التنمية الصحيحة هي الاهتمام بالبشر قبل الحجر.. برأي فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 834 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  تقدير ما أغفله التقدير!

فاطمة عثمان البكر

 

رغم ما ساد البلاد في الآونة الأخيرة من موجة عارمة من نواقص وسلبيات أرخت بظلالها على شتى مناحي البلاد، ورغم الشكوى والبلوى اللتين انبثقتا من «ثقافة الشكوى»، وهي ثقافة قديمة حديثة، فنحن - الشرقيين والعرب بصفة خاصة - ما زلنا وسنظل نتمسك بهذه «الثقافة» الأزلية التي تصدح في مدن الحزن والناي الحزين!

على الرغم من كل تلك السلبيات، فإن هناك في الحنايا والثنايا جوانب مضيئة أغفلنا عنها، هناك مطارح للفرح، ومقاعد للبهجة والفخر والاعتزاز تضيء من ثقوب الذاكرة لتسطع لا تحجبها الشمس، ولتعلن عن وجودها، هناك عطاءات وجهود مشكورة، هناك إبداعات ساطعة، عطاءات الشباب الواعد تحفل بها البلاد في كل منحى، وكل منعطف، وكل مجال من مجالات الحياة، ابتكارات، توظيفات سليمة في المسار الصحيح لا تنتظر إلا الدعم والمساندة والتشجيع لكي تحقق أهدافها النبيلة، وتشارك مشاركة فعلية في عملية التنمية للبلاد، فالتنمية الصحيحة هي الاهتمام بالبشر قبل الحجر.

أبرز تلك الإشعاعات والإضاءات التي أضاءت الساحة المحلية، أخيراً، الاحتفال بجائزة الدولة التقديرية والتشجيعية التي أقامها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهي إضاءة وتقدير للمبدعين، وتكريم لعطاءات إبداعية أثرت الساحة الثقافية وتبقى نبراساً وتشجيعاً للعطاءات النيرة، إلا أن ما أغفلته هذه المبادرة الكريمة في تكريم بعض الشخصيات التي كان لها الدور الكبير على الساحة الثقافية، وكما هو المعتاد أن تختار الحياة، أحياناً، ضحاياها بغير إنصاف!

أغفل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عن تكريم شخصية كبيرة، كان لها الدور الفاعل والكبير والمؤثر في الساحة الثقافية، دور كبير ومشهود لها وهي الدكتور فاروق العمر الأمين العام الأسبق للمجلس الوطني، دور كبير في مرحلة مهمة ومؤثرة، تولى الأمانة وأوفى لتلك الأمانة أيما إيفاء، شخصية كان لها الدور الكبير، حينما تولى منصب الوكيل المساعد في ديوان سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في عهد سمو الشيخ الأمير الوالد سعد العبدالله السالم الصباح، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

لقد كان الساعد الأيمن لسموه، وقام بدوره الوطني الكبير والنبيل على أكمل وجه، نظراً لإخلاصه وتفانيه وعمله المتواصل والدؤوب، فحاز رضا وتقدير سمو الأمير الوالد، طيب الله ثراه.

وحينما جاءت فترة المتغيرات في المنطقة، وحاولت بعض التيارات أن تختطف مكتسبات، كان لا بد من الحذر والتدبر لمواجهة بعض التيارات التي حاولت التسلل عبر ثقوب الجانب الثقافي بدهاء، فكان لا بد من موقف جاد لمواجهة تلك التيارات المتسللة والحفاظ على هذا الجانب، وتجنيبه ذلك التلاعب المتسلل عبر الثقافة، فكان لسمو الأمير الوالد، طيب الله ثراه، من موقف، وهو العين الساهرة، وعهده الأمين في الحفاظ على الوطن، فاختار الدكتور فاروق العمر أميناً عاماً للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لثقته في هذه الشخصية، ودورها النبيل الذي خدم ويخدم الوطن الغالي بروية وحكمة وهدوء وعقلانية هادئة، ارتكازها على البصر والبصيرة، فقاد الحركة الثقافية، رتب أوضاعها وأعادها للكويت خالصة من الشوائب، وحماها من التسللات الغريبة الطارئة.

عمل بصدق ونبل، سلّمها إلى من بعده أمانة خالصة، وتولى من بعده أفاضل أكملوا المشوار، فكانت بصماته وتنظيماته ماثلة في كل جانب من جوانب هذا الصرح الراقي الكبير، فكيف لا يكرم اليوم هذا الرجل النبيل الكبير في عطائه ومنجزاته طوال مشوار حياته في العطاء للوطن، وما زال يعمل بصمت وهدوء بعيداً عن الضوضاء، مراقباً، ودارساً، ومشاركاً في كل جانب من جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية.

وقفة عتاب للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مرة ومرات ممثلة في الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب السيد علي اليوحة، وهو الأمين العام الواعد الذي بدت بصماته واضحة اليوم، والمجلس الوطني للثقافة بصماته ترتسم وتشيع جواً ثقافياً رائعاً من أمسيات وندوات ومهرجانات كان لها الصدى الكبير والإقبال، وزيّنت الساحة المحلية، وأشاعت البهجة والأمل بهذا الجو الثقافي الرائع، نشد على أيدي كل القائمين في المجلس الوطني للثقافة والآداب الذين أثروا الساحة الثقافية اليوم، وهو «عتاب» وتذكرة لعل الذكرى تنفع المؤمنين.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك