د. سامي خليفة لـ'الفيلكاوي': خاف الله في البدون!
زاوية الكتابكتب يناير 27, 2013, 12:17 ص 1448 مشاهدات 0
الكويتية
خاف الله يالفيلكاوي!
د. سامي نصر خليفة
أصعب ما يمكن تخيّله اليوم هو أن يكون من تصدى لمعالجة مشكلة المواطنين من فئة «البدون» لديه موقف مسبق من تلك الشريحة المظلومة في المجتمع!
والأصعب أن ينطلق التصدي لاستهداف تلك الشريحة من لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة! وحين يكون كل أملنا في تحويل اللجنة تلك المشكلة من بعديها الأمني والسياسي إلى البعدين الإنساني والحقوقي، وعلى رأسها حق الهوية والانتماء، نجد من يأتي ليعقّد الحل ويقف حجر عثرة يحول دون هذا التحويل في اللجنة!
وما يؤسف أن يصدر تصريح - أتمنى ألا يكون صحيحاً - منقول من جريدة القبس قبل يومين على لسان مقرر لجنة حقوق الإنسان النائب طاهر الفيلكاوي يقول فيه حرفياً: «إن هناك ثبوتيات تؤكد أن ثلاثة أرباع البدون لا يستحقون الجنسية، لأنهم غير مستوفي الشروط، فهل الخروج للشارع سيعطيهم الجنسية»؟!
ويقول الفيلكاوي: «إن البدون الذين يخرجون للمسيرات هم أنفسهم من يؤيدون مسيرة كرامة وطن، وبالتالي هم خسروا حتى تعاطف كثير من الناس»!
نقول لك أخي النائب خاف الله في تلك الشريحة، فالظلم ظلمات يوم القيامة! وما هذه «الترهات» التي تصدر عنك اليوم إلا دليل عيني على عدم أهليتك في التصدي لمعالجة مشكلة تلك الشريحة المظلومة!
فأنت اليوم قد تقلّدت موقعا غاية في الأهمية، وهو مقرر لجنة حقوق الإنسان في المجلس الذي يمثّل الشعب وليس الحكومة، أو أعداء تلك الشريحة من ذوات الدم الأزرق، وبات الناس اليوم يعولون عليك في التعاطي الحكيم والمسؤول مع قضيتهم الإنسانية، لا التعاطي الانفعالي والاندفاعي والحكم المسبق على الناس! خاف الله يالفيلكاوي.. وتذكّر أن هناك تبعات دنيوية تنتظرك قبل حكم السماء وأنت تمارس هذا الاصطفاف الظالم ضد تلك الشريحة من المجتمع، إذا صدق ما صرّحت به!
أقول ذلك، لأنه لا مجال للمجاملة مع أي شخص في موقع المسؤولية إذا تعلّق الأمر بظلم المجتمع أو إحدى شرائحه الاجتماعية.
وأتساءل: كيف للفيلكاوي أن يبني هذا الموقف السياسي دون أن يستوعب حقيقة المأساة التي يمر بها إخواننا البدون طيلة الثلاثة عقود الماضية؟!
كيف له أن يستثني ثلاثة أرباعهم من حق الهوية، وهو يعلم أن التهم التي ساقتها الحكومة ضد عشرات الآلاف منهم يشوبها الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان، وعلى رأسها حق معرفة المتهم للتهمة وحقه في التقاضي، والاحتكام والدفاع عن نفسه، وحقه في العيش الكريم كإنسان مهما كانت التهم الموجهة إليه، وتلك الحقوق غير متوافرة بتاتاً؟!
كيف له أن يصدر هذا الحكم ويثبت هذا الموقف، وهو يعلم أنها تهم من جهات أمنية لا تستند إلى أي تأكيدات من جهات أخرى قانونية أو حقوقية أو قضائية أو جهات محايدة ذات اختصاص على حد أقل؟!
نقول للفيلكاوي إن كان دليلك في استثناء آلاف البشر من حق الهوية والتجنيس هو وجود «ما يثبت عدم استيفائهم للشروط»، فاسمح لي أن أصنف تصريحك بالداعم للحس الأمني على حساب الحس الحقوقي مع تلك الشريحة، في غياب الشفافية الكاملة وتسلّم «غير المؤهل» موقع الحل، واستبعاد الحقوقيين والأكاديميين والمحامين والقانونيين من مطبخ الحل والمعالجة، وتلك هي الطامة الكبرى!
ثم لماذا تسييس هذا الملف وربطه بالموقف من تأييد مسيرات الكرامة وعدم تعاطف الناس؟! وما الحكمة من هذا الربط أصلاً؟! فإن كان للمواطن «البدون» حق في التجنيس، فمن واجبك الإنساني والوطني والحقوقي أن تعيد إليه حقه المسلوب، ولا دخل لرأيه في القضايا العامة - والاختلاف المجتمعي والحراك السياسي مهما كان - في استرجاعه لحقه المسلوب وإبعاد الظلم عنه، الذي يعتبر من صميم اختصاصك أيها النائب كمقرر لجنة حقوقية.
وأما الربط فلا يمكن وضعه إلا في خانة الابتزاز الرخيص الذي يدل على أنك لم تستوعب أهمية الدور «الرسالي» الذي ينتظره منك الناس وأنت في لجنة حقوق الإنسان!
لقد أرسل التصريح المشؤوم للفيلكاوي رسالة غاية في الخطورة مفادها أن من وضع نفسه على سدّة المسؤولية الرقابية والتشريعية في لجنة حقوق الإنسان لا يمكن الثقة بمخرجات عمله، فضلا عن التعويل عليه، وأتمنى أن أكون مخطئا بعد الاستماع إلى حقيقة متبنيات النائب طاهر الفيلكاوي والدوافع وراء هذا التصريح المشؤوم!
ولنا محطة تقييم علنية شاملة ومراقبة واسعة لمواقف وتوجهات أعضاء لجنة حقوق الإنسان في القادم من الأيام، وسنفضح كل ارتباط أو تعاطف أو تساهل أو تعاون مع الحكومة على حساب تلك الشريحة الكريمة من «المواطنين البدون».
تعليقات