشعب وعلى وعي مؤسسات المجتمع المدني التي يفترض ان تلتقي على رفض مثل هذه القوانين العنصرية والضارة بالسلم الاجتماعي.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك