عواطف العلوي محذرة الحكومة: أثبتي لنا أنك «رشيدة» قبل فوات الأوان!

زاوية الكتاب

كتب 1044 مشاهدات 0


الكويتية

مندهشة  /  بين ذوي القمصان الحمر.. والبرتقالية!

عواطف العلوي

 

في مايو من العام 2011، حلّ ملك تايلند رسميا البرلمان في بلاده، وأعلنت الحكومة موعدا مبكرا للانتخابات العامة، بعد أن شهدت تايلند أسوأ أعمال عنف سياسي في تاريخها الحديث، تضمنت احتجاجات يقودها المعارضون الوطنيون والملكيون في «تحالف الشعب من أجل الديمقراطية»، أو من كانوا يُسمَّون بـ «ذوي القمصان الحمر»، مطالبين بحل البرلمان واستقالة الحكومة التي يتهمونها بالفساد، وخلع رئيس الوزراء آنذاك، الذي وصفه «ذوو القمصان الحمر» بأنه مجرد «دمية» بيد بعض مستشاري الملك ورجال الأعمال ذوي النفوذ ورجال القضاء الذين أساءوا استغلال سلطتهم، إلى جانب اعتبارهم تلك الحكومة غير شرعية، لأنها لم تكن منتخبة..!
وأدى عناد الحكومة التايلندية ومكابرتها ورفضها التفاوض مع المعارضين، واستمرارها في قمعهم واعتقالهم، إلى تصاعد حدة الفوضى السياسية ونبرة الاحتجاج، حتى بلغت قيام المعارضين بإغلاق مطار بانكوك وشل حركة الطيران فيه، ما تسبب بخسائر جسيمة للسياحة التايلندية التي تمثّل المصدر الرئيس للمملكة من النقد الأجنبي.
وظلت الحكومة تتهم المتظاهرين بأنهم منتهكون للقانون ومخربون ومسيئون لسمعة البلاد ومخلّون باستقرارها بما يقومون به من تأجيج للعنف والتوتر، وأن كثيرا منهم ما هم إلا ريفيون سذّج يتلقون مبالغ مالية مقابل حضور التجمعات الحاشدة.
وتأثّر كثير من سكان تايلند بالدعاية الحكومية والإعلام الحكومي المنحاز الذي كان يحذّر من نوايا المعارضة و«أجنداتها»، بينما ردّ المعارضون على تلك الاتهامات بأن ما يسعون إليه هو الملكية الدستورية، وأن الحكومة هي التي استعانت بـ «بلطجية» أثاروا الشغب والخراب.
المهم، أن المعارضة واصلت - على الرغم من كل تلك العقبات - تجمعاتها الحاشدة السلمية، حتى حققت أهدافها وحُل البرلمان واستقالت الحكومة..!
ندير رؤوسنا الآن نحو الكويت، بلدنا الحبيب، لنرى دعوات من شباب الحراك إلى إقامة فعالية في مطار الكويت الدولي اليوم لتوزيع بروشورات بأسلوب سلمي حضاري على القادمين والمغادرين البريطانيين، تتعلق بالتصرفات الأمنية المتعسفة أخيرا ضد الحراك، ومطالبة البريطانيين بمخاطبة حكومتهم لوقف دعمها لما أسموه بالأنشطة القمعية التي تمارسها حكومة الكويت بملاحقة الناشطين السياسيين الذين يطالبون بنظام ديمقراطي حقيقي مشابه لما تعيشه المملكة المتحدة.
هذه الدعوة أثارت الرعب بين الكويتيين حتى المؤيدين منهم للحراك وأهدافه، بسبب احتمال تعطيل مصالح الكثير من المسافرين، أو وقوع احتكاك بين شباب الحراك والقوات الخاصة ينتهي إلى ما لا تحمد عقباه.
أنا شخصيا أضع يدي على قلبي خوفا من مغبة هذه الفعالية الجديدة نوعيا على الحراك في الكويت، والتي تمس مرفقا مهما وحساسا جدا في البلد. بل كلي يقين بأنها لن «تعدي على خير» بالنسبة للطرفين، وللبلد بأسره!
ولكن، من الذي أوصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم؟! أليس تعنّت الحكومة الغبي ورفضها احتواء هذا الحراك عبر الحوار والاستماع إلى مطالبه وعدم تحقيره والاستهانة به، واعتباره مجرد فوضى من حفنة أشخاص مندسين أو مزدوجين وغير «أصلاء»؟!
ألم يكن من الحكمة والحنكة السياسية أن تسمح الحكومة لشريحة كبيرة من الشعب بالتعبير عن رأيها ضد الفساد وضد العبث بالدستور، عبر قنوات سلمية ووسائل حضارية مشروعة لم يمنعها الدستور، بدلا من هذا القمع والاستفزاز المتواصل أمنيا وإعلاميا ضد تلك الشريحة، والنتيجة تفاقم المشكلة لا حلها!
حكومتنا، أرجوكِ أثبتي لنا أنك «رشيدة».. قبل فوات الأوان..!

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك