مصر الآن كما تراها فوزية أبل أمام امتحان فريد من نوعه!

زاوية الكتاب

كتب 751 مشاهدات 0


القبس

مصر المحروسة.. تدفع الثمن!

فوزية أبل

 

مصر بعد عامين من ثورة 25 يناير، هل هي مختلفة كليا عن مصر ما قبل الثورة، أم أن الفارق يقتصر على سقوط نظام متحكم كي يحل مكانه تحكم من نوع آخر، كما يراها العديد من المراقبين للتداعيات التي تتوالى فصولها منذ تولي القيادي في الإخوان المسلمين محمد مرسي السلطة؟

الموالون للنظام الحالي يقولون إن عهدا «جديدا» قد بدأ، وأن الحزب الحاكم لن يستأثر بالسلطة، وأن اللجان والمجالس الانتقالية لابد أن يترك لها المجال لقيادة هذه المرحلة الانتقالية الصعبة، وصولا إلى إجراء انتخابات برلمانية على أساس الدستور الذي تم إقراره في الاستفتاء العام.

لكن قوى المعارضة - وبعضها من الإسلاميين - تتساءل عن ماهية الأمور التي سوف تتمخض عنها التطورات والفصول المتجددة، وما إذا كان المولود «مسخا، أو كيانا سياسيا ودستوريا مشوها»، وبما يدفع «مصر المحروسة» إلى طريق الانهيار الاقتصادي والفوضى الأمنية، والفساد الذي لا يقل خطورة عما كان في عهد حسني مبارك وأسرته وكبار المستفيدين منه!

خريطة جديدة للواقع المصري ومشهده السياسي المستجد تلوح في الأفق، في ضوء الأحداث التي سبقت ورافقت احتفالات، ومواجهات الذكرى الثانية للثورة، وفي ظل انقسام حاد بين القوى السياسية والشبابية التي كان يجمعها الحراك لإسقاط مبارك، فجاءت قرارات الرئيس مرسي والقيادة - الحزبية - الجديدة لتثير ردود أفعال متباينة، ومتشنجة في الشارع المصري، مما أدى إلى تمزيق الصفوف وإلى حدوث مواجهات، وصدامات، ووضع مأساوي للعائلات الفقيرة والعاطلين عن العمل.

حتى القوى السياسية التي أسهمت في وصول مرسي إلى الرئاسة، باتت تتساءل عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء حصر جميع الصلاحيات في يد رئيس الجمهورية، وهو ما كان الرئيس المخلوع حسني مبارك يتحاشى القيام به نهارا «جهارا».

الآن هناك إلغاء كلي أو تهميش كلي لدور القوى التي قدمت العدد الأكبر من الشهداء، إضافة إلى عدد كبير من المصابين والمعتقلين. فمصر المحروسة تدفع ثمن الاستغلال الصارخ لتضحيات شعبها.

وهناك بعض المخاوف المرتبطة بالأحداث والتحولات الأخيرة، عززتها تصريحات غريبة، مثل تحذير الجماعة الإسلامية من مغبة أي محاولة لإسقاط الرئيس المنتخب، مبررة ذلك، من أنه سيدفع القوى المتطرفة والجهادية المسلحة إلى الواجهة لتضرب ضربتها.. ووصلت الجماعة إلى حد القول: «لقد ارتضينا حكم الصناديق وأصوات المصريين، فإذا سقط الرئيس المنتخب بغير الطريق الوحيد والمتاح والشرعي في انتخابات 2016، فلن يكون هناك حاكم من بعده سوى بقوة السلاح وسيعلو صوت العنف فوق كل صوت».

إذن فالإخوان المسلمون يعتبرون أنفسهم صمام أمان، فإذا انتهى حكمهم لمصر «بسلميتهم المعهودة» - حسب قولهم-، فسيأتي التيار الإسلامي الثوري ليقود المواجهة مع من أسماهم البيان الفوضويين والعلمانيين والفجور الشيوعي العلماني والناصري التخريبي الحاقد على الإسلاميين ومشروعهم الإسلامي»!

وهكذا فإن مصر، التي قدمت قواها الحية التضحيات تحت شعار «الشعب يريد إنهاء النظام»، تجد نفسها الآن ليس فقط أمام حالة سياسية من الانقسام والتمزق، وأمام فوضى شارعية وأمنية، بل أمام امتحان فريد من نوعه وتعقيده، واضعة الممسكين بالسلطة الانتقالية أمام مسؤوليتهم تجاه مستقبل الأجيال، وأيضا تجاه دور مصر في هذه المنطقة من العالم.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك