خطوة «بازل» تهدف إلى إذكاء الانتعاش الاقتصادي بقلم بروك ماسترز

الاقتصاد الآن

573 مشاهدات 0


منذ الأزمة المالية تعامل منظمو المصارف بطيبة نسبية لوهلة قصيرة مع المشتكين من القطاع بشأن القواعد الجديدة الصارمة للغاية التي قد تؤذي الربحية.

لذا كان من الغريب جدا حينما قالت لجنة بازل للإشراف المصرفي يوم الأحد: إنها كانت تحد من متطلبات السيولة العالمية الأولى من نوعها وتؤجل التنفيذ الكامل حتى عام 2019.

لكن المنظمين لم يرضخوا لمطالب المصرفيين بصورة عشوائية. كانت التغيرات ترتكز على الحرص على أن إرغام المصارف على أن بناء أسهم سيولتهم لم يثبط من الإقراض للاقتصاد الحقيقي.

أكبر الفائزين بين المصارف هم الذين ما زالوا في حاجة إلى بناء سيولتهم، وهؤلاء الذين لديهم أعمال إقراض تجارية كبيرة ستستفيد من التغيرات في طرق حساب قواعد حدود الائتمان المتفق عليها مسبقا لدى الشركات وودائع الشركات.

أسهم المصارف الأوروبية، على الأخص بالنسبة للمصارف الفرنسية والألمانية التي كان يتوقع منها أن تكافح لمواكبة مشروع القواعد الأكثر تشددا بحلول الوقت النهائي القديم في عام 2015، قفزت فجأة فزادت ما بين 2 في المائة و5 في المائة.

كارستين برزيسكي المختص الاقتصادي في شركة آي إن جي أطلق عليه: 'ارتفاع مفاجئ بعد فترة من التشكك قصير الأجل ومؤقت' ردا على القواعد المخففة التي أظهرت أن المنظمين كانوا على دراية بالبيئة الصعبة التي تواجهها المصارف. يقول: 'لا يريد المنظمون أن يخنقوا الانتعاشة بإثقال كاهل المصارف'.

ارتفعت أيضا الأسهم في المصارف البريطانية والسويسرية التي بها أعمال تجارة جملة كبيرة، ربما على أمل أن المنظمين هناك سيخففون من قواعد السيولة المحلية المتواجدة لتتناسب مع تغيرات 'بازل'. وقد عدت المملكة المتحدة بالفعل أن تتحرك تدريجيا نحو القواعد العالمية، في حين أن هيئة 'فيمنا' التنظيمية السويسرية قالت بالأمس: إنها لن تغير متطلباتها للمصارف الكبيرة 'في الوقت الحاضر'.

من المتوقع أن جميع المصارف الكبيرة ستشهد زيادة طفيفة في الربحية من تغيرات القواعد، لكن سيكون لديهم تأثير أقل على المصارف الآسيوية ومصارف بلدان شمال أوروبا، إضافة إلى مصارف الاستثمار الأمريكية التي تلعب بشكل منفرد، التي جميعها بشكل عام على خطى مواكبة متطلبات المشروع الأكثر تشددا.

عكس إعلان 'بازل' حسا متناميا في مجتمع المنظمين أنه لمرة واحدة لم يبالغ المصرفيون، وأن حملة فرض النظام بقوة كبيرة وبسرعة كبيرة قد يقوض حقا من فرص النمو الاقتصادي.

قال المحللون: إن مشروع قواعد السيولة كانت دوما أكثر عرضة للتغير من قواعد رأس المال التي ووفق عليها منذ عامين ماضيين. كانت مجموعة بازل تنظم رأس المال لعقدين لكن 'معدل تغطية السيولة' الجديد كان تجربة، مع حسابات مبنية على الاحتياجات المقدرة بدلا من الخبرة المميزة.

صورة الاقتصاد الأوروبي الكئيبة وأزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو أضافتا حملا على مناقشات المصرفيين، حيث إن كلا من ممثلي المصرف المركزي الأوروبي واللجنة الأوروبية قد أخذوا على عاتقهم قضية المصارف في المحادثات.

وبحلول الصيف فحتى المملكة المتحدة التي تعد داعما متشددا لتنظيمات السيولة كان لديها شكوك. أعلن المنظمون في المملكة المتحدة تخفيف قواعد السيولة القومية الأولى من نوعها في العالم في بلدهم في أواخر شهر أيلول (سبتمبر)، وقد قال السير ميرفين كينج -الذي يعمل بالمصرف المركزي ببريطانيا الذي يرأس هيكل الإشراف على 'بازل' أيضا -في حديث عام عن الحاجة إلى التأكد من أن القواعد لم تعق انتعاشة الاقتصاد.

مستشارة التنظيمات مايرا رودريجويز فالاديرز تقول: 'تُظهر هذه الخطوة الأخيرة كيف هو من المستحيل، على وجه الخصوص، إصلاح القطاع المالي العالمي حينما يكون لديك مصالح متباينة بين السياسيين والمنظمين والمصرفيين من الدول الأعضاء بلجنة بازل'.

في النهاية أعطت لجنة بازل للمصارف الأضعف مهلة إضافية أربع سنوات ليتمكنوا من الإذعان قبل الموعد المحدد، لذا يمكنهم الشعور بضغط أقل للتراجع عن الإقراض، ووسعت من مفهوم السيولة للسماح للمصارف أن تستخدم بعض الأصول ذات العوائد المرتفعة وغيرت حسابات متطلبات السيولة، المعروفة باسم معدلات الهروب لبعض الشركات وخطوط أعمال البيع بالتجزئة.

كل من رابطة المصرفيين البريطانيين ورابطة أسواق المال العالمية أشادتا بقرار السماح للمصارف باستخدام بعض الأسهم والضمانات المدعومة من الرهونات في مخازن السيولة المؤقتة لديهم. قال المحللون: إن الخطوة قد تساعد على تحفيز الطلب في كلا السوقين، خاصة في أوروبا.

لكن الروابط التي تمثل جميع المصارف الألمانية التي اشتكت من التغيرات لم تذهب بعيدا بما فيه الكفاية، لأنه سيظل على المصارف أن تستخدم السندات السيادية واحتياطات المصرف المركزي بنسبة 60 في المائة على الأقل من مخزونهم المؤقت. تقول المجموعة: 'في ظل الوضع الحالي في أوروبا من الصعب فهم التحيز تجاه السندات السيادية'.

وافق المصرفيون في أوروبا وأمريكا بشكل عام على أن تغيرات القواعد التي أثرت في معدلات الهروب كانت الأكثر تميزا. شركة ذا كلير هاوس التي تمثل المصارف العالمية التي تقوم بأعمال في الولايات المتحدة احتشدت لتخفيف المتطلبات على ودائع البيع بالتجزئة والشركات، إضافة إلى حدود الائتمان المتفق عليها مسبقا والملتزم بها للشركات غير المالية.

'مونتي دي باسشي دي سينا'، ثالث أكبر مصرف في إيطاليا من حيث الأصول كان المستفيد الأكبر الوحيد من تغير قاعدة 'بازل'. ارتفعت أسهمه إلى ما يصل إلى 12 في المائة، وقام بالإغلاق على نحو 7 في المائة توقعا، لأن تغيرات القواعد ستساعده على تجنب إنقاذ أموال دافعي الضرائب.

في مقابلة نشرت بالأمس مع صحيفة 'إيل ميساجيرو'، كرر المدير التنفيذي، فابريزيو فايولا، أن المصارف سوف تبذل 'كافة جهودها' للعودة إلى الربح.

 

المنظمون يواجهون مخاطر جديدة

قرار لجنة بازل بتخفيف قواعد السيولة المصرفية الجديدة يوم الأحد كان مقامرة محسوبة تساعد هامش أرباح المصارف، لكنها تمثل خطرا أيضا على المنظمين.

طبقا للتعريف الأصلي 'لمعدل تغطية السيولة' فبإمكان المصارف أن تحسب فقط السندات السيادية والنقود وسندات الشركات عالية الجودة تجاه أسهمهم الطارئة من الأصول سهلة البيع. والآن بإمكانهم ملء 15 في المائة من مخزونهم الاحتياطي ببعض الأسهم وبعض الضمانات المدعومة بالرهن العقاري وإلى حد كبير كافة أسهم الاستثمارية للشركات الكبيرة.

يخفف هذا التحول من الروابط بين المصارف والسيادية -وهو درس مهم من أزمة المنطقة الأوروبية- ويتخذ موقفا ما بين معالجة المخاوف بأنه لا يوجد ما يكفي من أصول السيولة لملء جميع المخزون الاحتياطي. إضافة إلى الضمانات المدعومة بالرهن العقاري قد يساعد على بدء ارتفاع أسواق التوريق في تلبية الطلبات.

لكن النقاد حذروا من أن الخطوة قد تفتح ثغرات للمصارف لمحاولة التلاعب بالقواعد، وسيتعين على المصرفيين أن يبقوا صارمين للتأكد من أن الأسهم المسموح بها والضمانات المدعومة بالرهن العقاري ذات جودة عالية بما يكفي، لجذب المشترين المتأزمين.

يقول بوب بين، الشريك في شركة آلين وأوفاري القانونية: 'اتساع الأصول المتاح وتضمينه في المخزون الاحتياطي للسيولة سيوفر تحديات كثيفة للمنظمين الذين يقومون بالتنفيذ: ما سيسمح للأصول ذات الجودة الأقل أن يجعلوا لعبتهم أعلى من الجوانب النوعية للقواعد'.

وإلا ستجد المصارف أنفسها تعود إلى نفس الموقف الذي ثبت، كم هو كارثي في عام 2008، حينما لم تصبح أصولهم السائلة كذلك.

تقبل المحللون بشكل عام التغيرات الكبيرة الأخرى في معدل تغطية السيولة، التي تركز على التأكد من أنه لن توجد قاعدة جديدة تعيق الإقراض إلى الشركات والمستهلكين في الدول التي ما زال الانتعاش الاقتصادي فيها واهن أو حتى غير موجود.

تأخير التأثير الكامل لمتطلبات أخرى إلى عام 2019 سيعطي للمصارف الضعيفة فرصة لجمع الأصول السائلة، والتغيرات في وسائل الحساب التي تقلص من مخزون الاحتياطي الذي يجب أن يتواجد أمام حدود الائتمان المتفق عليها مسبقا، وتدفق الودائع قد يزيل العوائق أمام الإقراض الإضافي.

وحيث إن قواعد السيولة العالمية لم تُجرَّب من قبل، فإن معظم المنظمين والأكاديميين والمحللين يوافقون على أن الخطأ في جانب الاعتدال يعد أمرا منطقيا كطريقة لتقليل خطر الأذى غير المقصود للنمو الاقتصادي.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك