بأية عقيدة ستأتي قوات درع الجزيرة للكويت ؟

عربي و دولي

6007 مشاهدات 0

قوات درع الجزيرة المشتركة.

 حين قرر السير عكس تراتبية التطور الحضاري،واجه صديقي 'يعقوب الشطي' مأزق صعب. فقد أشترى شياه وأقام مضاربه على بعد 35 كم شمال 'المطلاع' نابذا منطقة الجابرية الحضرية ذات المائة مطعم وصالون ومشغل خياطة. حيرته الاولى كانت مع 'أم المدافع 'وهو أسم المكان الذي أقام فيه، فأين المدافع ؟والثانية في التعامل مع ثعلب ماكر. أما الثالثه فكيف يذبح للضيف خروفا.أما الرابعه ولآن لكل مسمى من أسمه نصيب فحين أحاطت به سيارات الشرطة العسكرية ذات نهارطالبين إخلاء 'أم المدافع' التي ستكون جزء من أرض تمرين ينفذه الجيش الكويتي مع قوات درع الجزيرة المشتركة ضمن فعاليات تمرين درع الجزيرة(9) مشتملا على رماية بالذخيرة الحية في الفترة من 1 - 28 فبراير 2013م ،فسبحان من أتي بهذه المدافع فجأة وهو  الذي كان يسأل عنها منذ اعوام !

لتطييب خاطر 'أبا خليل' شرحت له جدوى الرحيل إكراما للتعاون العسكري الخليجي غير الملحوظ من قبله و من قبل المواطن الخليجي بصفة عامه. بل أنني أزعم أن ذلك التعاون هو أوضح أشكال التعاون بيننا وأكثرها نفعا للمجلس كمنظمة أمن أقليمية.فمن ضمن ما أنجز أن هناك إتفاقية الدفاع المشترك –المنامة- 2000م.والإستراتيجية الدفاعية-الكويت-2009م.ومشروع الاتصالات المؤمنة-مسقط- 1995م حيث شغل المشروع 2000م. وتم تشغيل  المرحلة الأولى من منظومة حزام التعاون بربط مراكز العمليات الجوية 2001م . وأعتمد النظام الموحد لمد الحماية التأمينية للعسكريين الخليجيين 2010م.والاستفادة من العسكريين المتقاعدين2011م. لكن أكثر مايشاهده المواطن في البر والبحر والجو الخليجي هو التمارين لقوات درع الجزيرة المشتركة.وهي القوة التي أقر قيامها – بالمنامة- 1982م .وتطورت 2006م لقوات مشتركة.وفي 2009م تم تعزيزدرع الجزيرة بقوة تدخل سريع.كما أقر تشكيل قيادة مشتركة 2012م .

باغتني صديقي بسؤال موجع وهو كيف ستقاتل قوات درع الجزيرة المشتركة بتناغم،وهي ليست فقط قوات برية وبحرية وجوية بل ومن ست دول مختلفة. و فيها عشرين نوعا من الطائرات وعشرين نوعا من ناقلات الجند بعضها من الغرب وبعضها صناعة يوغسلافية وروسية. كما أن هناك أنواع مختلفة من القطع البحرية والكثير من المدافع والصواريخ الفرنسية والصينية والاميركية، وفي كل معدة جهاز أتصال له موجة خاصة به !!

لقد حاولت أن أقنعه أن في تنوع الاسلحة إثراء للجهد العسكري الخليجي.فلو توقف تصدير السلاح من الغرب لبقي لدينا سلاح من الشرق.و الحقيقة هي ان القوات الخليجية قد خطت خطوات رائعة لخلق التكامل في الجهد القتالي،لكن تأخر صدور العقيدة القتالية الخليجية ' Military Doctrine'  يبقى أمر غير مبرر في الوقت  الذي صدرت فيه الاستراتيجية  الدفاعية  وهي التي تحتاجها دول لها أدوار كبرى وكذلك المنظمات اﻻقليمية مثل المجلس.وهي أعلى من اﻻستراتيجية العسكرية التي تتطرق الى تفاصيل أدق ولا زالت غير موجودة .

إن التعاون العسكري الخليجي بحاجة للعمل بسرعة لانجاز العقيدة القتالية. وحتى لا تختلط المفاهيم نقول ان العقيدة القتاليه دستور محدد يستخدمه القادة  أثناء إدارتهم للمعارك، ويتضمن مذهب قتالي يشمل مبادئ وأساليب وتكتيكات يتم اتباعها  لتدمير العدو. وتعد مواد المذهب القتالي قواعد حاسمة تصف كيفية الأداء تنظيما وتدريبا وتسليحا وإعدادا وقتالا.وهي مُلزمة، لكن المواقف القتالية المختلفة هي الحكم الأساسي لاتباع أي من قواعد العقيدة. لذا يجب أن تكون متنوعة بالقدر الذي يتيح لها أستيعاب المواقف المختلفة.ومحتويات العقيدة القتالية المطلوبه تعتمد على معرفة أنماط النزاعات التي قد تفرض علينا، ثم تعريف التهديدات و المهام الدفاعية والوسائل لوقفها، و تحديد التنظيم العسكري الذي نحتاجه  بناء على مانملك من سلاح .

 أو باختصار شديد هو 'كيف تقاتل القوات بناء على ماتملك من سلاح '

فنحن حاليا لن نستطيع تبني العقيدة الغربية وتنفيذ خطة 'الصدمة والترويع ' الاميركية مثلا لقلة الامكانات. كما لانستطيع اتباع الايديولوجية القتالية الشرقية التي طبقها العراق حين أغار علينا في الكويت بتشكيلات الانساق السريعة ' Echelon Formations' التي مطلوب منها تحقيق الهدف دون النظر لحجم الخسائر.فنحن لانستطيع ذلك لآن العقيدة القتالية التي  تتبنى بعض دول الخليج مبادئها تحتم خروج الوحدة من القتال إذا فقدت 30% من قوتها .

إن العقيدة القتالية الخليجية المشتركة منظومة مفاهيم واجبة الانجاز.ولعل من دواعي وضعها ونشرها قبل أفتتاح مركز القيادة الخليجية الموحدة مايلي :

- تغير وتيرة الوضع الجيوسياسي والعسكري حولنا بشكل متسارع.

- تطور طابع التهديدات الموجهة لأمن الخليج وارتباط الخارجي بالداخلي .

-ضرورة تحديد مهام القوات بناء على تسلحها.

- إن ماهو موجود من ترتيبات للعقيدة القتاليةالسائد حالياً في بعض دول المجلس غير قابل  للحياة بمعزل عن فكر عسكري خليجي موحد. فهي لم تستجب لمتطلبات  التحديات الاخيرة .

- ان إعلان صدور العقيدة القتالية الخليجية امر مطلوب ولا محاذير حيال ذلك. بل يتم الاعلان عنها كما تم حيال الاستراتيجية، والقيادة المشتركة.وابلاغ  المواطن الخليجي بها ،بل ودول الجوار حيث لا نحيك المؤامرات ضد أحد.

ولكوني مستشاره العسكري والصحراوي فقد شرحت لأبوخليل إن 'أم المدافع' أسم أطلق على تلال شمال الكويت تجبر الماء خلال موسم الامطار بالاندفاع بينها بشده.والاسم معروف منذ الجاهلية.ويسجل تاريخ 'أم المدافع' أنها شهدت أول اختراق حدودي عراقي للكويت،كما جاء في وثيقة مرسلة في11 مايو1934م من الشيخ أحمد الجابر للمعتمد السياسي في الكويت الكولونيل دكسن. أما التعامل مع الثعلب فحسمناه بجرو صغير. كما لم يتردد 'راع الحلال' في الاتصال بي رغم أنني الضيف لذبح الخروف الذي لم يعرف كيف يذبحه.لكنني أمرته بالرحيل من مضاربه إكراما لاخواننا من جنود وضباط قوات درع الجزيرة، فرحل وهو يقول أهلا وسهلا بهم .   

د.ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك