الظواهر السلبية الثماني في الرقابة المالية : بقلم عبد الله العلمى

الاقتصاد الآن

880 مشاهدات 0


رصدت هيئة الرقابة والتحقيق ثماني ظواهر سلبية في الأجهزة الحكومية تكشفت من خلال تنفيذ البرامج الرقابية المالية. سأشرح هنا هذه الظواهر وما ينتج عنها من سلبيات في الأداء والإنتاجية.

الظاهرة السلبية الأولى هي استمرار التعثر والتأخير في عدد من المشاريع الإنشائية في معظم الجهات الحكومية. أوجه تحية لأمانة منطقة الحدود الشمالية لإيقافها 33 شركة ومؤسسة من الدخول في مناقصات تنفيذ المشاريع حتى يتم إنجاز ما لديها من أعمال أو تحسين نسبة إنجاز الأعمال التي تنفذها مع المدة المنقضية من المشروع المتأخر. وتحية أكبر لأن الأمانة شكلت لجنة لمتابعة وضع الشركات العاملة واتضح تأخرها بشكل واضح في تنفيذ مشاريعها. أتمنى أن تطبق الأمانات الأخرى – خاصة أمانة جدة – المبدأ نفسه وبالذات في أحياء جنوب جدة، حيث غزت المستنقعات والمياه الجوفية المنطقة برمتها بسبب تعثر وسوء تنفيذ المشاريع. لا بد من التذكير بتصريح نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الدكتور عبد الله العبد القادر، أن هناك نحو ثلاثة آلاف مشروع متعثر بسبب الخلل الإداري.

الظاهرة الثانية استمرار استخدام عدد من منسوبي الجهات الحكومية لسياراتها على الرغم من صرف بدل النقل لهم، مخالفين بذلك لائحة الخدمة المدنية. أصبح شيئاً عادياً أن تشاهد سيارة دائرة حكومية يتبضع سائقها في سوق خضار عام. أصبح شيئاً عادياً أن يطمس موظف دائرة حكومية الشعار الرسمي على جانبي السيارة لتحويلها إلى سيارة ''خاصة'' حتى يسهل استخدامها في المشاوير الشخصية كتوصيل الأنجال إلى المدارس على الرغم من تمتعه ببدل النقل.

الثالثة تأخر عدد من الأمانات والبلديات في تنفيذ شبكات تصريف السيول، ما أدى لإلحاق أضرار جسيمة بالمواطنين والبنية التحتية في عدد من مدن المملكة نتيجة للسيول. سأتابع مسيرة المشاريع التي أطلقها وزير الشؤون البلدية والقروية أخيرا مع أمانة محافظة جدة التي جاوزت تكلفتها مليارين ونصف المليار لمشاريع الجسور والأنفاق وعقود للنظافة. كذلك أتابع باهتمام تفاصيل محاكمات سيول جدة الناتجة عن سوء تنفيذ شبكات تصريف السيول من ضمن ''تصريف'' عقود وسيارات ورشا في حيثيات القضية.

الرابعة استمرار عدد من شركات التأمين في ممارسة أعمال التأمين وتلقيها مبالغ من المواطنين مع عدم وجود موافقة رسمية من مؤسسة النقد. ﺍﻟﻤﺭﺴﻭﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺭﻗﻡ (ﻡ/5) ﻭﺘﺎﺭﻴﺦ 17/4/1405هـ لتأسيس الشركة الوطنية للتأمين التعاوني واضح جداً. لماذا لا تلتزم شركات التأمين الأخرى بالنظام الأساسي؟ السؤال الأهم: لماذا لم تراقب وزارة المالية هذه المخالفات الإدارية والمالية من قبل؟

الظاهرة السلبية الخامسة استمرار التأخير في إنجاز برنامج التعاملات الإلكترونية في عدد من الجهات الحكومية. ما زالت بعض الدوائر الحكومية غير ملتزمة بالقرارات الرسمية، وتحديداً لائحة مجلس الوزراء لوحدات المراجعة الداخلية للجهات الحكومية رقم 129 وتاريخ 4/6/1428هـ والمراسيم والقرارات الأخرى التي وضعت الأطر العامة لنشر تقنيات التجارة الإلكترونية وأهميتها. الحكومة الإلكترونية حلّت العديد من المشاكل ومع ذلك ما زالت بعض الوزارات تتعامل بالأساليب الورقية التراثية، ما نتج عنه فقدان الرقابة وتعثر معاملات الأفراد والجهات الحكومية. لا بد من التنويه بتجربة غرفة الرياض وبلدية محافظة سراة عبيدة ووزارة العدل وغيرها التي تسعى للاستثمار في مجال تقنيات المعلومات ضمن توجه الدولة لنشر أنظمة الحكومة الإلكترونية.

السادسة استمرار ظاهرة عدم المحافظة على الأوراق ذات القيمة في جهات حكومية عدة. أكبر دليل الظاهرة السلبية التي تفشت أخيراً في تزوير الصكوك والاستحكامات ومبايعات إفراغ الأراضي. طالما أننا نبحث ظاهرة الأوراق المزورة، لكن هذه المرة ''عديمة القيمة''، أسعدني خبر البدء بفحص شهادات الدكتوراة والماجستير لجميع موظفي الدولة مطلع السنة الميلادية الجديدة للحد من انتشار ظاهرة بيع الشهادات العليا المزورة.

السابعة عدم تفعيل المادة 21 من لائحة الخدمة المدنية المتعلقة بعدم استحقاق الموظف راتباً عن الأيام التي لا يباشر فيها العمل. قد يكون القطاع الخاص أكثر حزماً مع مخالفي الأنظمة من الأجهزة الحكومية لدرجة عقوبات تصل إلى الفصل بحق الموظف غير المنتظم في عمله. آخر تجربة كانت في جامعة أم القرى في مكة المكرمة حيث أصدرت الجامعة قراراً يلزم جميع عمداء وعميدات الكليات والعمادات والمعاهد والمشرفين العامين ومديري الإدارات في الجامعة بضرورة الرفع بأسماء الموظفين المخالفين إثر انتشار ظاهرة عدم التزام منسوبي الجامعة بـ ''مواعيد العمل'' الرسمية.

الظاهرة السلبية الثامنة والأخيرة هي عدم التزام الكثير من الأجهزة الحكومية بتطبيق اللوائح والتنظيمات والتعاميم المنظمة لخدماتها وأعمالها من خلال ضعف المتابعة وعدم أداء دورها الإشرافي على الجهات التابعة لها بشكل جيد. قد تكون المادة رقم 29 من نظام مجلس الوزراء أكثر المواد وضوحاً وصرامة للمتابعة الإدارية. تنص المادة على ''أن يرفع إلى رئيس مجلس الوزراء خلال 90 يوماً من بداية كل سنة مالية تقرير عما حققته من إنجازات، مقارنةً بما ورد في الخطة العامة للتنمية خلال السنة المالية المنقضية، وما واجهها من صعوبات، وما تراه مناسباً من مقترحات لحسن سير العمل فيها''. أكاد أجزم أن نصف الأجهزة الحكومية لا تطبق هذه المادة أو حتى الكشف عن أي معلومة مهمة ضمن تقاريرها الدورية إن وجدت.

حان الوقت – ولو جاء متأخراً – لأن نطبق الشفافية والمصداقية في تعاملات الأجهزة الحكومية.

الان -ووكالات

تعليقات

اكتب تعليقك