علاقة السجائر الإلكترونية بالمكتب بقلم لوسي كيلاوي
الاقتصاد الآنيناير 3, 2013, 1:58 م 1403 مشاهدات 0
إن القلة التي لا تزال تدخن في المجتمع المتحضر قد تنهي آخر سجائرها على عجل، ويعتزمون الإقلاع عن التدخين، وقد يتحول بعضهم إلى السجائر الإلكترونية، وهي عبارة عن أسطوانات صغيرة مصنوعة من البلاستيك والحديد، التي تحتوي على نيكوتين سائل، وتباع بكثرة عن أي وقت مضى.
ومن ضمن المزايا العديدة لتلك السجائر الإلكترونية، قانونية تدخينها في العمل، حيث إنها لا تُشعل ولا تعد تدخينا، فكل ما ينتج عن تدخينها هو بخار الماء، لذلك لا يمكن حتى اعتبارها منفرة اجتماعيا.
ومع ذلك يتزايد عدد الشركات التي تتخذ خطوات مؤسفة لمنع تدخين السجائر الإلكترونية، فبعضهم يعتبرها مصدرا محتملا لاندلاع حريق وأنها مضرة، ولكن يبدو أن سبب منعها يعود لكونها مشابهة للسجائر الحقيقية. ولقد شكت أخيرا متحدثة باسم الرابطة الطبية البريطانية تلك الشركات، حيث اعتبرت أن الشركات تمثل أنموذجا لا يحتذى به، وأن تلك الشركات تحاول إعادة تشكيل فكرة التدخين في المكاتب، في حين أن الجميع قد نجح في الإقلاع عن التدخين وجعله مستغربا.
سبب المنع القائم على التشابه بين تلك السجائر والحقيقية منها وكذلك محاولات إعادة تشكيل فكرة التدخين في العمل، تجعلني مؤيده للذين ينفثون دخانهم على أصحاب تلك المبررات في العمل.
ورغم أنني لست من المتحررين، إلا أنني أوافق على وضع أصحاب العمل محظورات ولوائح وتنظيمات، وكم أتمنى أن أرى مزيدا من تلك الإجراءات في عام 2013، فهناك أفكار ممتازة لتلك الإجراءات من قبل أصحاب العمل، مثل تحديد اللباس في العمل وعدد ساعات العمل ومنع الفيسبوك، مثل تلك القواعد والتنظيمات تعد غير مرهقة، بعكس ما إذا كانت تتمحور حول مناطق رمادية، فتلك القواعد والتنظيمات تحررك من القلق بشأن صغائر الأمور، وتسمح لك بادخار طاقاتك الإبداعية لما هو مهم.
ولكن يختلف الأمر حين يتعلق بتلك السجائر الإلكترونية، فهي تعتبر وسيلة لاستعادة ما فقدناه منذ خمس سنوات، عندما كان يخرج المدخن من عمله عبر الأبواب الدوارة ليدخن السجائر على الرصيف خارج العمل.
لا أريد أن نسترجع هذه الأيام مرة أخرى، فنحن لا نريد أن نترك الناس يقتلون زملاءهم ببط من خلال نفث تلك الأبخرة السامة، ولكن عندما نركز على حقيقة واحدة وهي أن التدخين مميت، نكون قد نسينا أكثر الطقوس إفادة في العمل.
لقد كان التدخين من أكثر الوسائل القوية والمُعتمد عليها لتوثيق العلاقات بالآخرين، إن تصرفا بسيطا مثل إشعال سيجارة لآخر أو أن تقدم له واحدة أو أن تتحدث مع مدخن آخر بينما تدخنون يكون انطباعا وشعورا جيدا، بينما يهبط القطران على رئتيك.
ولقد كان علي أن أثبت ذلك منذ أسبوعين، عندما كنت أتحدث في فعالية لمستشاري الإدارة، وعند نهاية الفعالية جاءتني امرأة في منتصف العمر بذراعين مفتوحتين، وصاحت قائلة: ''لوسي''.
حدقت فيها قليلا، ثم قلت وأنا أرتمي عليها: ''اليكس''
لم نكن أصدقاء دراسة ولكننا كنا نتردد باستمرار على غرفة الصف السادس المشتركة، حيث كانت تقدم لي سجائر من علبتها الذهبية بسخاء، وها نحن نتعانق كأخوات رغم مرور ثلاثة عقود منذ ذلك الحين.
ومع النبذ التدريجي للمدخنين في العمل، زادت قيمة الترابط ولكن للأسوأ، فحينما يجتمع المدخنون في غرف صغيرة ليدخنوا ينتشر القيل والقال بصورة مُفرقة بين العاملين.
أما الآن فالأمور أصبحت أسوأ، حيث يدخن الموظفون على الأرصفة خارج مقار العمل، ما يُكسبهم مظهرا كريها كمنبوذين أمام زوار المكتب، ويخبرني معارفي المدخنون وهم قلائل بأن تكوين الصداقات أصبح أقوى مما مضى، ولكنها أصبحت من نوع ''نحن وهم''.
وحتى هؤلاء القلائل الذين يدخنون في خارج أماكن العمل سيتم تجريم فعلهم، وستذهب كل فرص إقامة صداقات أثناء التدخين أدراج الرياح، فعلى الرغم من أن بعضهم سيموتون ببشاعة إلا أنهم سيحرمون من شيء رائع اعتادوه.
السيجارة الإلكترونية ليست مثل الحقيقية، فلا تستطيع عرض واحدة منها على آخر أو تشعلها لآخر، ولا توجد نهاية أو بداية لتدخينها، ولكنها ذكرى لفشلنا في تكوين علاقات تتمحور حول أشياء غير مميتة، بما فيها تلك الأشياء المزيفة.
وتكريما لتلك الذكرى سأبدأ تدخين تلك السجائر، ولكني سأبدو غريبة الأطوار، فبدلا من ذلك أنوي مع حلول عام 2013 أن أملأ إناء شراب زجاجيا بعصير التفاح البني، وسأضعه على مكتبي مع كأسين، وأقدم لزملائي العابرين مشروبات لذيذة.
تعليقات