ما المشكلة في التغريب؟ بقلم محمد العثيم
الاقتصاد الآنديسمبر 28, 2012, 3:15 م 869 مشاهدات 0
هل حقا هناك من يريد تغريب المجتمع، أم أن المجتمع لديه رغبة لتحسين حاله على الأساليب الغربية في سعيه للتقدم، وتبني بعض السلوكيات، ومفردات اللغة التي تخيف المحافظين مع أن المحافظين أنفسهم يستخدمون سلع الغرب، وأدواته ويشتمونه في تناقض عجيب؟ المجتمع يقلد نموذج الغرب طوعا بكل أساليب وأدوات حياته، لأن الغرب نموذج حضاري متاح، وسهل، ويقدم وصفة للتطور بالحلول المادية من أدوات، ومواصلات، وأساليب إدارة، وكل شيء من مفردات حياتنا المعاصرة، فكيف نرفضه ونحن نعلم أن كل أداة من أدواته هي فكر بحد ذاته؟ السؤال يفتح باب التفكير لكيلا نكيل التهم لمن نعتبرهم تغريبيين متآمرين ضدنا، المشكلة أننا تعودنا أن نتلقى من قليل معرفة وعلم، ولا نسأل رغم أننا جميعا نتذكر مقولة شيخنا ابن خلدون 'إن المغلوب مدفوع لتقليد الغالب'، والمقصد المتخلف يقلد المتطور وليس بالضرورة الغلبة التي يفهمها الناس، نحن نتجاهل ذلك لنقول إن هناك مؤامرة لتغريب شبابنا، والحقيقة أن الغرب، ليس مشغولا بتغريبنا، ولكنه مشغول في تطوير نفسه، ومن يتبعه، ويلح بأن يكون على النموذج الغربي هم نحن بل نحن متلهفون والبعض منا مهووسون لنكون غربا، حتى أن بعضنا يبيض وجهه ويلون شعره لنسخ شكل الإنسان الغربي، فما بالك بملابسه وثقافته وموسيقاه؟! وكلها من باب الحب والإعجاب بنموذج متطور لا بغزو فكري يشن علينا وتحشد له الجيوش كما يروج الوهم والخيال فلا أحد يستهدفنا. تقول العلوم الاجتماعية المعاصرة إن في الإنسان توق غريزي يسوقه لتقليد الأقوى والأجمل، وهذا شبيه بما يحدث في حالات الحب بين طرفين غير متكافئين، حيث تجد الجانب الأضعف منهما يجنح إلى استلهام سلوك، وتصرفات وملابس الأجمل ويقلده متماهيا مع نفسه بأنه يصير مثله، أو نسخة منه. لا غزو فكري، ولا جند مجندين بيننا منوطا بهم تغريبنا لحضارة معروضة على مائدة الفكر والمعرفة نتلقى منها ما نريد، ونترك ما لا نريد وشبابنا الذي بدّل ملابسه، وقص شعره لا يفعل شيئا يملى عليه بل شيء يراه أمامه صباحا ومساء معروضا بكل القنوات، لماذا لا يقلد اللبس الأفغاني، أو الباكستاني أو الإندونيسي أو يحتفظ باللبس العربي؟ الحقيقة أنه يجد الراحة، والخفة في هذا اللبس، والجمال في مقطوعات موسيقى قوية التأثير، والجودة في أفلام مصنعة بأعلى التقنيات، فهل نطلب منه الاستماع لموسيقى عبد الوهاب فقط، مشاهدة الفيلم العربي الساذج؟! هنا نجد الخيار محسوما فكل الاختراعات غربية، وكل المكاتب وبيئة العمل غربية، وحتى الطرق والجسور غربية الهندسة فهل أتينا بالتغريب، أم أحد فرضه علينا؟ وما الحل؟.. الحل جربته دول قبلنا وظهرت بنفسها كمقومات حضارية بخلطة خاصة بها كل من اليابان، وكوريا تبنى الحل الغربي، وطور نفسه ليكون ندا له لا عدوا له. إن أردتم الحل فليس بشتم التغريبيين بل بتطوير أنفسكم لتكونوا حضارة تضارع حضارة الغرب وقدراته
تعليقات