في مجال الخدمات اللوجستية
الاقتصاد الآناجيليتي: الركود الاقتصادي اثر على نشاط الاسواق الناشئة
يناير 15, 2013, 5:40 م 1346 مشاهدات 0
إن الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم قد أثر بالتبعية على نشاط الأسواق الناشئة في عام 2012 ، إلا أن هذه البلدان تظل البقاع المضيئة للمصنعين والمستثمرين والمدراء التنفيذيين في القطاع اللوجيستي والذين يقلقهم حالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق المتقدمة في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي حين تأثرت الأسواق الناشئة من آثار التباطؤ العالمي المستمر في عام 2012 إلا أن وضعها يبقى أفضل من البلدان المتقدمة التي هي أسواقها الرئيسية، حيث نمت الأسواق الناشئة الخمس وأربعون التي تناولها مؤشر أجيليتي للأسواق الناشئة لعام 2013 بنسبة 4.4% ، في مقابل 2.2 % نمواً في الاقتصاد الأمريكي و 0.2 % تراجع للاتحاد الأوروبي.
وقد أضحى حماس المهنيين اللوجيستيين والتجاريين تجاه الاسواق الناشئة قوي مع اقتراب عام 2013، وذلك بسبب إعادة التفكير في أهمية توفير عمالة ذات تكلفة رخيصة، ومواجهة أصعب الخيارات بشأن كيفية وأماكن الحصول عليها ، والبدء في النظر فيما هو أبعد مما يسمى بدول البريك أي بلدان الصين والبرازيل والهند وروسيا.
وقد أظهرت نتيجة استطلاع الرأي الخاص بالمؤشر أن 73% من الذين شملهم الاستطلاع يشعرون بأن الآفاق المستقبلية في الأسواق الناشئة في عام 2013 هي أما 'جيدة' أو 'جيد جدا'. وتمثل هذه النسبة نفس النسبة كما في العام الماضي مع زيادة شهدتها أراء المهنيين في أن أفاق الأسواق الناشئة ستكون جيدة جداً في العام الجديد وذلك بنسبة 22% في مقابل 14% في العام السابق، وقد جاءت هذه النتيجة في مقابل توقعات ضبابية عن الاقتصاد العالمي حيث توقع ما نسبته 46% نمو الاقتصاد العالمي بصورة متواضعة، في حين يقول 47% من العينة أن الناتج الاجمالي المحلي العالمي سيبقى كما هو تقريبا مقارنة بالعام السابق.
وفي هذا السياق أوضح عيسى الصالح الرئيس والمدير التنفيذي لأجيليتي للخدمات اللوجيستية العالمية المتكاملة 'أن الثقة التجارية تعتبر صفة قيمة في حالة عدم اليقين التي يواجهها الاقتصاد العالمي إلا أن مؤشر الاسواق الناشئة لهذا العام يوضح من خلال البيانات التي يقدمها وأراء الصناعيين والخبراء أن الاسواق الناشئة مازالت أسواق واعدة حيث تتمتع بخاصية المرونة مع الاستمرارية في تقديم مجموعة من أفضل الفرص لنمو الأعمال التجارية على المدى القريب والبعيد' .
وفي عامه الرابع يبحث مؤشر أجيليتي للأسواق الناشئة في اقتصادات العالم الأكثر ديناميكية والقوى الدافعة لها. كما أنه يقيم 45 سوق من الأسواق الناشئة الرئيسية، ويحدد السمات التي تجعلها جذابة للاستثمار من قبل شركات الخدمات اللوجيستية وشركات وخطوط الشحن الجوي والبحري، وشركات التوزيع. وقد تم تصنيف وتحليل هذه الاسواق من خلال استطلاعاً للرأي مع 375 من المتخصصين في القطاع اللوجيستي مع توفير أساسا لمقارنة كل بلد على حدة، ووزن نقاط القوة والضعف فيها، وطرح التوقعات عن أداء هذه الاسواق على المدى القريب.
وفي تعليق له يقول جون مانرز- بل الرئيس التنفيذي لشركة ترانسبورت إنتليجنس ' إن مؤشر أجيليتي للأسواق الناشئة هذا العام
إنما يؤكد مجدداً على أهمية هذه الأسواق بالنسبة للصناعة اللوجيستية العالمية. وبالرغم من تراجع الطلب على الصادرات في كل من أوروبا والولايات المتحدة ، إلا أن الثقة الموضوعة في الدول النامية كبيرة ويستمر الاستثمار فيها بصورة سريعة. ولا تعرض كل الاسواق نفس الدرجة من الامكانات بالطبع، إلا أن المؤشر يشرح بوضوح أي من الدول تعتبر' مستعدة لتلقي الأعمال' وآي منها لديه الكثير من العمل لتحسين مكانته، ذلك، إن تفهم الفوائد التي سيأتي بها الاندماج في المجتمع التجاري العالمي'.
الشرق الأوسط وأفريقيا : منطقة التباين والتضاد
يرسم مؤشر أجيليتي للأسواق الناشئة لعام 2013 صورة من التباين والتضاد لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا حيث جاءت أسواقها ضمن قائمة أفضل و أسوء الاسواق أداءً، فقد غدت المنطقة موطن لمجموعة من الأسواق المستقرة والمزدهرة الصديقة للأعمال التجارية والتي تعد بدائل جذابة عن اقتصادات دول البريك الكبيرة، إلا أنها أيضا موطن لدول الربيع العربي التي حطمتها الاضطرابات السياسية، كما أنها الموطن لبلدان جنوب الصحراء الافريقية التي تكافح من أجل تحسين قدرتها التنافسية.
الأسواق المتميزة في الشرق الأوسط
حققت دول الخليج العربي أداءً جيداً في التقييم العام للمؤشر حيث جاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة (4) ودولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة (6) ودولة قطر في المرتبة (12) و سلطنة عمان في المرتبة (13) ودولة الكويت في المرتبة (16). إلا أنه ومع ذلك، يميل التقييم إلى إخفاء نقاط القوة الكامنة في هذه البلدان بسبب تفضيله للأسواق الناشئة الأكبر مثل أسواق دول البريك في البرازيل وروسيا والهند والصين.
وقد تقدمت دول الخليج في اثنتين من الثلاثة العوامل المستخدمة في التقييم، حيث حظيت دولة الإمارات العربية المتحدة، والسعودية وقطر وعمان والكويت والأردن على أعلى معدلات 'التوافق السوقي'، مما يعني أن لدى تلك البلدان قطاعات خدمية متقدمة ومراكز سكانية، وتوزيع جيد للثروات، واستثمارات أجنبية عالية، إضافة على قلة العواقب التي قد تحول دون دخول إلى السوق ومركز أمني جيد. فيما تفوقت دولة الإمارات العربية المتحدة (1)، سلطنة عمان (3) والمملكة العربية السعودية (5) في أسس 'الترابط السوقي'، والتي تعتبر مقياس على الحركة الملاحية وموثوقية الروابط البحرية والجوية ، وقوة البنية التحتية للنقل ، وكفاءة الجمارك والنظم الحدودية.
كما أظهر المؤشر أن أسرع خمس طرق ملاحية بحرية نموا في الربط بين الولايات المتحدة أو أوروبا والأسواق الناشئة تتواجد جميعها في الشرق الأوسط وهي (قطر – الولايات المتحدة) ، (المغرب – الولايات المتحدة)، (سلطنة عمان– الولايات المتحدة)، (الامارات العربية المتحدة – الاتحاد الأوروبي) بالإضافة إلى (سلطنة عمان – الاتحاد الأوروبي). وعلى الرغم من قوتها، إلا أن دول الخليج لم تتبوأ قائمة أفضل خمس دول تم اختيارها من قبل الخبراء اللوجيستيين كـ 'أهم الاسواق اللوجيستية المستقبلية' أو كونها من 'الاستثمارات المحتملة في الخمس سنوات القادمة'.
وفي المقابل حازت دول أفريقية وشرق أوسطية على أدنى التقييمات في قائمة الدول الخمس وأربعين في العوامل الرئيسية، فنجد أن أداء بلدان مثل مصر ونيجيريا وأوغندا والجزائر وكنيا جاء رديئاً من حيث التوافق السوقي فيما جاءت أثيوبيا ونيجيريا وأوغندا وكنيا والجزائر في أسفل قائمة الترابط السوقي.
وعود الربيع العربي تتلاشى
لقد تلاشى التفاؤل الذي رجحه مؤشر 2012 بشأن دول الربيع العربي . فقد أدت الاضطرابات السياسية الجارية إلى أضرار جسيمة لاقتصادات مصر والبحرين وتونس، مما يجعلهم أقل قدرة على المنافسة كأسواق جذابة للأعمال ووجهة للاستثمارات.
وقد كانت مصر والبحرين وتونس أكبر الخاسرين في التصنيف العالمي في مؤشر هذا العام حيث تراجعت مصر تسعة مراكز عن موقعها في العام الماضي في العوامل الثلاثة التي تشكل التقييم في المؤشر. كما تراجعت البحرين خمسة مراكز على الرغم من بنيتها التحتية القوية وشبكتها للنقل. فيما تراجعت تونس ثلاثة مراكز . والجدير بالذكر أن 13% فقط من شريحة المشاركين في استطلاع الرأي يعتقدون ان دول الربيع العربي 'على استعداد لاستيعاب النمو والاستثمارات.'
وفي هذا الصدد يقول الصالح: 'مصر لديها الكثير من الإمكانات بسبب حجمها وموقعها وإذا تمكنت من استعادة الاستقرار السياسي وإرسال الإشارات الصحيحة لمجتمع الأعمال المحلي والدولي فمن الممكن أن تنتعش بسرعة'
ولم تكن إيران وسوريا والعراق ضمن قائمة البلدان الخمس وأربعون التي تمثل الأسواق الناشئة المذكورة في المؤشر حيث رأى الخبراء المشاركين في الاستطلاع أنهم أقل الاسواق احتمالية كأسواق ناشئة و تلا تلك البلدان أثيوبيا وليبيا.
أفريقيا ، تفاؤل تجاه أسواق مختارة
رأى الخبراء التجاريون واللوجيستيون الذين قاموا باستطلاع الرأي الخاص بالمؤشر أن التجارة بين أفريقيا وآسيا لديها أكبر الفرص على النمو كخطوة لاحقة لمرحلة التجارة الداخلية في آسيا، حيث توقعوا أن تحظى دول جنوب الصحراء الأفريقية على الاهتمام، على الرغم من أدائها المتفاوت. وباستثناء دولة جنوب أفريقيا، لم تتأثر بلدان المنطقة بصورة ملموسة بالأزمة الأوروبية حيث استمرت معدلات النمو في أفضل البلدان اداءً قوية إلى حد معقول. إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، فقد تراجعت بلدان جنوب الصحراء الأفريقية إلى نهاية المؤشر، باستثناء جنوب أفريقيا التي حققت المركز الـ(15).
وقد جاءت نيجيريا والتي احتلت المركز 33 في التقييم العام في المركز العاشر من حيث الحجم السوقي وجاذبيتها للنمو إلا أنها تبقى متأثرة بسبب تفشي الفساد وبنيتها التحتية الضعيفة ومشاكلها السياسية.
فيما حصلت كل من تانزنيا وأثيوبيا على تقييم معقول من حيث التوافق السوقي على الرغم من كونهم دول صغيرة (احتلت أثيوبيا المركز السابع). وقد اظهرت الدراسة أن أسرع الطرق الملاحية الجوية بين الأسواق الناشئة والمتقدمة هي بين أثيوبيا والولايات المتحدة (المرتبة 1 ) وأثيوبيا والاتحاد الأوربي (المرتبة 2) والجزائر والولايات المتحدة (المرتبة 3).
وقد استضاف المؤشر أوغندا لأول مرة هذه السنة. فعلى الرغم من تقييمها العام الذي جاء ضعيفاً إلا أن الخبراء رأوا أنها تتمتع بوفرة في المصادر الطبيعية وتنبؤا لها بنمو اقتصادي قوي في السنوات المقبلة.
وقد كان من اللازم أعطاء لمحة عن تأثير الاضرابات الأخيرة في جنوب أفريقيا في المؤشر، إلا أن الترتيب العام للبلد لم يتغير وبقى عند المرتبة الـ 15. وقد شهدت حركة الملاحة البحرية لنقل البضائع من جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة أكبر زيادة لها في الحجم الإجمالي في عام 2012 وذلك عن فئة الربط بين الأسواق الناشئة والمتقدمة ، حيث حقق هذا الطريق الملاحي المرتبة الـ 7 من حيث الحجم الإجمالي. وعلى الرغم من أن سوق جنوب أفريقيا قد تم تقييمه على كونه في قوة أسواق البريك في فترة سابقة إلا أن تقييمه قد تراجع بسبب التراجع المؤسسي والمشاكل الاجتماعية التي أثرت سلباً على الاقتصاد. وقد حصدت جنوب أفريقيا المركز الـ26 في عامل 'التوافق السوقي' المعتمد على مؤشرات التنمية الرئيسية، كما أنه من المتوقع أن يتراجع موقعها ضمن الاسواق الناشئة الاخرى خلال العام الجديد بسبب الاضطرابات الاخيرة.
تعليقات