الإنترنت خفي الهوية في مواجهة الخصوصية بقلم دنكان روبنسون
الاقتصاد الآنديسمبر 28, 2012, 1:25 م 850 مشاهدات 0
اكتشف تيم ديمبسي أن زوجته قد تكون حاملاً، وذلك عن طريق مصدر غريب: إعلان عبر الإنترنت. 'كنت أشاهد الإعلانات عن اختبارات الحمل في كل مرة على جهاز الكمبيوتر المحمول'. هكذا يقول المدير التنفيذي البالغ من العمر 28 عاماً: والتفتّ إلى زوجتي قائلاً: هل هناك شيء كنت لا تودين أن تخبريني به؟ إذ إنها كانت تستخدم هذا الكمبيوتر المحمول الخاص بي، للبحث عن اختبارات حمل. هذه التجربة أصبحت أكثر شيوعا، فكل عمل يتم رصده الآن على الإنترنت عن طريق مزيج من 'ملفات تعريف الارتباط' و'أجهزة الإرشاد'، وغيرهما من أجهزة التتبع. إنها جزء لا يتجزأ من الحياة على الإنترنت، بدءًا من المدة التي يقضيها مستخدمي الإنترنت على موقع على الإنترنت إلى تذُكّر المواد التي وُضعت في سلال التسوق الخاصة بهم. وبسبب هذا، فإن المُتصفّح يعلم عن حياة الأشخاص الآن، كما يعلمون هم عن أنفسهم - في بعض الأحيان، بحسب قول ديمبسي، كما أنه وجد ما هو أكثر من ذلك. وتزايدت وتيرة نمو هذا النوع من أجهزة التتبع سريعاً، إذ إنه في عام 1997، كان تعريف الارتباط موجوداً فقط في ربع في المائة من المواقع المشهورة عالمياً، وبحلول عام 2011، أصبح موجودا في كل المواقع. وهذا لا يدعو للدهشة، إذ إن البرمجيّات التي تغطي تتبع الأشخاص عبر الإنترنت زادت شعبيتها بشكل واسع. على مدار الأعوام كانت الأدوات التي منعت ملفات تعريف الارتباط وعناوين IP، حكراً على عدد قليل من عباقرة الإنترنت، فباتت الآن محل استخدام الملايين. 'هذا الوضع يذكر بما رأيناه في عامي 2002 - 2003، عندما ظهرت برامج مكافحة الفيروسات والاعتماد عليها بشكل كبير'، كما قال بيل كريجان، الرئيس التنفيذي لشركة أبين الأمريكية، الأمر الذي يحول دون خدمة 'لا تتعقبني'، أو أي عبارة عن برامج تعيق ملفات تعريف الارتباط وأدوات التتبع الأخرى'. وأضاف 'لقد كانت هذه هي الظاهرة التي دفعت الوعي إلى التبني والتكيف. ولقد تم تحميل برنامج 'لا تتبعنى' نحو ثلاثة ملايين مرة منذ إطلاقه في شباط (فبراير). هذا اتجاه يُنظر إليه في الشركات المتخصصة بمكافحة التتبع الأخرى. غوستري، على سبيل المثال، هو عبارة عن مُنتج يخبر المستخدم بأي البرامج التي يستخدمها موقع ما على شبكة الإنترنت للتتبع – عرقلة هذا البرنامج بناءً على طلب المستخدم – هذا البرنامج لديه أربعة ملايين مُستخدم في جميع أنحاء العالم. 'تغيرت قاعدة بيانات المستخدمين الخاصة بنا بشكل ملحوظ، مع تعميم المستخدمين أكثر من ذلك بكثير'، كما قال أندي كال، مدير المنتجات الاستهلاكية في شركة إيفيدون التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، التي تملك برنامج غوستري. 'أكبر مجموعة من المستخدمين الآن ليست من عباقرة الشبكة العنكبوتية، ولا ممن يتسوّقون عبر الإنترنت، أو من لديهم شبكات اجتماعية، بل ممن لا يعملون في مجال تكنولوجيا المعلومات' - حسبما أضاف. تضاعف عدد أجهزة التتبع المستخدمة من قبل المواقع في ثلاث سنوات تقريبا، وهذا وفقاً لتعداد ويب برايفسي، الصادر عن مركز بيركلي للقانون والتكنولوجيا في جامعة كاليفورنيا. كما أن الأدوات اللازمة لرصد أنشطة المستخدمين، شهدت أيضاً تطوراً على نحو متزايد، ففي عام 2009، استخدمت مواقع تحظى بقدر من الشعبية العالمية، تبدأ من جوجل وحتى موقع سي إن إن، عدداً من ملفات تعريف الارتباط يصل إجمالاً إلى 3500 ملف تعريف ارتباط لتتبع زوار الموقع، وبلغ رقم ملفات تعريف الارتباط في اليوم إلى سبعة آلاف ملف، وخُمس هذه المواقع على الأقل يستخدم ما لا يقل عن 100 ملف تعريف ارتباط لكل منها. إن تجار التجزئة هم من بين المستخدمين الأكثر حماسا لهذه التكنولوجيا، إذ تراقب سلاسل البيع بالتجزئة كيف يتصّرف العملاء في متجر، فيراقب تجار التجزئة على الإنترنت العملاء حول مدة إغلاقه، ومن تواصلوا مع الموقع وما الذي يفكرون في شرائه. وفي المملكة المتحدة، وفقا لتحليل حديث من برنامج غوستري، فإن موقع Play.com، الذي يبيع الموسيقى وألعاب الفيديو، لديه 76 مدونة تتبع أكثر من أي شركة تجزئة أخرى بالمملكة المتحدة، بيد أن موقع المملكة المتحدة أمازون لديه 43 جهاز تتبع - وهو عدد أقل من مواقع متاجر شركات تيسكو، أو دبنهامز أو ماركس وسبنسر. عندما تنتهي من ذلك علناً، تتوجه عمليات التتبع إلى أقرب صاحب متجر صديق، بحسب كال: 'إن كنت ممن يدخلون المتجر في كل أسبوع، فلا تشعر بالقلق إذا كان صاحب المتجر يعرف طلبك المعتاد. ولكن الأمر الذي يدعو للدهشة هو إذا ذهبت إلى متجر مختلف في أحد أنحاء المدينة فوجدته يقول: 'مرحبا! لقد أعددت طلبك من اللحم الذي تريده'. ينبغي أن تكون عملية جمع البيانات 'شفافة' حسب لي بيكر، وكان حتى وقت قريب يشغل منصب رئيس رابطة الناشرين على الإنترنت، وهي هيئة تجاريّة في المملكة المتحدة. وأضاف: 'يمكنني الحصول على المحتوى الخاص بي مجاناً، وأنت تريد بعض البيانات؟ حسناً، دعونا نعمل على هذا التبادل'. واستطرد قائلاً إن الجمهور يفهم أن حجم استخدام المعلومات آخذ في الازدياد، 'وفي النهاية، فإن المستهلك سوف يصبح أكثر وعياً لقيمة بياناته'. وعلى الرغم من ذلك فإن شركات التجزئة ليست مفرطة في ألفتها التى يرغب المستهلكون في إخفاء المعلومات عنها. 'لقد شاهدنا مئات الآلاف يأتون إلى منتجاتنا بسبب الربيع العربي'، يقول فيرنون إيرفين، الرئيس التنفيذي لشركة فيرتشوال وورلد كمبيوتينغ (حوسبة العالم الافتراضي)، التي تنتج البرمجيات المضادة للتتبع، التي يطلق عليها اسم كوكوون، التي يقول إن لديها نحو 500 ألف مستخدم حتى الآن. وقال إنه خلال الانتفاضات المناهضة للحكومة التي وقعت في العام الماضي، استخدم نشطاء منتجات مثل كوكوون في محاولة لتجنب جدران الحماية الحكومية والرصد، بل الوصول إلى الشبكات الاجتماعية دون الكشف عن هوياتهم. في أوروبا بدأت الهيئات التنظيمية في اتخاذ إجراءات صارمة بشأن كيفية مراقبة المواقع للمستخدمين، ما يساعد على زيادة الاهتمام بالتتبع، إذ أصدر هذا العام الاتحاد الأوروبي لوائح تجبر المواقع، على الطلب من الزوار الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط. وفي الوقت ذاته، عرضت شركة مايكروسوفت خدمة 'لا تتبع' كمعيار على متصفح إنترنت إكسبلورر، فهذه التكنولوجيا تطلق طلباً في المواقع بعدم استخدام تقنيات التتبع، وهذه الخطوة فاجأت وأثارت امتعاض صناعة الإعلانات، ولا سيما أن نصيب استخدام الإنترنت إكسبلورر يبلغ نحو نصف إجمالي مستخدمي الشبكة العنكبوتية، بسبب بعض التدابير، كما اقتفى متصفح جوجل كروم أثر شركة مايكروسوفت في نسخته الخاصة من 'لا تتعقب' في نوفمبر. وفي حين أن هذه الأدوات تطلب من المواقع ألا تتعقب المستخدمين فقط - وبالتالي يمكن تجاهلها - فإنها 'دليل على أنه يجري تعميم الخصوصية'، كما قال ديفيد جورود يانسكي، الرئيس التنفيذي لشركة في آنكور فري، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، وهو منتج لتطبيق الخصوصية. وأضاف 'الناس أصبحت تدرك الأمر إدراكاً بالغا وتشعر بالقلق إزاء الخصوصية'. أكثر من 100 مليون مستخدم ثبّتوا التطبيق الذي يشفّر كل صفحة ويب يزورها المستخدمون، كما يتم تحميله لأكثر من مليون مرة في الأسبوع، في حين يقول جورود يانسكي إن الإيرادات في المجموعة زادت أكثر من الضعف في العام على أساس سنوي، في ضوء ذلك، إلا أنه يرفض الكشف عن الأرقام. تقول الشركات المختصة بمكافحة التتبع إن السوق من المحتمل أن تشهد زيادة في النمو، ففي الوقت الذي يكون فيه المستخدمون أكثر حذراً بشأن من يدخل إلى البيانات وكيفية استخدامها، لا يزال هناك بون شاسع بين الناس في أن تأخذ الاحتياطات عبر الإنترنت مقارنة بما يأخذونه من حيطة وحذر عند مغادرة المنزل - بحسب ما جاء على لسان جورود يانسكي. بيد أن نتائج تصفح المواقع غير المحميّة من المحتمل أن يزداد سوءاً. ويضيف قائلاً 'هناك بيانات عبر الإنترنت أكثر مما هو كائن في منازل الناس'. في الوقت الذي يتم فيه الاحتفاظ بما يزيد قليلاً على ثلث البيانات الرقميّة - مثل رسائل البريد الإلكتروني الخاصة أو تفاصيل الحساب المصرفي - سواء لأغراض تنظيميّة أو الخصوصيّة، إلا أن الخُمس هو ما يتم الاحتفاظ بسرّيته، وهذا وفقاً للدراسة السنويّة الأخيرة ديجيتال يونيفيرس (الكون الرقمي) عن طريق فريق البحث آي دي سي. وعلى الرغم من ذلك، وبعيداً عن الأمان، فإن ما يريده معظم المستخدمين هو شيء أساسي للغاية وهو: الخصوصية. لا ينبغى التقيّد بالقول المأثور 'لا تخفي شيئاً، ليس هناك ما يستدعي الخوف'، يقول إيرفين: إذ إن 'هذا لا يعني أنني أفعل أي شيء لا أريد أن يراه الناس. ولكن، كما تعلمون، أنا لا أريد أن يعرف الناس أن لدي أظافر فطريّة - ومن ثم تبدأ إعلانات الأظافر الفطريّة بالظهور في كل مكان'. وهذا الموقف يذكرنا بما رأيناه في عامي 2002 و2003، عندما ظهر برنامج مكافح للفيروسات، وهو يتمتع بكم كبير من القبول.
تعليقات