اقتصاديون مصريون يبدون تشاؤما بشأن 2013
الاقتصاد الآنيناير 17, 2013, 3:32 م 557 مشاهدات 0
أبدى اقتصاديون مصريون تشاؤما إزاء فرص الاقتصاد المصرى فى 2013، وقالوا إن العوامل السياسية هى السبب الرئيسى فى الصعوبات الاقتصادية التى تمر بها البلاد حاليا، داعين إلى مزيد من المكاشفة والشفافية فى إدارة الملف الاقتصادى.
وقال عالم الاقتصاد جلال أمين، خلال لقاء 'الاقتصاد المصرى: توقعات 2013' الذى استضافته الجامعة الأمريكية فى القاهرة، أمس الأربعاء، إن التنبؤ أصعب من المعتاد فى الحالة المصرية فى ظل عدم الاستقرار الأمنى وغياب الثقة وهو ما عزاه إلى 'خطاب سياسى لا يدعو إلى الثقة ولا يدعو إلى الاطمئنان.. خطاب سياسى يدعونا للعودة إلى العصور الوسطى'.
وقال مؤلف كتابى (ماذا حدث للمصريين؟) و(فلسفة علم الاقتصاد)' إذا كان الخطاب السياسى هو العودة إلى العصور الوسطى فلا تتوقع ألا يرجع الاقتصاد أيضا إلى العصور الوسطى. التنمية غير ممكنة فى مثل هذه الظروف.'
ويبدى مثقفون مصريون تشككا إزاء توجهات وسياسات الرئيس المصرى محمد مرسى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، ويقولون إنها تسير بالبلاد على طريق 'الأخونة' أو إخضاع مؤسسات الدولة لأعضاء الجماعة ومبادئها. والملف الاقتصادى ليس بمعزل عن بواعث القلق تلك.
القلق بشأن المستقبل هاجس واضح لدى المصريين والسؤال الذى يتردد على الألسنة عند أى لقاء بمسئول أو مفكر هو 'إلى أين تتجه مصر؟'
صعوبة الإجابة عن السؤال لخصها أمين بقوله 'من الصعب أن تتنبأ خاصة إذا تعلق الأمر بالمستقبل'، لكن هذا لم يمنع من محاولة تلمس إجابات، وإن مال معظمها إلى التشاؤم.
وحتى يستطيع التنبؤ افترض أحمد كمالى، رئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن الأوضاع السياسية لن تتغير لعامين أو ثلاثة، وعلى هذا الأساس توقع أداء اقتصاديا ضعيفا بنمو لا يتجاوز 2.5 بالمائة فى 2013، واستمرار تراجع الجنيه ليصل إلى سبعة جنيهات للدولار قبل منتصف العام مع 'شعور غالبية المواطنين بوطأة الأزمة الاقتصادية وزيادة نسبة الفقر'.
وتمر مصر بأزمة اقتصادية حادة وفقد الجنيه 11 بالمائة من قيمته منذ الانتفاضة الشعبية التى انطلقت من ميدان التحرير قبل نحو عامين وأطاحت بالرئيس حسنى مبارك.
وتهدف إجراءات الحكومة وقرض الصندوق إلى معالجة عجز مزدوج فى الموازنة وميزان المدفوعات بينما عمد البنك المركزى أواخر العام الماضى إلى استحداث نظام جديد لبيع وشراء الدولار عن طريق عطاءات دورية بهدف المحافظة على احتياطيات النقد الأجنبى التى يقول البنك إنها انخفضت إلى مستوى حرج، وبلغت الاحتياطيات الأجنبية لمصر نحو 15 مليار دولار فى ديسمبر.
واستعرض كمالى عددا من المؤشرات الاقتصادية المقلقة للاقتصاد المصرى، حيث تراجع معدل الاستثمار من 16 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى فى 2011-2012 إلى 11 بالمائة فى الربع الأول من 2012-2013 فى حين أن التنمية المستدامة ومعدلات النمو الاقتصادى المرتفعة تتطلب 'أن يكون الاستثمار بين 20 و25 بالمائة من الناتج.'
وقال إن الاستثمار الأجنبى المباشر سجل 13.2 مليار دولار فى 2007-2008 انخفضت إلى مليارى دولار فى 2011-2012 أى ما يعادل حوالى 0.5 بالمائة من الناتج وفى الربع الأول من السنة المالية الحالية تواصل الانخفاض ليصل الرقم إلى 108 ملايين دولار 'وهو رقم هزيل جدا'.
وأضاف كمالى 'الصادرات انخفضت العام الماضى 2.3 بالمائة أما الواردات فثابتة، لأنها سلع أساسية مثل القمح والبترول.'
وانتقد الإجراءات التقشفية التى تعتزمها الحكومة المصرية لمعالجة عجز الميزانية فى إطار اتفاق على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار مع صندوق النقد الدولى محذرا من أنها ستؤدى إلى انخفاض فى الأداء الاقتصادى وتراجع الاستهلاك والاستثمار مما سيؤدى إلى هبوط معدلات النمو.
وتساءل 'أين الضرائب التصاعدية على الدخل؟ أين الضرائب العقارية؟' التى قال إنها يمكن أن تحقق عدالة أفضل فى توزيع الدخل.
كانت الحكومة المصرية قررت فى ديسمبر زيادة أسعار بعض السلع الأساسية لكن سرعان ما تراجعت عن الإجراء قائلة إنها تريد طرح الأمر للحوار المجتمعى أولا.
ومن المستبعد أن تحظى إجراءات التقشف ورفع الدعم بقبول شعبى رغم تأكيدات الحكومة بأنها لن تمس الفقراء فى بلد يعيش 40 بالمائة من سكانه تحت خط الفقر لكن حتى الخبراء يبدون امتعاضهم إزاء توصيات صندوق النقد الدولى.
وقال سامر عطا الله مدرس الاقتصاد فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن التجربة أثبتت فى الداخل والخارج أن إطلاق قوى السوق بلا قيود لا ينفع مدللا على ذلك بالنمو الاقتصادى الذى شهده أواخر عهد مبارك، لكنه لم يكن نموا متكافئا ولم تصاحبه تنمية بشرية أو تصحيح 'للخلل الاجتماعى والاقتصادى فى مصر'.
وقال 'سياسات الحكومة منحازة للمستثمرين على حساب جموع المصريين ولن تحقق نقلة نوعية فى حياة المواطنين' وتوقع أن تكون السنة المالية 2013-2014 'فترة صعبة.. على الاقتصاد المصرى وعلى عموم المصريين.'
وأضاف أن الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية ستزداد بفعل ارتفاع متوقع فى التضخم- جراء انخفاض قيمة الجنيه المصرى وارتفاع أسعار السلع الأساسية- وبسبب 'غياب رؤية واضحة أو خطة محددة لمعالجة ملف الأجور.'
واستبعد عطا الله أن تتدفق استثمارات كبيرة من الخارج نظرا لعدم وجود استقرار سياسى إضافة إلى وضع الاقتصاد العالمى الذى يعانى من تباطؤ وتدن فى حركة تدفقات رؤوس الأموال.
وقال 'من الأفضل فى حالة الركود أن تحفز الحكومة – باعتبارها الوحيدة القادرة على الاقتراض- النشاط باتباع سياسة مالية توسعية' مضيفا أن السياسات التقشفية وبرنامج صندوق النقد سيعودان بالسلب على النشاط الاقتصادى فى مصر.
لكن التوقعات للأمد الطويل لم تكن بهذا السوء حيث أبدت منال عبد الباقى المدرسة بقسم الاقتصاد فى الجامعة الأمريكية، ثقة فى فرص مصر على الأجل الطويل بل ووصفتها 'بالوردية.'
وقالت منال المتخصصة فى الأسواق الناشئة، إن من الطبيعى أن تكون المرحلة الانتقالية فى غاية الصعوبة 'لكنها قد تطول أو تقصر' وهى فى حالة مصر قد تطول بعض الشىء بسبب الانقسام الشديد وعدم الالتفاف حول قائد.
وعددت مقومات النمو فى الاقتصاد المصرى مثل السكان، حيث تتجاوز نسبة من هم أقل من 35 عاما الستين بالمائة وتوافر العمالة غير المكلفة وقطاع مصرفى وأسواق مال يتسمان بالعمق وتوافر الخبراء.
لكنها رهنت هذا التفاؤل 'بخطة استراتيجية طويلة الأمد وعقد اقتصادى على غرار الدول مثل الصين' مشيرة إلى فكرة وضع خارطة طريق يلتزم بها أى فصيل سياسى فى الحكم أيا كانت توجهاته.
وتناول اللقاء مسألة الصكوك الإسلامية التى نظر إليها البعض بتوجس شديد واعتبرها مدخلا لخصخصة مرافق الدولة وإخضاعها لسيطرة أجنبية بينما اعتبرها آخرون 'أداة مالية مفيدة' لكنها لا تقدم حلا سحريا لمشاكل الاقتصاد المصرى.
وأثار مشروع قانون بشأن الصكوك قدمته وزارة المالية ورفضه مجمع البحوث الإسلامية فى الأزهر جدلا واسعا فى مصر، وقال وزير المالية المرسى السيد حجازى، أمس الأربعاء، إن الحكومة انتهت من إعداد قانون الصكوك، وأكد أنه لا يتضمن نقل ملكية المشروعات محل إصدارات الصكوك التى ستمنح حاملها حق الانتفاع لفترة محدودة فحسب.
وقارن أمين بين الأزمة الحالية وأزمات مماثلة مرت بها مصر منذ ستينيات القرن الماضى مشيرا إلى أنه فى كل مرة كان الحل يأتى فى شكل مساعدات خارجية خليجية أو أمريكية وهو ما توقع تكراره هذه المرة لكن 'بشروط وثمن اقتصادى وسياسى' بينما تبقى المشاكل الأساسية فى الاقتصاد المصرى دون حل على حد قوله.
وقال 'ندفع ثمنا باهظا والأزمات تتكرر لأننا لم ننجح فى علاج مشكلة هشاشة الاقتصاد.. لم ننجح فى التنمية الحقيقية، مازلنا رغم كل تجاربنا فى الخمسين عاما الأخيرة نعتمد على مصادر للدخل غير مضمونة – سياحة وتحويلات من الخارج وقناة السويس والمعونات الخارجية- محكومة باعتبارات سياسية.. لا تنمية زراعية بدرجة كافية ولا تنمية صناعية بدرجة كافية ولا خلق لفرص عمل بدرجة كافية.'
تعليقات