لماذا الغرب متقدم على العرب؟.. سؤال تطرحه وتجيب عنه فاطمة الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 6752 مشاهدات 0


الشاهد

سؤال عربي أزلي

د. فاطمة الشايجي

 

أينما تذهب، يُطرح هذا السؤال ، لماذا الغرب متقدمون على العرب؟ لماذا ساعدت ثورات الغرب على تقدم مجتمعاتهم وثورات العرب تقضي على مجتمعاتهم؟ سؤال بالفعل في محله فبعد ظهور الثورات الغربية »بريطانيا ـ فرنسا ـ أميركا« وغيرهم الكثير. نهض الغرب بكل مجالات الحياة العلمية والتكنولوجية والطبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتهاوى العرب في جميع المجالات ومن حينها وهذا السؤال لا يزال يردده العرب ، لماذا يتقدم الغرب ونحن لا نتقدم؟
في البداية، تكرار السؤال بهذه الطريقة لا يعطي فرصة لمن يسأل أن يتقدم لأنه يركز فقط على مظاهر التقدم ولا ينظر الى كيفية التقدم . وبناء عليه هو لا ينظر ولا يركز على المنهج الذي يمكن أن يساعده في تطوير نفسه. وقد يصل في النهاية الى نسيان نفسه والتمني فقط أن يصبح غريباً. وقد يكون هذا السبب وراء هجرة الكثير من العرب الى الدول الغربية . أما عن الاجابة عن هذا التساؤل فقد أجاب الكثيرون عليه وهي اجابات تحمل وجهات نظر لذا سأعرض وجهة نظري التي أتمنى ألا تكون خطأ وأن تحمل جزءا من الصواب .
ما حدث من ثورات للدول الغربية كان بدايتها الخروج من عباءة الدين التي كانت مسيطرة على جميع موارد الدولة لخدمة أغراض الدين وعلى عقلية البشر وحرياتهم في التفكير والتعبير خوفا على الدين، وبعدها تطورت الثورات واهتمت بالمطالبات الإنسانية التي تحفظ للانسان كرامته وهي مطالبات شملت الجميع ولم تختص بفئة معينة. وما يحدث من ثورات الآن في العالم العربي يلبس عباءة الدين انطلاقا من أن الاسلام يختلف عن الديانات الأخرى فهو دين العدل والمساواة ولا يمانع الحرية .
لكن المشكلة التي نقع فيها ان تطبيقات تعاليم الاسلام اختلفت على أرض الواقع، لأن المسلمين اختلفوا في فهمهم للدين فظهرت لنا المذاهب التي قسمت الاسلام والمسلمين الى طوائف وجعلت كل طائفة تحارب الأخرى، وتناسوا أن الذي يعتنق الاسلام انسان . واعتقد أن انشغال العرب في تأكيد من هو المذهب الصحيح ومن يعتنق الدين بشكل صحيح هو أحد الأسباب التي أدت الى تخلف العرب وتقدم الغرب .
أنا لا أقول أن سبب تقدم الغرب هو هجرهم للدين و لا أدعو العرب أن يهجروا الدين وإنما أشير الى سبب تقدم الغرب علينا فهم يعتمدون على مفهوم الانسانية وهو مفهوم موجود في الدين الاسلامي لكن للأسف لا يؤخذ به ولا ينظر اليه، فنحن ننظر الى الانسان فقط من جهة توافقنا وتوافقه معنا في العقيدة وهذا أمر يفرز من هو معك ومن هو ضدك ويتم اتخاذ الاجراءات اللازمة للتعامل مع الفئة المعاكسة والمغايرة لما نعتقده، لهذا نحن نحارب أنفسنا عكس المجتمع الغربي الذي يعتمد على مفهوم الانسانية .
الفكرة تقع في أنك اذا تعاملت بمفهوم الانسانية ستحترم القانون من منطلق أن القانون يكفل لك احترام انسانيتك وتلقائيا تجد نفسك ستحترم الآخر . أما نحن العرب نتعامل بطريقة مختلفة نوعا ما . فالعربي يحاول أن يحصّن نفسه من القانون لأنه لا يؤمن بالانسانية وانما يؤمن بما يعتقده فقط وبذلك هو لا يهتم بالآخر بل قد يقضي على الآخر ليبقى ، وهذا الفكر المغاير بين الغرب والعرب هو أساس التقدم ، فكيف لنا أن نتقدم وهمنا الوحيد القضاء على الآخر وليس التعاون معه؟
ومع ذلك أحب أن أوضح أمرا مهما لا يعني تقدم الغرب على العرب أن مجتمعاتهم تخلو من الجرائم أو الفقر أو من هو معارض للحكومة ولكن رغم ذلك هم متقدمون لأنهم في النهاية مهما اختلفوا جمعتهم الإنسانية، ونحن الآن وسط الثورات العربية التي حدثت والتي لا تزال تحدث أضفنا على مجتمعاتنا سلبيات كثيرة فبالاضافة الى المرض والفقر والحقوق الضائعة ظهرت لنا الجرائم التي تهدد أمن المواطن العربي في بيته والتي هي من أهم الأسباب التي تدعو الى التخلف أو التوقف عن التقدم .
الفرق بين الانسان الغربي والعربي هو أن الغربي يحترم الانسانية والعربي يُؤّمن نفسه خوفا من الانسانية ، الغربي يُؤْمن بالتعاون والتواصل مع الآخر ليرقى المجتمع والعربي يحدد مع من يتواصل و يتعاون ليرقى بنفسه على المجتمع . ولا يمنع أن هناك أسبابا أخرى تساعد على التقدم.

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك